هيرست: مصير العدالة الدولية معلق على اتهام جنوب أفريقيا لإسرائيل بـ"إبادة غزة" 

الخميس 4 يناير 2024 07:29 م

اعتبر الكاتب البريطاني ديفيد هيرست أن مصير العدالة الدولية أصبح معلق الآن في القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، تتهم فيها إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة. 

وأسفر العدوان المتواصل الذي تشنه إسرائيل على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين أول المنصرم عن سقوط 22 ألفا و438 شهيدا و57 ألفا و614 مصابا، وهذه الحصيلة في ارتفاع كل ساعة تقريبا في تكثيف العدو هجمات على البنية التحتية والمدنيين. 

وقال هيرست في مقال بمجلة ميدل إيست آي البريطانية، إن القضية، التي ستبدأ المحكمة الاستماع إلى المرافعات فيه الأسبوع المقبل، تخلو من تحيز أو تحزب، مشيرا أن وثيقة الدعوى المألفة من 84 صفحة تمت صياغتها بدقة من قبل خبراء دوليين في مجال الإبادة الجماعية. 

والوثيقة مليئة بالأدلة الداعمة للاتهامات التي وجهتها جنوب أفريقيا لإسرائيل، وتم مناقشة الأمر بعناية من الناحية القانونية، وتقدم حقائق ساطعة لا يمكن دحضها أو الشك فيها. 

وأوضح أن الوثيقة تقر بارتكاب حماس جرائم مروعة ضد المدنيين في جنوب إسرائيل خلال هجوم طوفان الأقصى الذي شنته كتائب القسام الجناح العسكري لحماس في 7 أكتوبر/ تشرين أول المنصرم، لكنها تؤكد في الوقت ذاته إنه لا يوجد شيء مما حدث في ذلك اليوم يمكن أن يبرر ما حدث كل يوم طيلة الأشهر الثلاثة الماضية ضد سكان غزة ككل. 

وتحدد الدعوى إن إسرائيل ارتكبت تلك جرائم إبادة جماعية متعمدة في غزة، وموجهة ضد سكان القطاع بشكل خاص، واستشهدت على ذلك بسياسة دولة الاحتلال وأفعال، التي عبر عنها التصريحات الصادرة من أعلى المناصب السياسية في الدولة إضافة إلى أفعال وسلوك جنودها. 

أدلة اتهام   

وذكر هيرست أن الوثيقة قدمت سيلا من الأدلة على ارتكاب إسرائيل جرائم إبادة جنائية في غزة، وقسمتها إلى 7 تصنيفات رئيسية. 

أولا: حجم القتل الذي تجاوز الآن 22 ألف قتيل، 70% منهم نساء وأطفال. 

ثانيا: المعاملة الوحشية واللاإنسانية من قبل إسرائيل بحق أعداد كبيرة من المدنيين، ومن بينهم أطفال، الذين تم اعتقالهم وتعصيب أعينهم وإجبارهم على خلع ملابسهم والبقاء في الخارج في الطقس البارد، قبل نقلهم إلى أماكن مجهولة. 

ثالثا: التراجع المستمر عن الوعود الأمنية، حيث تقصف إسرائيل المناطق التي تنصح سكانها في منشورات بالهروب إليها. 

رابعا: الحرمان من الوصول إلى الغذاء والماء، وهي السياسة التي دفعت سكان غزة إلى حافة المجاعة. 

خامسا: الحرمان من الحصول على المأوى الملائم والملبس والنظافة الصحية؛ فقد أدى الهجوم الإسرائيلي على نظام الرعاية الصحية إلى ترك 13 مستشفى فقط من أصل 36 مستشفى لا تزال تعمل جزئيًا، حيث استهدفت القوات الإسرائيلية مولدات المستشفيات والألواح الشمسية ومحطات الأكسجين وخزانات المياه وسيارات الإسعاف والقوافل الطبية والمستجيبين الأوائل. 

سادسا: تدمير سبل الحياة الفلسطينية في غزة – مدنها ومنازلها ومبانيها السكنية، والبنية التحتية، والجامعات، والثقافة. 

سابعا: التصريحات العلنية من قبل المسؤولين الإسرائيليين عن نية ارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين بما في ذلك إشارات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى القصة التوراتية عن التدمير الكامل لعماليق على يد الإسرائيليين، وبيان الرئيس إسحاق هرتزوج. وأن "هناك أمة بأكملها مسؤولة "، وتأكيد وزير الدفاع يوآف جالانت على أن إسرائيل تحارب "حيوانات بشرية". 

مجازر جارية

وقال هيرست إن توصيفات المسؤولين والمستشارين الصريحة بارتكاب مجازر بحق الفلسطينيين في غزة دقيقة، مستشهدا بما قاله جيورا آيلاند، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي ومستشار الحكومة، فيما يتعلق بالذي يجب أن تفعله إسرائيل بعد هجوم طوفان الأقصى. 

وفي تعليقه على الأوامر الإسرائيلية الصادرة بقطع المياه والكهرباء عن غزة بعد هجوم حماس، كتب آيلاند مقالا نشرته منصة إعلامية إسرائيلية "هذا ما بدأت إسرائيل بفعله – لقد قطعنا إمدادات الطاقة والمياه والديزل عن القطاع... لكن هذا ليس كافياً. 

وأضاف آيلاند أنه "من أجل جعل الحصار فعالا، علينا أن نمنع الآخرين من تقديم المساعدة لغزة... يجب أن يقال للشعب أن أمامه خيارين؛ البقاء والجوع، أو المغادرة. إذا كانت مصر ودول أخرى تفضل أن يموت هؤلاء الأشخاص في غزة، فهذا خيارهم”. 

وأوضح هيرست أن هناك ميزتان تستحقان الاهتمام للدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل. 

الميزة الأولي، أنه على عكس السعي إلى التعويض عن الأحداث الأكثر شهرة في التاريخ الحديث - مثل حقول القتل في كمبوديا، أو الإبادة الجماعية في رواندا، أو جرائم الحرب الصربية - فإن الطلب يتعلق بإبادة جماعية تحدث في الوقت الحالي. 

وأضاف إن تلك الجرائم تحدث كل يوم وستتواصل إذا لم تتدخل قوة خارجية أو تدخل من المحكمة، مشيرا إلى أن ثمة حاجة ملحة لتقديم هذا الدعوى إلى محكمة العدل الدولية. 

الميزة الثانية، هي أن الدولة التي قدمت الدعوى والدولة المتهمة وكليهما تلتزمان بالنظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، وكلاهما طرف في اتفاقية الإبادة الجماعية. 

والأهم من ذلك هو أنه لم تفعل أي دولة أكثر من جنوب أفريقيا لإثبات أن النضال من أجل التحرير ضد نظام الفصل العنصري الاستبدادي القوي للغاية يمكن أن ينجح. 

ومثلها كمثل إسرائيل اليوم، كانت جنوب أفريقيا في عهد الفصل العنصري قوة نووية، وكان لها جيش قوي سحق التمرد المسلح ـ وكانت أيضاً مدعومة من كل القوى الغربية الكبرى. 

لكن نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا قتل نفسه من خلال أفعاله، وبعد أعتبر نظاما منبوذا، كان عليه في النهاية أن الاستسلام لإرادة الأغلبية السوداء المكبوتة. 

إعادة التوطين  

وبحسب الكاتب فإن أي شخص لا يحتاج لأي يكون حاصلا على شهادة فى القانون لكي يستطيع فهم ما يجري من الانتاج اليومي لخطاب الكراهية الإسرائيلي. 

وأضاف ما عليك فعله هو مشاهدة مقاطع الفيديو الخاصة بالجنود والمطربين والفنانين والسياسيين الإسرائيليين التي تعج بخطاب الكراهية، مشيرا إلى أنهم لم يعود أقلية مهمشة، بل يمثلون التيار السائد في إسرائيل. 

وذكر أن هذا التيار يتحدث عن الإبادة الجماعية عن الفلسطينيين وممارسة العنصرية والفاشية ضدهم دون خجل، إنهم فخورون بعنصريتهم ويمزحون بشأنها، ولا يفعلون الكثير لإخفائها.  

وأوضح الكاتب أنه خلف الكواليس، يقال إن مسؤولين كبار يجرون محادثات سرية مع الكونغو من أجل إعادة التوطين "الطوعي" للفلسطينيين من غزة. 

وقد تم التواصل مع السعودية والعراق ودول أخرى بنفس السياسة، قبل فترة طويلة من هجوم حماس، لا يمكن اعتبار هذه الاتصالات التي تم ترتيبها بعناية بمثابة رد فعل على الصدمة، كما أنها ليست مجرد من بنات أفكار أمثال متطرفين أمثال وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير أو وزير المالية بتسلئيل سموتريش.  

وخلص الكاتب إلي أن إفراغ فلسطين من شعبها هو استراتيجية عميقة الجذور وطويلة الأمد، وإذا لم يتم إيقافها فإن إسرائيل ستستمر على نفس المسار، بغض النظر عما يحدث لحماس. 

المصدر | ديفيد هيرست/ ميدل إيست آي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مجازر غزة محكمة العدل الدولية دعوى جنوب أفريقيا الإبادة الجماعية مجازر إسرائيل بحق غزة إعادة توطين

جنوب أفريقيا.. هكذا شكَّل الفصل العنصري قضية الإبادة ضد إسرائيل