عائلات ضحايا 11 سبتمبر أمام خيار صعب.. ما هو؟

الأحد 27 أغسطس 2023 07:17 ص

مع طرح تسوية قضائية في الولايات المتحدة، يقرّ بموجبها المتهمون في اعتداءات 11 سبتمبر/أيلول 2001 بذنبهم، مقابل الإفلات من عقوبة الإعدام، تجد عائلات الضحايا نفسها أمام خيار في غاية الصعوبة، ما بين طي صفحة هذه المأساة، والتمسّك بالمطالبة بالحقيقة الكاملة، رغم المأزق القانوني المستمر منذ عقدين.

وعرض المدّعون العامون على عائلات حوالى 3 آلاف ضحية سقطوا في الاعتداءات الأكثر عنفا في تاريخ الولايات المتحدة، تفاصيل "تسوية إقرار بالذنب" يمكن أن تؤمّن مخرجا من الإجراءات القضائية المتواصلة منذ سنوات في محكمة غوانتانامو العسكرية، بدون أن تفضي إلى محاكمة، في رسالة نشرت هذا الشهر.

وتعتبر بعض العائلات أن إبرام تسوية بدون محاكمة سيحول دون كشف الحقيقة كاملة حول اعتداءات 11 سبتمبر/أيلول.

وفي المقابل، ترى عائلات أخرى أن كل تأخير يعني وفاة عدد متزايد من أقرباء الضحايا بدون أن تتحقق العدالة خلال حياتهم، وكذلك زيادة احتمال وفاة المشتبه بهم الذين يتقدّمون في السنّ قبل إثبات ذنبهم.

وأعلن تجمع "عائلات 11 سبتمبر/أيلول من أجل غد سلميّ" المؤيد للتسوية أن "كل عائلات 11 سبتمبر/أيلول تريد أن تتحقّق العدالة وأن يحاسَب المسؤولون.. توفي الكثيرون بيننا في العقدين الأخيرين بدون نيل أي من المطلبين".

ورأت العائلات أن "صفقة إقرار بالذنب يمكن إبرامها حالاً، ستؤمّن خاتمة: نهاية عمل اللجنة العسكرية حول 11 سبتمبر/أيلول، واعترافات واضحة بالذنب وعقوبات سجن مدى الحياة بدون إمكانية إطلاق سراح أو طعن في الحكم".

لكن بالنسبة الى دينيس ماكغينلي العضو في مجموعة "العدالة 11 سبتمبر/أيلول"، ستؤدّي مثل هذه التسوية إلى تمويه الحقيقة حول الاعتداءات التي أودت بحياة شقيقه داني في البرج الجنوبي من مركز التجارة العالمي.

وقال إن الاتفاق "سيحول ببساطة دون محاكمة يُرغم فيها خالد شيخ محمد على الإقرار بالحقيقة" عن الدور الذي لعبه الموقوف الذي كان من كبار قياديي تنظيم القاعدة ويشتبه بأنه كان العقل المدبّر للهجمات.

واستغرق الأمر سنتين لإعداد التسوية التي عُرضت بالتفصيل في رسالة صدرت في الأول من أغسطس/آب، عن مكتب المدعي العام لدى المحاكم العسكرية، وهي تندرج في سياق الآليات القضائية بحق خالد شيخ محمد، وعمار البلوشي، وليد بن عطّاش، ورمزي بن الشيبة، ومصطفى الهوساوي، المتهمين الخمسة بـ"التآمر والإرهاب" في سياق اعتداءات 11 سبتمبر/أيلول.

والمتهمون الخمسة الموقوفون منذ أكثر من 16 عاما في قاعدة غوانتانامو الأمريكية في كوبا، هم من بين آخر 30 معتقلا من أصل حوالى 800 نقلوا خارج إطار القضاء في أعقاب 11 سبتمبر/أيلول إلى المعتقل المثير للجدل، والذي انتقدته منظمات دولية.

وندّدت المنظمات الحقوقية بصورة خاصة بالتوقيفات خارج إطار القانون وظروف الحياة المذلّة في غوانتانامو، والاعترافات المنتزعة تحت التعذيب، وهي نقطة قد تكون لها تبعات في حال المضي في المحاكمة.

وذكرت الرسالة أن التسوية المقترحة تنص على أن "يقبل المتهمون بالمسؤولية الجنائية عن أفعالهم ويقرّوا بذنبهم بالتهم الموجهة إليهم مقابل عدم الحكم عليهم بالإعدام".

كما يحتّم على المتهمين المشاركة في عملية إعادة تمثيل "وقائع" تكشف تفاصيل التحضير للهجمات وتحديد دور كل منهم فيها.

وبالرغم من أن المدعين العامين يؤكدون عدم إبرام أي صفقة بصورة نهائية حتى الآن، فإن رسالتهم تشير إلى منحى المسار القضائي الذي قد لا يصل إلى خواتيمه في خلاف ذلك.

واعتبر قاض عسكري أمريكي الأسبوع الماضي، في قضية منفصلة تتعلّق بمعتقل في غوانتانامو يشتبه بضلوعه في اعتداء تنظيم القاعدة على المدمّرة "يو إس إس كول" عام 2000 في اليمن، أن اعترافاته لا يمكن أن تُعتبر بمثابة أدلّة ضدّه لأنها انتزعت منه تحت التعذيب.

وقد تشكّل هذه السابقة عقبة جديدة بوجه الآليات القضائية المتعلقة باعتداءات 11 سبتمبر/أيلول.

وقد يثير إسقاط عقوبة الإعدام ردود فعل حادّة ليس من جانب أقرباء الضحايا فحسب، بل كذلك بين المواطنين الأمريكيين عموما في بلد أصيب بصدمة كبرى جراء اعتداءات شكلت نقطة تحوّل في العالم.

ورأى النائب عن إحدى مقاطعات نيويورك مايك لولر أنه "يجدر عدم عرض صفقة إقرار بالذنب إطلاقا على خالد شيخ محمد والمنفذين الآخرين لاعتداءات 11 سبتمبر/أيلول، الذين يجب أن يواجهوا القضاء وبالتالي عقوبة الإعدام على أفعالهم".

لكن تيري روكفيلر العضو في مجموعة "غد سلميّ" يعتبر أن الصفقة القضائية تبقى أفضل فرصة للعائلات إزاء "فشل" اللجنة العسكرية حول 11 سبتمبر/أيلول.

وأكد روكفيلر الذي خسر شقيقته في اعتداءات نيويورك "لن تفضي أيّ آليّة إلى عقوبة الإعدام بسبب مسألة التعذيب".

ويبقى أن السجال، برأي دينيس ماكغينلي، لا يدور حول تحديد العقوبة ما بين المؤبد أو الإعدام، بل حول حقيقة الاعتداءات، وتحديدا الدور الذي قد يكون لعبه مسؤولون سعوديون.

وإن كانت الرياض تنفي أي ارتباط بمنفذي الاعتداءات، تبقى الشكوك قائمة حول حصول بعضهم على تمويل سعودي.

وشدد ماكغينلي على أن تسوية إقرار بالذنب ستسمح لواشنطن بإبقاء معلومات حساسة بهذا الصدد طي السريّة، معتبرا أن السلطات الأميركية "تسيء معاملة" عائلات ضحايا 11 سبتمبر/أيلول.

المصدر | فرانس برس

  كلمات مفتاحية

العدالة 11 سبتمبر اعترافات غوانتانامو الإعدام

22 عاما على أعنف هجوم.. أمريكا تحيي ذكرى أحداث 11 سبتمبر