«ستراتفور»: تفاؤل محدود بعد الوصول إلى اتفاق بشأن تجميد إنتاج النفط

الأربعاء 17 فبراير 2016 09:02 ص

بعد أسبوعين من قيام وزير النفط الفنزويلي «إيلجيو ديل بينو» بزيارة موسكو والرياض على أمل إقناع حكوماتهم بتنسيق خفض إنتاج النفط، فإن كلا من روسيا، والمملكة العربية السعودية وفنزويلا وعمان قد أعلنوا في 16 فبراير/شباط عن موافقة مشروطة على تجميد إنتاج النفط عند مستويات يناير/ كانون الثاني في حال وعد المنتجون الآخرون بالتزام الشيء نفسه. وحتى الآن، فقد وافقت كل من الكويت والعراق كذلك على تجميد مستويات الإنتاج. وفي حين أنه لم يتم الاتفاق على الخفض الذي كان «ديل بينو» يأمله، فإن تجميد الإنتاج سوف يضيف بعض الاستقرار إلى السوق المتقلبة، والتي شهدت في الأسبوع الماضي تقلب الأسعار بمعدل يبلغ 10 في المائة خلال يوم واحد فقط.

الاتفاق لن يرفع أسعار النفط بشكل كبير، على الأقل خلال المدى المنظور من الوقت. أنتجت المملكة العربية السعودية 10.2 مليون برميل يوميا في يناير/كانون الثاني مقابل 10.5 مليون برميل يوميا في ذروة إنتاج البلاد خلال الصيف الماضي. (البلاد عادة ما تنتج أكثر خلال أشهر الصيف لتغذية احتياجات التبريد المحلية). وقبل عام 2015، كانت السعودية لا تنتج أكثر من 10 مليون برميل يوميا على مدار أكثر من ثلاثة عقود. إنتاج روسيا الذي تراوح في يناير/كانون الثاني حول11.2  مليون برميل يوميا، هو أيضا في مستويات قياسية وأقل قليلا من ذروته البالغة 11.3 مليون برميل يوميا في وقت سابق من عام 2015. واقعيا، فإن كلا البلدين لا تملك القدرة على الزيادة فوق معدلات الإنتاج الحالية بشكل كبير، ما يحد من التأثير الفعلي للصفقة الأخيرة على إنتاجهما.

وعلاوة على ذلك، فإن اتفاقا لا يشمل التجميد أو تخفيضات فعلية للإنتاج في البلدان التي تقوم بزيادة إنتاجها لن يكون فعالا. إيران، في هذه المرحلة، لا تزال في عملية استعادة إنتاجها، ويقال أنها أرسلت للتو أولى الشحنات إلى الأسواق الأوروبية منذ دخول اتفاق النووي حيز التنفيذ. السعوديون والروس من المنتظر أن يتجهوا إلى طهران اليوم 17 فبراير/شباط من أجل حث إيران على أن تحذو حذوهم. وفي حين أن إيران من غير المرجح أن توافق على مثل هذا التجميد، فإنها ربما تكون أكثر انفتاحا على خطة لزيادة إنتاجها بكميات محددة قريبة من كامل طاقتها الإنتاجية. على الرغم من أن أهداف إيران بزيادة إنتاجها بمعدل نصف مليون برميل يوميا تبدو مفرطة في التفاؤل، فإن أي كمية إضافية سوف تضخها سوف تضغط الأسعار نحو المزيد من الهبوط.

وفي حين أن بغداد قد أبدت موافقة مبدئية على الصفقة، فإن مسألة التزامها من عدمه هي أمر آخر. شهد العراق زيادة إنتاجه من 3.4 مليون برميل يوميا في يناير/ كانون الثاني عام 2015  إلى نحو 4.4 مليون برميل يوميا في يناير/ كانون الثاني عام 2016، ويرجع ذلك إلى حد كبير بسبب الزيادة في الإنتاج من الحقول الجنوبية إضافة إلى قيام حكومة إقليم كردستان بتصدير النفط بشكل مستقل خارج سيطرة حكومة بغداد. ومن المرجح أن تستمر حكومة إقليم كردستان، والتي تعاني من نقص في السيولة، في زيادة الإنتاج والتصدير كوسيلة للمساعدة في انتزاع نفسها من مشاكلها المالية.

ورغم كون الاتفاق ضعيفا بشكل ما إلا أن محاولة دفعه ربما لا تصطدم بإشكاليات كبيرة. في الماضي، كلما اتفقت دول أوبك أو الدول غير الأعضاء في أوبك على  مستوى معين من الإنتاج، فقد كان من المستحيل تقريبا فرضه لأن البلدان غالبا ما تجاوز الحصص المفروضة لها. أما الآن، فإن معظم هذه البلدان تنتج بالفعل بأقصى طاقاتها، لذا فإنه من غير المرجح أن يكون هناك إشكالات كبرى بشأن الالتزام. ومع ذلك، يمكن أن تنشأ مثل هذه القضايا عندما يكون هناك اتفاق أوسع يتضمن خفض المعروض بدلا من مجرد تجميده عند مستويات الإنتاج المرتفعة فعليا.

ومع ذلك، فإن الاتفاق لا يعني أن المملكة العربية السعودية وحلفاءها الأساسيين في أوبك، وبالتحديد دول الإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر، سوف يكونون أقل عدوانية في محاولة توظيف قوى السوق من أجل استبعاد المنتجين المنافسين من ذوي التكلفة المرتفعة. حتى وإن كانت بعض الدول مثل إيران لا توافق على تجميد الإنتاج، فمن المرجح أن يتم الحفاظ على مستويات الإنتاج الحالية. باختصار، فإن المملكة العربية السعودية وحلفاءها يعتقدون أن استراتيجيتهم تعمل وأن الأمر مجرد مسألة وقت قبل أن يصحح سوق الطاقة نفسه، وربما يحدث ذلك في عام 2017.

عندما يحدث ذلك، فإن أوبك ربما تخفض إنتاجها عن مستويات الكاملة من خلال قرار بإدخال بعض الحقول إلى الصيانة. على سبيل المثال، أعلنت شركة أبوظبي الوطنية للنفط في دولة الإمارات العربية المتحدة أنها سوف تخفض 200 ألف برميل يوميا من إنتاج حقل مربان باب في إبريل/نيسان المقبل بسبب الصيانة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الكويت والمملكة العربية السعودية تجري مفاوضات لجلب حقول الخفجي والوفرة إلى العمل من جديد، وهي حقول تبلغ طاقة إنتاجها حوالي 500 ألف برميل يوميا وهي متوقفة حاليا منذ أن بدأت أعمال الصيانة الروتينية في مايو/أيار 2015. بينما لن تتم إعادتها إلى العمل بسبب خلافات لم تحل بعد حول الحقوق التشغيلية.

على الأرجح، سوف تستغل المملكة العربية السعودية وحلفاؤها الوقت من الآن إلى اجتماع أوبك القادم يوم 2 يونيو/حزيران لإعادة تقييم استراتيجيتها والنظر في كيفية تفاعل أسعار النفط. عند هذه النقطة، فإنها قد تكون أكثر انفتاحا على تنظيم قطع واسع، لاسيما إذا استمرت الأسعار تحوم حول 30 دولارا للبرميل.

رغم أن العديد من الدول المنتجة للنفط، وخاصة فنزويلا، كانت تأمل أن روسيا والمملكة العربية السعودية وغيرها يمكن أن توافق على اتفاق خفض الإنتاج، إلا أن الاتفاق الأخير يظهر أنه لا يزال التوافق  في الآراء غائبا بشأن كيفية خفض الإنتاج. في هذه الأثناء، يبدو أن المملكة العربية السعودية وحلفاءها سوف يبقون على دورة الإنتاج العالية مع ممارسة الانتظار أملا في خروج المنتجين مرتفعي التكلفة. ومع ذلك فإن هذه الاستراتيجية قد تكون عملية بطيئة ومؤلمة.

 

المصدر | ستراتفور

  كلمات مفتاحية

السعودية روسيا عمان خفض إنتاج النفط إيران العراق

الكرملين: ينبغي عدم الربط بين الحوار مع السعودية بشأن النفط وبين القضية السورية

إيران ترفض الحد من إنتاجها النفطي والإمارات تؤكد انفتاحها على الجميع

النفط يفقد نحو 4% مع تلاشي آمال الاتفاق السعودي الروسي

وزير الطاقة القطري: اتفاق رباعي لتجميد إنتاج النفط عند مستويات يناير

كيف يمكن أن تساعدنا الأرقام على فهم الاستراتيجية النفطية السعودية؟

هل انهارت الاستراتيجية النفطية السعودية؟

النفط والأسهم تحت رحمة عوامل قوية

موسكو: منح القرض لطهران لا صلة له بموقفها بشأن سقف تصدير «أوبك»

«تحالف الأعداء»: كيف يقرب هبوط أسعار النفط بين السعودية وإيران؟

الإنتاج السعودي للنفط مستقر عند 10.22 مليون برميل يوميا

قطر تدعو الدول المنتجة للنفط للمشاركة في اجتماع الدوحة

«و.س. جورنال»: السعوديون يحولون أزمة النفط لمعركة سياسية بسبب إيران