جيمس تاون: إيران تسعى لإفساد الممر الاقتصادي بين الهند والغرب

الخميس 14 سبتمبر 2023 01:53 م

سلط الباحث بمؤسسة "جيمس تاون"، بول جوبل، الضوء على الدور الذي يمكن أن تلعبه إيران لإفساد الممر الاقتصادي المخطط له لربط الهند بالشرق الأوسط والاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن مساعدي الرئيس الأمريكي، جو بايدن، يرون أن الممر من شأنه أن يقطع شوطا طويلا في منع مبادرة الحزام والطريق الصينية من الهيمنة على التجارة بين آسيا وأوروبا.

وذكر جوبل، في تحليل نشره بموقع المؤسسة وترجمه "الخليج الجديد"، أن قمة مجموعة العشرين بنيودلهي، في التاسع من سبتمبر/أيلول، شهدت توقيع مذكرة تفاهم بشأن الممر بين الولايات المتحدة والهند وعدد من دول الشرق الأوسط والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وهو ما أبدى الرئيس الأمريكي، جو بايدن، حماسة قوية له.

وأضاف أن الموقعين على المذكرة ملتزمون بتوضيح تفاصيل المشروع في غضون 60 يوما، وإذا تحققت خططهم بالفعل، فسيثبت ذلك أن حماس بايدن كان على حق.

ومع ذلك، فمن المحتمل أن تكون تكاليف المشروع مرهقة، ويمكن لإيران المدعومة من روسيا، وكذلك الصين، أن تلعب دور المفسد له، بحسب جوبل، موضحا أن الرؤية العامة للمشروع تعكس "مشروعين في مشروع واحد"، وكلاهما يتطلب تطوير النقل البحري متعدد الوسائط في الأماكن التي بدأت فيها هذه الجهود للتو.

فالمشروع سيتطلب أولاً: استكمال ممر شرقي جديد بين الهند والشرق الأوسط، وثانياً: توسيع الطريق الغربي بين الشرق الأوسط وأوروبا، ولأن إيران تقع على الطريق البري بين الطرفين، فإن لديها القدرة على بسط قوتها في المحيط الهندي.

وفي كلتا الحالتين، يرى جوبل أنه سيتعين على البلدان التي بدأت للتو في السيطرة على تعقيدات النقل متعدد الوسائط أن تطور البنية التحتية اللازمة لتكون قادرة على نقل البضائع من القطارات إلى السفن إلى الشاحنات بسرعات عالية لجعل الممر الجديد قادرا على المنافسة مع الممرات الأخرى.

فروسيا تواصل تطوير ممرات العبور ذات القدرة على تحقيق فائدة كبيرة لإيران والصين، ونتيجة لذلك، يمكن لطهران وبكين أن تعملا على نسف الممر المقترح بين الاتحاد الأوروبي والهند.

أول قطار

وفي 27 أغسطس/آب الماضي، مر أول قطار يحمل شحنة حاويات روسية عبر إيران إلى السعودية على طريق اقترحت موسكو أن يمتد من سان بطرسبرج في شمال غربي روسيا إلى مومباي كجزء من ممر أوسع بين الشمال والجنوب، وهو ما تدعمه طهران بقوة، كما أبدت بكين اهتمامًا كبيرًا به.

وتعتبر إيران نفسها المستفيد الرئيسي من طرق العبور التي تهيمن عليها روسيا، وعلى هذا النحو لفت المسؤولون الإيرانيون الانتباه على الفور إلى التطورات المتعلقة بالطريق الروسي بين الشمال والجنوب، وأشاروا إلى أن البحث عن طرق بديلة "غير مبرر على الإطلاق".

واحتفل حجة الله عبد المالكي، الأمين العام للمجلس الأعلى للمناطق الاقتصادية الحرة في إيران، بتدفق البضائع من روسيا إلى السعودية عبر بلاده، معلنا أن "أحد ممرات النقل المهمة، في إطار ممرات النقل الدولية بين الشمال والجنوب والشرق والغرب، هو الذي يمتد من حدود إيران مع روسيا الاتحادية، ويمر عبر الأراضي الإيرانية ومن ثم يصل إلى الدول العربية، والسعودية على وجه الخصوص. ثم يمتد إلى بلدان أخرى أيضًا، بما في ذلك الهند".

ولا يخلو هذا الممر بين الشمال والجنوب من المشكلات، ومع ذلك عبد المالكي أن تسليم البضائع الناجح إلى السعودية يدل على أن "هذا الممر قد بدأ بالفعل في العمل"، و"مثل جميع الممرات التي تمر عبر إيران"، فهو متعدد الوسائط في عمله، مشيرا إلى أن "أراضي الدولة الإيرانية تمثل طريقًا لوجستيًا ممتازًا من الناحية الطبيعية والمالية".

وأشار المسؤول الإيراني إلى أن بلاده تقع جغرافيًا وسط العديد من الطرق البرية الرئيسية، قائلا: "لا بديل عن هذا الطريق. وأولئك الذين يحاولون الالتفاف عليه يضيعون وقتهم. إن طريق العبور الخاص بنا في حد ذاته آمن، وملايين الأطنان من البضائع تمر عبره بالفعل بتكاليف نقل منخفضة للغاية".

وأضاف: "نحن ندعو جيراننا في الجنوب والشمال إلى الاستفادة من قدرات طرقنا اللوجستية بدلاً من إضاعة وقتهم وأموالهم على البدائل".

مراجعة مسار

وجاءت تصريحات عبد المالكي قبل 10 أيام من توقيع مذكرة تفاهم نيودلهي، وتعبر عن حجج يتوقع جوبل أن تقدمها إيران إلى الدول الموقعة على المذكرة.

ولذا، فلا يستبعد الباحث بمؤسسة "جيمس تاون" أن تقوم بعض الدول المشاركة في المشروع بمراجعة المسار الروسي قبل إنفاق مبالغ كبيرة لتجاوزه، مرجحا أن يتم الاعتماد على دعم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لموقف إيران.

ففي نهاية المطاف، لم يكن موقف طهران ممكناً إلا بفضل جهود موسكو، و"أي انتصار لإيران سيكون انتصارا لروسيا أيضا" حسب قوله.

والسؤال الأكبر هنا: ما هو موقف بكين الرسمي؟ يجيب جوبل بأن مساعدي بايدن أشاروا، بعد التوقيع على مذكرة التفاهم في نيودلهي، إلى أن مبادرة الحزام والطريق الصينية هي الهدف الحقيقي للاتفاقية، وبالتالي، قد تقرر بكين الوقوف إلى جانب طهران في هذا النزاع على أمل توسيع مبادرة الحزام والطريق بطريقة تتجنب تهميشها من قبل مشاريع محتملة مماثلة في المستقبل.

وكل ذلك يعني أن الطريق أمام الممر بين الاتحاد الأوروبي والهند لن يكون سهلا، وسيتطلب ضمان نجاحه بذل جهود دبلوماسية، ليس فقط مع الدول الموقعة على الاتفاقيات، بل أيضاً مع دول أخرى، مثل إيران وروسيا، التي لا يتمتع الغرب بعلاقات دافئة معها.

المصدر | بول جوبل/جيمس تاون - ترجمة وتحرير الخليج الجديد.

  كلمات مفتاحية

إيران الاتحاد الأوروبي الهند الحزام والطريق الممر التجاري

رغم العوائق.. الممر الاقتصادي بين الهند وأوروبا سيكافح للوصول إلى أهدافه

جوادر.. مفتاح سد فجوة الاقتصاد العالمي والجغرافيا السياسية بين الشرق والغرب

الممر الواصل بين الهند أوروبا يتلافي سلبيات مشروعات أخرى.. كيف؟