الاجتماع الفلسطيني بمصر.. رسالة للسعودية وأمريكا ودرس لإسرائيل

الاثنين 21 أغسطس 2023 12:37 م

اعتبر يوهانان تسوريف، الباحث في "معهد دراسات الأمن القومي" الإسرائيلي (INSS)، أن اجتماع قادة الفصائل الفلسطينية في مدينة العلمين المصرية في 30 يوليو/ تموز الماضي هدف إلى إظهار وحدة الصف الفلسطيني ووقف تآكل شرعية السلطة الوطنية، وهو ما يمثل درسا لإسرائيل ويبعث برسالة إلى السعودية والولايات المتحدة في ظل حديث متصاعد عن تطبيع محتمل للعلاقات بين الرياض وتل أبيب بوساطة واشنطن.

تسوريف أضاف، في تحليل ترجمه "الخليج الجديد"، أنه "سبق الاجتماع تحضيرات دبلوماسية من جانب مصر وكبار قادة حركة فتح، تضمنت حشد دعم الدول العربية مثل قطر والأردن والسعودية والجزائر ودول آسيوية، بينها الصين وتركيا وروسيا. وأدى مصادقة هذه الدول على الاجتماع إلى إقناع الفصائل بالمشاركة ووفرت درجة معينة من الشرعية البديلة للشرعية الأمريكية المخيبة للآمال".

وتابع أن الرئيس الفلسطيني، زعيم "فتح"، محمود عباس هدف "من خلال الاجتماع إلى الوصول إلى تفاهم داخلي فلسطيني مشترك من شأنه أن يساعد في وقف التآكل الواضح لشرعية السلطة الفلسطينية، مما يسهل علىها التعامل مع التحديات غير المسبوقة التي تواجهها حاليا".

وأوضح تسوريف أنه "من المنظور الاقتصادي، تقترب السلطة الفلسطينية من الإفلاس، وتلقت انتقادات كثيرة في هذا الصدد، حتى من داخل صفوفها. كما تواجه السلطة اتهامات بأنها لم تعد تمثل الشعب الفلسطيني بأكمله، وتتعاون فعليا مع إسرائيل".

ضم وتطبيع

الاجتماع الفلسطيني هدف إلى "خلق أرضية مشتركة بين الفلسطينيين تعزز شرعية السلطة الفلسطينية، باعتبارها القيادة المخوّلة للتعامل مع التحديات غير المسبوقة التي تواجهها"، بحسب تسوريف.

وأوضح أن "الأشهر الأخيرة شهدت قلقا متزايدا في السلطة الفلسطينية بشأن الضغوط التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية (يمينية متطرفة)؛ بسبب سياسة الضم المتسارعة لأراضي الضفة الغربية إلى إسرائيل، بما في ذلك تعديل قانون فك الارتباط وإقامة بؤر استيطانية غير قانونية".

كما لفت إلى "الخطاب (من جانب مسؤولين إسرائيليين) مثل (ضرورة) "إبادة (بلدة) حوارة (الفلسطينية)"؛ والأسئلة التي طرحها كبار الوزراء في الحكومة الإسرائيلية حول مبرر وجود السلطة الفلسطينية أو أي تمثيل فلسطيني".

تسوريف قال إنه "في موازاة ذلك، تجري الإدارة الأمريكية مفاوضات مكثفة مع السعودية لتعزيز التحالف الإقليمي ضد إيران واستقرار النفوذ الأمريكي الجديد في الشرق الأوسط، وتطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب".

وزاد بأنه "في اتفاقية التطبيع مع السعودية، من المرجح أن تطلب الإدارة الأمريكية من إسرائيل الامتناع عن أي خطوات أحادية أخرى في الضفة الغربية قد تعرض للخطر آفاق تسوية مستقبلية مع الفلسطينيين على أساس حل الدولتين (فلسطينة وإسرائيلية)، والامتناع عن أي خطوات نحو الضم وإقامة المستوطنات والبؤر الاستيطانية غير القانونية، وحتى تسليم أراضي المنطقة (ج) إلى السلطة الفلسطينية تدريجيا (على النحو المنصوص عليه في اتفاقيات أوسلو)".

واعتبر أن "الرد الإسرائيلي الإيجابي على الضغط الأمريكي في هذا الصدد سيعيد الساحة الإسرائيلية الفلسطينية إلى سياقها قبل عرض خطة (الرئيس الأمريكي السابق دونالد) ترامب ("صفقة القرن" المجحفة للفلسطينيين)، بل ويعزز مكانة السلطة الفلسطينية".

واستطرد: "الفلسطينيون ليسوا جزءا من الخطوة التي تقودها واشنطن، ويرجع ذلك جزئيا إلى ضعف الشرعية المحلية والدولية للسلطة الفلسطينية، ومع ذلك، يبدو أن محاولة إظهار الوحدة بين الفصائل هدفت إلى إيصال رسالة تمثيل وطني فلسطيني إلى المنطقة وخارجها".

ومن أصل 22 دول عربية، تقيم 6 دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب والسودان علاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، التي تواصل احتلال أراضٍ في كل من فلسطين وسوريا ولبنان منذ حرب 5 يونيو/ حزيران 1967.

ضغوط أمريكية

في الواقع، بحسب تسوريف، "لا ينبغي النظر إلى الاجتماع على أنه تحرك نحو المصالحة، بل على أنه استعراض للتقارب والتنسيق بين (حركتي) فتح وحماس، إذ تدرك الفصائل أنه بينما لا يمكن سد الفجوات الأيديولوجية التي تمنع المصالحة، فإنه عليها أن تجد طريقة للتعامل مع قضايا الساعة الملحة التي قد تلغي القضية الفلسطينية على الساحتين الإقليمية والدولية".

ويسود الساحة الفلسطينية انقسام سياسي بين "فتح" وحماس" وجغرافي بين قطاع غزة والضفة الغربية منذ صيف 2007.

تسوريف تابع: "لذلك توصلوا إلى قرار مشترك، تحت ضغط مصري على ما يبدو، لإيصال رسالة إيجابية إلى الجمهور. والتفاهمات التي تم التوصل إليها تتعلق بإدارة الانقسام داخل الساحة الفلسطينية وليس آلية لحلها".

وقال إن "إظهار الوحدة وتبني المقاومة السلمية التي طلبها أبو مازن (عباس) من (رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل) هنية، سيسهل على رئيس السلطة الفلسطينية إقناع الإدارة الأمريكية بزيادة ضغطها على إسرائيل التي لا مصلحة لها في التوصل إلى تفاهمات مع الفلسطينيين".

"أما بالنسبة لإسرائيل، فإن الدرس هو أنه مثلما حدث في عهد ترامب، فإن التهديدات التي يُنظر إليها على أنها خطيرة للغاية على القضية الفلسطينية تؤدي إلى التقارب بدلا من العزلة بين مختلف الفصائل المتنافسة"، كما أردف تسوريف.

وحذر الحكومة الإسرائيلية، برئاسة بنيامين نتنياهو، من أن "تجاهل التطورات في الساحة الفلسطينية، ولا سيما العلاقات المتجددة بين قياداتها ردا على التحركات الإقليمية، قد يؤدي إلى خسائر أكبر بكثير".

المصدر | يوهانان تسوريف/ معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

فلسطين فصائل قمة مصر تطبيع السلطة الفلسطينية