تباين بين أحاديث قادة إسرائيل وما يجري على أرض غزة.. إعلام عبري يكشف الفجوة

الجمعة 22 ديسمبر 2023 06:55 م

ثمة فجوة بين تصريحات المسؤولين الإسرائيليين بشأن الحرب، وواقع ميدان المعركة في قطاع غزة، ففي الوقت الذي يشدد السياسيون على أن الحرب مستمرة حتى تحقيق أهدافها، إلا أن الجيش متعثر ولا أحد يريد الاعتراف باستحالة تحقيق أهداف الحرب والقضاء على "حماس".

وتحت عنوان "الفجوة التي لا يمكن جسرها بين خطاب السياسيين الإسرائيليين والواقع في غزة"، يكتب المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" العبرية عاموس هارئيل، إن "هناك تفاوت كبير بين الفهم بأن قوات الجيش أصبحت بالفعل في خضم انتشارها للمرحلة الثالثة من الحرب في غزة، وبين ما يعرضه صناع القرار السياسي للخارج".

ويقول: "يعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مرارا وتكرارا أن الحرب ضد حماس ستستمر إلى الأبد، زيادة أو نقصانا".

ويستدرك هارئيل: "ولكن في الوقت نفسه، يبدو أن مراكز القيادة المختلفة لمديرية العمليات في هيئة الأركان العامة، وكذلك القيادة الجنوبية والقيادة الشمالية والأقسام ذات الصلة، تستعد بالفعل لتغيير كبير في يناير/كانون الثاني المقبل".

ويوضح الكاتب أن "الجيش الإسرائيلي لا يتخلى عن الحرب، لكن لديه رؤية واضحة للصورة الناشئة، حيث يتعين عليه إجراء عدد من التعديلات، وسحب بعض جنود الاحتياط، من أجل مواصلة الحرب بالشكل الجديد".

ويقول هارئيل: "في إطار تلك التعديلات، فإن النية هي الانتشار لإنشاء منطقة عازلة داخل قطاع غزة، والتي ستبعد الخطر المباشر عن المجتمعات الحدودية الإسرائيلية، التي لا تزال مهجورة".

ويضيف: "في الوقت نفسه فإن طبيعة نشاط الجيش ستتغير تدريجياً. فبدلاً من السيطرة على معظم مساحة شمال قطاع غزة وجزء صغير نسبياً من الجنوب بأربع فرق، ستنفذ ألوية من الجيش النظامي عمليات بغارات مركزة، ضد معاقل حماس المتبقية".

ويتابع: "يظل الجدول الزمني الذي يستعد الجيش بموجبه مرنا، بسبب اعتبارات نتنياهو السياسية، ولكن الوتيرة التي يسير بها القتال بطيئة".

ويلفت هارئيل إلى أن "المناورة البرية، كما يطلق عليها الجيش الإسرائيلي، بدأت في غزة قبل ثمانية أسابيع، ولكن في الأسابيع القليلة الماضية، كان معظم تقدم القوات الإسرائيلية مقتصراً على تحركات طفيفة".

ويقول: "بالتوجه نفسه يتحدث الجيش منذ بداية الحرب تقريبا عن هدفه المتمثل في تفكيك قدرات حماس العسكرية والحكومية، ولا يزعم أنه يعد بتدمير المنظمة".

ويتابع: "الإنجازات مبهرة، وكذلك تصميم الجنود. ولكن المشكلة مرة أخرى، تكمن في التفاوت بين بلاغة الخطاب والوضع على الأرض، الذي لا يتقدم بالوتيرة التي يعد بها الساسة".

وعلى الصعيد ذاته، أشار المحلل في صحيفة "يديعوت احرونوت" العبرية رونين برغمان، إلى تصريحات المسؤولين السياسيين عن أهداف الحرب.

ويكتب برغمان، نقلا عن مسؤول إسرائيلي (لم يسمه): "في الأسبوعين الأخيرين، في كل مرة يتعين علي فيها التحدث إلى شخص، أشعر ببعض الغثيان والاشمئزاز، كما لو أنني بحاجة للاستحمام بعد ذلك".

ويضيف المسؤول:" المشكلة ليست في هؤلاء الناس، والرفض مني أنا حين أردد رسائل الحكومة والمؤسسة الأمنية، وأعلم أن ما أقوله غير دقيق جداً جداً، وهذا هو استخفاف القرن".

ويشير برغمان إلى أن "المسؤول يشغل منصبًا حكوميًا رفيعًا، حيث يتعين عليه التعبير عن آرائه علنًا وكذلك مقابلة مسؤولين أجانب (..)، إنه يعرف جيدًا ما يحدث في ساحة المعركة وعلى دراية بالمادة الاستخباراتية".

ويقول: "الغثيان يتعلق بالتعليمات التي يتلقاها بشأن توضيح الخط الدعائي للحكومة، يليه خط الجيش الإسرائيلي، والذي بموجبه يكون للعملية هدفان: تدمير البنية التحتية لحماس وقدراتها وحكمها، وإطلاق سراح المختطفين".

ويشير برغمان إلى أنه "لم يثر أحد تقريبًا في الجمهور الإسرائيلي احتمال أن يكون القادة يخلقون وهمًا كاذبًا".

ويردف: "من المرجح عمليًا أن تنهي إسرائيل في الواقع جولتها من القتال المسلح دون تحقيق الهدف الأول للحرب - دون تدمير كامل للصواريخ ودون تدمير كبير للأنفاق- ومع أضرار جزئية للغاية، ليس هامشية ولكن جزئية، في مجموعة يحيى السنوار وكبار مساعديه السبعة، الذين تم القضاء على اثنين منهم فقط حتى الآن".

ويلفت برغمان إلى أن "الجيش الإسرائيلي والمؤسسة الأمنية حققت إنجازات هائلة في الحملة البرية. بمجرد الذهاب إلى الحرب، بعد عقد من الخوف منها، ناهيك عن القيام بذلك بعد الضربة الفظيعة والمهينة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، يشكل واحداً من أكثر الأمور خطورة".

ويستدرك: "ولكن الحقيقة هي أيضا خيار. فلم يضف مجلس الوزراء موضوع المختطفين كهدف ثانٍ للحرب إلا في 16 أكتوبر/تشرين الأول، وبعد ضغوط شعبية".

ويقول إن "التحرك البري، كما كرر ممثلو الحكومة والجيش الإسرائيلي مراراً وتكراراً، سيساعد في إطلاق سراحهم".

ويضيف: "تجربة أسابيع من القتال أثبتت مدى عدم دقة التصريحات التي تطرح المناورة البرية كوسيلة لتسريع إطلاق سراح الرهائن، في عمليات أو مفاوضات".

ووفق إحصاءات إسرائيلية أسرت "حماس" نحو 239 شخصا خلال هجومها على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بادلت العشرات منهم خلال هدنة إنسانية استمرت 7 أيام حتى 1 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، مع إسرائيل التي تحتجز في سجونها 7800 فلسطيني، بينهم أطفال ونساء.

ويتابع برغمان: "كانت الصفقة التي توصل إليها الجيش الإسرائيلي ونفذها مطروحة بالفعل على الطاولة بعد وقت قصير من دخول القطريين إلى الحدث".

ويلفت إلى أن "التحضير لتغيير شكل القتال يزيد من الانشغال بمسألة اليوم التالي" للحرب.

ويقول: "وهنا أيضا لا يساور الجيش أي أوهام. في هذه المرحلة من الحرب لا توجد قدرة على استبدال حماس، ومن المشكوك فيه ما إذا كان يمكن أن يحدث مثل هذا الوضع حتى بعد الحرب، إلا إذا كانت الضربة أكثر أهمية من تلك التي وجهت إليها حتى الآن، والسبب هو أن مقاتلي حماس الذين سيبقون على قيد الحياة، سيهددون أي شخص يحاول الاستيلاء على السلطة بدلا منهم".

ويضيف: "يقول ضابط مطلع: كنا نعلم أن هناك مترو (أنفاق) في غزة، ولكن ليس مثل المترو الذي وجدناه من أعمدة مفخخة وأبواب محمية، وأنفاق عميقة ومتصلة. سيستغرق تحييدهم وقتا وموارد".

ويتابع: "وقال ضابط آخر إنه من أجل تدمير جميع الأنفاق، سنحتاج إلى جميع الألغام في العالم".

ويردف برغمان: "قال مصدر تقييم رفيع إنه من أجل تدمير قدرات حماس والحفاظ على الإنجاز، هناك حاجة إلى عام من القتال في مختلف التشكيلات في غزة، وإلا ستعود حماس فورا وتنجح في أعمال إعادة الإعمار".

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة خلّفت حتى صباح الجمعة 20 ألفا و57 شهيدا و53 ألفا و320 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، حسب مصادر فلسطينية وأممية.

المصدر | هآرتس ويديعوت أحرونوت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إسرائيل فشل خسائر الحرب في غزة حرب غزة نتنياهو إعلام عبري

دعا للتفاوض بثمن باهظ لإعادة الأسرى.. سفير أمريكا السابق في إسرائيل: حماس لن تُهزم

جنرال إسرائيلي سابق: لن نستطيع هزيمة حماس