«نخنوخ».. أشهر بلطجية مصر خارج السجن بعفو رئاسي

الأحد 20 مايو 2018 03:05 ص

في 23 أغسطس/آب 2012، ألقت قوات الأمن المصرية، القبض على «صبري نخنوخ» في قصره الفخم، بمنطقة كينج مريوط غرب الإسكندرية (شمالي البلاد)، الذي يعيش فيه بين خمسة أسود، وستة من الكلاب المفترسة، ويخبِّئ داخله كميات كبيرة من الأسلحة المتنوعة الخفيفة والثقيلة، وكميات مماثلة من المخدرات بأنواعها المختلفة.

وفي 15 مايو/أيار 2018، أصدر الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي»، عفوا رئاسيا، بحق «نخنوخ»، ضمن 330 سجينا آخرين، ليثور الشارع المصري حول ماهية القرار الصادر وأدلة ومبررات العفو ضد أحد أبرز البلطجية في مصر، والصادر بحقه حكما بالسحن 28 عاما.

ويعد «صبري حلمي حنا نخنوخ»، أبرز البلطجية الذين لمعت أسماؤهم بقوة خلال انتخابات مجلس الشعب في 2010، ثم في أحداث الثورة، حيث لعب دورا كبيرا في عدم استقرار الأمن الداخلي خلال هذه الفترة، وكان له ولرجاله دور بارز في المظاهرات المعارضة للرئيس الأسبق «محمد مرسي»، قبيل الانقلاب عليه، وحرق مقرات الإخوان وحزب «الحرية والعدالة»، وقتل المتظاهرين وترويع الآمنين وقطع الطرق وسرقة السيارات، ومحاولة اقتحام السفارة الأمريكية.

وصفه أحد المطربين وهو سعد الصغير بـ«وزير الداخلية»، حين قال في حفل زفاف كان يحيه قبل ثورة يناير/كانون الثاني 2011: «وزير داخلية مصر اسمه حبيب العادلي.. احنا بقى وزير داخليتنا.. صبري باشا نخنوخ».

وأثار «نخنوخ» الضجة والجدل، من جديد، في الصحف ووسائل الإعلام وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، إثر صدور العفو الرئاسي بحقه، رغم كونه يقضي عقوبة بالسجن المؤبد، بعد إدانته بتهمة بتهمة حيازة الأسلحة وتعاطي المخدرات.

حياة غامضة

سيرة «نخنوخ» وتفاصيل حياته يحيط بها الغموض، وما يردده أنصاره وخصومه من حكايات، أضفى عليه رداء أسطوريا، حتى أن وسائل الإعلام المصرية، وصفته بأنه «قائد أكبر جيش من البلطجية في مصر»، حتى أطلق عليه الناس ألقابا عديدة مثل «أسطورة البلطجة في مصر»، و«مدير العالم السفلي»، و«وزير الداخلية الموازي».

لمع نجم «نخنوخ»، الذي ولد عام 1963، منذ عام ألفين، حيث زود السلطات الأمنية بالأعداد اللازمة من البلطجية للسيطرة على مكاتب الاقتراع في الانتخابات وتزوير النتائج، حسب ما أكد مراقبون.

وكان «نخنوخ»، على تعاون وثيق مع أجهزة الشرطة في عهد الرئيس الأسبق «حسني مبارك» (أطاحت به ثورة شعبية في 2011)، حتى أن البعض يحمله مسؤولية الكثير من الأحداث الدامية بدء من تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية، وحتى مذبحة ماسبيرو، مرورا بموقعة الجمل، ومذبحة استاد بورسعيد، حسب «أ ف ب».

وقالت أجهزة الإعلام المصرية، في ذلك الوقت، إنه كان يملك مكاتب لإدارة شبكة واسعة من البلطجية في مناطق البساتين والمهندسين والهرم وفيصل، وإنه جمع ثروة طائلة من فرض الإتاوات على أصحاب المحلات، وتأجير بعض المحال التجارية في منطقتي الهرم والمهندسين، وحماية الكازينوهات والكباريهات.

المؤكد، أيضا، أنه كان يتمتع بعلاقات قوية مع عدد النجوم، حيث رددت وسائل الإعلام أسماء نجوم مثل «أحمد السقا»، و«أحمد رزق»، و«ماجد المهندس»، و«سعد الصغير»، ونجم منتخب مصر «محمد زيدان».

الدور الأبرز لـ«نخنوخ» كان في الاعتصامات التي شهدها ميدان التحرير (وسط القاهرة) في الفترة من فبراير/شباط وحتى أبريل/نيسان 2012، وهي الاعتصامات التي كان يقودها البلطجية التابعون له تحت لافتة الثوار، وحاولوا خلالها اقتحام مبنى وزارة الداخلية، لمنع لجنة تقصي الحقائق التي شكلها برلمان الثورة للوقوف على أسباب عدم قيام ضباط الشرطة بواجبهم في حماية المنشآت وفرض الأمن، وهو الاقتحام الذي كان الهدف منه إحراج البرلمان وإظهاره بمظهر العاجز عن ضبط الأمور في مصر باعتباره السلطة الشرعية الوحيدة في البلاد وقتها.

قصر مترسن

ومع ارتباط اسمه بالدفاع عن نظام «مبارك»، وتورطه في قمع الثوار، دفع القيادي الإخواني «محمد البلتاجي»، للحديث عنه مباشرة في أحد الأحاديث التليفزيونية، متسائلا عن أسباب غض الطرف عن نشاطاته.

وذلك قبل أن يقدم بلاغا دعا فيه وزير الداخلية آنذاك «أحمد جمال الدين»، للقبض على «أكبر مورد للبلطجية في مصر».

وبالفعل تم القبض عليه في مسكنه الخاص والذي حوله لثكنة عسكرية بمحافظة الإسكندرية.

ويعزز القصر الفخم الذي يعيش فيه، الأسطورة حول الرجل، حيث وصفته محاضر التحقيق بترسانة قوية يصعب الاقتراب منها، يحيط بها سور ارتفاعه 3.5 متر، وله بوابه رئيسية من الحديد بارتفاع 4 أمتار، بها 3 شبابيك ضيقة تشبه فتحات خاصة لإطلاق الرصاص، مع أجهزة مراقبة بالكاميرات.

ووجد رجال الأمن في حديقة القصر أقفاصا بها 6 كلاب حراسة كبيرة، كما وجدوا في أقفاص أخرى 5 أسود، إلى جانب الكثير من الحيوانات الأليفة مثل نعامة وقرود وأنواع من الغزلان، وعشرة كلاب أخرى من أنواع مختلفة.

ويتألف القصر من ثلاثة مبان، يحتوي أحدهم على صالة ديسكو كاملة.

مسار قضائي

وبعد حبسه احتياطيا لمدة أسبوع واحد، أنكر «نخنوخ» كافة الاتهامات الموجهة إليه، مؤكدا أنه يمتلك شركة للتجارة في الأراضي والعقارات، وأخرى للتجارة في الأدوات الزراعية، وأحالته نيابة غرب الإسكندرية إلى المحاكمة الجنائية، في سبتمبر/أيلول 2012 بتهمة حيازة الأسلحة وتعاطي المخدرات.

وتم سجن «نخنوخ»، في سجن ليمان طرة (جنوبي القاهرة)، إلا أنه بعد أقل من عام على حبسه تم اعتقال «البلتاجي» في نفس السجن، وكان الطلب الوحيد لـ«نخنوخ» أن يحبس معه «البلتاجي» لينتقم منه، وهو ما رفضت الداخلية تنفيذه.

في مايو/أيار 2013، أصدرت محكمة جنايات الإسكندرية حكما بإدانة «نخنوخ» بالسجن المؤبد، التزاما بالقانون (6) لسنة 2012 بتعديل بعض أحكام قانون الأسلحة والذخائر، والذي كان يمنع القاضي من استخدام قواعد الرأفة المبينة في المادة 17 من قانون الأسلحة والذخائر، في جرائم حيازة الأسلحة النارية، ويلزم القاضي بتوقيع أقسى عقوبة على المتهم.

وكانت المحكمة راغبة في استخدام الرأفة مع «نخنوخ»، فناشدت المشرع في نهاية حكمها بتعديل هذا القانون «وإعادة السلطة التقديرية للقاضى في استخدام قواعد الرأفة المبينة بها، حتى لا يضحى محض آلة إليكترونية مطبقة لظاهر النص دونما مراعاة لروح العدالة، ودونما حسبان لسلطته في التقدير، سيما وأن هناك من جرائم ما هو أخطر وأشد جسامة مثل جرائم القتل العمد بكافة ظروفه المشددة، أجاز فيها المشرع للقاضي استخدام المادة (17) في النزول بالعقوبة درجة أو درجتين، كما أن الحالة الاستثنائية التي دعت لوضع هذا التعديل المعيب في ظل وجود المجلس الأعلى للقوات المسلحة، قد زالت بانتخاب رئيس للجمهورية ومجلس نيابي»، بحسب نص الحكم.

وفي 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، أصدرت محكمة النقض، حكما باتا غير قابل للطعن بتأييد عقوبة السجن المؤبد لـ«نخنوخ»، وغرامة 10 آلاف جنيه (562 دولارا أمريكيا)، وفقا للقانون (6) لسنة 2012 ذاته.

وبعد صدور حكم النقض بخمسة أيام، أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكما بعدم دستورية القانون 6 لسنة 2012 الذي عوقب «نخنوخ» على أساسه بالسجن المؤبد.

وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إن ذلك القانون «يقيد السلطة التقديرية للقاضي، ويحرمه من إمكانية تفريد العقوبة التي هي جوهر العمل القضائي».

وبذلك فُتحت نافذة الأمل لـ«نخنوخ» للطعن على حكم النقض أمام الدستورية ففعل، حسب صحيفة «الشروق».

وفي 6 فبراير/شباط 2016، قبلت المحكمة الدستورية العليا دعوى «نخنوخ»، وحكمت بعدم الاعتداد بحكم محكمة النقض، باعتباره مناقضا لحكمها السابق بعدم دستورية القانون (6) لسنة 2012.

أرست المحكمة الدستورية في ذلك الحكم مبدأ جديدا بعدم الاعتداد بالأحكام الجنائية الباتة المبنية على نصوص قانونية، قضت المحكمة الدستورية بعدم دستوريتها، استنادا إلى المادة (49) من قانون المحكمة التي تنص على أن الأحكام التي صدرت بالإدانة استنادا إلى نص جنائى قضى بعدم دستوريته تعتبر كأن لم تكن والمذكرة الإيضاحية للقانون التي جاء بها أنه إذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقا بنص جنائى فإن جميع الأحكام التي صدرت بالإدانة استنادا إلى ذلك النص تعتبر كأن لم تكن حتى ولو كانت أحكاما باتة.

وبناء على حكم الدستورية، عاد ملف «نخنوخ» إلى النائب العام ليتصرف فيه من جديد، وكأنه يتلقاه لأول مرة، بعدما تم إلغاء حكم الإدانة.

وخلال أبريل/نيسان الماضي؛ أحيلت القضية لدائرة بمحكمة جنايات الإسكندرية (شمال) لإعادة نظرها من جديد، لكن المتهم لم يلبث، وأن استفاد بقرار العفو الرئاسي.

وينهي قرار العفو الصادر من «السيسي»، جميع الإجراءات القضائية التي بدأت لإعادة محاكمة «نخنوخ»، كما ينهي جميع الإجراءات التي كان يتخذها هو لإلغاء آثار حكم الإدانة الصادر ضده.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

عفو رئاسي بلطجة صبري نخنوخ مصر البلتاجي بلطجية

مصر.. أمير البلطجية نخنوخ يقيم زفافه متجاهلا إجراءات كورونا

سفاح دمياط المصرية يثير رعبا.. بلطجي يمزق جسد جاره ووالدته أمام المارة

اعتداءات وفوضى بعد تجديد الثقة في نقيب مهندسي مصر.. ماذا قال الناشطون؟

أشهر بلطجية مصر يشتري شركة تأمين سفارتي السعودية والكويت

مخاوف من دور الإمارات.. موقع: هل تصبح فالكون "فاجنر مصر"؟