وساطة تركيا والسعودية.. حرب روسيا وأوكرانيا تعزز نفوذ "القوى الوسطى" عالميا

الخميس 3 أغسطس 2023 11:44 ص

سلطت شبكة CNBC الضوء على تصاعد دور السعودية وتركيا بوساطة السلام في الحرب الروسية الأوكرانية، مشيرة إلى استضافة السعودية لقمة تناقش خطة سلام أوكرانية في جدة، بينما تحاول تركيا إحياء مبادرة حبوب البحر الأسود، التي توسطت فيها في منتصف عام 2022 بين موسكو وكييف.

وذكرت الشبكة الأمريكية، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن روسيا وأوكرانيا أصدرتا إعلانا مفاجئا بالتوصل إلى اتفاق بشأن تبادل الأسرى، وذلك في إطار صفقة جرى تنفيذها في فبراير/شباط الماضي، وأدار كواليسها اثنان من القادة غير المتوقعين: الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وولي العهد السعودي الأمير، محمد بن سلمان.

وكتب مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، عبر تويتر في ذلك الوقت: "أود أن أشكر الحكومة التركية على المساعدة في تسهيل تبادل الأسرى بين أوكرانيا وروسيا، والبناء على قيادتهم في صفقة الحبوب".

ومن جانبها، توسطت السعودية في عودة 10 رعايا أجانب أسرتهم روسيا، وكانوا يقاتلون في أوكرانيا، بينهم اثنان أمريكيان، بفضل العلاقة الوثيقة بين ولي العهد السعودي والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.

وكتب سوليفان في منشور منفصل: "نشكر ولي العهد وحكومة السعودية على تسهيل [تبادل الأسرى]".

وفي أحدث التطورات، تخطط السعودية لعقد قمة سلام في جدة، دعت إليها أوكرانيا والولايات المتحدة والدول الأوروبية والصين والهند والبرازيل من بين العديد من الدول الأخرى.

وأفادت تقارير، في يوليو/تموز الماضي، بأن القادة السعوديين والأتراك يحاولون التوسط في صفقة لإعادة الأطفال الأوكرانيين، الذين رحلتهم روسيا قسراً، إلى عائلاتهم.

وفي غضون ذلك، تحاول تركيا إحياء مبادرة حبوب البحر الأسود الحاسمة التي توسطت فيها في منتصف عام 2022، استنادا إلى ثقلها السياسي كثاني أكبر جيش في الناتو وسيطرتها على المضائق التركية، وهي نقطة الدخول الوحيدة من البحر الأسود إلى البحر الأبيض المتوسط، ما يمنحها نفوذًا دبلوماسيًا خاصًا.

وتشير الشبكة الأمريكية، في هذا الصدد، إلى أن صعود ما بات يعرف بـ "القوى الوسطى" في وساطة هذا الصراع يشير إلى "عالم جديد حيث يمّكن الاعبين خارج الولايات المتحدة والغرب من اتخاذ القرار، ولايجبر الدول الأصغر على ربط نفسها بأي من الولايات المتحدة. أو روسيا أو الصين".

عالم متعدد الأقطاب

وفي السياق، نقلت الشبكة عن الباحث المقيم في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، حسين إيبش، قوله إن هذه التغييرات تعكس "صعود التعددية القطبية العالمية وقوى إقليمية متوسطة المستوى ذات أدوار دولية".

وأضاف: "المملكة العربية السعودية وتركيا مثالان جيدان لمثل هذه القوى متوسطة المستوى".

ويُنظر إلى كل من تركيا والسعودية على أنهما "وسيط يتمتع بمكانة جيدة"، نظرًا لأن كليهما يتمتع بعلاقات جيدة مع بوتين وحليف للغرب منذ فترة طويلة، وهو ما عبر عنه إيبيش بقوله إن المبادرة الدبلوماسية "تساعد في ترسيخ التقارب السعودي التركي وتعزيز صورة هذه البلدان كلاعبين عالميين مهمين وشريكين إقليميين وفاعلين أكثر استقلالية، بما يتجاوز تحالفاتهما التقليدية".

وإزاء ذلك، انتقدت واشنطن السعودية لتقليص إنتاج النفط والحفاظ على ارتفاع الأسعار، ما يدعم عائدات النفط الروسية، التي تمول بدورها غزو أوكرانيا، كما انتقدت رفض تركيا المشاركة في العقوبات ضد روسيا.

لكن الحفاظ على المواقف المستقلة يساعد في علاقات تركيا والسعودية مع قوى أخرى مثل الصين، وكذلك مع الدول المحايدة في جنوب الخارطة العالمية، مثل الهند والبرازيل.

ولدى كييف سبب لاحترام كلا الوسيطين، فتركيا تدعم أوكرانيا بأسلحة ومساعدات كبيرة، بينما دعا ولي العهد السعودي الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إلى المملكة، في مايو/أيار للاستماع إليه في قمة جامعة الدول العربية.

وفي السياق، قال رايان بول، كبير محللي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة "Rane" المتخصصة في تقييم المخاطر: "كل من أردوغان وبن سلمان ينخرطان في بعض أدوار الوساطة التنافسية، التي يحاولان من خلالها تحسين المكانة الدبلوماسية الوطنية لبلديهما من خلال تحقيق أهداف إنسانية في الحرب الروسية الأوكرانية".

وأضاف: "من خلال القيام بالوساطة، يأملان (أردوغان وبن سلمان) في تحسين سمعة بلديهما في كل من شمال الكرة الأرضية وجنوبها".

ويرى إيبيش أن تركيا والسعودية "من بين الجهات الفاعلة التي يمكن أن تساعد في منع المزيد من التصعيد في حرب أوكرانيا، ولكن من المبالغة التفكير في أنهما العازل الرئيسي أو الوحيد المحتمل".

ولا يرجح، أيهم كامل، رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمجموعة أوراسيا، أن تمثل قمة السلام المقبلة، التي تستضيفها السعودية، خطوة جادة نحو محادثات قادرة على إنهاء الحرب في المستقبل القريب، لكنه أضاف أنها "ستبني منصة لمزيد من المشاركة البناءة بين الغرب والدول النامية في جنوب الخارطة العالمية".

وامتنعت العديد من الدول النامية عن الانحياز إلى جانب في الحرب الروسية الأوكرانية، إذ لدى أغلبها علاقات تجارية أو عسكرية مهمة مع روسيا، أو عدم ثقة تاريخي في الغرب.

واقترح بعض من تلك الدول، مثل البرازيل، أن تتنازل أوكرانيا عن الأراضي المحتلة لروسيا لإنهاء القتال، وهو اقتراح ترفضه كييف بشكل قاطع.

وأشار كامل إلى أن "الرياض لا تتوهم أن قمة أغسطس ستؤدي إلى انفراجة جوهرية، ولا تتوقع الدول الغربية أن يتبنى المشاركون فيها توسيع العقوبات ضد روسيا، ومع ذلك، وفي صراع تنطوي فيه المخاطر على تداعيات نووية محتملة، فسيتم الترحيب حتى بالتقدم الدبلوماسي المحدود".

(3))

المصدر | CNBC/ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية تركيا محمد بن سلمان رجب طيب أردوغان روسيا أوكرانيا

السعودية تشتري طائرات مسيرة من تركيا.. ماذا يعني؟

تحليل: وساطة السعودية والصين بين روسيا وأوكرانيا خطأ استراتيجي

بوليتيكو: لماذا تستضيف السعودية محادثات السلام حول أوكرانيا؟

أردوغان يتحدث لغة المصالح ويتطلع لدور أكبر.. هل تتجاوب أمريكا؟

وساطة السلام بحرب أوكرانيا.. هكذا عزز بن سلمان المكانة الدولية للسعودية

أردوغان: لا يمكننا تحديد جدول زمني لانتهاء حرب أوكرانيا