لضمان مكاسب لطرف ثالث.. السعودية ستؤجل التطبيع مع إسرائيل

السبت 23 ديسمبر 2023 07:25 م

خلص معظم وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث إلى أن حركة "حماس" شنت هجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي على قواعد عسكرية ومستوطنات إسرائيلية في غلاف غزة بهدف قطع الطريق على احتمال تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية، بحسب "عبد الله الربح" في تحليل بـ"معهد الشرق الأوسط بواشنطن" (MEI).

وردا على جرائم الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، قتلت "حماس" في هذا الهجوم نحو 1140 إسرائيليا وأسرت حوالي 240، بادلت قرابة 110 منهم مع الاحتلال، الذي يحتجز في سجونه أكثر من 7800 فلسطيني، وذلك خلال هدنة استمرت أسبوعا حتى 1 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، بوساطة قطرية مصرية أمريكية.

ومنذ 7 أكتوبر الماضي، يشن جيش الاحتلال حربا مدمرة على غزة، خلّفت حتى مساء أمس الجمعة 20 ألفا و57 شهيدا، و53 ألفا و320 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.

ولفت "الربح"، في التحليل الذي ترجمه "الخليج الجديد"، إلى أنه في 20 سبتمبر/أيلول الماضي، قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة، في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" الأمريكية، إن احتمالات تطبيع العلاقات مع السعودية  "تقترب" كل يوم، مؤكدا في الوقت نفسه ضرورة ضمان حقوق الفلسطينيين.

"الربح" أضاف أن "السعودية، التي لها تاريخ عميق في دعم الفلسطينيين، تتعرض لضغوط شديدة لعدم متابعة أي نوع من التسوية مع إسرائيل حاليا. وأكد السعوديون ضرورة تأمين الحقوق الفلسطينية قبل أن التوقيع على أي اتفاق سلام مع إسرائيل".

ووفقا لتقارير إعلامية أمريكية وإسرائيلية، طلبت السعودية مقابل التطبيع المحتمل، توقيع معاهدة دفاع مشترك مع الولايات المتحدة، والحصول على أسلحة أكثر تطورا، وتشغيل دورة وقود نووي مدني كاملة، بما فيها تخصيب اليورانيوم داخل المملكة، بالإضافة إلى التزامات إسرائيلية نحو إقامة دولة فلسطينية.

عرقلة ملف التطبيع

وبحسب ماثيو ليفيت، من معهد واشنطن، فإن "العامل الذي دفع قيادة حماس إلى تنفيذ هجومها التصعيدي الشديد (طوفان الأقصى) كان في المقام الأول عرقلة الجهود الدبلوماسية الإسرائيلية مع السعودية".

وقال "الربح" إن "حماس كانت على يقين من أن اتفاق التطبيع هذا كان سيرفع القضية الفلسطينية من على رأس جدول أعمال معظم الدول العربية والإسلامية، وسيعزز التحالف الإقليمي ضد إيران وحلفائها، بما في ذلك حماس وحزب الله (اللبناني)".

وتعتبر كل من طهران وتل أبيب العاصمة الأخرى العدو الأول لها، وتواصل إسرائيل منذ عقود احتلال أراضٍ عربية في كل من فلسطين ولبنان وسوريا.

و"موقف السعودية تجاه الحرب الحالية متوازن من وجهة نظرها، فهي لا تؤيد حماس، وفي الوقت نفسه تدين الهجوم (الإسرائيلي) الساحق والحصار على غزة الذي نفذته إسرائيل ردا على (هجوم) 7 أكتوبر"، كما زاد "الربح".

وفي غزة يعيش نحو 2.4 مليون فلسطيني يعانون حتى من قبل هذه الحرب من أوضاع كارثية؛ جراء حصار إسرائيلي متواصل منذ أن فازت "حماس" بالانتخابات التشريعية في عام 2006.

ومضى "الربح" قائلا إن الجانب السعودي أعرب عن استيائه للولايات المتحدة، لافتا إلى سفر  وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى الرياض، في أعقاب زيارته الأولى إلى تل أبيب، حيث استشهد بهويته اليهودية بعد بدء الحرب.

وتابع: ظل بلينكن "ينتظر عدة ساعات (في الرياض) لاجتماع من المفترض أن يحدث في المساء، ولكن ولي العهد لم يظهر إلا في صباح اليوم التالي. واعتبر السعوديون هذا الإجراء بمثابة إشارة إلى سيادتهم وتضامنهم مع إخوانهم الفلسطينيين".

وأضاف أنه "مع استمرار الحرب، يعارض السعوديون بشدة الغزو البري الإسرائيلي لغزة (مستمر منذ 27 أكتوبر الماضي)، والذي تقول الرياض إنه سيجعل من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، التوصل إلى اتفاق سلام بين السعودية وإسرائيل".

ومن أصل 22 دولة عربية، تقيم 5 دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب علاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، التي أُقيمت في عام 1948 على أراضٍ فلسطينية محتلة، إثر تهجير نحو 750 ألف فلسطيني من مدنهم وقراهم.

مكاسب معقولة 

"محمد بن سلمان لا يرغب في توترات عابرة للحدود مع الجيران، إذ تبنى سياسة عدم الصراع، وأعاد العلاقات الدبلوماسية مع إيران (بموجب اتفاق بوساطة الصين في 10 مارس/ آذار الماضي)، وأعرب عن موقف إيجابي تجاه التوصل لاتفاق سلام مع إسرائيل،"، كما أردف "الربح".

واستدرك: "لكن إسرائيل ليست إيران، ففي حين تهيمن على العلاقة مع إيران بشكل أساسي قضايا مشتركة تستطيع الرياض وطهران حلها معا، فإن قضية إسرائيل تشمل مسائل عديدة تتجاوز العلاقات الثنائية".

وأوضح أن "القضية الفلسطينية موضوع بالغ الأهمية بالنسبة لدولة عربية إسلامية رائدة مثل السعودية، لذا على الرياض إجراء حسابات استراتيجية لتحركاتها في أي شؤون محلية أو إقليمية أو دولية يمكن أن تؤثر عليها أو تتأثر بها".

وأضاف: "بالتالي، من المرجح أن تسعى السعودية إلى تأجيل التطبيع مع إسرائيل حتى يتم ضمان مكاسب معقولة للفلسطينيين. وفي الوقت نفسه، لا تزال الولايات المتحدة هي المورد الرئيسي للأسلحة والتكنولوجيا العسكرية للمملكة، وهو أمر بالغ الأهمية للحفاظ على الاستقرار الإقليمي وردع إيران ووكلائها".

"لذلك، باعتبارها الوسيط المفترض لأي اتفاق تطبيع سعودي-إسرائيلي واقعي، يجب على واشنطن بذل جهد حسن النية لتلبية مطالب الرياض بالأسلحة والتقنيات إذا وافق حليفاها الإقليميان على الجلوس والتفاوض على اتفاق سلام"، كما ختم "الربح".

المصدر | عبد الله الربح/ معهد الشرق الأوسط بواشنطن- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

ضمان مكاسب طرف ثالث السعودية إسرائيل تطبيع

أوراسيا ريفيو: حرب غزة أطاحت باتفاقيات أبراهام.. ومصر والأردن قد يلغيان السلام مع إسرائيل

السعودية.. اعتماد ورق السفير السوري لدى المملكة

حرب غزة: المقاطعة وحظر الأسلحة وقطع العلاقات..سلاح العالم لمواجهة إسرائيل