غضب دبلوماسي وتراجع شعبية بايدن.. ذا إيكونوميست: هل تنزع أمريكا قابس الحرب على غزة؟

السبت 11 نوفمبر 2023 07:59 ص

"هل يمكن للولايات المتحدة نزع القابس عن الحرب الإسرائيلية على غزة؟".. تحت هذا العنوان ألقت مجلة "ذا إيكونوميست" الضوء على على تزايد الاستياء الدبلوماسي تجاه واشنطن بسبب موقفها الداعم لعدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، مع استمرار سقوط آلاف الشهداء من المدنيين أغلبهم من المساء والأطفال.

وأوضحت المجلة، في تحليل ترجمه "الخليج الجديد"، أن ذلك الاستياء ظهر خلال الزيارة الثانية لوزير الخارجية الأمريكي انتونى بلينكن، للشرق الأوسط، حي شهدت لقاءاته الأخيرة غير المعلنة لغة أكثر صرامة من قبل المسئولين فى جميع أنحاء المنطقة على خليفة الدعم الأمريكي الأعمى لدولة الاحتلال خلال العدوان الأخير.

استياء دبلوماسي من واشنطن

ففي الأردن، طلب وزير الخارجية أيمن الصفدي من بلينكن أن "يوقف هذا الجنون"، واستمر لقائه مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أقل من ساعة، وانتهى دون صدور بيان مشترك، ولم يكلف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نفسه عناء مقابلته على الإطلاق.

وكان الاستقبال البارد الذي حظي به بلينكن علامة على الغضب المتزايد من الحرب الإسرائيلية في غزة، كما تقول المجلة.

والآن، وفي شهرها الثاني، قتلت الحرب أكثر من 10 آلاف فلسطيني وألحقت أضرارًا أو دمرت أكثر من 11% من المباني في القطاع، لقد أثارت غضب العالم العربي وألهبت العواصم الغربية وأثارت إدانة العديد من زعماء العالم.

ولا يزال جنرالات إسرائيل يتحدثون عن شن حملة طويلة قد تستمر لمدة عام.

نافذة الشرعية

ومن الناحية العملية، يتحدث الجنرالات الإسرائيليون عن "نافذة شرعية مفتوحة" لما يفعلونه في غزة، لكنها في الحقيقة باتت نافذة غير مرغوب فيها، وتعتمد سرعة إغلاقها إلى حد كبير على أمريكا، التي تزود إسرائيل بالذخائر والدعم الدبلوماسي وحزمة مساعدات ربما تبلغ قيمتها 14 مليار دولار.

وعلى هذا الأساس، "إذا أراد الرئيس الأمريكي جو بايدن إنهاء الحرب،  فسيكون من الصعب على إسرائيل أن تتجاهله"، يقول التحليل.

لكن بايدن لا يريد، حتى الآن، أن يفعل ذلك، حيث يكتفي بدعم "هدن إنسانية" للسماح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة والعمل على تحرير الأسرى الإسرائيليين والأجانب هناك، وهو لا يزال يرفض فكرة وقف إطلاق النار.

أما باقي مسؤولي الإدارة الأمريكية، فباتوا يشكون من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لديه استراتيجية خروج متماسكة في غزة، وهم يرون أنه بالكاد يرغب في مناقشة الموضوع (وقف الحرب)، ويقولون إنهم يريدون تسجيل مخاوفهم الآن خشية أن تنتهي الحرب بشكل سيئ.

وتضيف "ذا إيكونوميست" أن الاعتقاد الذي بدأ يسود في واشنطن هو أن الحرب قد تتحول إلى مستنقع، لكن دعمها رغم ذلك هو موقف لا يمكن الدفاع عنه، خاصة عندما يوافق على ذلك الناخبون الأمريكيون.

تراجع أسهم بايدن

وأشارت المجلة إلى استطلاع للرأي أجرته مع مؤسسة "يوجوف"، وأظهر أن عددًا كبيرًا من الأمريكيين (41%) يعتقدون أن بايدن يتعامل مع الحرب بشكل سيئ.

وجد استطلاع آخر أجرته "كوينيبياك" للناخبين المسجلين أن 51% من المستقلين و66% من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عامًا لا يوافقون على سياسة الرئيس الأمريكي إزاء الحرب.

وقد انخفضت معدلات تأييد بايدن بين الناخبين العرب الأمريكيين، الأمر الذي قد يضر به في العام المقبل في الولايات المتأرجحة الحاسمة مثل ميشيجان.

وتعتقد مصادر في واشنطن أن الأمر سيستغرق عدة أسابيع أخرى قبل أن يتحول بايدن إلى الحديث عن هدنة - لكنها لا تشك في أنه سيقوم بمثل هذا التحول.

رغبة الحكام المستبدين

وتقول المجلة إن العديد من الحكام المستبدين في الشرق الأوسط سعداء برؤية جيش الاحتلال الإسرائيلي يسحق حركة "حماس"، لكنهم يشعرون بالقلق أيضاً من أن الحرب سوف تحشد شعوبهم، الذين يشعر ، العديد منهم بالفعل بالقلق إزاء الظروف الاقتصادية السيئة، وهذا يزيد من الضغوط على كل من أمريكا، التي استمعت لمخاوفهم منذ أسابيع، وإسرائيل الحريصة على الحفاظ على مكاسبها الدبلوماسية الأخيرة في العالم العربي.

وحتى الآن، اكتفت معظم الدول بالتوبيخ الرمزي لإسرائيل، فالبرلمان البحريني تحدث عن استدعاء سفير البلاد من تل أبيب، ووقف العلاقات الاقتصادية، لكن تم تدارك الأمر من قبل المستويات العليا في المنامة والتأكيد على عدم تأثر العلاقات، وفي الأردن تحدث الملك عبدالله الثاني بحسم عن إنزال جوي لبعض المساعدات في غزة، رغم أن ذلك تم بالاتفاق مع إسرائيل.

وحتى الإمارات، الحليف العربي الأقرب لدولة الاحتلال الإسرائيلي، أصبحت تنتقد بشكل متزايد الحرب (على الأقل في العلن).

وقال أنور قرقاش، مستشار الرئيس الإماراتي لشؤون السياسة الخارجية، في مؤتمر عقد يوم 4 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إن على أمريكا أن تضغط من أجل وقف إطلاق النار، "كلما كان ذلك أسرع كلما كان ذلك أفضل".

جيش الاحتلال يرغب باستمرار العدوان

وتقول "ذا إيكونوميست" أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يبدو أن لديه إرادة لاستمرار الحرب، وهو مستعد لتقبل خسائر بشرية كبيرة في صفوفه مقابل القضاء على "حماس"،  لكن الجمهور غاضب من رئيس الوزراء الذي يهتم ببقائه السياسي أكثر من اهتمامه بإستراتيجية ساحة المعركة.

التكلفة الاقتصادية

وتلفت المجلة إلى سبب آخر يدفع نحو إنهاء الحرب، وهو  تكلفتها الاقتصادية الكبيرة على تل أبيب، وعلى سبيل المثال كلفت حرب لبنان التي استمرت لمدة شهر في عام 2006 حوالي 9.5 مليار شيكل (2 مليار دولار في ذلك الوقت)، في حين أن الصراع الكبير الأخير في غزة في عام 2014 كلف 7 مليارات شيكل.  

وقد تكون الحرب الحالية أكثر تكلفة، حيث يعتقد البنك المركزي الإسرائيلي أن العجز الحكومي سيرتفع إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المقبل، مقارنة بفائض بنسبة 0.6% في عام 2022؛ وبعض المحللين الخارجيين وضعوا التقدير فوق 5%.

كما أدت تعبئة 360 ألف جندي احتياطي إلى ترك أجزاء من الاقتصاد الإسرائيلي تعاني من نقص في العمال، حتى لو تم الآن إرسال بعضهم إلى ديارهم.

تزايد المأزق

وتعتبر المجلة أن العائق الأكبر نحو نهاية الحرب التي أحرجت أمريكا في المنطقة والعالم هو نتنياهو نفسه المحاط بمجموعة من الوزراء الراديكاليين،  على غرار عميحاي إلياهو، وزير التراث الذي اقترح إسقاط قنبلة نووية على غزة.

ويشير التحليل إلى عرض واشنطن على السلطة، التي تسيطر  على أجزاء من الضفة الغربية، في أن تتولى إدارة غزة ما بعد الحرب، لكن الأخيرة تصر على أن يتم الأمر ضمن "حل سياسي شامل" وبعبارة أخرى، كخطوة نحو حل الدولتين، الذي أمضى نتنياهو حياته السياسية بأكملها في محاربته.

وتختم "ذا إيكونوميست" تحليلها بالقول: "الخلاصة أنه إذا بقي نتنياهو في منصبه، فلن يكون هناك حديث جدي عن نهاية اللعبة في غزة، وسوف ينفد صبر أمريكا، وستجد إسرائيل أن الحيز المتاح لها للمناورة أصبح محدوداً على نحو متزايد".

المصدر | ذا إيكونوميست - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الحرب على غزة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية بايدن استياء دبلوماسي غضب وقف إطلاق النار

كاتب أمريكي: إسرائيل تريد تدمير غزة من منظور توراتي.. وعلى واشنطن أن توقف دعمها

حرب غزة.. أمريكا تخسر في اختبار توازن المصالح بين العرب وإسرائيل

مصادر: واشنطن تريد نهاية "المرحلة النشطة" من العدوان الإسرائيلي على غزة في غضون شهر