استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

صوتٌ خارج حضن الطغيان الإسرائيلي

الخميس 9 نوفمبر 2023 09:49 ص

صوتٌ خارج حضن الطغيان الإسرائيلي

نوريت بيلد ألحنان ... فصلوها من التدريس في الكلية بزعم تأييدها "حماس".

أغلبية الإسرائيليين الذين يتفاخرون بحمل لقب "يساريين" هم ليسوا أكثر من "حمائم تُغرّد داخل السرب الصهيوني"، لا "حمائم ذات قيم عالمية".

الصنف الإسرائيلي الذي يؤيّد السلام بدوافع أخلاقية عالمية فقد بات صنفاً نادراً لا يبحثٌُ عن ملاذٍ في حضن الوطنية العمياء ولا في حالات الإجماع القومي.

انزياح اليسار الإسرائيلي عن القيم الكونية لليسار، يرسّخ أكثر فأكثر حقيقة أن هذا "اليسار" يمكن تسميتُه بأي اسم، سوى أن يُسمّى يساراً بموجب تلك المفاهيم الكونيّة.

أثار حنق طغاة إسرائيل تأكيد نوريت أن مقارنة أفعال "حماس" بالنازية ليست صحيحة فالنازية أيديولوجيا سلطة تقرّر إبادة أقليات تخضع لحكمها ونحن لسنا تحت سلطة "حماس".

* * *

سيحين لاحقاً وقت تقديم العديد من القرائن على سلوك معظم ما يُعرف بـ"اليسار الإسرائيلي" إبّان الحرب الشرسة المستمرّة منذ 7 أكتوبر على قطاع غزّة، بشراً وحيّزاً جغرافيّاً.

وهي قرائن أثبتت مُجدّداً ضمن مرّات من الصعب حصرها حُكماً سابقاً على هذا اليسار، مؤدّاه انزياحه، قبل أي شيء، عن القيم الكونية لليسار، بما يرسّخ أكثر فأكثر حقيقة أن هذا "اليسار" يمكن تسميتُه بأي اسم، سوى أن يُسمّى يساراً بموجب تلك المفاهيم الكونيّة.

وعلى مستوى العلاقة مع الفلسطينيين في الفترة الأخيرة، يمكن القول إن الخفّة التي هضم فيها "اليسار الإسرائيلي" ذرائع رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، إيهود باراك، عندما كان رئيساً لحزب العمل (اليساري)، بشأن إخفاقه في مسار المفاوضات السوري اللبناني والمسار الفلسطيني، في عام 2000، وعقابيل ذلك كله، كانت بمنزلة أول شهادة على هشاشته.

وما اتّضح لاحقاً، وفقاً للوقائع المُجرّدة، أن أغلبية الإسرائيليين الذين يتفاخرون بحمل لقب "يساريين" هم ليسوا أكثر من "حمائم تُغرّد داخل السرب الصهيوني"، لا "حمائم ذات قيم عالمية".

ويؤيّد هؤلاء عملية السلام مع الفلسطينيين من منطلق اعتباراتٍ براغماتية تُحيل فقط إلى ما يندرج في إطار مصلحة الشعب اليهودي، مثل الميزان الديموغرافي، أو ضمان أمن إسرائيل، أو دفع ازدهارها الاقتصادي قدماً.

أما الصنف الذي يؤيّد السلام بدوافع أخلاقية عالمية فقد بات صنفاً نادراً، لا يبحثٌُ عن ملاذٍ في حضن الوطنية العمياء، ولا في حالات الإجماع القومي.

وقد يثبُت عاجلاً أن هذه الصنف النادر آخذٌ بالتضاؤل بعد هذه الحرب، إنما من دون أن يفتقد قيمة ما صدر عنه خلالها، والذي تتوقف هذه المقالة عند بعضه، لأن فيه ما يسلّط الضوء على صيرورة حالية حتى من منظوري المكان والزمان.

وبينما تتحدّث تقارير الإعلام عن حملة ترهيب وتضييق غير مسبوقة يتعرّض لها الفلسطينيون في أراضي 1948، يجدر الالتفاتُ كذلك إلى حملة موازية يتعرّض لها أفراد ذلك الصنف النادر من اليسار الإسرائيلي، ومنهم الباحثة والأكاديمية نوريت بيلد إلحنان.

وهي أنجزت دراسات عديدة في مناهج التعليم في المدارس الإسرائيلية، وظّفت في معظمها استعارة البستنة، لتناول خطاب الضحايا والسلطة في الكتب المدرسية المتداولة في إسرائيل، وكيف يعمل هذا الخطاب، بشكل منهجي، على شرعنة احتلال فلسطين. ووفقاً لتلك الأبحاث، يغرس هذا الخطاب في النفوس الخوف من الغوييم (الأغيار)، ويرسّخ مبدأ سيادة الأغلبية اليهودية، ويساهم في تشكيل الهوية الإسرائيلية القائمة على السلب والنهب.

وقد تلقّت بيلد إلحنان، بعد ساعات من بثّ رسالة في مجموعة واتساب داخلية تضمّ محاضرين في الكلية التي تدرّس فيها، رسالة في بريدها الإلكتروني تبلغها بفصلها من العمل بحجّة "الإعراب عن تأييد الأعمال الإرهابية لحماس وتبريرها".

وفي التفاصيل أن بيلد إلحنان عقّبت في تلك المجموعة على فيلم جرى نشره، وشبّه هجوم مقاتلين من الجناح العسكري لحركة حماس على مواقع عسكرية ومستوطنات محاذية لقطاع غزّة بممارسات النازية، باقتباس مقولة للفيلسوف الفرنسي سارتر، وردت في مقدّمة كتبها لأحد كتب فرانز فانون، عبر إعادة صوْغها بما يتلاءم مع سياق الاحتلال الإسرائيلي.

وجاء فيها: "بعد كل تلك الأعوام الطويلة التي كان فيها عنق المُحتَل مخنوقاً تحت أعقاب نعالك، ومُنح فجأة فرصة أن يرفع عينيه في وجه الضوء، أي نظرة تعتقد أنك كنت ستراها هناك؟" (في الأصل وردت كلمة أسود بدلاً من كلمة محتلّ). وأضافت: "هذه النظرة هي بالضبط ما شاهدناه يوم 7 أكتوبر 2023".

ولكن يبدو أن أكثر ما أثار الحنق لدى طغاة إسرائيل، كما تصفهم بيلد إلحنان، تأكيدها أن مقارنة أفعال "حماس" بأفعال النازية ليست صحيحة بتاتاً، فالأخيرة كانت أيديولوجيا سلطة تقرّر إبادة الأقليات التي تخضع لحكمها، وهذا الوضع ليس قائماً في حالتنا، لأننا لسنا تحت سلطة "حماس" قطّ.

*أنطوان شلحت كاتب وباحث في الشأن الإسرائيلي

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

إسرائيل النازية حماس حمائم قيم السرب الصهيوني قوى اليسار إيهود باراك حزب العمل نوريت بيلد إلحنان

منظمات فلسطينية تتهم إسرائيل بجرائم ضد الإنسانية