معهد واشنطن: سلم تصعيد ثلاثي لحزب الله بمواجهة إسرائيل

الجمعة 3 نوفمبر 2023 01:51 م

سلط مدير برنامج "جانيت وإيلي راينهارد" لمكافحة الإرهاب في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، ماثيو ليفيت، الضوء على سلم التصعيد الذي اتبعه حزب الله اللبناني منذ تنفيذ المقاومة الفلسطينية لعملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مشيرا إلى أن هجمات المقاومة اللبنانية كشفت عن نمط مما سماه "التصعيد المنضبط".

وذكر ليفيت، في تحليل نشره موقع المعهد وترجمه "الخليج الجديد"، أن حزب الله حرص على محاربة إسرائيل، لكنه يشعر بالقلق من تأثير مثل هذه الحرب على لبنان، ولذا قصر هجماته بالصواريخ والطائرات المسيرة على أهداف عسكرية في الغالب، وعلى بعد حوالي ميل واحد من الخط الأزرق الذي يرسم الحدود الإسرائيلية اللبنانية.

وأشار ليفيت إلى أن أسلوب حزب الله كان مثارا للأغاني التي تسخر من هجمات ينفذها، وتستهدف أبراج الاتصالات الإسرائيلية باعتبارها مساهمات متواضعة في المجهود الحربي.

تغيير قواعد اللعبة

وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية على الأقل، كان حزب الله يحاول ببطء تحريك أهدافه بشأن القواعد غير الرسمية طويلة الأمد التي تحكم الهجمات بين الجماعة الشيعية المتمركزة في لبنان وإسرائيل. وكانت الخطوط الحمراء السابقة لحزب الله تقضي بأنه لن يشن هجوماً مباشراً على إسرائيل إلا إذا شنت هي هجمات على الأراضي اللبنانية أو قتلت عناصر من حزب الله في لبنان أو في الخارج.

ولكن على مدى السنوات القليلة الماضية، أعاد حزب الله رسم خطوطه الحمراء في محاولة لضرب إسرائيل بطرق لا تثير رد فعل إسرائيلي شرس، بحسب ليفيت، مشيرا إلى إطلاق الحزب طائرة مسيرة على منصة غاز كاريش البحرية في يوليو/تموز 2022، وتسلل أحد عناصره على مسافة 60 كيلومتراً داخل إسرائيل في مارس/آذار 2023.

إن نجاح حزب الله في توسيع قواعد اللعبة من خلال عمليات جديدة استهدفت إسرائيل قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول، شجعه على التصرف بشراسة قدر المستطاع دون تكبد رد فعل واسع النطاق، مما يؤدي إلى حرب واسعة.

وفي حقبة الشرق الأوسط ما بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، يتطلع حزب الله إلى إعادة كتابة القواعد مرة أخرى وإعادة رسم خطوطه الحمراء بينما يصعد نشاطه على طول الحدود الشمالية لإسرائيل.

قواعد زمن الحرب

وفي تقييم الأسابيع القليلة الأولى من العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة، يرى المسؤولون العسكريون الإسرائيليون أن حزب الله "مرتدع" إلى حد كبير عن الانخراط في تصعيد واسع النطاق، لكنه ملتزم بإظهار الدعم لحماس من خلال مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية عبر الحدود والسماح لمجموعات أخرى بمهاجمة إسرائيل من المناطق التي يسيطر عليها حزب الله في جنوب لبنان.

ومع ذلك، لا تزال السلطات الإسرائيلية تشعر بالقلق من أن يتسلق الحزب بسرعة سلم تصعيد منظم يمثل أكبر تهديد لإسرائيل هذه المرحلة من الصراع.

واستنادًا إلى تحليل أولي لتقارير الجيش الإسرائيلي التي تغطي الحدود الشمالية، حتى 2 نوفمبر/تشرين الثاني، شن حزب الله وحماس وجماعات مسلحة أخرى حوالي 88 هجومًا ضد إسرائيل من لبنان وسوريا، بما في ذلك الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات، ونيران الصواريخ وقذائف الهاون، وطائرات مسيرة.

ويقدر الجيش الإسرائيلي أن قواعد اللعبة الجديدة لحزب الله في زمن الحرب تنطوي على سلم تصعيد ثلاثي المستويات، وأن احتمال سوء التقدير، أو الهجوم الذي يصيب هدفا حساسا عن طريق الخطأ، لا يزال مرتفعا بشكل خطير.

وحتى الآن، تمسك حزب الله بالمستوى الأول من استراتيجيته، التي تتضمن استهداف مواقع عسكرية، وليس مدنية، في شمال إسرائيل، على بعد حوالي ميل واحد من الخط الأزرق.

وفي حالات قليلة، أصيبت أهداف مدنية، مثل المركبات الخاصة الفارغة، بصواريخ حزب الله، لكن السلطات الإسرائيلية تقدر أنها كانت ضربات خاطئة، وليست استهدافًا متعمدًا للمدنيين.

ولا يرجح ليفيت أن يتعرض المدنيون للأذى في مثل هذه الهجمات، حيث قامت إسرائيل بإخلاء 42 تجمعاً سكانياً في الشمال، بما في ذلك مدينة كريات شمونة، مشيرا إلى أن نيران حزب الله استهدفت تقريباً كل موقع للجيش الإسرائيلي على طول الخط الأزرق، وغالباً أكثر من مرة.

وظهرت الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات بشكل كبير في هجمات حزب الله حتى الآن، لكنها أسلحة قصيرة المدى تكون فعالة فقط عندما يتم إطلاقها ضمن خط رؤية واضح لهدفها.

وحتى الآن، أعلنت حماس، وليس حزب الله، مسؤوليتها عن الهجمات التي استهدفت كريات شمونة. ومن خلال السماح بمثل هذه الهجمات، وتسهيلها على الأرجح، والتي تنفذها مجموعات أخرى وتعلن مسؤوليتها عنها، يأمل حزب الله في الحد من طبيعة الرد الإسرائيلي.

وبحسب ليفيت، فإن الحملة الموسعة لحزب الله (المستوى الثاني) يمكن أن تشمل القصف على مسافة 3 إلى 5 أميال داخل الأراضي الإسرائيلية، بدلاً من ميل واحد، وأن يستمر التنظيم في استهداف القواعد العسكرية ضمن هذا النطاق، لكن التصعيد الكبير قد يستلزم ضرب منشآت عسكرية أكبر تستضيف مئات الجنود، بدلاً من المواقع الصغيرة على طول الحدود.

وتقع هذه المرافق في كثير من الأحيان بالقرب من المدن، ما يزيد من خطر إصابة هدف مدني بصاروخ خاطئ. ويمكن لحزب الله أيضًا أن يقرر تجاوز الأهداف العسكرية والبدء في استهداف البنية التحتية الحيوية والمدن والبلدات في شمال إسرائيل.

كما يمكن لحزب الله أن يسهل هجمات أكثر عدوانية ضد المدنيين من قبل جماعات أخرى تعمل في المناطق التي يسيطر عليها.

وأخيراً، يرى ليفيت أن حزب الله يمكنه أن يتسلق سلم التصعيد إلى المستوى الثالث، من خلال شن هجمات على عمق يتراوح بين 10 و40 ميلاً داخل إسرائيل.

وبينما قد تكون إسرائيل قادرة على التسامح مع استهداف مسافة 3 إلى 5 أميال، فإنها لا تستطيع أن تتسامح مع التوسع الذي يمتد نحو حيفا.

وبينما ظل نصر الله صامتاً بشكل مخيف منذ بدء "طوفان الأقصى"، سعى مسؤولون كبار آخرون في حزب الله إلى تصوير الحزب وكأنه يقف على الخطوط الأمامية.

وكان نائب نصر الله، نعيم قاسم، قد أصر في 24 تشرين الأول/أكتوبر، على أن "حزب الله في قلب معركة المقاومة للدفاع عن غزة ومواجهة الاحتلال وعدوانه في فلسطين ولبنان والمنطقة، ويده على الزناد”. إلى الحد المطلوب في المواجهة".

ومع ذلك، أعرب مسؤولو حماس بصوت عالٍ عن خيبة أملهم إزاء المشاركة المحدودة لحزب الله، حيث قالت شخصيات مثل، غازي حمد، إنهم "يتوقعون المزيد" من الجماعة.

ويرجح ليفيت أن يقوم حزب الله بتكثيف أنشطته العملياتية على طول الخط الأزرق، وربما يتوسع إلى نطاق ضربات يتراوح من 3 إلى 5 أميال. وقد يقوم أيضًا بتجنيد مقاتلين شيعة آخرين لتنفيذ هجمات من سوريا، ما يفتح فعليًا جبهة ثالثة مع إسرائيل.

ولكن في غياب حدث مثير، لا يزال من غير المرجح أن يسعى حزب الله إلى شن حرب واسعة النطاق مع إسرائيل، حسبما يرى ليفيت، مشيرا إلى أن الحزب يدرك أن الجيش الإسرائيلي استعد على نطاق واسع لـ "الحرب القادمة"، والتي ستكون ذات حجم مختلف تمامًا عن حرب عام 2006.

كما يدرك حزب الله أن لا أحد تقريباً في لبنان يريد مثل هذه الحرب، خاصة في سياق الأزمة الاقتصادية والسياسية الحالية التي تعيشها البلاد، وأن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، كان يعني ما قاله عندما حذر من فتح جبهات جديدة في الحرب عبر إرسال مجموعتين من حاملات الطائرات الأمريكية في شرق البحر المتوسط.

وأخيرا، يدرك حزب الله أن إيران تريد الاحتفاظ بالأغلبية العظمى من ترسانة الصواريخ لدى الجماعة في الاحتياط لردع إسرائيل أو أي جهة أخرى عن مهاجمة برنامجها النووي.

ومع ذلك، لا يزال احتمال أن يؤدي "سوء التقدير والتصور الخاطئ إلى قيام حزب الله بتغيير موقفه الحالي وجر إسرائيل إلى جبهة ثانية في الشمال"، بحسب تعبير ليفيت.

المصدر | ماثيو ليفيت/معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حزب الله إسرائيل لبنان غزة فلسطين حماس

نصر الله: ما بعد طوفان الأقصى ليس كما قبله.. وقرار المعركة فلسطيني 100%

سخط وغضب بسبب خطاب نصرالله حول أحداث غزة.. ماذا قال الناشطون؟

بعد صاروخ قوي لحزب الله.. إسرائيل تشن الهجوم الأعنف على شمال لبنان

مصادر: صواريخ حزب الله تهديد قوي للسفن الحربية الأميركية بالمنطقة

ضغط أمريكي لتجنب الحرب بين إسرائيل وحزب الله.. وجيش الاحتلال يقدر ألا مفر منها