الشراكة الأمريكية على المحك.. لماذا توطد الإمارات علاقاتها مع روسيا والصين؟

الأربعاء 9 أغسطس 2023 08:05 م

سلطت صحيفة "نيويورك تايمز" الضوء على سبب توثيق دولة الإمارات العربية المتحدة لعلاقاتها مع كل من الصين وروسيا، رغم كونها حليف للولايات المتحدة، مشيرة إلى أن البلد الخليجي الغني بالنفط تبنت موقفا متباينا من السياسة الأمريكية، وبخاصة عزل روسيا والحد من العلاقات مع الصين.

وذكرت الصحيفة، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن الرئيس الإماراتي، محمد بن زايد، حليف مهم للأمريكيين، ويعول على الولايات المتحدة للدفاع عن بلده، لكنه سافر مرتين إلى روسيا في العام الماضي واجتمع مع الرئيس، فلاديمير بوتين.

وفي يونيو/حزيران احتفل بن زايد ببلده كضيف شرف في مؤتمر القيادة الروسية بمنبر الاستثمار، وفي نهاية الشهر الجاري تخطط الإمارات والصين لتدريب قواتهما الجوية بشكل مشترك لأول مرة، في تحول مهم من دولة غنية اعتمدت دائما على المقاتلات والأسلحة والحماية الأمريكية.

وتضيف الصحيفة أن تعميق العلاقات الإماراتية الصينية يظهر الطريقة التي ينظر فيها قائد في الشرق الأوسط، تعتبره الولايات المتحدة شريكا رئيسيا، وهو يخط طريقه الخاص.

ولم ينجح المسؤولون الأمريكيون في إقناع بن زايد لكي يصطف مع السياسة الخارجية للولايات المتحدة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالحد من العلاقات العسكرية مع الصين وعزل روسيا بعد غزو أوكرانيا.

وتقول الصحيفة إن العلاقات المتنامية مع خصوم الولايات المتحدة وتوسيع علاقاتها الاقتصادية مع الهند، هو تحضير لزمن لن تهيمن عليه الولايات المتحدة في يوم ما، ونقلت عن المستشار الدبلوماسي لبن زايد، أنور قرقاش قوله: "نرى أن النظام الدولي ليس فقط متعدد القطبية ولكننا نراه مائعا تتغير فيه الأمور".

 وفي محاضرة ألقاها العام الماضي، كان قرقاش أكثر وضوحا عندما قال إن "الهيمنة الغربية تعيش أيامها الأخيرة".

التزام أمني

وعلى مدى العقد الماضي، زادت مخاوف الإماراتيين من التزام واشنطن طويل الأمد للشرق الأوسط، مع أن لديها عشرات الآلاف من الجنود، وخافوا من تراجع الاهتمام الأمريكي بالمنطقة والدفاع الذي يترافق معه، وناقشوا أن أمريكا لم تفعل ما يجب لردع التهديدات من إيران.

وفي نفس الوقت، يحاول الإماراتيون الحصول على حماية كبيرة من الولايات المتحدة، وهو ما علقت عليه دانا سترول، نائب المساعدة لوزير الدفاع الأمريكي، بقولها: "أعتقد أنها لحظة صعبة".

وتعتبر الإمارات من كبار مصدري النفط ولديها صندوق سيادي بـ 1.5 تريليون دولار وهو أكثر من القيمة السوقية لشركة أمازون.

وفي الوقت الذي يحاول فيه قادة الإمارات فحص حدود علاقاتهم مع الولايات المتحدة، فإنهم يعتمدون على التأثير الدولي الكبير الذي بنوه من خلال ثروتهم.

وكتب الإماراتيون قواعد اللعبة التي قام قادة الخليج بنسخها، وبخاصة السعودية، من ناحية تنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط، وتحديدا في مجال الرياضة، إذ تحركوا أبكر من جيرانهم لمتابعة سياسة خارجية مستقلة والتعامل بحزم مع الولايات المتحدة، وهي سياسة اتبعها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان.

وبحسب تقرير "نيويورك تايمز" فإن النهج الإماراتي نابع من حالة الضعف، فقد كان من المتوقع أن تتماهى الدولة، التي كانت محمية بريطانية، بسكان لا يتجاوز عددهم مئات الآلاف، وهي محشورة بين جارين قويين، السعودية وإيران، حيث اعتقد البعض أنها ستتماهى مع أي منهما، لكنها تطورت وأصبحت مركزا قويا.

واليوم تعتبر دبي مركزا لأكثر المطارات حركة في العالم ولديها أطول بناية في العالم وشركة موانئ تدير منشآت خارج الشرق الأوسط.

وفي السنوات الأخيرة انتهزت الإمارات الفرص التي فتحت بسبب عدد من المصائب، مثل فيروس كورونا وحرب أوكرانيا، حيث يختلط الأثرياء البريطانيون والأوليجارش الروس والأثرياء الهنود.

وتشكلت هذه السياسة الخارجية للإمارات منذ عقد، وتحديدا بعد ثورات الربيع العربي وسياسة التوجه نحو آسيا التي بدأها باراك أوباما، وأرسلت جنودها للمشاركة في عدد من نزاعات المنطقة.

وفي 2014 شنت الإمارات غارات ضد ليبيا بدون إخبار الولايات المتحدة، وفي عام 2015 عندما سيطر الحوثيون، حلفاء إيران على العاصمة صنعاء انضمت الإمارات للحملة التي قادتها السعودية، المستمرة، والتي أدخلت اليمن في أسوأ كارثة إنسانية.

وقررت الإمارات سحب قواتها في عام 2019، وهي مرحلة التحول نحو الشؤون الداخلية وسياسة دبلوماسية واقتصادية ناعمة، وتبنت خفض التوتر وبخاصة مع إيران، وهو نهج تبنته السعودية عندما أعادت علاقاتها مع إيران هذا العام.

سخط مستمر

لكن السخط الإماراتي من الولايات المتحدة لا يزال قائما، ففي عام 2017 زار بن زايد واشنطن ووقع اتفاقية لشراء مقاتلات "إف-35" لكن تنفيذها توقف في 2021.

 وتوصلت الإمارات لسلسلة اتفاقيات للحصول على أسلحة من عدة دول بما فيها مقاتلات خفيفة من الصين، وهو ما علق عليه قرقاش بقوله: "نريد التزاما حقيقيا بأمننا في منطقة صعبة".

وتعتمد أهمية الإمارات كمركز للسياحة والتجارة على استقرارها في منطقة متقلبة، لكن الولايات المتحدة لم تتحرك للدفاع عنها عندما تعرضت لهجمات صاروخية من الحوثيين في كانون الثاني/يناير 2022 مع أن واشنطن استخدمت بطاريات باتريوت من قاعدة عسكرية لإحباط الهجوم، إلا أن الرد لم يكن كافيا.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني/نوفمبر 2022، قال مسؤول ملف الشرق الأوسط في البيت الأبيض، بريت ماكغيرك، في مؤتمر للأمن في البحرينـ ردا على مظاهر قلق دول المنطقة من أمريكا والتزامها: "بدون شك، نحن هنا لنبقى".

وأكدت الإمارات ودول المنطقة على ضرورة استمرار باب الحوار مفتوحا والوساطة في الحرب الأوكرانية ورفضت دعم أي طرف في هذا النزاع.

وتخلص دينا اسفندياري، من مجموعة الأزمات الدولية، إلى أن ما يشغل الإماراتيون هو أن يكون للأمريكيين رهان أمني كبير في المنطقة، وأن تظل السياسة الخارجية الإماراتية متوائمة مع المصالح الأمريكية، خاصة أنها أول دولة في الخليج تبنت التطبيع مع إسرائيل عام 2020.

المصدر | نيويورك تايمز/ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الإمارات الولايات المتحدة محمد بن زايد فلاديمير بوتين أنور قرقاش

صديقة لعدوين.. نفط وذهب وأموال الروس تتدفق على الإمارات

برقصة العقوبات مع روسيا.. الإمارات تخاطر وأمريكا تراقب وتضغط

شينخوا: رئيس المجلس الوطني الإماراتي يزور الصين الجمعة المقبل

بعد تقارير استخباراتية.. مخاوف أمريكية من وجود علاقة سرية بين "جي 42" الإماراتية والصين