تربيون إكسبرس: طوفان الأقصى تغير الشرق الأوسط وتثبت فشل أمريكا

السبت 30 ديسمبر 2023 11:45 ص

محاولات إسرائيل والولايات المتحدة لبناء "شرق أوسط جديد"، بدون فلسطين سياسة فاشلة، تشبه "مسرحية هاملت بدون أمير الدنمارك".

هكذا يتحدث السيناتور مشاهد حسين، القيادي البارز في البرلمان الباكستاني، لافتا إلى أن عملية "طوفان الأقصى" التي انطلقت من غزة، لها آثار استراتيجية أوسع نطاقاً على إسرائيل والولايات المتحدة، قد تعيد تشكيل الشرق الأوسط من جديد.

ويكتب حسين في مقال نشرته صحيفة "تربيون إكسبرس"، وترجمه "الخليج الجديد"، أن الولايات المتحدة أنشأت "محور القمع" لمواجهة "محور المقاومة" الذي تقوده إيران، بهدف الحفاظ على الوضع الراهن في المنطقة، وتجميد النزاعات مثل فلسطين وكشمير لمحاربة "العدو الحقيقي"، وهي الصين.

ويضيف: "كانت واشنطن تسعى إلى ربط الشرق الأوسط الذي يتمحور حول إسرائيل مع منطقة المحيط الهندي والهادئ، التي تركز على الهند، لتكملة ودعم الحرب الباردة الجديدة التي تقودها الولايات المتحدة ضد الصين".

ويتابع: "في الأساس، تقوم الهند بتكرار سياسات القمع الإسرائيلية في كشمير المحتلة، بالتواطؤ الأمريكي، وبالتالي فإن استراتيجية الولايات المتحدة الإقليمية سترتكز على (ركيزتين مزدوجتين)، إسرائيل في الشرق الأوسط، والهند في جنوب آسيا".

ويلاحظ حسين أنه "قبل أسبوعين فقط من انطلاق (طوفان الأقصى)، ظهرت 3 تطورات منفصلة، ​​ولكنها مترابطة"، أولها كان في 22 سبتمبر/أيلول، حين كشف رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بفخر عن خريطة "الشرق الأوسط الجديد" في الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث كان الفلسطينيون غائبين بشكل واضح.

أما ثاني التطورات، فكان في 20 سبتمبر/أيلول، في أعقاب قمة مجموعة العشرين في نيودلهي، تم إطلاق ممر الاتحاد الأوروبي بين الهند وإسرائيل والشرق الأوسط (IMEC) وسط ضجة كبيرة، والذي تم وصفه بأنه رد الغرب المقلد على مبادرة "الحزام والطريق" الصينية الناجحة للغاية .

أما الثالث، فكان في مايو/أيار 2023، حين اصطحب جيك سوليفان مستشار الأمن القومي للرئيس جو بايدن، شخصيًا نظيره الهندي أجيت دوفال، للقاء رئيس الوزراء السعودي وولي العهد الأمير محمد بن سلمان "لتعزيز رؤيتهما المشتركة لمنطقة شرق أوسط أكثر أمانًا وازدهارًا ومترابطة" مع الهند والعالم.

وفي 2 أكتوبر/تشرين الأول، كتب سوليفان في مجلة "فورين أفيرز" ذات النفوذ، أن "الشرق الأوسط لم يكن هادئًا من قبل كما هو اليوم".

وبعد 5 أيام، كسرت "طوفان الأقصى" ذلك الهدوء.

ويشير حسين إلى أن إدارة بايدن هي الإدارة الأمريكية الأولى منذ 50 عامًا التي استغنت عن ورقة التوت المتمثلة في بدء "عملية السلام" في الشرق الأوسط، حيث كانت راضية عن الوضع الراهن الذي تدعمه إسرائيل والذي يتمثل في احتلال قسري.

ويضيف: "لقد انبثقت 6 عواقب استراتيجية لإعادة تشكيل الشرق الأوسط من "طوفان الأقصى"، سردها فيما يلي:

أولاً: كانت إسرائيل والولايات المتحدة تحاولان "مسرحية هاملت بدون أمير الدنمارك"، وبعبارة أخرى، بناء "شرق أوسط جديد" بدون فلسطين، عبر تعزيز العلاقات الإسرائيلية مع الدول العربية والإسلامية متجاوزة الفلسطينيين، كما لو كانت فلسطين القضية لم تعد ذات صلة.

وقد أصبحت هذه السياسة الآن في حالة يرثى لها: فلا يمكن تحقيق السلام الدائم أو الاستقرار في الشرق الأوسط دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

ثانياً: تم خلق أسطورة حول أنه لا يمكن قهر الجيش الإسرائيلي أو المخابرات الإسرائيلية، وأن الجيش الإسرائيلي و"الموساد" هما "الأفضل والأذكى والأقوى" في الشرق الأوسط، وأن إسرائيل حصن منيع لا يمكن اختراق أمنها أبداً.

ومع ذلك، نجح نحو 1400 مقاتل فلسطيني في نسف هذه الأسطورة من خلال "طوفان الأقصى"، في 7 أكتوبر/تشرين الأول.

ثالثاً: قدمت إسرائيل نفسها على أنها ملاذ آمن "جزيرة السلام والهدوء في بحر من العالم الإسلامي المضطرب والمتقلب والضعيف"، والمكان الأكثر أماناً وأماناً في الشرق الأوسط.

والآن يقولون إنهم عانوا من أكبر الخسائر منذ الهولوكوست، وتم تدمير ما يقرب من ثلث أحدث دبابات "ميركافا" من الجيل الخامس.

رابعاً: أظهر "محور المقاومة" الذي تقوده إيران، نفسه أكثر مرونة من "محور القمع"، حيث قامت الترويكا، التي تقودها إيران والتي تتكون من حماس وحزب الله والحوثيين في اليمن، بتشديد الخناق التكتيكي حول ممرات الشحن والدبلوماسية والسياسة الخارجية والاستراتيجية العسكرية في الشرق الأوسط، وأصبحت طهران الآن مركزية لاستقرار الشرق الأوسط، مع دخولها في العراق وسوريا ولبنان واليمن.

وبدلاً من تطويق واحتواء إيران، فإن إسرائيل هي التي تشعر الآن بأنها محاصرة، مع دفع الولايات المتحدة اليائسة إلى إرسال حاملتي طائرات، بالإضافة إلى تشكيل تحالف مناهض للحوثيين.

خامسًا: يبدو أن روسيا احتفلت بـ"طوفان الأقصى"، باعتبارها "أفضل هدية عيد ميلاد" للرئيس فيلادمير بوتين، حيث تم الآن وضع الحرب الأوكرانية في مرتبة متأخرة، والآن تواجه الولايات المتحدة فجأة موقفًا من ثلاث جبهات: أوكرانيا، والجبهة الجديدة، والحرب الباردة في آسيا والمحيط الهادئ ضد الصين.

وتعد العاصفة في الشرق الأوسط، سيناريو استراتيجي لا يمكن الدفاع عنه بالنسبة لصناع القرار في واشنطن.

ومن ضحايا "طوفان الأقصى" الأخرى الهزيمة المحتملة لبايدن في الانتخابات الرئاسية عام 2024، مما يفتح احتمالات عودة الرئيس السابق دونالج ترامب.

سادسا:  تؤدي "طوفان الأقصى" إلى نشوء انقسام عالمي جديد واضح بين الجنوب والشمال، حيث يقدم الجنوب، بقيادة الصين، إلى جانب روسيا الداعمة، خياراً استراتيجياً، ونظرة عالمية بديلة، للشمال العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة، سواء كان ذلك في غزة أو أوكرانيا أو مبادرة الحزام والطريق أو هيمنة الدولار.

وبات مركز الثقل العالمي يتحول بلا هوادة نحو الجنوب، حيث أدت "طوفان الأقصى" إلى تفاقم هذا الانقسام، كما تبين من التصويت في الأمم المتحدة.

ويعلق السيناتور حسين، على هذه التطورات، بأن غزة هي أيضا أول إبادة جماعية متلفزة في التاريخ، وبأنه على الرغم من قدرة إسرائيل الوحشية على القتل، إلا أن الفلسطينيين لا يتزعزعون في تصميمهم واستعدادهم للمقاومة والموت من أجل قضية الحرية.

ويضيف: "الفلسطينيون يربحون دون أن يخسروا.. كما خسرت إسرائيل (معركة الروايات)".

ويتابع السيناتور الباكستاني: "الوقت قد حان لكي تقرأ الولايات المتحدة وإسرائيل ما هو مكتوب على الحائط: أوقفوا الإبادة الجماعية، وأنهوا الاحتلال، واتخذوا الخطوات اللازمة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة".

ويشير إلى أن التاريخ اليهودي بحد ذاته هو شهادة حية على كسر الأسطورة النازية حول "الحل النهائي".

ويخاطب حسين الولايات المتحدة بالقول: "يجب أن تتعلم من أخطائها وإخفاقاتها في التاريخ الحديث، فبعد الإطاحة بحركة طالبان الأفغانية في عام 2001، استغرق الأمر 20 عامًا وأهدرت 2.2 تريليون دولار في أفغانستان، قبل أن تتفاوض مع نفس الحركة التي وصفتها ذات يوم بالإرهابية لتسهيل انفصالها".

ويضيف: "إن حماس، التي تمثل التطلعات الفلسطينية، ورمز التحدي في غزة، والتي يصفها الغرب أيضاً بأنها إرهابية، هي على الأقل منظمة منتخبة ديمقراطياً فازت في انتخابات حرة في غزة عام 2006، وتقبل الحق المشروع للفلسطينيين في تقرير مستقبلهم".

قبل أن يختتم: "الحرية هي ثمن بسيط يتعين على الولايات المتحدة أن تدفعه مقابل السلام الدائم والأمن والاستقرار في قلب العالم الإسلامي".

المصدر | تربيون إكسبرس - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

طوفان الأقصى الشرق الأوسط أمريكا الهند الصين

هل غيرت طوفان الأقصى الشرق الأوسط أم أعادت مشاكله إلى السطح؟.. إيكونوميست تجيب

يديعوت أحرونوت: 300 ألف مريض نفسي في إسرائيل بسبب طوفان الأقصى

حماس تقدم روايتها: لماذا طوفان الأقصى؟