مخاوف من دور الإمارات.. موقع: هل تصبح فالكون "فاجنر مصر"؟

الأربعاء 11 أكتوبر 2023 10:50 ص

"هل تصبح فالكون فاجنر مصر؟".. بهذا السؤال ألقى تقرير نشره موقع "ميدل إيست مونيتور" الضوء على تصاعد دور شركة الحراسات الخاصة المصرية "فالكون"، خلال الفترة الماضية.

ويقول التقرير، الذي ترجمه "الخليج الجديد": "تتزايد الاحتمالات في مصر نحو صياغة أدوار جديدة، قد تكون مشبوهة، لشركة أمنية كبرى، لها علاقات بالحكومة وأجهزة الأمن والمخابرات، وسط مخاوف كبيرة من إسناد مهام قذرة وسرية إليها خلال الفترة المقبلة".

وثارت تساؤلات حول طبيعة مهام مجموعة "فالكون" للأمن والحراسة، التي أعلنت صراحة مشاركتها في حملة دعم وتأمين ولاية رئاسية ثالثة لرئيس البلاد الحالي عبدالفتاح السيسي.

وتابع بالقول: "تتزايد التساؤلات بسبب الغموض الذي يحيط بنشاط الشركة وآليات عملها وتشكيلاتها وحساباتها المالية والمهام الموكلة إليها وطبيعة المسؤولين عن إدارتها".

تصاعد الدور منذ انقلاب 2013

ورصد التقرير تصاعد دور "فالكون" بشدة منذ الانقلاب العسكري في يوليو/تموز 2013، رغم أنها موجودة بالبلاد منذ عام 2006، حيث لعبت دورا بارزا في قمع تظاهرات الجامعات المصرية ضد الانقلاب، واعتقال مئات الطلاب، بالإضافة إلى دورها في تأمين المرافق العامة والمطارات والأندية والسفارات الأجنبية والمسؤولين البارزين والفعاليات السياسية والرياضية والفنية.

وتعد "فالكون" الشركة الأكبر في المجال الأمني بالبلاد، حيث يبلغ إجمالي عقودها أكثر من ملياري جنيه مصري (حوالي 65 مليون دولار)، والأكثر تأثيرا، نظرا لوجود عدد كبير من جنرالات وضباط الجيش والمخابرات والشرطة المتقاعدين يشغلون مناصب عليا فيها.

ورئيس مجلس إدارة الشركة هو وكيل جهاز المخابرات الأسبق الفريق خالد شريف.

وبحسب مصدر مطلع تحدث إلى "ميدل إيست مونيتور"، شريطة عدم الكشف عن هويته، فإن الشركة غير مدرجة في البورصة، ولا تخضع لأي رقابة مالية أو قانونية، ولا يُعرف حجم أو طبيعة أنشطتها.

مواقف محورية غامضة

ويقول التقرير إن القراءة المتعمقة عن أربعة مواقف محورية هي الأبرز في تاريخ الشركة.

الأول هو الإعلان في أغسطس/آب 2014 عن إطلاق "قطاع الدعم والتدخل السريع" بحجة مواجهة الفلتان الأمني وأعمال الشغب، وهي المهام المنوطة أصلاً بوزارة الداخلية.

ويعني ذلك أن هناك جهازًا أمنيًا خاصًا موازيًا للشرطة، بالإضافة إلى منحه ترخيصًا يسمح له باستخدام السلاح، بحسب صحيفة "الشروق" المصرية.

ويتيح حق نشر قوات التدخل السريع لشركة "فالكون" نشر مجموعات مسلحة ومركبات ودراجات نارية في النقاط الأمنية المستهدفة، بالإضافة إلى زرع أجهزة التتبع والتجسس والمراقبة.

ويتعلق الوضع المحوري الثاني بتوفير الغطاء القانوني للشركة، من خلال صدور القانون رقم 86 لسنة 2015 بشأن شركات حراسة المنشآت وتحويل الأموال، والذي أتاح لها الحصول على تراخيص لعدة أنشطة.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2016، اتخذت المجموعة المثيرة للجدل خطوة محورية ثالثة، ولكن هذه المرة على بعد دولي، من خلال إقامة شراكات أمنية مع شركات روسية وأمريكية وبريطانية، كان أهمها توقيع عقد مع شركة STC، وهي واحدة من كبرى الشركات الروسية في مجال الأجهزة الأمنية، وبموجب العقد، أصبحت "فالكون"، الوكيل التجارى الوحيد للشركة الروسية بمصر.

وهناك أيضا عقد وقعته "فالكون" مع شركة "ريستريا" الإنجليزية لتدريب وتأهيل العاملين بالشركة، ثم وقعت عقدا مع شركة "رابيسكان" الأمريكية لتصبح الوكيل التجارى لها بمصر، وتصنيع بعض أجهزتها الأمنية.

صبري نخنوخ

لكن الإجراء المحوري الرابع يعتبر الأبرز والأكثر تأثيرا في تاريخ "فالكون"، وهو بيع الشركة لصبري نخنوخ، الذي سبق أن أدين بجرائم خطيرة، والذي حصل في مايو/أيار 2018 على عفو رئاسي من السيسي، بعد أن كان محكوما بالسجن 28 عاما بتهم التنمر وحيازة أسلحة ومخدرات.

وينص القانون المصري رقم 86 لسنة 2015 في شأن شركات حراسة المنشآت ونقل الأموال على أنه "يجب ألا يكون رؤساء وأعضاء شركات الأمن قد سبق الحكم عليهم بجناية أو جنحة وعقوبة سالبة للحرية، أو جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة، ما لم يتم إعادة تأهيلهم".

ولقب نخنوخ بالعديد من الألقاب، مثل "أمير البلطجية"، و"رئيس جمهورية البلطجية"، و"وزير الداخلية الموازي"، بحسب "إذاعة مونت كارلو الدولية"، التي عنونت تغطيتها للصفقة بـ"صبري نخنوخ، رئيس الجمهورية".

وكان نخنوخ يمتلك مكاتب لتوريد البلطجية والمخدرات والأسلحة في العاصمة القاهرة، وسبق أن استخدمها في تخريب المرافق العامة والسجون خلال ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 بهدف نشر الذعر في شوارع مصر.

وما زاد من الشك في الصفقة هو حقيقة أن المجموعة، التي تمتلك أكثر من 60% من سوق خدمات الحراسة والأمن في مصر، بيعت مقابل ثلاثة ملايين جنيه فقط (حوالي 97 ألف دولار) بالإضافة إلى تحمل ديون الشركة بقيمة 120 مليون جنيه إسترليني (حوالي 3.9 ملايين دولار).

تمصير "فاجنر"

ويعلق الموقع: "باتت الصفقة خطيرة للغاية، مع صدور تصريحات مثيرة للجدل للسيسي حول إمكانية تدمير مصر ونشر الفوضى في البلاد، حيث قال قبل أيام: "يمكنني أن أعطي ورقة ترامادول (مادة مخدرة) و1000 جنيه (حوالي 32 دولاراً) لـ100 ألف شخص ظروفهم صعبة وأرسلهم لمدة 10 أسابيع لتهيئة الوضع. أستطيع أن أدمر البلاد بمليار جنيه إسترليني (32 مليون دولار)".

وتكتمل الصورة بمجرد تحليل هذه الظروف والتصريحات بما يضع مصر أمام نموذج جديد يقوم على تمصير واستنساخ مجموعة "فاجنر" الروسية التي تضم آلاف المرتزقة وتنفذ عمليات قذرة في مناطق مختلفة حول العالم.

وينقل التقرير عن الخبير السياسي حمدي المصري قوله إن تولي نخنوخ رئاسة شركة "فالكون" يثير مخاوف كبيرة، فبعد أن كان مجندي الشركة من المتقاعدين من الجيش والعاملين بمواصفات ومعايير أمنية عالية، فمن ينضم لاحقا سيكون بلطجية.

ويضيف: "سيشرف هؤلاء البلطجية على تأمين مراكز الاقتراع في الانتخابات الرئاسية المقبلة، مما يمهد لأحداث عنف ضد من يشتبه في تصويتهم لأي مرشح معارض للسيسي".

وأشار المصري إلى أن هذه المهمة في الانتخابات ستكون جزءا من حق أوسع في نشر قوات التدخل السريع والمجموعات المسلحة في نقاط الارتكاز بحجة مواجهة الإرهاب بالتنسيق مع وزارة الداخلية.

بديلا للداخلية

وهذا يعني أنها ستكون بديلاً عن القوات الأمنية النظامية في مواجهة التظاهرات، وقد ترتكب انتهاكات لحقوق الإنسان، ما يعفي الوزارة المصرية من أي مسؤولية قانونية ودولية وانتقادات من الخارج.

وأضاف المصري أن تطور أنشطة الشركة وطبيعة توظيف أعضائها يثير مخاوف حقيقية من ظهور نسخة مصرية من مجموعة"فاجنر" الروسية في المدن المصرية، وهو ما قد يلفت انتباه الإمارات للعب دور في "فالكون" وتجنيدها خارج مصر، بعد تراجع قدرة قوات "الدعم السريع" في السودان على توفير مرتزقة لمثل هذه المهام، بعد صراعها مع الجيش السوداني.

ومما يثير القلق أن الذراع الإماراتي حاضر فعليا خلف الكواليس، مع استحواذ شركة "ألفا أوريكس المحدودة"، التابعة لهيئة أبوظبي للاستثمار، على 25% من أسهم البنك التجاري الدولي (CIB)، والأخير يعد مالكا لشركة "فالكون"، بالإضافة إلى شركاء آخرين.

المصدر | ميدل إيست مونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

فالكون صبري نخنوخ السيسي فاجنر