ألقى متداولو أسهم قطاعي النفط وأسواق الأسهم العالمية باللوم على بعضهم بعضا بسبب البداية غير الموفقة التي صاحبت أداءهما منذ بداية العام. ويبدو أن القطاعين تعرضا لتأثيرات تغيرات كبيرة في بيئتيهما المشتركة التي رفعت معدل اعتماديتهما على الآخر.
وعانت قطاعات النفط والأسهم العالمية شهرا مريرا في يناير/كانون الثاني الماضي، حيث انخفضت الأسعار بشكل كبير ضمن إطار التقلبات العالمية، بما فيها التقلبات اللحظية، وقد كان الارتباط وثيقا بين القطاعين على غير العادة، حيث تميل فئات الأصول إلى التحرك ضمن اتجاه واحد سواء كان صعوديا أو هبوطيا.
وسارع قلة من المحللين إلى الحديث عن مسببات هذا الارتباط الوثيق بين القطاعين، حيث أشارت آراؤهم إلى أن قطاع الطاقة يستحوذ على جزء كبير من مؤشر «اس اند بي 500»، ويعتبر الانخفاض الكبير في أسعار النفط العالمية سببا مباشرا في الضغط على التوقعات المرتبطة بهذه العناصر، فضلا عن تخفيضها لثقة المتداولين في قطاع الأسهم بصورة عامة.
ومن جانبهم يشعر متداولو أسهم قطاع النفط أن موجات بيع الأسهم تعزز من الفرضيات التي تشير إلى ضعف النمو العالمي، وتثبيط التوقعات المرتبطة باستهلاك الطاقة، إضافة الى إنشائها ضغطا كبيرا على أسعار الطاقة حول العالم. وهناك قلق كبير يعتري القطاعين من أن الآثار المناهضة للتضخم توضح المخاطر ذات الصلة بمعدلات الكساد العام، والتي تحفز المستهلكين على تأجيل أي عمليات شراء استنادا إلى توقعات بانخفاض الأسعار مستقبلا.
وعلى الرغم من أن بعضا من هذه التحليلات تتسم ببعض من الصحة، إلا أنها لا توضح تماما الارتباط غير المعتاد الذي طرأ في العلاقة بين قطاعي النفط وأسواق الأسهم العالمية.
بداية، فإن أسعار النفط المنخفضة تمثل مفاجئة سارة للمستهلكين، حيث إنهم أصبحوا يتملكون نقودا أكثر لتوفيرها أو إنفاقها. وحتى وقت قريب فقد كان انخفاض أسعار النفط لا يعتبر نقطة إيجابية في الدول الغربية علاوة على عدد قليل من الدول النامية.
وبالنظر إلى كميات الإنتاج الكبيرة من النفط في الولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص، فإن تأثير الاقتصادات الكلية في الخسائر المرتبطة بالقطاع لا تزال أقل من المكاسب التي يحققها المستهلكون عند انخفاض الأسعار.
ويتمثل السبب في العلاقة بين القطاعين في قلة الاختلافات بينها، حيث اتسمت موجات البيع في أسواق الأسهم العالمية بالعشوائية التي تضمنت حتى شركات الطيران وأسماء كبيرة في قطاع التجزئة التي تخدم شريحة واسعة من المستهلكين الذين يستفيدون بطريقة مباشرة وغير مباشرة من انخفاض أسعار النفط، بمن فيهم المستهلكون من ذوي الدخل المحدود.
وعلى نحو مماثل فإن الذهب هي السلعة الوحيدة التي نجت من موجة الهبوط العامة في أسعار السلع الأساسية.
ولتوضيح مسألة الارتباط بين قطاعي النفط والأسهم العالمية بشكل أفضل، فهي أن كلاهما يتأثر بثلاثة مستجدات عامة، يتمثل أولها في المراجعات والتعديلات التي يتم إجراؤها على توقعات النمو العالمية عند الأخذ في الاعتبار المخاوف المرتبطة بالسياسات الاقتصادية الغامضة في الصين وبعض من الاقتصادات الناشئة.
هذه العوامل مثلت إضافة سلبية إلى الحالة غير المستقرة في الطلب على النفط، والتي تؤدي إلى ضبابية حول عوائد الشركات العاملة في القطاع وأرباحها.
ويتمثل السبب الآخر في الارتباط الوثيق بين القطاعين في عدم وجود بدائل واقعية، حيث أدى قرار رفع أسعار الفائدة بواسطة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في ديسمبر/كانون الأول الماضي إلى توضيح حقيقة مهمة لمستثمري الأسهم العالمية، وهي أنه لا يمكنهم الاعتماد دوما على انخفاض أسعار الفائدة المتدنية لتحقيق مكاسب تلحق أضرارا بقطاعات أخرى، وعوضا عن ذلك ضخ الأموال في أسهم تريد السلطات المالية تنشيطها لتحقيق المعدلات المطلوبة من التضخم. وفي غضون ذلك فإن أسعار النفط العالمية لم تستعد وعيها من الصدمة المتمثلة في رفض «أوبك» خفض إنتاجها، وهي الخطوة التي وإن تمت فإن من المؤكد أنها ستعمل على انتعاش أسعار النفط في وقت أقل مما هو متوقع.
وبدلا عن إلقاء اللوم على الآخر، فإن على متداولي أسهم قطاعي النفط والأسهم العالمية إدراك أنهما جزء من حقيقة أكبر بكثير مما يتوقعون، وهي أن تقلبات الأسواق تؤثر فيهما بنفس القدر، إضافة إلى أن ارتباطهما غير المعتاد يمكنه بطريقة أو بأخرى إيجاد فرص إيجابية تتحقق معها أرباح كبيرة على المدى الطويل.