ستراتفور: هكذا يوازن الأردن بين انتقاد إسرائيل والسلام معها خلال حرب غزة

الجمعة 3 نوفمبر 2023 07:54 ص

سلط مركز "ستراتفور" الضوء على موقف الأردن من العدوان الإسرائيلي الوحشي على الأراضي الفلسطينية المحتلة، خاصة قطاع غزة، مستبعدا إلغائه لمعاهدة السلام مع إسرائيل رغم إعلان استدعاء السفير الأردني بالدولة العبرية، احتجاجا على مجازر الاحتلال في قطاع غزة، وتعليق عودة السفير الإسرائيلي إلى عمان.

وذكر المركز، في تقدير ترجمه "الخليج الجديد"، أن استدعاء السفير يمثل أحدث الأمثلة على تدهور العلاقات بين إسرائيل والأردن بسبب الحرب، ففي اليوم السابق للاستدعاء شن الجيش الإسرائيلي سلسلة من الغارات الجوية على أهداف في مخيم للاجئين في غزة، أسفرت عن مقتل أكثر من 50 شخصا، بينهم مدنيون.

كما قامت دول أخرى، مثل بوليفيا وكولومبيا، بسحب سفرائها من إسرائيل احتجاجًا على الغارات الإسرائيلية على المخيم وتدهور الوضع الإنساني في قطاع غزة.

ويرجح "ستراتفور" أن يحافظ الأردن على موقفه المؤيد للفلسطينيين من أجل استرضاء شعبه، على الرغم من التأثيرات السلبية على العلاقة مع إسرائيل، مشيرا إلى أن 3 ملايين شخص من أصل فلسطيني يعيشون في الأردن، الذي يضم أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين في العالم.

 ولمنع الاضطرابات التي لا يمكن السيطرة عليها، ستواصل الحكومة الأردنية الدعوة إلى وضع حد للهجمات الإسرائيلية على غزة وستنتقد بشدة عدد القتلى المدنيين، وستحاول الاستفادة من علاقتها مع الولايات المتحدة للضغط على إسرائيل لوقف تصعيد الهجمات التي تلحق الضرر بالمدنيين في غزة والضفة الغربية.

واقترح الأردن قرارا للأمم المتحدة يدعو إلى هدنة إنسانية للحرب، ورغم صدور القرار في 27 أكتوبر/تشرين الأول، إلا أن إسرائيل والولايات المتحدة، الحليف الرئيسي للأردن، صوتتا ضده، ما يدل على مصالحهما المتباينة.

وإضافة لذلك، عقد الأردن ومصر والسلطة الفلسطينية، التي تحكم الضفة الغربية "اسميا"، قمة بالقاهرة، في 21 أكتوبر/تشرين الأول، دعت إلى إنهاء الحرب بين إسرائيل وحماس وبذل الجهود لمنع تهجير الفلسطينيين. وفي اليوم نفسه، قام مجلس الأمن القومي الإسرائيلي بإثناء الإسرائيليين عن السفر إلى الأردن وسط مخاوف أمنية في أعقاب الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل هناك.

وحاول المتظاهرون في الأردن اقتحام السفارة الإسرائيلية في عمان بعد قصف مستشفى الأهلي المعمداني في غزة يوم 17 أكتوبر/تشرين الأول، لكن الشرطة الأردنية فرقتهم بالغاز المسيل للدموع.

خلال احتجاج 13 تشرين الأول/أكتوبر في عمان، دعا المتظاهرون الأردنيون إلى إغلاق السفارة الإسرائيلية وإنهاء معاهدة السلام مع إسرائيل عام 1994، وذلك في أعقاب استطلاع أجراه معهد واشنطن في أبريل/نيسان الماضي، خلص فيه 85% من الأردنيين إلى أن اتفاقيات إبراهيم ستؤثر "سلبًا إلى حد ما" أو "للغاية" على المنطقة.

وإلى جانب هذه السياسة الخارجية المؤيدة للفلسطينيين، سيعمل الأردن على تعزيز الأمن الداخلي لردع امتداد العنف من الضفة الغربية، فمنذ أن بدأت الحرب ارتفع العنف في الضفة بشكل ملحوظ، ويعمل الأردن على زيادة أمن حدوده للمساعدة في منع هذا العنف من الامتداد إلى أراضيه، وكذلك لمنع الأردنيين المؤيدين للفلسطينيين من العبور إلى الضفة الغربية للقتال من أجل الفلسطينيين.

مكافحة التطرف

وبحسب ستراتفور، فإن الأردن يعمل أيضًا على زيادة تواجده الأمني الداخلي من خلال النشر الاستباقي لقوات الأمن ومبادرات مكافحة التطرف للتخفيف من خطر تغذية الحرب بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية للتطرف بين الأردنيين.

وأشار إلى أن هذا الخطر سيزداد إذا أصدر تنظيم الدولة دعوة للعمل ضد الدول التي قامت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وحتى لو لم يستلهموا نموذج تنظيم الدولة، فإن بعض الأردنيين المؤيدين للفلسطينيين قد يشكلون تهديدًا عنيفًا، لا سيما إذا أدت العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى مزيد من الهجمات التي تلحق إصابات جماعية ضد المدنيين الفلسطينيين على غرار الغارات الجوية التي وقعت في 31 أكتوبر/تشرين الأول.

وفي هذا السيناريو، قد يرتكب بعض الأردنيين أعمال عنف انتقامية ضد أهداف حكومية إسرائيلية أو غربية أو حتى أردنية. وقد أبلغت الأمم المتحدة عن ارتفاع مستوى العنف في الضفة الغربية منذ عملية "طوفان الأقصى"، التذ نفذتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر/تشرين الأول، حيث قتلت القوات الإسرائيلية والمستوطنون أكثر من 100 فلسطيني.

  وطلب الأردن من الولايات المتحدة نشر نظام صواريخ باتريوت للدفاع الجوي المتقدم بالقرب من حدوده مع إسرائيل وسط مخاوف من سقوط صواريخ باليستية خاطئة على الأراضي الأردنية.

وفرقت شرطة مكافحة الشغب الأردنية احتجاجا في 13 أكتوبر/تشرين الأول حاول خلاله مئات الأردنيين العبور إلى إسرائيل.

وهنا يشير "ستراتفور" إلى أن آخر هجوم إرهابي كبير في الأردن وقع في عام 2019، عندما قام مصطفى أبو رويس، وهو مواطن أردني من أصل فلسطيني، بطعن 8 أفراد، بينهم 4 سياح، بعد أن تحول إلى التطرف بسبب أيديولوجية تنظيم الدولة.

ومنذ ذلك الحين، تقوم قوات الأمن الأردنية دوريا باعتقال أفراد وخلايا صغيرة متهمة بالتخطيط لهجمات.

وعلى الرغم من تدهور العلاقات بين إسرائيل والأردن، يرجح "ستراتفور" عمل الأردن للحفاظ على معاهدة السلام التي أبرمها مع إسرائيل عام 1994، على الرغم من أن عمان ستسمح على الأرجح ببعض الأعمال الانتقامية على نطاق أصغر رداً على تصرفات إسرائيل.

لكن من غير المرجح، بحسب تقدير "ستراتفور"، أن ينتهك الأردن معاهدة السلام مع إسرائيل بسبب الحرب في غزة، لأن القيام بذلك من شأنه أن يلغي التعاون في مجال أمن الحدود وإمدادات الطاقة والعلاقات الاقتصادية الأوسع.

وإضافة لذلك، اشترطت الولايات المتحدة ضمنيًا، في تقديم المساعدات الخارجية الكبيرة والتعاون العسكري، دور الأردن في حفظ السلام وتحقيق الاستقرار في المنطقة، ولذا فمن المرجح أن تستمر عمان في الالتزام بمعاهدة السلام.

ومع ذلك، يرجح "ستراتفور"، في الوقت ذاته، أن تسمح الحكومة الأردنية للمواطنين بالاحتجاج على تصرفات إسرائيل بطرق صغيرة وغير عنيفة، منها حملات وسائل التواصل الاجتماعي الشعبية في الأردن لدعم "المنتج المحلي"، والتي تشجع الأردنيين على مقاطعة المنتجات الغربية، بسبب دعم الحكومات الغربية لإسرائيل.

ورغم أن المقاطعة والاحتجاجات من المرجح أن تزيد من توتر علاقة الأردن مع إسرائيل، فمن غير المرجح أن تتسبب هذه الإجراءات في ضرر دائم من شأنه أن ينتهك المساعي التعاونية بين البلدين، بحسب تقدير "ستراتفور"، مشيرا إلى أن إسرائيل هي تاسع أكبر شريك للأردن في الواردات، إذ يعتمد الأردن بشكل كبير على إسرائيل في الحصول على الغاز والمياه.

المصدر | ستراتفور/ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إسرائيل غزة الأردن السلام الضفة الغربية المقاومة الفلسطينية

بتنسيق مع إسرائيل.. الأردن يعلن إنزال مساعدات طبية عاجلة جوًا لمستشفى في غزة