معضلة انتخابية تواجه بايدن.. الأمريكيون ساخطون بسبب الاقتصاد رغم تحسن مؤشراته

الاثنين 11 ديسمبر 2023 05:06 م

يواجه الرئيس الأمريكي، جو بايدن، تحديا صعبا في انتخابات الرئاسة، العام المقبل، إذ بينما يزداد الاقتصاد الأمريكي قوة، لا يزال كثير من الأمريكيين يشعرون بالاستياء، بسبب عدم استفادتهم بشكل مباشر من حالة التحسن تلك.

ويقول منظمو استطلاعات الرأي واقتصاديون إن "فجوة" تفصل بين مؤشرات الصحة الاقتصادية وبين الرأي العام الأمريكي، و"قد يكون هذا الاختلاف عاملا حاسما فيما إذا كان بايدن سيؤمن فترة ولاية ثانية العام المقبل"، حسب تقرير نشرته وكالة "أسوشيتد برس" وترجمه "الخليج الجديد".

وذكرت الوكالة أن الجمهوريين يستغلون حالة عدم الرضا لإسقاط بايدن، بينما يحقق البيت الأبيض نجاحا أقل في محاولته تسليط الضوء على التقدم الاقتصادي.

وفي السياق، قالت خبيرة استطلاعات الرأي الديمقراطية، سيليندا ليك، التي عملت مع بايدن: "الأمور تتحسن ويعتقد الناس أن الأمور ستزداد سوءًا، وهذا هو أخطر ما في الأمر".

وأضافت أن الناخبين لم يعودوا يريدون مجرد رؤية الانخفاض في معدلات التضخم، بل يريدون انخفاضًا صريحًا في الأسعار، وهو الأمر الذي حدث آخر مرة على نطاق واسع خلال فترة الكساد الكبير"، مضيفة: "بصراحة، أنا في حيرة من أمري إلى حد ما".

وقال العديد من الأمريكيين، في استطلاع أجرته شركة AP-NORC، إن نفقات أسرهم تفوق الدخل، وأنهم قلقون بشأن مستقبلهم المالي.

انخفاض البطالة

وفقا لعديد المؤشرات، فإن الاقتصاد الأمريكي قوي للغاية، إذ أظهر تقرير التوظيف يوم الجمعة أن أصحاب العمل أضافوا 199 ألف وظيفة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وانخفض معدل البطالة إلى 3.7%.

كما انخفض معدل التضخم، خلال ما يزيد قليلاً عن عام، من مستوى مثير للقلق بلغ 9.1% إلى 3.2% دون التسبب في الركود، ومع ذلك يسود الاستياء بين كثير من الأمريكيين بشأن الاقتصاد، وفقا لمؤشر ثقة المستهلك الصادر عن جامعة ميشيغان.

وأشارت أرقام المؤشر الأولية لشهر ديسمبر/كانون الأول، إلى قفزة في معنويات الأمريكيين، إذ يبدو أن الناس يدركون أن التضخم يتراجع، لكن المؤشر لا يزال أقل بقليل من مستواه في يوليو/تموز الماضي.

وفي علامة تحذير محتملة لبايدن، أثار الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع بشأن المؤشر انتخابات عام 2024، وارتفع التفاؤل بين الجمهوريين أكثر من الديمقراطيين، ما قد يشير إلى أن ناخبي الحزب الجمهوري أصبحوا أكثر توقعا لاستعادة البيت الأبيض.

وقالت جوان هسو، كبيرة الاقتصاديين في الاستطلاع: "كان المستهلكون يشعرون بعدم الارتياح على نطاق واسع بشأن الاقتصاد منذ جائحة كورونا، وما زالوا يتقبلون فكرة أننا لن نعود إلى الوضع الطبيعي قبل الوباء".

وشدد جاريد بيرنشتاين، رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين بالبيت الأبيض، على أن وجود اقتصاد أساسي قوي "ضروري للغاية" لرفع معنويات المستهلكين في نهاية المطاف، وحجته هي أنه "مع استمرار الاقتصاد في التحسن، فإن المزيد من الناس سيدركون الفوائد وستتحسن المعنويات".

وقال بيرنشتاين: "علينا أن نواصل النضال من أجل خفض التكاليف والبناء على التقدم الذي أحرزناه. نحن فقط بحاجة إلى مزيد من الوقت لإيصال هذه المكاسب إلى الأمريكيين العاملين. هذه هي خطتنا".

وأشار مسؤولو البيت الأبيض إلى عناصر محددة انخفضت أسعارها بشكل مباشر، ومنها البيض، فضلا عن خفض تكاليف الأنسولين للمشاركين في برنامج الرعاية الطبية، إضافة إلى انخفاض أسعار البنزين عن ذروتها.

جشع الشركات

وبدأ بايدن مؤخرا في إلقاء مسؤولية التضخم على الشركات التي رفعت الأسعار عندما رأت فرصة لتحسين أرباحها، ما سلط مزيدا من الأهمية على الحجة التي استخدمت لأول مرة عندما ارتفعت أسعار البنزين.

لكن هذه الحجة مثيرة للريبة بالنسبة لعديد الاقتصاديين، الذين رأوها رسالة مقصودة للناخبين مفادها أن بايدن يقاتل من أجلهم ضد أولئك الذين يلومهم.

وقال بايدن مؤخراً في بويبلو بولاية كولورادو: "دعوني أكون واضحاً: أي شركة لا تمرر الأموال التي جرى توفيرها إلى المستهلكين يتعين عليها أن تتوقف عن التلاعب في الأسعار. لقد سئم الشعب الأمريكي من التلاعب به من أجل المغفلين".

كما يسعى بايدن إلى ملاحقة السجل التاريخي للرئيس السابق، دونالد ترامب، باعتباره المرشح الأوفر حظا بانتخابات الرئاسة حسب استطلاعات الرأي الحالية، إذ وأرسلت حملته بيانا بعد تقرير مؤشر التوظيف، الصادر يوم الجمعة الماضي، جاء فيه: "رغم ادعاءاته بأنه رئيس الوظائف، إلا أن دونالد ترامب كان لديه أسوأ سجل للوظائف منذ الكساد الكبير، حيث فقد ما يقرب من 3 ملايين وظيفة".

وكان الرد الجمهوري على بايدن هو رفض البيانات الاقتصادية الإيجابية والتركيز على ما يشعر به الناخبون الأمريكيون، ومع انخفاض معدل التضخم السنوي، ركزت رسائل الحزب الجمهوري على الزيادات في أسعار المستهلك على مدى السنوات الماضية، دون الأخذ في الاعتبار بالضرورة زيادات الأجور.

وجادل المشرعون الجمهوريون بأن الناس يجب أن يثقوا فيما يتعلق بالاقتصاد بدلاً من الإحصائيات التي يعلنها بايدن.

وقال السيناتور، جون باراسو، الجمهوري عن ولاية وايومنغ، في خطاب ألقاه مؤخراً: "إن رسالة جو بايدن إليهم هي: يقول لا تصدقوا أعينكم الكاذبة".

ولم تفعل خطابات بايدن على مدى العامين الماضيين سوى القليل لتحسين وضعه في استطلاعات الرأي بشأن الاقتصاد، فقد افترض مسؤولو الإدارة الأمريكية أن الأرقام الاقتصادية الأفضل ستتغلب على أي شكوك بين الناخبين، ليجدوا أن النظرة السلبية للاقتصاد ظلت قائمة حتى عندما أصبح من المرجح أن يتجنب الاقتصاد الأمريكي الركود الذي توقعه الاقتصاديون.

وتفاجأت كلوديا سام، الخبيرة الاقتصادية السابقة في بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، بالغضب الذي عبر عن كثير من الأمريكيين عبر منصات التواصل الاجتماعي عند نشر مؤشرات الاقتصاد القوي، مشيرة إلى أن الأسرة الأمريكية أصبحت أفضل حالا مما كانت عليه في عام 2020، وارتفعت أجور العمال الأكثر فقرا، ومع ذلك لا يزال الأمريكيون يشعرون بالقلق.

ولا يوجد سبب وحيد لهذه الفجوة بين البيانات الاقتصادية والشعور العام في الولايات المتحدة، لكن الخبراء الذين يحاولون فهم الأمر لديهم نظريات متعددة للتفسير، منها تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في "تشويه" شعور الأمريكيين تجاه الاقتصاد، إذ يشاهد الكثير منهم أنماط الحياة الفاخرة لأصحاب النفوذ، ويحكمون على الاقتصاد بناءً على معتقداتهم السياسية، وليس على الأرقام الأساسية.

ووفقا لتحليل حديث أجراه الاقتصاديان: رايان كامينغز ونيل ماهوني، ربما يكون الأمر ببساطة هو أن الأمريكيين يحتاجون إلى الوقت للتكيف بعد فترة من ارتفاع التضخم، ونتيجة لذلك فالمستهلكون بحاجة إلى فترة زمنية قبل أن يؤدي تباطؤ معدل التضخم إلى تعزيز شعورهم الإيجابي تجاه الاقتصاد.

ويلفت خبير الاستثمار في شركة "كوربو"، صامويل رينز، أن بعض الشركات، مثل بيبسي وكرافت هاينز وبروكتر آند جامبل وكيمبرلي كلارك، استفادت من ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022 لتعزيز أسعار منتجاتها وزيادة الأرباح، ما عزز من شعور المستهلكين السلبي تجاه الاقتصاد رغم تحسن مؤشراته.  

لكن رينز أشار إلى أن بايدن يمكن أن يجادل بشكل معقول بأن الشركات استغلت الحرب في أوكرانيا وجائحة كورونا لرفع أسعارها، لكن الزيادات حدثت قبل 12 إلى 18 شهرًا، وبالتالي لا تنطبق الرئيس الأمريكي الحالية على ما تفعله الشركات الآن من زيادات في الأسعار.

المصدر | أسوشيتدبرس/ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الولايات المتحدة جو بايدن الانتخابات الأمريكية دونالد ترامب الاقتصاد