ثورة جوتيريش.. هكذا هزت حرب غزة النظام العالمي وقوضت مصداقية أمريكا

الجمعة 15 ديسمبر 2023 11:44 ص

سلط الكاتب البريطاني، بيت أوبورن، الضوء على تأثير الحرب في غزة على السياسة العالمية، والذي عبر عنه موقف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، "المشمئز" من القرار الأمريكي باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد قرار بوقف إطلاق النار في مجلس الأمن الدولي، الأسبوع الماضي.  

وذكر أوبورن، في مقال نشره بموقع "ميدل إيست آي" وترجمه "الخليج الجديد"، أن رئيس وزراء البرتغال السابق، البالغ من العمر 73 عاما، بدا "ثوريا بشكل غير متوقع"، في مهمة لتحقيق ذلك النوع من التغيير الذي لم يحلم به تشي جيفارا، وهو: قلب النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة.

وأضاف أن جوتيريش لم يذكر الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بالاسم في خطابه الافتتاحي المثير في منتدى الدوحة، نهاية الأسبوع الماضي، لكنه لم يكن في حاجة إلى ذلك، إذ حث مجلس الأمن على الضغط من أجل تجنب وقوع كارثة إنسانية، وكرر دعوته لإعلان وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية"، في موقف مفاده أن "مسؤولية حدوث إبادة جماعية في غزة على عاتق بايدن".

وفي هذا السياق، بدأ البعض يطلقون على الرئيس الأمريكي لقب "جو الإبادة الجماعية"، ومع مقتل أكثر من 18400 فلسطيني، أي أكثر من ضعف عدد الذين ماتوا في سربرينيتسا قبل 28 عاماً، فإن هكذا لقب ليس مجرد كلام فارغ، بحسب أوبورن.

وأشار الكاتب البريطاني إلى أن 800 خبير في القانون الدولي ودراسات الصراع وقعوا، في أكتوبر/تشرين الأول، على بيان حذروا فيه من احتمال ارتكاب القوات الإسرائيلية أعمال إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، وقدموا فيه أدلة قوية على حجم وشراسة الهجمات الإسرائيلية بينها أن "اللغة التي تستخدمها الشخصيات السياسية والعسكرية الإسرائيلية تبدو وكأنها تعيد إنتاج الاستعارات المرتبطة بالإبادة الجماعية والتحريض عليها".

ومنذ ذلك الحين، أصبح الوضع في غزة أسوأ، وإذا أكدت محكمة دولية توصيف ما يجري في القطاع، فسيتم إدانة بايدن بالمساعدة والتحريض على الإبادة الجماعية، وهي جريمة أفظع من أي شيء تم توجيهه إلى منافسه الانتخابي، دونالد ترامب.

ويرى أوبورن أن هذا التردي في موقف بايدن هو ما دفعه مؤخرا إلى تبني تحذير متأخر لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مفاده أن الدولة العبرية تفقد الدعم بسبب ما وصفه بـ "القصف الإسرائيلي العشوائي" في غزة.

وأضاف أن كل من تحدث إليهم في الدوحة اتفقوا على أنه لم يعد من الممكن الوثوق بالأمريكيين للقيام بدور الوساطة في محادثات السلام، فالقصف العشوائي جريمة حرب، وهو الأمر الذي جرى تنفيذه بدعم واشنطن الكامل وبإمدادات متجددة من الذخائر الأمريكية.

وتابع أوبورن: "كان من المستحيل إغفال الشعور بالاشمئزاز الذي يقترب من العداء تجاه الولايات المتحدة في منتدى الدوحة"، مشيرا إلى أن وزير خارجية الأردن، الموالي للولايات المتحدة عادة، أيمن الصفدي، قال إنه "يشعر بخيبة أمل شديدة" بسبب الفيتو الأمريكي.

وقال الوزير الأردني إن إسرائيل "تشعر أن بإمكانها الإفلات من العقاب. دولة واحدة تتحدى العالم كله، والعالم كله غير قادر على فعل أي شيء حيال ذلك"، في إشارة إلى الدعم الأمريكي المطلق الذي منح الدولة العبرية حصانة مطلقة.

وإزاء ذلك، بدأت الصين في لعب دور بديل عن الولايات المتحدة، وفي إحدى حلقات النقاش بمنتدى الدوحة، أكد هوياو وانغ، المستشار السابق لمجلس الدولة في الجمهورية الشعبية، على ضرورة إنشاء قوة لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة في غزة.

عالم متعدد الأقطاب

ويشير أوبورن، في هذا الصدد، إلى أن أكثر الكلمات شيوعا في منتدى الدوحة كانت هي "تعدد الأقطاب"، وهي طريقة مهذبة للقول بأن عصر الهيمنة الأمريكية قد انتهى، واصفا ذلك بأنه "يمثل موسيقى مطربة لروسيا وإيران"، خاصة أ، كلا البلدين ممثلين في مداخلات المنتدى عبر الإنترنت، عبر وزيري الخارجية: سيرجي لافروف، وحسين أمير عبد اللهيان.

ويرى لافروف أن غزة هدية، فهي تنقذ روسيا من الازدراء بشأن أوكرانيا بنفس الطريقة التي أنقذ بها الغزو البريطاني الفرنسي الإسرائيلي روسيا من العار العالمي بسبب المجر في عام 1956، ولذا يرى أوبورن أن غزة تغير السياسة العالمية.

وبدا ذلك واضحا من تحليل جوتيريش لفشل المجتمع الدولي في التدخل بغزة، عندما أشار، في منتدى الدوحة، إلى أن الفشل في الرد على الأحداث الرهيبة في غزة "أدى إلى انهيار النظام العالمي الذي يفترض أنه ليبرالي والذي أنشأته الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية".

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى إصلاح عاجل للهياكل الأمنية في فترة ما بعد الحرب، وأشار إلى أن هذه الهياكل "ضعيفة وعفا عليها الزمن، وعالقة في فترة زمنية تعكس واقعا مضى عليه 80 عاما"، واصفا مجلس الأمن بأنه "مشلول بسبب الانقسامات الجيواستراتيجية".

ويخلص أوبورن إلى أن تداعيات حرب غزة أسفرت عن تطور تاريخي مذهل، وهو أن الديمقراطيات الليبرالية المزعومة: الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا، هي التي شوهت مصداقية النظام العالمي الليبرالي من خلال إعطاء تفويض مطلق لنتنياهو.

واختتم أوبورن مقاله بأن "شجاعة الشعب الفلسطيني ومعاناته وقدرته على التحمل غيرت تاريخ العالم، ومع تعرض الولايات المتحدة للعار، أصبح الأمين العام للأمم المتحدة هو الصوت الأكثر بلاغة على الساحة الدولية".

المصدر | بيت أوبورن/ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

جو بايدن مجلس الأمن غزة إسرائيل أنطونيو جوتيريش

جانتس يهاجم قيادة نتنياهو وحكومته ويوجه رسالة إلى الأمريكيين