رغم جهود تطويره.. هل يصنع التعليم في مصر التمييز الديني؟

الأحد 24 سبتمبر 2023 09:56 م

"يُعتبر تديين العملية التعليمية ومساحة الخطاب الإسلامي المحافظ داخل حجرات الدراسة من أبرز الانتقادات التي يتم توجيهها لنظام التعليم في مصر"؛ ما حول التعليم إلى "فضاء لصناعة التمييز الديني"، على الرغم من جهود التطوير، بحسب إسحاق إبراهيم في مقال بـ"معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط" (TIMEP).

إبراهيم أردف، في المقال الذي ترجمه "الخليج الجديد"، أن "السياسات التربوية المتعاقبة لوزارة التربية والتعليم، المشرفة على التعليم ما قبل الجامعي، مهدت الطريق لصبغ المناهج التعليمية والإدارة المدرسية بالتوجهات الإسلامية".

واعتبر أنه "تم إدراج الإسلام في كثير من جوانب التعليم العام، خصوصا مقررات التربية الدينية واللغة العربية والدراسات الاجتماعية، وبطريقة تحتفي بالقيم الإسلامية المحافظة على حساب معايير التعددية أو المعتقدات الدينية الأخرى، ناهيك عن دعم التمييز على أساس الدين".

ومنذ "إزاحة جماعة الإخوان المسلمين من سدة الحكم في 2013 (الإطاحة بمحمد مرسي أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا)"، تحدثت الحكومة مرارا عن "إدخال إصلاحات في مجال التعليم والبحث العلمي، كأحد آليات مكافحة التطرف الديني، ومنها القيام بحذف بعض الدروس التي تحرض على العنف الديني"، بحسب إبراهيم.

ولفت إلى أنه نظام التعليم العام، غير الأزهر، يدرس الطلاب المسيحيون مادة التربية الدينية المسيحية ويدرس الطلاب المسلمون مادة التربية الدينية الإسلامية، ولا يتم تدريس أي أديان أو معتقدات أخرى.

وأضاف أن "بعض المواد الأخرى، مثل مادتي اللغة العربية والدراسات الاجتماعية، تتضمن دروسا دينية يتخللها بعض النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، والتاريخ والتراث الإسلامي".

وتنص المادة الثانية في الباب الأول من الدستور الحالي (لعام 2014) على أن "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع"، فيما تنص المادة التالية على أن "مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية وشئونهم الدينية واختيار قياداتهم الروحية".

3 صفات أساسية

وحددت المادة 19 من الدستور أهداف التعليم، والذي جعلته حق لكل مواطن، ومن بينها "إرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز"، كما تابع إبراهيم.

وأردف أن "المقررات الدراسية الحالية تتسم بثلاث صفات أساسية، أولا تضمين المناهج التعليمية في مختلف المراحل الدراسية آيات قرآنية وأحاديث نبوية، يتم إجبار الطلاب من مختلف الأديان على مذاكرتها وحفظها والامتحان فيها، وتتضمن بعض هذه الدروس نصوصا تخالف عقائد غير المسلمين".

و"ثانيا: التأكيد على أن الإسلام هو المصدر الوحيد للفضائل والقيم الإيجابية، على النحو الذي يُظهر الديانات الأخرى وكأنها تحض على ارتكاب الشرور أو على أقل تقدير لا تتضمن ما يؤكد هذه الفضائل"، كما زعم.

أما الصفة الأخيرة، بحسب إيراهيم، فهي "التمييز على أساس الدين والتحريض ضد الآخر، فمثلا في كتاب التربية الدينية الإسلامية للصف الخامس الابتدائي، توجد وحدة بعنوان "جند الله" تتناول في سياقها الحديث عن استخدام الدين لتبرير حب الوطن والحديث عن حرب أكتوبر المجيدة لاسترداد سيناء، وهو أمر مقبول".

واستدرك:"لكن الدرس استند إلى ميراث ديني وتاريخي لليهود أثناء حياة نبي الإسلام محمد، وطردهم من المدينة، ليطلق تحذير من طبيعة اليهود الغادرة، وأوجه الشبه بين يهود المدينة المنورة الذين طردهم الرسول ويهود اليوم".

ممارسات تعليمية 

كذلك يتضمن المناخ التعليمي، كما زاد إبراهيم، "كثيرا من الممارسات التي تُرسخ التمييز على أساس الدين، من بينها تلاوة الآيات القرآنية في طابور الصباح في بداية اليوم الدراسي، وعدم وجود أماكن مخصصة لحصص الدين المسيحي".

وأضاف أن "الطلاب المسيحيون يجبرون على مغادرة الفصل في حصة الدين إلى فناء المدرسة، كما لا يوجد مدرسين مخصصين للتربية الدينية المسيحية، ويقوم بتدريسها مدرسو المواد الدراسية الأخرى، حيث لا يوجد في كليات التربية قسم لإعداد معلم التربية الدينية المسيحية".

إبراهيم قال إنه "تم إعداد وتأهيل قطاع واسع من المعلمين وتأهليهم من قِبل تيار الإسلام السياسي، الذي خطط منذ عقود لإعداد معلمين منتمين إليه، وتجنيدهم للعمل كمدرسين بمجرد تخرجهم".

واستطرد: "فجماعة الإخوان المسلمين، التي كانت أكثر التيارات نشاطا، كان مؤسسها حسن البنا يعمل مدرسا وأدرك منذ البداية أهمية التعليم في تنشئة الفرد المسلم والمجتمع المسلم، الذي يمهد لهيمنة الجماعة على الصعيدين الاجتماعي والسياسي"، على حد زعمه.

و"لا يمكن إنكار أن وزارة التربية والتعليم قامت بالكثير من التحسينات على المقررات الدراسية، وحذفت تلك التي تحض بشكل مباشر وصريح على العنف ضد المختلفين دينيا، لكن لا تزال الفلسفة القائمة على وضع المناهج تمييزية وتُعلي من شأن الإسلام وتتجاهل الأديان والمُعتقدات الأخرى"، كما أردف إبراهيم.

وشدد على أنه "من الضروري الحد من تديين المناهج وتقليل الخطاب الديني بها (...) وأن لا يتم اختصار مكافحة التطرف في حذف بعض الدروس، بل يجب أن تمتد إلى الإدارة والمعلمين والمناخ التعليمي".

واعتبر أنه لتحقيق هذا الوضع المأمول يجب "أن يكون ترسيخ ثقافة التعددية وقبول الآخر الديني من ضمن فلسلفة التعليم، وقد يكون إشراك المجتمع المدني في عملية الإصلاح أحد الحلول الناجعة".

المصدر | إسحاق إبراهيم/ معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر تعليم مدارس دين الإسلام تمييز