الدنيا نار.. وفيات وحرائق وتحذيرات جراء موجة حر تضرب المنطقة العربية والعالم

السبت 15 يوليو 2023 01:53 م

سجلت عدد من دول العالم، درجات حرارة قياسية السبت، من الصين إلى أوروبا والولايات المتحدة، ما أسفر عن سقوط قتلى واندلاع حرائق، ودفع السلطات إلى اتخاذ تدابير جذرية للتعامل مع القيظ والحرائق التي تُعزى إلى الاحتباس الحراري وتغير المناخ.

يأتي ذلك في وقت تترقب 7 دول عربية على الأقل، ارتفاعا غير مسبوق في درجات الحرارة، تصل في بعض الأحيان إلى 50 درجة مئوية، تزامنا مع تحذيرات الأمم المتحدة من أن العالم ككل بدأ في تسجيل أعلى درجات حرارة مرصودة في تاريخه.

وأعلنت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن الأسبوع الأول من يوليو/تموز الجاري كان الأكثر دفئا على الإطلاق، وحطم الرقم القياسي السابق المسجل في أغسطس/آب 2016.

ووفق منصة "طقس العرب"، فإن الخرائط الجوية تظهر أن الكتلة الحارة يتوقع أن تؤثر على 7 بلدان عربية، هي مصر والعراق والسعودية وسوريا ولبنان والأردن وفلسطين، اعتبارا من نهاية الأسبوع الجاري.

ويعود الارتفاع المتوقع إلى ما يعرف باسم "القبة الحرارية"، التي يتسبب فيها تمركز المرتفع العربي الموسمي على شمال شبه الجزيرة العربية.

ففي الجزائر، فرض ارتفاع درجات الحرارة حركة غير عادية في شوارع العاصمة، ميزها غياب الزحام في الشوارع والأماكن العامة، وباتت تصرفات المواطن تتسم بالحذر المدروس، لتجنب ما قد تفرزه هذه الحرارة من تبعات على الصحة.

ووفق صحيفة "المساء" (محلية)، تبدو شوارع العاصمة "مهجورة"، فلا كبار السن ولا حتى الأصحاء ولا الأطفال أيضا، باتوا يشكلون ديكور الأحياء والأزقة مثلما جرت عليه العادة، بالنظر لدرجات الحرارة غير المسبوقة التي ضربت البلاد، مما دفع إلى الالتزام بالبيوت لتفادي أمراض الصيف.

ولم تسلم من هذه الهجرة فضاءات التسوق، التي تكاد تكون خالية من المتسوقين، فالكل حرص على البقاء في مكانه، لدرء خطر لفحات الحر الحارقة، وما قد ينجر عنها من أخطار صحية.

في المقابل، تشهد كل شواطئ العاصمة، إقبالا متزايدا وكثيفا من قبل المواطنين، وباتت هذه الفضاءات، المخصصة للاستجمام، تستقطب مئات المصطافين.

كما يشهد المغرب سلسلة من موجات الحر منذ بداية الصيف، وعليه صدرت إنذارات حمراء في عدة ولايات.

أما في الأردن، فقد شهدت أجواء المملكة جو جاف وحار في معظم المناطق، وحارة جدا في الأغوار والبحر الميت والعقبة، ورياح شمالية شرقية إلى شمالية غربية معتدلة السرعة تنشط أحيانا.

وتسبب هذا الطقس، في حريق أعشاب وأشجار في محافظة عجلون (شمال المملكة)، ما دفع 3 طائرات من سلاح الجو الملكي، للتعاون مع الدفاع المدني في إخماد الحريق.

من جانبه، توقع رئيس اتحاد المزارعين عدنان خدام، تعرض الخضار لأضرار عند تجاوز درجات الحرارة 40 درجة مئوية، قبل أن ينصح المزارعين بري المزروعات خلال فترة المساء والصباح الباكر للتخفيف من حدة هذه الذروة.

وفي فلسطين المجاورة، تعاملت طواقم الدفاع المدني مع 62 حادث ضمت 57 حريق و5 حالات تقديم مساعدة وحوادث إنقاذ خلال الـ24 ساعة الماضية، في أعقاب درجات الحرارة المرتفعة بسبب الكتلة الهوائية الحارة التي تضرب المنطقة.

وتوزعت الحرائق في محافظات قلقيلية والخليل ونابلس .

أما في سوريا، فتجتاح موجة حر شديدة مناطق شمال غربي البلاد، حيث يقطن ما يقارب 6 ملايين سوري، أكثر من نصفهم نازحون يعيشون في خيام شبه مهترئة، ما يفاقم من معاناتهم.

وقالت جهات معنية بالأرصاد الجوية في المنطقة، إن "درجات الحرارة كسرت رقم 40 درجة مئوية في المناطق الداخلية (إدلب وريف حلب)، مع احتمال أن تتجاوزه خلال الأيام المقبلة لتلامس حاجز 42 درجة مئوية، على أن يستمر الطقس حاراً جداً في المدى المنظور".

وأمام ذلك، تعرضت عدد من البطاريات التي تعمل على ألواح الطاقة الشمسية في خيام النازحين للانفجار، مسببة حرائق داخل الخيام وإصابة 8 مدنيين بينهم 3 نساء وطفلان للحروق.

فيما لجأت عوائل نازحة إلى الاحتماء بظل أشجار الزيتون بعد فشلها في توفير القماش لأسقف خيامها المهترئة، وعوائل كثيرة بللت الأغطية بالماء لتوفير بعض البرودة لأجساد أطفالهم.

ويقول سكان مخيمات كفر كرمين غرب حلب، إنهم يعيشون حالة من الخوف والرعب إضافة إلى العيش بظروف مأساوية في أثناء موجات الحر، وهو لجوء العقارب والأفاعي من الجبال الوعرة والمحيطة بالمخيمات إلى داخل الخيام هرباً من الحر، وتعرض مؤخراً 3 أطفال للدغ بالعقارب، كانت تسللت إلى خيامهم ليلاً، فيما لا تكاد تمر ساعة واحدة إلا وتطلب إحدى الخيام النجدة من وجود أفعى.

وفي مناطق سيطرة النظام، باتت المسابح الشعبية والخاصة في سوريا مقصدا وملاذا لغالبية المواطنين والمقيمين.

وقالت وكالة الأنباء التابعة للنظام السوري (سانا)، إن درجات الحرارة تبقى أعلى من معدلاتها بنحو 5 إلى 7 درجات مئوية، نتيجة تأثر البلاد بامتداد ضعيف للمنخفض الموسمي الهندي السطحي يترافق بامتداد مرتفع جوي شبه مداري في طبقات الجو العليا.

وفي السعودية، ومع وصول درجات الحرارة إلى 50 درجة مئوية تقريبًا، اضطر المواطنون للاستعانة بمظلاتهم لمواجهة هذا الطقس الحار، لذلك وصفت بعض الصحف تلك الحالة بـ"حرب اللهيب والمظلات".

وفي أوروبا، أغلق موقع أكروبوليس أشهر المعابد اليونانية القديمة في العاصمة اليونانية أثينا أبوابه أمام السياح بسبب الحر الشديد.

وعمت أجواء مشابهة قبرص، وذكر راديو الجزيرة أن موازين الحرارة في العاصمة نيقوسيا بلغت قراءتها 43 درجة مئوية.

وفي اليونان، جرى منع عمال تسليم طلبات البيتزا وخدمات التوصيل الأخرى من الخروج إلى الشوارع خلال ساعة الغذاء التي سادت خلالها أجواء حارة.

إضافة إلى ذلك، فتحت المدن والبلديات في أنحاء اليونان، المباني المكيفة الهواء أمام المواطنين للالتجاء إليها، هربا من موجة الحر الحارقة.

ولا يلوح في الأفق بالنسبة لإيطاليا، انخفاض في الحرارة، بعد موجة الحر هذا الأسبوع والتي أُطلق عليها موجة حر "سيربيروس"، والتي سميت على اسم الوحش ذي الرؤوس الثلاثة الذي يظهر في جحيم ملحمة دانتي.

وقال خبراء الأرصاد إن الطقس سيكون أشد حرا الأسبوع المقبل، حيث سترتفع درجات الحرارة إلى 40 درجة مئوية الاثنين، ثم 42 أو 43 درجة مئوية الثلاثاء، وهذا أعلى من الدرجة القياسية السابقة البالغة 40,5 درجة مئوية التي سُجلت في العاصمة في أغسطس/آب 2007.

كما ستتعرض أجزاء من ألمانيا لموجة حر شديدة خلال اليومين المقبلين.

ووفقا لخدمة الطقس الألمانية "دي دبليو دي"، سترتفع درجات الحرارة إلى 30 درجة مئوية و37 درجة مئوية في مناطق شرق وجنوب البلاد.

وفي إسبانيا، يتوقع أن تتجاوز الحرارة 40 درجة مئوية في 12 منطقة على الأقل من أصل 17 منطقة في البلاد.

ووصلت الحرارة في بلدة ألبوكس جنوب شرقي البلاد إلى 45 درجة مئوية، قبل أن تصدر هيئة الطوارئ تحذيرا من موجة حر جديدة، يتوقع أن تبدأ الأحد، مع درجات حرارة قياسية.

ووفق ما ذكرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، تسببت درجات الحرارة في حرائق غابات في كرواتيا، في حين سيكافح السياح والسكان المحليون للتكيف مع درجات حرارة تتعدى الـ45 درجة مئوية.

وفي آسيا، تعاني بعض مناطق الصين، بما في ذلك العاصمة بكين، من موجة حر شديدة.

ويُتوقع أيضًا أن تُسجل أجزاء من شرق اليابان 38-39 درجة مئوية يومي الأحد والاثنين.

وفي الولايات المتحدة، ارتفعت درجة الحرارة في فينيكس، عاصمة ولاية أريزونا، الجمعة فوق 43 درجة مئوية لليوم الخامس عشر على التوالي، وفقًا لهيئة الأرصاد الأميركية.

وفي صحراء وادي الموت بولاية كاليفورنيا، ينهمك رجال الإطفاء في مكافحة عدة حرائق مستعرة منذ الجمعة.

ويقول عالم المناخ دانييل سوين، من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، إن درجات الحرارة يمكن أن تصل هناك أو حتى تتجاوز أعلى درجات حرارة للهواء قيست على نحو موثوق على وجه الأرض وبلغت 54,4 درجة مئوية في نفس المكان في عامي 2020 و2021، وفقًا للعديد من الخبراء.

وفي غرف الطوارئ، يعاني الأطباء من تدفق مستمر لحالات الجفاف والوفيات المرتبطة بموجة الحر الشديدة التي تشهدها نيفادا وولايات أخرى غرب الولايات المتحدة.

وأطلق مسئولو الصحة الإقليميون في لاس فيجاس، قاعدة بيانات جديدة، الخميس، للإبلاغ عن الوفيات الناجمة عن الحرارة والمرتبطة بالحرارة في المدينة ومقاطعة كلارك القريبة من أبريل/نيسان إلى أكتوبر/تشرين الأول.

وقالت منطقة جنوب نيفادا الصحية، إن سبعة أشخاص لقوا حتفهم منذ 11 أبريل/نيسان، فيما تم تحديد ما مجموعه 152 حالة وفاة العام الماضي بسبب الحرارة.

ومن المتوقع أن تزداد موجة الحرارة الحارقة سوءا في ولاية نيفادا وأريزونا وكاليفورنيا، حيث من المتوقع أن ترتفع في أجزاء معينة من الصحراء إلى 48.8 درجة مئوية خلال النهار وتبقى في فوق 32.2 درجة مئوية خلال الليل.

وتسببت الحرارة الشديدة في إلغاء سلسلة حفلات كان مقررا أن تُقام في الفترة المسائية في نهاية كل أسبوع من الصيف في المدينة.

وقالت خدمة الأرصاد الجوية الوطنية، في تغريدة: "لقد تحدثنا عن موجة الحر هذه لمدة أسبوع والآن بدأت أشد الفترات حدة".

على الصعيد العالمي، كان شهر يونيو/حزيران هو الأكثر سخونة على الإطلاق، وفقًا لوكالة "كوبرنيكوس" الأوروبية ووكالة "ناسا" الأمريكية.

بعد ذلك، كان الأسبوع الأول بكامله من شهر يوليو/تموز هو الأكثر سخونة على الإطلاق، وفقًا للبيانات الأولية الصادرة عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.

وشددت هذه المنظمة على أن الحرارة هي أحد أخطر الأحداث المرتبطة بالطقس.

ففي الصيف الماضي، تسببت درجات الحرارة المرتفعة في أوروبا وحدها في وفاة أكثر من 60 ألف شخص، وفقًا لدراسة حديثة.

وحسب هيئات ومراكز مختصة بتغيرات الطقس والمناخ، يتوقع استمرار هذه الموجة أسابيع عدة، لتضرب أجزاء واسعة من كل قارات العالم.

ويتوقع أن يستمر هذا الارتفاع حتى نهاية القرن الحالي، يقابله مزيد من التبخر وذوبان الجبال الجليدية في القطبين وبعض قمم الجبال العالمية، وارتفاع منسوب مياه البحار في بعض مناطق العالم.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

درجات الحرارة احتباس حراري المناخ أوروبا آسيا أمريكا وفيات

منظمة عالمية تتوقع اشتداد الحر بالمنطقة منتصف الأسبوع وحتى أغسطس

الأسوأ لم يأت بعد.. موجة حرّ قياسية تعصف بنصف الكرة الشمالي

مقتل العشرات بينهم عسكريون في حرائق غابات عنيفة شرق الجزائر..تعازي من دول عدة أبرزها المغرب