فير أوبزرفر: حشود أمريكا في الشرق الأوسط لن تحمي إسرائيل إذا استمرت حرب غزة

الأحد 10 ديسمبر 2023 02:07 م

ترى كل من ميديا بنجامين، الكاتبة ومؤسسة منظمة Global Exchange، والصحفي والباحث نيكولاس ديفيدز أن جلب الولايات المتحدة قوات وحاملات طائرات لتهديد أية دولة أو جهة تنتوي الدفاع عن الفلسطينيين ضد حرب الإبادة التي يتعرضون لها في غزة، لكن ذلك الحشد العسكري الأمريكي قد يكون  عاجزا عن منع الآخرين من التدخل، في حالة طول أمد تلك الحرب الإسرائيلية الوحشية.

ويقول الكاتبان، في تحليل نشره موقع "فير أوبزرفر" وترجمه "الخليج الجديد" إنه من لبنان إلى سوريا واليمن والعراق وإيران، تبدو احتمالات انتشار الصراع هائلة، وحتى الجزائر باتت تقول إنها مستعدة للنضال من أجل فلسطين حرة، بناء على تصويت بالإجماع في برلمانها في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

واشنطن طرف في المذبحة

ويحذر التحليل من أن الولايات المتحدة تواجه الآن أخطر وأعنف أزمة مصداقية في الشرق الأوسط، وباتت حكومات وشعوب دول المنطقة أن واشنطن طرف صريح في المذبحة العنيفة الجارية الآن في غزة.

وتواجه الولايات المتحدة بالفعل هذا المأزق في العراق.

وعلى الرغم من سنوات من المطالب العراقية بسحب القوات الأمريكية، لا يزال هناك ما لا يقل عن 2500 جندي أمريكي في قاعدة الأسد الجوية في غرب محافظة الأنبار، وقاعدة الحرير الجوية شمال أربيل في كردستان العراق، وقاعدة صغيرة أخرى في مطار أربيل.

وهناك أيضاً "عدة مئات" من قوات حلف شمال الأطلسي، بما في ذلك جنود أمريكيون، يقدمون المشورة للقوات العراقية في مهمة حلف شمال الأطلسي في العراق، المتمركزة بالقرب من بغداد.

الفصائل العراقية

وبعد هدنة استمرت لعام بين القوات الأمريكية وفصائل عراقية موالية لإيران، باتت غاضبة بعد اغتيال قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، أعادت حرب غزة نشاط هذه الميليشات العراقية التي اتحد معظمها وأطلقت على نفسها "المقاومة الإسلامية في العراق" وبدأت في مهاجمة القواعد الأمريكية في 17 أكتوبر/تشرين الأول.

وبعد 32 هجوماً على قواعد أمريكية في العراق، و34 هجوماً آخر في سوريا، وثلاث غارات جوية أمريكية في سوريا، نفذت القوات الأمريكية غارات جوية في 21 نوفمبر/تشرين الثاني ضد كتلتين. في قواعد "حزب الله" في العراق، وواحدة في محافظة الأنبار وواحدة في جرف النصر، جنوب بغداد، مما أسفر عن مقتل تسعة من رجال الميليشيات على الأقل.

وأثارت الضربات الجوية الأمريكية ردا غاضبا من المتحدث باسم الحكومة العراقية بسام العوادي، والذي قال: "إننا ندين بشدة الهجوم على جرف النصر، الذي تم تنفيذه دون علم الجهات الحكومية"، ردفا أن "هذا العمل يعد انتهاكًا صارخًا للسيادة ومحاولة لزعزعة استقرار الوضع الأمني".

وكما كانت تخشى الحكومة العراقية، ردت "المقاومة الإسلامية في العراق" على الغارات الجوية الأمريكية بهجومين على قاعدة الحرير الجوية في 22 نوفمبر وعدة هجمات أخرى في 23 نوفمبر.

لقد هاجموا أيضا قاعدة الأسد الجوية بعدة طائرات بدون طيار، وشنوا هجومًا آخر بطائرات بدون طيار على القاعدة الأمريكية في مطار أربيل، وهاجم حلفاؤهم السوريون قاعدتين أمريكيتين عبر الحدود في شمال شرق سوريا.

ويرى الكاتبان أنه بدون وقف لإطلاق النار في غزة أو انسحاب أمريكي كامل من العراق وسوريا، لا يوجد إجراء حاسم يمكن للولايات المتحدة اتخاذه من شأنه أن يوقف هذه الهجمات.

لذا، فمن المرجح أن يستمر مستوى العنف في العراق وسوريا في الارتفاع طالما استمرت الحرب على غزة.

الحوثيون قوة لا يستهان بها

ويفكر لاعبون إقليميون مهمون في اليمن وتركيا ولبنان وإيران في التدخل في غزة.

فهناك قوة عسكرية هائلة وذات خبرة تعارض إسرائيل والولايات المتحدة وهي جيش الحوثيين في اليمن.

وفي 14 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، طلب عبدالملك الحوثي، زعيم حكومة الحوثيين في اليمن، من الدول المجاورة فتح ممر عبر أراضيها لجيشه ليذهب ويقاتل إسرائيل في غزة.

ويقول نائب وزير الإعلام الحوثي نصر الدين عامر لمجلة "نيوزويك" إنه إذا كان لديهم طريقة لدخول فلسطين فلن يترددوا في الانضمام إلى القتال ضد إسرائيل.

و يضيف عامر: "لديهم إيمان قوي للغاية، وحلمهم في الحياة هو محاربة الصهاينة والأمريكيين".

إن نقل مئات الآلاف من الجنود اليمنيين للقتال في غزة سيكون مستحيلاً تقريباً ما لم تفتح المملكة العربية السعودية الطريق.

ويبدو هذا مستبعدًا إلى حد كبير، لكن يمكن لإيران أو أي حليف آخر أن يساعد في نقل عدد أقل جوًا أو بحرًا للانضمام إلى القتال.

ويؤكد الكاتبان أن الحوثيون طوروا أسلحة وتكتيكات اكتسبوها من خبراتهم في حربهم الطويلة مع الجيشين السعودي والإماراتي وقوات من دول أخرى خلال ما عرف بحرب "عاصفة الحزم" التي أطلقتها الرياض وأبوظبي في 2015 ضد الجماعة المدعومة من طهران في اليمن.

وبالفعل أطلق الحوثيون سلسلة من صوايخ باليستية وطائرات بدون طيار نحو مدن جنوبي فلسطين المحتلة، وأبرزها إيلات الواقعة على خليج العقبة بالبحر الأحمر، وأيضا ضد حاملات طائرات أمريكية في البحر.

ويرى الكاتبان أنه بينما يحاول العديد من السياسيين والصحفيين الغربيين تصوير الحوثيين على أنهم مجرد دمى في يد إيران، فإن الحوثيين هم في الواقع قوة مستقلة لا يمكن التنبؤ بها ولا تستطيع الجهات الفاعلة الأخرى في المنطقة السيطرة عليها.

تركيا قد تتحرك

ويقول الكاتبان إن تركيا، العضو القوي في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، قد تجد صعوبة في البقاء موقف المتفرج، نظراً للدعم الشعبي الواسع النطاق لفلسطين.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من بين أوائل الزعماء الدوليين الذين تحدثوا بقوة ضد الحرب الإسرائيلية على غزة، ووصفها صراحة بأنها مذبحة، وقال إنها ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية.

وتقود مجموعات المجتمع المدني التركية حملة لإرسال المساعدات الإنسانية إلى غزة على متن سفن الشحن، متحدية مواجهة محتملة مثل تلك التي وقعت في عام 2010 عندما هاجم الإسرائيليون "أسطول الحرية"، مما أسفر عن مقتل 10 أشخاص على متن مافي مرمرة.

حزب الله

وعلى الحدود اللبنانية، أجرى "حزب الله" اللبناني  وإسرائيل تبادلاً لإطلاق النار يوميًا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، مما أسفر عن مقتل 107 مقاتلين و24 مدنيًا في لبنان و9 جنود و4 مدنيين في إسرائيل.

وقد نزح حوالي 55 ألف مدني لبناني و65 ألف إسرائيلي من المنطقة الحدودية.

وفي 11 نوفمبر/تشرين الثاني، حذّر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت قائلاً: "ما نفعله في غزة، يمكننا أن نفعله أيضاً في بيروت".

وفي خطاب ألقاه يوم 3 نوفمبر، أحجم زعيم "حزب الله"، حسن نصر الله عن إعلان حرب جديدة على إسرائيل، لكنه حذر من أن "جميع الخيارات مطروحة على الطاولة" إذا لم تنه إسرائيل حربها على غزة.

وفي 23 من نفس الشهر، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان: "إذا استمرت جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل، فسيتم تنفيذ سيناريو المقاومة الأكثر صرامة وتعقيدًا".

وسبق أن حذر أميرعبد اللهيان، في 16 أكتوبر، من أن "قادة المقاومة لن يسمحوا للنظام الصهيوني بأن يفعل ما يريد في غزة ثم يذهب إلى جبهات المقاومة الأخرى".

وبعبارة أخرى، إذا كانت إيران وحلفاؤها يعتقدون أن إسرائيل تنوي حقاً مواصلة حربها على غزة حتى تزيل حماس من السلطة، ثم تطلق آلة الحرب الخاصة بها على لبنان أو جيرانها الآخرين، فإنهم يفضلون خوض حرب أوسع نطاقاً.

والآن، يجبر إسرائيل على محاربة الفلسطينيين و"حزب الله" وحلفائهم في نفس الوقت، بدلاً من انتظار أن تهاجمهم إسرائيل واحداً تلو الآخر.

أمريكا تتجاهل التحذيرات

ويقول الكاتبان إن الولايات المتحدة تتجاهل علامات التحذير السابقة، والبيت الأبيض لا يستمع.

ويضيفان أن دعم أمريكا غير المشروط لإسرائيل وإمداداتها التي لا نهاية لها من الأسلحة لم ينجح إلا في تحويل إسرائيل إلى قوة خارجة عن السيطرة، تمارس الإبادة الجماعية، وتزعزع الاستقرار في قلب منطقة هشة محطمة بالفعل ومصابة بالصدمة بسبب عقود من الحرب الأمريكية.

والنتيجة هي دولة ترفض الاعتراف بحدودها أو حدود جيرانها، وترفض أي قيود على طموحاتها الإقليمية وجرائم الحرب التي ترتكبها.

ويؤكدان أنه إذا أدت تصرفات إسرائيل إلى حرب أوسع نطاقا، فستجد الولايات المتحدة نفسها مع عدد قليل من الحلفاء المستعدين للقفز إلى المعركة.

وحتى لو تم تجنب الصراع الإقليمي، فإن الدعم الأمريكي لإسرائيل قد تسبب بالفعل في ضرر هائل لسمعتها في المنطقة وخارجها، كما أن التدخل الأمريكي المباشر في الحرب من شأنه أن يجعلها أكثر عزلة وعجزًا من مغامراتها السابقة في فيتنام وأفغانستان وباكستان.

كيف يمكن تجنب  المصير المظلم؟

ولا يزال بوسع الولايات المتحدة أن تتجنب هذا المصير من خلال الإصرار على وقف فوري ودائم لإطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، كما يقول الكاتبان.

وإذا لم توافق إسرائيل على ذلك، فيتعين على الولايات المتحدة أن تدعم هذا الموقف بالتعليق الفوري لتسليم الأسلحة، والمساعدات العسكرية، وتمكين إسرائيل من الوصول إلى مخزونات الأسلحة الأمريكية في إسرائيل، وتقديم الدعم الدبلوماسي للحرب الإسرائيلية على فلسطين.

المصدر | ميديا بنجامين ونيكولاس ديفيدز / فير أوبزرفر - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حرب غزة غزة الحوثيون الفصائل العراقية حزب الله القوات الأمريكية تركيا