الممر الواصل بين الهند أوروبا يتلافي سلبيات مشروعات أخرى.. كيف؟

الأحد 17 سبتمبر 2023 01:08 م

استفادت مجموعة العشرين عند طرحها لمشروع الممر الاقتصادي الرابط بين الهند وأوروبا مرورا بالشرق الأوسط، من مجموعة من الدروس وصححت العديد من الثغرات في مشاريع تطوير البنية التحتية متعددة الجنسيات، التي تم طرحها مسبقا، لتقديم مشروع مستدام بنهج شمولي.

هكذا تحدث تقرير لموقع "مودرن دبلوماسي"، وترجمه "الخليج الجديد"، حول المشروع الذي تم الاتفاق عليها في قمة مجموعة العشرين هذا الشهر في نيودلهي، والذي سينقل البضائع من شبه القارة الهندية عبر الإمارات والسعودية والأردن وإسرائيل إلى الأسواق الأوروبية.

والممر الاقتصادي الطموح سيتكون من خطوط السكك الحديدية والموانئ البحرية.

بالإضافة إلى تقليل أوقات عبور البضائع، من المتوقع أن يشمل المشروع بنية تحتية لإنتاج ونقل الهيدروجين الأخضر، وكابلًا تحت البحر لتعزيز الاتصالات ونقل البيانات.

ووفق التقرير، فقد أشارت الملاحظات الافتتاحية لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، في اجتماع مجموعة العشرين، إلى التغلب على أزمة الثقة المتبادلة بين الدول والحالة المضطربة للاقتصاد العالمي.

ومع التأكيد أن المشروع تم إطلاقه في مجموعة العشرين الأخيرة، إلا أن فكرته متجذرة في منتدى (I2U2)، وهو منتدى رباعي يضم الهند وإسرائيل والإمارات والولايات المتحدة.

ومن المؤكد  الممر الجديد، قد برزت في المقدمة كمعارض ل مبادرة "الحزام والطريق" الرائدة في الصين، ما يجعله خطوة جيوسياسية مهمة من خلال التعاون مع بعض دول مجموعة العشرين لتجنب الاعتماد على المشاريع الصينية لأغراض الاقتصاد والبنية التحتية والاتصال.

ولكن بعد فترة وجيزة من الإعلان، أثارت دول مثل تركيا مخاوف، إذا تم استبعادها من المشروع، خاصة أنها تسعى إلى تعزيز دورها التاريخي كطريق نقل للسلع التي تنتقل من آسيا إلى أوروبا.

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعد قمة مجموعة العشرين، إنه "لا يمكن أن يكون هناك ممر بدون تركيا"، مضيفًا أن "الطريق الأنسب للتجارة من الشرق إلى الغرب يجب أن يمر عبر تركيا".

ينقسم الممر الاقتصادي المقترج الجديد، إلى قسمين، الممر الشمالي والممر الشرقي.

ومن خلال جعل الخليج العربي هو المركز، فإن الممر الشمالي سيربط أوروبا بالخليج العربي.

وفي الخليج العربي، سيوفر الطريق البري مرورًا لخطوط السكك الحديدية عبر ميناء حيفا في إسرائيل إلى الأردن عبر السعودية والإمارات.

وسيقوم الممر الشرقي بعد ذلك بربط الخليج العربي بالهند.

ويهدف الممر الاقتصادي الجديد إلى ربط الموانئ عبر القارتين لجعل التجارة والنقل أسهل وأسرع من خلال تقليل وقت العبور بنسبة تصل إلى 40%.

ويعد الممر الطموح قناة بديلة لقناة السويس المزدحمة وارتفاع تعريفاتها الجمركية.

علاوة على ذلك، يهدف الممر إلى تسهيل التجارة، وتصدير الطاقة النظيفة من خلال خطوط أنابيب الهيدروجين، ومد الكابلات البحرية تحت الأرض للطاقة والإنترنت المستقر، مما يؤدي إلى إطلاق العنان للنمو الاقتصادي المستدام والشامل.

ووفق التقرير، فإن الممر الجديد الذي يشمل الهند والشرق الأوسط والمساحة الأرضية الأوروبية، يحيي "طريق تجارة التوابل القديم"، الذي كان سائدًا، وكان أكبر حجمًا واتساعًا خلال القرون الأولى حتى القرن الخامس عشر الميلادي.

ففي العصور القديمة، اشتهر طريق التجارة البحرية باسم "طريق البحر الأحمر" الذي كان يربط سوق الإمبراطورية الرومانية وشبه القارة الهندية عبر البحر الأحمر.

وإحياء هذا الطريق من شأنه أن يؤكد العلاقات التجارية والثقافية القائمة بين الدول، وسيكون بمثابة مضاد لسرد "طريق الحرير" الذي تستشهد به الصين في إطار مبادرة الحزام والطريق، وفق التقرير.

يأتي طرح الممر الرابط بين الهند وأوروبا، في وقت تشهد منطقة الشرق الأوسط تحولات جيوسياسية غير مسبوقة، مع المصالحة السعودية الإيرانية بوساطة صينية، وتجدد الآمال في إمكانية التوصل إلى تطبيع في العلاقات بين السعودية وإسرائيل، ولكن بوسيط أمريكي.

ويحمل الممر إمكانات كبيرة لجلب الدول المتنافسة مثل السعودية وإسرائيل إلى طاولة واحدة، فربط ميناء حيفا في إسرائيل بخط السكك الحديدية الذي يمر عبر السعودية من شأنه أن يخلق ترابطًا معقدًا بين هذه الدول، مما سيكون مفيدًا للطرفين، وربما يؤدي إلى تعزيز العلاقات.

علاوة على ذلك، يمكن معالجة الاضطرابات الجيوسياسية في الشرق الأوسط إذا تم ربط المنطقة بأجندة مشتركة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية.

ويشير هذا الممر أيضا، وفق التقرير، إلى التحول من مشاريع البنية التحتية التي تقودها الصين نحو نهج أكثر شمولا.

ومع ظهور قضايا تتعلق باستدامة القروض التي تقدمها الشركات الصينية في إطار مبادرة الحزام والطريق، تم تصنيف العديد من المشاريع على أنها غير مستدامة.

كما أن المشاكل الناشئة عن خط الائتمان الصيني لمشاريع البنية الأساسية في سريلانكا وباكستان تطرح في الصورة فخ الديون، فضلا عن أن الأخبار التي تظهر أن إيطاليا تخطط للانسحاب من مبادرة الحزام والطريق من شأنها أن تشجع الدول الأخرى على أن تحذو حذوها، مما يجعل الممر الاقتصادي الجديد بديلاً قابلاً للتطبيق لمبادرة الحزام والطريق.

ويشير التقرير إلى أن الممر يشكل جزءًا من مبادرة أوسع يقودها الغرب، وهي الشراكة من أجل الاستثمار العالمي في البنية التحتية، والتي تم الإعلان عنها خلال قمة مجموعة السبع، في المملكة المتحدة خلال يونيو/حزيران 2021.

وحينها، شدد الرئيس الأمريكي جو بايدن على إطار "إعادة بناء عالم أفضل"، لإنشاء المزيد البيئة المستدامة في إطار هذه الشراكة، والتي ستركز على بناء بنية تحتية مقاومة لتغير المناخ بشفافية لتحقيق أهداف المساواة بين الجنسين وتطوير البنية التحتية الصحية.

ويعود تقرير "مودرن دبلوماسي"، للتأكدي أن الممر الاقتصادي الجديد، يخلق تمييزًا عن  مبادرة "الحزام والطريق"، من حيث الجوانب النوعية المقدمة، من خلال التركيز على مشاريع البنية التحتية عالية الجودة.

ويضيف: "يأخذ  الممر المقترح في الاعتبار عوامل مثل الاستدامة الاقتصادية لمشاريع البنية التحتية للبلد المضيف، والإفصاح الشفاف، وانخفاض المخاطر البيئية والاجتماعية ومخاطر الحوكمة".

ويتابع: "لجذب اللاعبين من القطاع الخاص، فإن شهادة شبكة النقطة الزرقاء من شأنها أن تعمل على تسريع وتبسيط العملية من خلال تقييم استدامة المشاريع وقدرتها على الاستمرار، حتى لا تتدفق أموال المستثمرين إلى مشاريع منخفضة الجودة".

علاوة على ذلك، والحديث للتقرير، فإن مبادرات مثل (FAST-infra) من شأنها أن تحشد المزيد من الاستثمار الخاص في المشاريع المستدامة عالية الجودة على قدم المساواة مع المعايير العالمية التي تتناقض مع إقراض الديون الثنائية الصينية، وإعادة هيكلتها في إطار مبادرة الحزام والطريق.

وبالإضافة إلى ذلك، هناك احتمالات للتمديد إلى الوراء حيث يمكن للهند توفير المساحة والخدمات اللوجستية بموجب سياستها "الشرق" لتوسيع الممر إلى دول مثل بنجلاديش وميانمار ودول جنوب شرق آسيا الأخرى مثل تايلاند وتايوان.

ومما يسهل على البضائع المصنعة في آسيا الوصول إلى الأسواق المختلفة على طول الممر، مما يقلل وقت النقل وأسعار البضائع في السوق العالمية.

ويشير التقرير إللى قضايا محلية متعلقة بمشاريع ذات الصلة، بمبادرة الحزام والطريق، مثل الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني، حيث يواجه مقاومة من السكان في إقليم السند وبلوشستان، وهو ما يذكر بإهمال الجانب الإنساني لتطوير البنية التحتية في إطار مبادرة الحزام والطريق.

ويختتم التقرير: "بالتعلم من الوضع الحالي، قام الممر الاقتصادي الجديد بدمج الدروس المستفادة وتصحيح الثغرات في مشاريع تطوير البنية التحتية متعددة الجنسيات بهذا الحجم، لتقديم مشروع مستدام بنهج شمولي".

المصدر | مودرن دبلوماسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

ممر اقتصادي الهند طريق الحرير الصين أوروبا الشرق الأوسط

"إسرائيل أكبر مستفيد".. بن جاسم يدعو لمقارنة جدوى ممر الهند-أوروبا مع طريق الحرير

الممر الاقتصادي.. هل تضغط أوروبا على الخليج لإبعاد الصين قليلا؟

ممر الهند أوروبا.. أهداف جيوسياسية تتجاوز التنمية الاقتصادية

الممر التجاري بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا.. خارطة معقدة لتحديات المشروع