تحليل: اللبنانيون يعارضون فتح جبهة مع إسرائيل لكن لا يمكنهم منع الحرب 

الخميس 21 ديسمبر 2023 08:58 م

مع تزايد خطر امتداد حرب غزة إلى لبنان الغارق حاليا في أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية حادة، يعارض زعماء القوى السياسية بشكل علني وحاسم فتح جبهة موسعة ضد إسرائيل؛ لكن بالرغم من ذلك، لا أحد في الدولة العربية يمكنه منع هذه الحرب خاصة إذا كانت لها دوافع داخلية وخارجية. 

جاء ذلك، وفق تحليل نشره "المركز العربي واشنطن دي سي" سلط فيه الضوء على المواقف المعلنة للقوى السياسية اللبنانية، وأيضا الموقف الإسرائيلي المتطور الذي يريد توجيه ضربة وقائية ضد حزب الله للقضاء على التهديد اليومي الذي يمثله منذ بداية الحرب في غزة. 

وتشهد الحدود الإسرائيلية اللبنانية منذ 7 أكتوبر/ تشرين أول الجاري، توترا شديدا وتبادلا متقطعا للنيران بين حزب الله اللبناني وفصائل فلسطينية من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين. 

في هذا الصدد، قال رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي "لا مصلحة لأحد في المغامرة بفتح جبهة في جنوب لبنان"، مشيرا أن مواطني بلاده "غير قادرين على تحمّل" المزيد من التوترات. 

وأضاف "هناك وحدة لبنانية كاملة تضامنا مع فلسطين، لكن لا مصلحة لأحد بالقيام بمغامرة فتح جبهة من جنوب لبنان، لأن اللبنانيين غير قادرين على التحمّل". 

وأعلن زعيم التيار الوطني الحر جبران باسيل، المتحالف تقليديا مع حزب الله، أن "جميع اللبنانيين متفقون على أنهم لا يريدون الحرب". 

وجاءت المعارضة الأكثر صخباً من حزب القوات اللبنانية، الذي يرفض اتخاذ حزب الله قرارات تؤثر على البلد بأكمله. 

 وحذرت القوات اللبنانية الحزب من جر لبنان إلى حرب مدمرة لا يستطيع تحملها، ودعت الحكومة إلى اتخاذ إجراءات وقائية. 

 انتقد زعيم القوات اللبنانية سمير جعجع بشدة إعلان حماس عن إنشاء وحدة قتالية في لبنان باعتباره تحديًا لسيادة البلاد. 

 كما أكدت القوات اللبنانية أنه في ظل الوضع الاقتصادي المتردي الذي يعيشه لبنان، يقع على عاتق حزب الله دفع تعويضات الأضرار الناجمة عن المناوشات الأخيرة في الجنوب، والتي تقدر بنحو 10 ملايين دولار. 

حذر الزعيم الدرزي ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط من جر لبنان إلى مواجهة مع إسرائيل، بينما أصر على أن إسرائيل والولايات المتحدة وإيران هي التي تتحكم في وتيرة الصراع. 

قال حليف حزب الله نبيه بري، رئيس مجلس النواب وزعيم حركة أمل الشيعية، إن لبنان له الحق في الدفاع عن نفسه ضد الهجمات الإسرائيلية، رغم أنه اعترض على ضرورة الانضمام إلى الصراع الحالي. 

أصدر حزب الكتائب، وهو منظمة مسيحية في معظمها، بياناً في وقت مبكر من الحرب يحذر فيه من "من جر لبنان إلى الصراعات المستمرة في غزة" وحذر من “أي خطوة متهورة من شأنها أن تكون لها عواقب لا يستطيع لبنان تحملها. " 

ولذا، عندما دعا الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، في خطابه في 3 نوفمبر/تشرين الثاني، إلى وقف إطلاق النار في غزة بدلاً من التصعيد الأوسع مع إسرائيل، كان الارتياح واضحاً بين الجمهور. 

ويدرك اللبنانيون تماماً أن حزب الله – صاحب النفوذ الأكبر على السياسة اللبنانية اليوم – وليس الحكومة، هو من سيتخذ قرار الحرب في نهاية المطاف. 

لكن إذا استمر العدوان الإسرائيلي على غزة، فمن المرجح أن يتفاقم الوضع الداخلي في لبنان، وقد تصبح الحرب الشاملة أمراً لا مفر منه. 

وبحسب التحليل فإن لبنان اليوم واقع بين المطرقة والسندان، فمن ناحية، فالدولة واقعة تحت رحمة حزب الله، الذي ينبع سبب وجوده من مقاومته للاحتلال الإسرائيلي لأجزاء من جنوب لبنان أثناء الفترة 1985-2000؛ وتستخدم الجماعة معركتها في الماضي وأي احتلال محتمل مستقبلي لتبرير الاحتفاظ بقوة عسكرية مستقلة عن الدولة ونشرها. 

دوافع داخلية وخارجية 

 ومن ناحية أخرى، يخاطر لبنان بأن يصبح ضحية لهؤلاء الإسرائيليين الذين يعتقدون على نحو متزايد أن هزيمة حزب الله ستعيد إحساسهم بالأمن، والذين كثفوا في الأسابيع الأخيرة لهجتهم ضد حزب الله وطالبوا بانسحابه من الحدود. 

وهدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتحويل بيروت إلى غزة إذا تم استفزاز إسرائيل، بينما قال مستشار الأمن القومي تساحي هنجبي إن إسرائيل لا يمكنها قبول مقاتلي حزب الله على الحدود، حيث يواجهون حوالي 100 ألف جندي إسرائيلي. 

 ومع ذلك، لا تزال المشاعر في لبنان معارضة للحرب مع إسرائيل بسبب آثارها الضارة المؤكدة على البلد الهش بالفعل. 

ومع ذلك، طمأن نصر الله قاعدته الانتخابية، التي تدعم القضية الفلسطينية بقوة، بأن "كل الخيارات لا تزال مطروحة على الطاولة". وتخوض الحركة بالفعل مواجهة من خلال القتال اليومي مع إسرائيل على الحدود. 

ويتعارض هذا الموقف مع بقية المعارضة التي تصر على أن الدولة تتعامل مع احتياجات المواطنين لتجنب تعزيز موقف حزب الله في المنطقة. 

لكن إسرائيل قد تأخذ على عاتقها أيضاً مهاجمة لبنان دون انتظار حزب الله. والواقع أن فكرة الضربة الوقائية تكتسب زخماً مع رغبة الإسرائيليين في القضاء على التهديد اليومي بشن هجمات من خصم أكثر شراسة من حماس على الحدود الشمالية. 

ومهما كانت التحركات التالية لحزب الله أو إسرائيل، فإن تصعيد الصراع الحالي منخفض الحدة إلى حرب واسعة النطاق سيدفع لبنان إلى ظروف اجتماعية واقتصادية أسوأ - حتى مع استمرار مسؤوليه الفاسدين وغير المسؤولين في تخريب أي إمكانية للتعافي والإصلاح على حساب الجمهور.  

ووفق التحليل، فإن وضع الهجمات الحالية بين لبنان وإسرائيل سلط الضوء على قدرة اللبنانيين على تطبيع وضع بالغ الخطورة على الحدود مع إسرائيل. 

وقد يقنع السياسيون أنفسهم أيضًا أنه حتى في الظروف غير الطبيعية، فإن الأنماط "العادية" للحياة السياسية - المشاحنات، وممارسة لعبة إلقاء اللوم، والتنافس على المنصب، والانخراط في الفساد التافه - تشكل أسلوب حكم مقبول وفعال. 

 وبالتالي، فإن التطورات بين حزب الله وإسرائيل تدعو إلى الحذر لأن المرحلة المقبلة وما يترتب عليها من عدم اليقين قد يؤدي إلى غرق الاقتصاد اللبناني بشكل أكبر وتفاقم الظروف المعيشية بشكل كبير، مما يعجل بالانهيار الكامل للبلاد بشكل لا رجعة فيه. 

المصدر | المركز العربي واشنطن دي سي- ترجمة وتحليل الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

لبنان حرب لبنانية إسرائيلية الحرب فى غزة حزب الله

إسرائيل تهدد بتوسيع الحرب مع لبنان وتخشى وقف إطلاق النار.. لماذا؟