توترات البحر الأحمر.. ميرسك تغير مسار سفنها نحو رأس الرجاء الصالح

السبت 6 يناير 2024 11:52 ص

قررت شركة الشحن الدنماركية "ميرسك"، تحويل مسار جميع سفنها لنقل الحاويات، بعيدا عن البحر الأحمر واستبداله بطريق رأس الرجاء الصالح خلال "المستقبل القريب"، منبهة عملائها بضرورة الاستعداد لتعطيل ضخم، في ظل هجمات ينفذها الحوثيون اليمنيون تضامنًا مع غزة وتحدث بلبلة في حركة التجارة الدولية.

في الوقت الذي كشفت فيه شركة الشحن الألمانية "هاباج-لويد"، عن زيادة كبيرة في تكاليف تحويل مسار السفن.

وأفادت الشركة في بيان، أن "كل سفن ميرسك التي كان من المقرر أن تعبر البحر الأحمر وخليج عدن، سيتمّ تحويل مسارها الى الجنوب حول رأس الرجاء الصالح في المستقبل القريب"، مشيرة إلى أن "كل المعلومات المتوافرة تؤكد أن الخطر الأمني يبقى عند مستوى مرتفع بشكل ملحوظ" في البحر الأحمر.

وكانت "ميرسك"، أعلنت الثلاثاء أن اسطولها لن يستأنف عبور مضيق باب المندب الإستراتيجي بعد تعليق مروره الأحد، إثر هجوم للحوثيين على إحدى سفنها، كان الثاني في أقل من شهر.

لكن 5 سفن من "ميرسك" متوجهة نحو آسيا كانت قد عبرت بالفعل قناة السويس من الشمال وتوجهت إلى الجنوب قبالة اليمن، حينما أُعلن الوقف المؤقت، ما أدى إلى بقاء أطقم السفن وعشرات الآلاف من الحاويات في البحر بلا وجهة.

وأظهر جدول زمني لشركة "ميرسك"، أن سفن الحاويات "ميرسك جنوة" و"ميرسك لوندرينا" و"إبا ميرسك" و"غيرترود ميرسك"، التي كانت راسية في البحر الأحمر إلى الجنوب من ميناء جدة السعودي، في الأيام القليلة الماضية تغيَّر مسارها، الخميس، لتمر من طريق رأس الرجاء الصالح.

ولم يجر تغيير مسار سفينة خامسة هي "ميرسك يوتا"، التي كانت عالقة في المنطقة أيضا، لكن متحدثا باسم الشركة قال إنها لن تبحر قبالة اليمن.

وبذلك تتخلى أكبر شركات الشحن في العالم، عن طريق قناة السويس التي تربط آسيا وأوروبا، على الرغم من الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لتعزيز الأمن البحري في المنطقة، وفق ما ذكر تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز"، وترجمه "الخليج الجديد".

ومنذ 18 نوفمبر/تشرين الثاني، تعرّضت 25 سفينة تجارية كان تبحر في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن إلى هجمات.

وقالت "ميرسك" متوجهةً إلى زبائنها: "ندرك التأثير المحتمل لهذا القرار على عملياتكم اللوجستية، لكنّنا نؤكد لكم أنّ كل القرارات اتُّخذت بعناية وأُعطيت فيها الأولوية لسلامة سفننا وبحارتنا وبضائعكم".

ومع الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح، تزداد مدة رحلة السفن بين آسيا وأوروبا ما بين 10 أيام و20 يوما، بحسب أرتور باريلا المدير العام لشركة "أوفرسي" لتنظيم رحلات الشحن البحري.

وتؤكد "ميرسك"، أنها تعتزم من خلال هذا القرار تجنيب سفنها المخاطر.

وأفادت أنه "بتعليق الرحلات عبر البحر الأحمر وخليج عدن، نأمل في تأمين مزيد من الانسجام والقدرة على التكهن لزبائننا رغم التأخير المرتبط بإعادة تحديد المسار".

ويمر عبر قناة السويس ما يقرب من ثلث شحنات سفن الحاويات في العالم، وقد يكلف إعادة توجيه السفن حول أفريقيا وقودا إضافيا بما يصل إلى مليون دولار للرحلة الواحدة ذهابا وإيابا بين آسيا وشمال أوروبا.

وتحويل المسار هذا الذي اعتمدته شركات شحن بحري أخرى ولو بصورة غير منهجية، تترتب عليه كلفة قدرها 400 دولار للحاوية من 40 قدما، يضاف إليها ما بين 600 وألفي دولار للحاوية ككلفة إضافية في مواسم الذروة.

وضاعفت شركة "سي إم سي سي جي إم" الفرنسية للشحن البحري التي علقت عبور سفنها في البحر الأحمر، رسوم النقل للحاوية من 40 قدما بين آسيا والبحر المتوسط من 3 آلاف إلى 6 آلاف دولار.

وتذكر هذه الزيادات بسنوات تفشي وباء (كوفيد)، حين وصل سعر الشحن البحري إلى مستويات غير مسبوقة بسبب بلبلة الشبكات اللوجستية.

وفي هذا السياق، ازداد مؤشر شنغهاي لشحن الحاويات، أحد المؤشرات المرجعية لرسوم شحن البضائع من الصين، ليصل إلى حوالى الضعف خلال بضعة أسابيع.

من جانبه، يعلق بيتر ساندز كبير المحللين في شركة "إكسيندا"، وهي شركة متخصصة في استخبارات سوق الحاويات، على قرار "ميرسك" بالقول: "هذا يؤكد أنه لا توجد حلول سريعة لهذه الأزمة".

وحذر الاقتصاديون من أنه إذا استمرت المشاكل فسوف يؤدي ذلك إلى إبطاء وتيرة تراجع ضغوط الأسعار العالمية، ويمكن أن يؤخر توقيت التخفيضات المتوقعة في أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية.

ويتوقع المستثمرون أن يبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي في خفض تكاليف الاقتراض في وقت مبكر من مارس/آذار، استجابة للتهدئة السريعة لضغوط الأسعار.

لكن الأسواق قلصت هذه الرهانات في الأسبوع الماضي، بعد ارتفاع التضخم في منطقة اليورو، وإشارات إلى أن مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي يريدون إبقاء تكاليف الاقتراض مرتفعة لفترة أطول.

ورفع بنك "جولدمان ساكس" توقعاته للتضخم الأساسي في مايو/أيار، بمنطقة اليورو إلى 2.3% من 2.2% نتيجة القفزة في تكاليف الشحن.

وقال البنك إن امتداد زمن تحويل مسار الشحنات بعيدا عن البحر الأحمر سيكون له على الأرجح تأثير أكبر على التضخم.

وأضاف البنك: "يتوقع محللو الأسهم أن الصدمة لن تكون على قدر سوء وطول فترة 2020-2022 بسبب زيادة المعروض من السفن، وعدم ازدحام بالموانئ نتيجة الإغلاق" وذلك في مقارنة بين الأوضاع الحالية وأوضاع جائحة (كوفيد-19)".

ويقول مدير الأبحاث الكلية العالمية في شركة "أكسفورد إيكونوميكس" الاستشارية بن ماي، إنه بناءً على أبحاث صندوق النقد الدولي، فإن الارتفاع الأخير في تكاليف الشحن يمكن أن يضيف حوالي 0.6 نقطة مئوية إلى التضخم العالمي إذا استمر لبقية هذا العام.

ويضيف أن هذا من شأنه أن يبطئ سرعة تراجع التضخم و"يمكن أن يكون سببا آخر للاعتقاد بأن توقعات السوق لمدى تخفيف السياسة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي هذا العام قد ذهبت بعيدا جدا".

ويتابع رئيس قسم الأسهم في "آر بي سي ويلث" توماس ماكغاريتي: "إذا استمر الاضطراب في البحر الأحمر، فمن المرجح أن تشعر بالتأثير غير المباشر صناعات مثل بيع الملابس بالتجزئة، مع آثار سلبية على الهوامش بسبب ارتفاع تكاليف الشحن".

ونشرت القوى الغربية عددًا من السفن البحرية في المنطقة للمساعدة في توفير الحماية للشحن التجاري، لكنهم تجنبوا حتى الآن رداً أكثر قوة، مثل استهداف المنشآت العسكرية للحوثيين في اليمن، خوفاً من توسيع نطاق الصراع.

ويُنظر إلى شركات الشحن على نطاق واسع على أنها مستفيدة من مشاكل البحر الأحمر مع زيادة أسعار الشحن، ويراهن المستثمرون على أن هذه الأخبار السيئة للاقتصاد العالمي، وتجار التجزئة يمكن أن تحقق أرباحًا أفضل لأكبر مجموعات الحاويات.

وارتفعت أسهم شركة "ميرسك" الدنمركية نحو 40% منذ 12 ديسمبر/كانون الأول، في حين ارتفعت أسهم منافستها الألمانية "هاباغ لويد" بنسبة الثلثين في نفس الفترة.

وكانت أسواق النفط أقل تأثراً بالاضطرابات، حيث لا تزال العديد من الشركات مستعدة لاجتياز طريق البحر الأحمر، وفقاً لشركة "فورت إكسا"، على الرغم من مواجهة تكاليف التأمين المرتفعة.

ولم يرتفع خام برنت إلا قليلا هذا الأسبوع من 77 دولارا إلى 78 دولارا للبرميل.

وقالت شركة "بريتيش بتروليوم"، إن سفنها ستتجنب هذا الطريق.

وتبلغ تكلفة الناقلة التي تحمل شحنة ديزل تبلغ قيمتها 85 مليون دولار الآن حوالي 5 ملايين دولار لرحلة من الشرق الأوسط إلى أوروبا، ارتفاعًا من 3.2 ملايين دولار، قبل بدء هجمات الحوثيين، وفقًا لتقديرات برايمار.

وأشار الاقتصاديون إلى أن المخزونات العالمية من السلع المصنعة كانت مرتفعة نسبيا في حين كان الطلب ضعيفا، مما يجعل النقص أقل احتمالا، في حين يقلل من قدرة الشركات على نقل تكاليف الشحن المرتفعة إلى المستهلكين.

وقال كبير الاقتصاديين العالميين في شركة "كابيتال إيكونوميكس" للاستشارات سايمون ماك آدم، إن الخطر الأكبر يظل يتمثل في توسيع الصراع الذي قد يؤثر على إمدادات الطاقة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

ميرسك البحر الأحمر الحوثيون إسرائيل أمريكا قناة السويس

 أمبري البريطانية تعلن عن حدث أمني بحري في منطقة باب المندب 

القيادة المركزية الأمريكية تعلن إسقاط مسيرة حوثية جنوب البحر الأحمر 

عملاق النقل البحري الصيني يوقف رحلاته إلى إسرائيل

كيف تهدد أمريكا وحلفاؤها العالم؟.. ثمن باهظ لمحاباة إسرائيل

توترات البحر الأحمر قد تنتقل لممرات مائية أخرى.. تقرير غربي: المارد خرج من القمقم

توترات البحر الأحمر تدفع شركات الشحن للبحث عن بدائل.. ما دور دول الخليج؟