الاستماع لوجهة النظر الأخرى.. مودرن دبلوماسي يطرح حلا للأزمة الروسية الأوكرانية

السبت 23 سبتمبر 2023 11:27 ص

إذا كانت هناك أي فرصة لإنهاء هذه الحرب الدموية والمدمرة في أوكرانيا، حيث يتم إنفاق مليارات الثروات، وحيث تتطور تحالفات عسكرية جديدة مسؤولة عن إطالة أمد الخسائر في الأرواح، فيجب على المرء أن يفكر في موقف الجانب الآخر ورؤية الأحداث من زاوية الشخص الآخر.

هكذا يتحدث تحليل لموقع "مودرن دبلوماسي"، وترجمه "الخليج الجديد"، لافتا إلى أن حل الصراع الروسي الأوكراني وإنهاء الحرب، يكمن في القدرة على رؤية وجهة نظر الطرف الآخر.

ويقول التحليل: "الطريقة الوحيدة على وجه الأرض للتأثير على الدول المتعارضة هي تحديد ما يسعى إليه كل زعيم وإظهار كيفية تحقيقه، وبدلاً من الإدانة التي لا تنتهي لبعضنا البعض، يجب أن نفهم ونكتشف سبب قيامهم بما يفعلونه".

ويضيف: "هذا أكثر فائدة وإثارة من النقد الذي لا يولد إلا الاستياء بدلا من التسامح، وربما مستوى من التعاطف".

ويلفت التحليل إلى أنه "من المهم أن نفهم أن مناطق دونباس التي تم ضمها مؤخراً في شرق أوكرانيا وشبه جزيرة القرم هي أوطان تاريخية لكل من روسيا وأوكرانيا على مدار قرون من الحرب والاضطرابات السياسية وتحول السيطرة".

وبالتقدم سريعًا إلى عام 1918، سيطرت القوات الموالية لجمهورية أوكرانيا الشعبية على أجزاء من دونباس بمساعدة حليفتها الألمانية، ثم في عام 1932، مات ملايين الأوكرانيين جوعا عندما صادر الزعيم السوفييتي جوزيف ستالين أراضيهم.

وشهدت الحرب العالمية الثانية مزيدًا من الاضطرابات، عندما احتلت ألمانيا المنطقة للحصول على الموارد والعمل القسري حتى أعاد هجوم الجيش الأحمر في عام 1943 منطقة دونباس إلى الاتحاد السوفيتي.

وبحلول عام 1959، كان هناك 2.5 مليون روسي يعيشون في دونباس، مما أدى إلى إصلاحات تعليمية ومحاولات للقضاء على اللغة الأوكرانية.

وفي الآونة الأخيرة، انهار الاقتصاد خلال التسعينيات حيث تصاعدت الانقسامات.

ومنذ ذلك الحين، سعي الأوكرانيين إلى توثيق العلاقات مع الغرب، مع استيلاء الانفصاليين الروس على المباني الحكومية الرئيسية وإعلان الجمهورية.

علاوة على ذلك، فإن التاريخ وراء ضم روسيا لشبه جزيرة القرم لا يخلو من الاضطرابات.

وومع تهديد حلف شمال الأطلسي بالتوسع في أوكرانيا بعد نشر أنظمة الصواريخ في بولندا ورومانيا على مسافة قريبة من المدن الروسية، اتخذ الرئيس فيلاديمير بوتين قرارًا يتعلق بالأمن القومي، بضم شبه جزيرة القرم.

كما أن سيفاستوبول، المدينة الساحلية في شبه جزيرة القرم، حيث يستقر أسطول البحر الأسود الروسي، هي ميناء استراتيجي يقوم بدوريات على طرق الشحن من روسيا ونهر الدون إلى تركيا وجنوب شرق أوروبا.

واستعادت روسيا شبه جزيرة القرم من ألمانيا في عام 1944، وبعد عقد من الزمان قام رئيس الوزراء السوفييتي نيكيتا خروتشوف بتسليم شبه جزيرة القرم إلى أوكرانيا، في ذكرى مرور 300 عام على ضم روسيا لأوكرانيا.

ومن المفهوم أن بوتين استعاد شبه جزيرة القرم وسكانها الناطقين بالروسية، حيث لن يسمح لقاعدة سيفاستوبول البحرية بالوقوع تحت سيطرة حلف شمال الأطلسي.

ويلفت التحليل إلى أن "الحرب الحالية في أوكرانيا تعد لحظة محورية أخرى في تاريخ طويل ومضطرب، ستتم إضافتها إلى قائمة طويلة من الصراعات الإقليمية التي أصبحت الآن تحتوي على العنصر العالمي الإضافي المتمثل في زحف حلف شمال الأطلسي (الناتو) مع قيام الغرب بقيادة الولايات المتحدة بإدخال نفسه في الصراع الذي أعقب ذلك".

ويتساءل التحليل: "ماذا تريد أوكرانيا ورئيسها فولوديمير زيلينسكي؟، وهل تريد سحب روسيا قواتها العسكرية من الأراضي الأوكرانية، وتسعى في الوقت نفسه للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وسط تأكيدات بأن روسيا لن تغزوها في المستقبل؟"

ويضيف كذلك متسائلا على الوجه المقابل: "ماذا تريد روسيا ورئيسها بوتين؟، وهل تريد ألا توجد أنظمة أسلحة هجومية أمريكية في دول شرق الناتو تهددها، والتي لا تختلف عن الصواريخ السوفيتية المنصوبة في كوبا وعلى بعد دقائق من السيطرة على المدن الأمريكية الكبرى؟".

ويتابع: "هل تريد ألا يكون هناك توسع لحلف الناتو ليشمل أوكرانيا، حيث سيطرق الحلف باب موسكو؟، وهل تريد معالجة رفاهية ومستقبل العرقية الروسية في جميع أنحاء دونباس والحفاظ على السيادة على شبه جزيرة القرم التي كانت تحت السيطرة الروسية منذ ما يقرب من عقد من الزمن، ولم تكن نقطة خلاف رئيسية قبل الحرب في أوكرانيا؟، وهل تريد أيضا رفع العقوبات المفروضة عن روسيا؟".

ويواصل التحليل تساؤلاته، ولكن هذه المرة عماذا تريده أوروبا في هذا الوقت من الصراع؟، وهل إنهاء هذه الحرب والعودة إلى قدر أكبر من السلام والأمن في القارة، والتغلب الخوف المستمر من استخدام الأسلحة النووية في المنطقة؟.

ويزيد: "أم تريد أوروبا التدفق الحر للطاقة من روسيا لتوفير احتياجاتهم، والتأكيدات بأن روسيا ليس لديها أي نوايا أخرى لتصعيد الحرب إلى دول الاتحاد الأوروبي المجاورة؟".

وعن الولايات المتحدة، تساءل التحليل: "ماذا يريد الرئيس الأمريكي جو بايدن؟، هل يريد توسع الناتو ليشمل أوكرانيا، أم يريد محاكمة بوتين وإزالته، وتدمير القوات الروسية، وهل هو على استعداد لإنفاق مئات المليارات من الدولارات لتمويل استمرار القتال حتى آخر صمود أوكراني".

وأمام ذلك يعلق التحليل: "ربما يكون من الافتراض بعض الشيء تقديم حلول لما يسعى إليه كل طرف".

هذه الحلول يلخصها التحليل في أنه "لا توجد عضوية في حلف شمال الأطلسي لأوكرانيا في المستقبل القريب، وستتم مراجعتها بعد 10 سنوات، إلا أن التحاقها فوري إذا قررت روسيا إعادة الغزو، فالعضوية ليست مستبعدة".

ومن الحلول أيضا، انسحاب كامل للقوات الروسية من الأراضي الأوكرانية الشرقية في دونباس، على أن يتم نشر قوة أمنية تابعة للأمم المتحدة، وتشرف على استفتاء إقليمي خلال 3 سنوات لتحديد ما إذا كان سكان دونباس يريدون البقاء في أوكرانيا أو أن يصبحوا جزءًا من روسيا.

ويضيف التحليل معددا الحلول: "لا بد من تلبية احتياجات أوروبا من الطاقة من خلال تخصيص نسبة من عائدات النفط والغاز الروسية كتعويضات لإعادة بناء البنية التحتية المدمرة في أوكرانيا".

ويتابع: "كما يجب إزالة أنظمة الصواريخ الهجومية في رومانيا وبولندا التي تواجه المدن الروسية في جداول زمنية منظمة، لتتزامن مع الاصطفاف الروسي في الحزمة الإجمالية".

ومن أهم الحلول أيضا، وفقا للتحليل، هو بذل جهد دولي لإعادة بناء أوكرانيا بقيادة فرنسا والسعودية واليابان وتركيا، مع إعطاء الأولوية لشحنات الحبوب والمواد الغذائية من الموانئ الأوكرانية، بما في ذلك الإشراف على تخفيض العقوبات ليتزامن مع انحياز روسيا وسلوكها.

وسيشمل ذلك، بالطبع وفق التحليل، إلغاء مذكرات الاعتقال الصادرة بحق بوتين، على أن تبقى شبه جزيرة القرم ضمن الأراضي الروسية.

وأمام هذه الحلول، يقول التحليل: "ينبغي لكل طرف أن يستفيد من المفاوضات، وعلينا أن نبين ما يمكن تحقيقه وما يمكن تجنبه".

ويضيف: "يمكن لكل من زيلينسكي وبوتين أن يخرجا بالانتصارات"، لافتا إلى أن "قادة هذا الصراع سوف يرحلون وحيدين، وربما محتقرين في التاريخ إذا لم يتمكنوا من الاتفاق على طريق للمضي قدماً".

ويتابع موجها حديثه لأطراف الصراع: "إن توبيخك وتهديدك وفضحك وتكرار موقفك النهائي دون فهم وجهة النظر المعاكسة، لن يوقف هذه الحرب".

ويشير التحليل إلى فشل زعماء العالم عندما سمحوا لهذا الصراع بالتصاعد والخروج عن نطاق السيطرة، لكن، "لا تزال لدينا الفرصة للتحرك قبل أن تخرج هذه الأزمة عن نطاق السيطرة، وتنتشر بشكل أكبر تحت تهديد الحرب النووية".

ويزيد: "ابقوا على نفس الطريق، ولن نكون إلا حمقى في التاريخ، وفشلاً كبيراً للجيل المقبل بسبب الألم والأموال المهدرة التي كان من الممكن تخصيصها لحلول تتعلق بالفقر والمجاعة والمحتاجين حقاً، في أسوأ الظروف مثل هذه".

ويحذر التحليل بالقول: "يمكننا أن نختار الاستمرار في استخدام كلماتنا اللاذعة كسلاح، وإغراق مسرح الحرب بالدمار الشامل، ومشاهدة الشباب والصبية وهم ينقعون التربة بدمائهم على مجاثمنا من بعيد".

قبل أن يضيف: "أو يمكننا نتقدم للأمام لرؤية الأشياء من خلال عدسات الجانب الآخر وفهم ما يريده كل جانب".

ويختتم التحليل بالقول: "لن يبدو من المعقول أن يخشى الناس أن يقولوا شيئًا معقولًا قبل أن تنهار البشرية جمعاء".

المصدر | مودرن دبلوماسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

روسيا أوكرانيا أوروبا بوتين زيلنيسكي الحرب الروسية الأوكرانية تصعيد

موسكو تشن هجوما كبيرا على أوديسا وكييف تعلن مقتل جنرال روسي بارز