وقائع مريعة.. الجارديان: عمليات إتجار بالبشر في مستودعات أمازون بالسعودية

الأربعاء 11 أكتوبر 2023 01:27 م

روت صحيفة "الجارديان" البريطانية وقائع مروعة تعكس المعاناة الكبيرة لعمال آسيويين، لا سيما من نيبال، في مستودعات شركة "أمازون" الأمريكية في السعودية، وهي المعاناة التي وصفتها منظمات حقوقية دولية بأنها "إتجار بالبشر"، حيث جلب وسطاء توظيف، بينهم سعوديون، مئات العمال للعمل في ظروف مريعة داخل مستودعات الشركة في الرياض وجدة.

وقال تقرير "الجارديان"، والذي ترجمه "الخليج الجديد"، إن هؤلاء العمال دفعوا مبالغ كبيرة لوسطاء التوظيف من أجل القدوم، تجاوزت 2500 دولار للفرد، حيث كانوا يمنون النفس بمميزات العمل لدى "أمازون"، باعتبارها واحدة من أكبر الشركات في العالم، لكنهم فوجئوا بأنهم لا يعملون مع "أمازون" مباشرة، بل تحت سلطة وسطاء لا يعطونهم أجورهم ويضعونهم بأماكن إيواء وقذرة، ويفصلونهم من أعمالهم على أتفه الأسباب.

وحتى بعد أن يتم فصلهم ويصبحوا عاطلين، لا يتمكنون من الخروج من السعودية والعودة إلى بلادهم، بسبب قوانين العمل في المملكة التي تعطي رب العمل صلاحيات واسعة، بما فيها فرض غرامات باهظة لكي يسمح للعامل بالخروج قبل انتهاء مدته.

مكان موبوء بالصراصير

وينقل التقرير عن مواطن نيبالي يعمل في مخازن "أمازون" بالسعودية، ويدعى مومتج منصور، أنه يشعر وكأنه سجين  في ملجأ موبوء بالصراصير، منذ مجيئه إلى الرياض في 2021.

ويقول إنه بدلاً من وظيفة أحلامه في "أمازون"، وجد أجراً منخفضاً وبؤساً.

ويقول إن مديري "أمازون" في المستودعات كانوا يوبخونه باستمرار، حيث كانوا يعتقدن أنه بطيء في العمل، حتى عندما كان يتنقل بسرعة عبر مستودع كبير من طابقين، ويحصل على أجهزة iPhone وغيرها من العناصر التي طلبها العملاء في جميع المملكة.

ثم في مايو/أيار 2022، كما يقول، تم تسريحه هو والعديد من زملائه النيباليين فجأة من وظائفهم.

ويردف: كنا على بعد 2400 ميل من المنزل دون أي أجر وقليل من الطعام.

ويقول منصور إنه ناشد شركة توريد العمالة السعودية التي عقدت عقود عملهم ووضعتهم في ما يمكن اعتباره وظائف مؤقتة في "أمازون" قائلا: إذا لم يكن هناك المزيد من العمل، دعونا نعود إلى نيبال.

خيارات مريرة

ويقول إن الشركة السعودية التي وظفته وضعته بين خيارين كلاهما مر، الأول يقضي بالبقاء عاطلا عن العمل في مكان إيواء يعتبره "مثل الجحيم"، أو يمكنه أن يطلب من أسرته في نيبال، والتي تعيش في حالة من الفقر المدقع، بدفع رسوم خروج بقيمة 1300 دولار، وهي عقوبة المغادرة قبل انتهاء عقده.

ويقول منصور: "قلت لهم: إما أن تقتلونا أو تعيدونا إلى بيوتنا، لكن لا تسببوا لنا الكثير من الألم".

تضليل

وتقول "الجارديان" إن 48 من أصل 54 عاملاً نيباليًا تمت مقابلتهم في هذه القصة إن مسؤولي التوظيف ضللوهم بشأن شروط توظيفهم، ووعدوهم كذبًا بأنهم سيعملون مباشرة لدى "أمازون".

وتحدث التقرير عن  شركة معروفة بأنها تتبع "عبدالله فهد المطيري" - وهي شركة سعودية لتوريد العمالة تستفيد من بيع العمالة إلى أمازون وغيرها من الشركات الكبرى

ويقول الـ 54 جميعهم إنهم مطالبون بدفع رسوم تجنيد - تتراوح بين 830 دولارًا تقريبًا إلى 2300 دولار - وهي رسوم تتجاوز بكثير ما تسمح به حكومة نيبال وتتعارض مع المعايير الأمريكية ومعايير الأمم المتحدة.

ويقول هؤلاء العمال إنهم خلال فترة وجودهم في السعودية، حصلوا على جزء صغير مما يكسبه الموظفون المباشرون في مستودعات "أمازون" السعودية، لأن شركات توريد العمالة كانت تحصل على تخفيضات كبيرة مما كانت تدفعه أمازون مقابل عمالهم.

ويقول بعض العمال إنه بعد أن تم تسريحهم من العمل في "أمازون"، سعت شركة توريد العمالة الخاصة بهم إلى الحصول على المزيد من الأموال منهم، مستفيدة من القوانين السعودية التي تمنح أصحاب العمل صلاحيات واسعة للسيطرة على حرية حركة العمال الأجانب.

ويقول العمال إنه بمجرد طردهم أو تسريحهم، تبدأ محنة جديدة، حيث يُطردون من المساكن المخصصة للعاملين في "أمازون"، ويُنقلون إلى مساكن أسوأ مخصصة لأولئك الذين ليس لديهم وظائف، ولا يحصلون على أي أجر أو بدل طعام، ويقولون إن العديد منهم يعانون لأسابيع أو أشهر في انتظار أن يعيدهم المطيري إلى أمازون أو أي شركة أخرى.

إتجار بالبشر

وتعتبر "الجارديان" أن شهادات العاملين - التي كانت موثقة بالصور ومقاطع الفيديو ومئات المستندات، بما في ذلك جوازات السفر وعقود العمل وتذاكر السفر ووثائق الوصول وشارات معرف "أمازون" وقسائم الدفع وتصاريح العمل والسجلات الطبية ولقطات شاشة لرسائل الدردشة الداخلية – تصف معاناة تندرج تحت بند الإتجار بالعمالة (البشر) بموجب القانون الأمريكي ومعايير الأمم المتحدة، بما في ذلك إخضاع العمال لظروف عمل ومعيشة مسيئة، وتقييد حركتهم، وتقديم وعود كاذبة بشأن الأجور وظروف العمل وهوية صاحب العمل.

"أمازون" ترد

وفي رد مكتوب على "الجارديان"، أقرت "أمازون" بأن بعض العاملين في منشآتها السعودية تعرضوا لسوء المعاملة.

وقالت الشركة الأمريكية إن "توفير ظروف عمل آمنة وصحية وعادلة هو أحد متطلبات ممارسة الأعمال التجارية مع أمازون في كل بلد نعمل فيه، ونحن نشعر بالقلق العميق من أن بعض العاملين المتعاقدين لدينا في المملكة العربية السعودية لم يعاملوا بالمعايير التي وضعناها".

وتابع البيان: "إنهم يستحقون ما يستحقونه من الكرامة والاحترام.. نحن نقدر استعدادهم للتقدم والإبلاغ عن تجربتهم."

وأوضحت "أمازون" أنها ستتأكد من أن العمال الذين دفعوا رسوم التوظيف سيستعيدون أموالهم.

وأضافت الشركة أنها "تطبق ضوابط أقوى"لضمان عدم وقوع حوادث مماثلة ولرفع المعايير العامة للعاملين في المنطقة". ويشمل ذلك "توفير تدريبات معززة لموردينا الخارجيين حول معايير حقوق العمل مع التركيز بشكل خاص على التوظيف والأجور والخداع".

المصدر | الجارديان - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

أمازون إتجار بالبشر أمازون السعودية عمالة