انقلاب النيجر.. شهادة فشل للمقاربة الفرنسية الأمريكية في الساحل الأفريقي

الاثنين 31 يوليو 2023 01:53 م

يمثل الانقلاب العسكري في النيجر، يوم 26 يوليو/ تموز الجاري، "أحدث قطعة دومينو تسقط في أيدي جيوش دربها الغرب"،  وهو "فشل نهائي لعقد من مقاربات فرنسا والولايات المتحدة في منطقة الساحل" غربي إفريقيا.

ذلك ما خلص إليه أليكس ثورستون، الأستاذ المساعد في العلوم السياسية بجامعة سينسيناتي بالولايات المتحدة، في تحليل عبر موقع "ريسبونسبل ستيتكرافت" الأمريكي (Responsible Statecraft) ترجمه "الخليج الجديد".

ولفت ثورستون إلى أن جنودا أطاحوا برئيس النيجر محمد بازوم، وحصل "المجلس الوطني لحماية الوطن" الانقلابي على دعم من قائد الجيش، وعَيَّنَ المجلس رئيس الحرس الرئاسي، اللواء عبد الرحمن تشياني، رئيسا للمجلس الانتقالي.

ورأى أن "الانقلاب يشير أيضا إلى الفشل النهائي لعقد من المقاربات الفرنسية والأمريكية في وسط منطقة الساحل، وهي مقاربات اعتمدت على رؤساء مدنيين طيعين يسمحون بحملات مفتوحة لمكافحة الإرهاب وبرامج تدريب عسكرية غير قادرة على هزيمة المتمردين. وقد تحولت تلك الجيوش، واحدا تلو الآخر، ضد الرؤساء المنتخبين في المنطقة".

ثورستون أوضح أن "بلدان وسط الساحل في النيجر ومالي وبوركينا فاسو، وهي مركز العنف الجماعي والنزوح في المنطقة وواحدة من أسوأ مناطق الصراع والكوارث الإنسانية في العالم، شهدت حتى الآن خمسة انقلابات في السنوات الثلاث الماضية".

وأردف أن "الانقلابات في مالي وبوركينا فاسو والنيجر اتبعت النمط الأساسي نفسه، إذ اعتقل جنود الرؤساء، ثم ظهروا على شاشات التلفزيون للإعلان عن لجان لإنقاذ الأمة، ومع تلاشي الصدمة الأولية، بدت الأسباب طويلة الأمد واضحة لاحقا، وهي إحباط داخل الجيش وبين السكان، وسنوات من مزاعم الفساد، وتجاوز رئاسي".

عودة أشباح الماضي

و"كان من المفترض أن تكون النيجر مختلفة كواحة من الاستقرار في منطقة مضطربة"، بحسب ثورستون.

وأوضح أنه "كان يُنظر إلى رئيس مالي إبراهيم بوبكر كيتا (أُطيح به في 2020) وروش مارك كابوري من بوركينا فاسو (أُطيح به في 2022) على أنهما ضعيفان، بينما كان يُنظر إلى رئيسي النيجر محمد إيسوفو (2011-2021) ومحمد بازوم (2021-2023) على أنهما ذكيان ومتطوران وقادران على التوفيق بين المواقف المؤيدة للغرب والمصداقية المحلية".

واستدرك: "لكن باريس وواشنطن تجاهلتا الجوانب المظلمة من حكم يوسفو وبازوم، وبينها الاستخدام الكبير للسلطات القانونية والإدارية للدولة لتقييد وتهميش المعارضين السياسيين والمنتقدين".

ثورستون اعتبر أن "الديمقراطية ماتت في منطقة الساحل حاليا. من الناحية السياسية، ربما يكون 1974 أول عام خضعت فيه مالي وبوركينا فاسو والنيجر في الوقت نفسه للحكم العسكري، كما كان الحال في السنوات الثماني عشرة اللاحقة".

وأضاف أن "أشباح الماضي حاضرة الآن بشكل واضح، وهذا خبر سيئ بالنسبة للنيجر، بعد أن مرت بانتقال سلس إلى الديمقراطية عقب انقلاب 2011، لكن التسعينيات كانت سنوات مضطربة (...) وتشير أمثلة مالي وبوركينا فاسو إلى أن الانقلاب الأول ليس سوى البداية من طريق وعر، إذ شهدت كل دولة انقلابا لاحقا خلال عام من الأول".

الغرب والطريق المسدود

وحاليا تواجه الحكومات الغربية، بحسب ثورستون، طريقا مسدودا، إذ  كانت النيجر الدولة الجيدة التي نظرت إليها فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة ودول أخرى كمركز لها في منطقة وسط الساحل الأفريقي.

ورأى أنه "يمكن لواشنطن أن تحاول احتواء مشاكل الساحل ومنع المزيد من الامتداد إلى بقية الساحل الغربي، لكن مع قلة الدروس المستفادة، فإن واشنطن وباريس وآخرين يخاطرون بجعل كوت ديفوار أو غانا أو جيرانهم أكثر هشاشة.. كما يمكن لواشنطن أن تحاول معاقبة المجالس العسكرية التي تعمل مع مجموعة مرتزقة فاجنر وروسيا".

واستدرك: "لكن أيا من هذه السياسات لا يمثل حلا للمنطقة، ومع ترسيخ الجنود لسلطتهم المؤسسية في مالي (وتشاد، بلد ساحلي آخر يحكمه المجلس العسكري)، تبدو الانقلابات الآن وكأنها لحظة شاذة ضمن مسار ديمقراطي طويل الأمد".

"لكن الاتجاه الراهن يمكن أن يغذي الفترة المتبقية المروعة من هذا العقد لمنطقة الساحل الأوسط في أفريقيا"، كما حذر ثورستون.

المصدر | أليكس ثورستون/ ريسبونسبل ستيتكرافت- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

النيجر أفريقيا انقلاب عسكري الساحل فرنسا الولايات المتحدة

فرنسا: لا نستهدف التدخل عسكرياً في النيجر

بوركينا فاسو ومالي: أي تدخل عسكري في النيجر "إعلان حرب"

انقلاب النيجر.. المجلس العسكري يعتقل عدة أشخاص بينهم وزيران

مهاجرون وأسلحة ومخدرات وألف كم حدود.. انقلاب النيجر يثير قلق الجزائر

انقلاب النيجر.. كيف تراجع دور فرنسا في مستعمراتها السابقة بأفريقيا؟

تتجاوز 100 مليون دولار.. واشنطن تعلن تعليق برامج مساعداتها للنيجر

كيف خسرت فرنسا نفوذها في غرب أفريقيا؟

انقلابات أفريقيا.. خسارة لفرنسا ونفوذها وفوز مرتقب لروسيا