كل ما نعرفه عن هجمات أمريكا وبريطانيا على اليمن وقدرة الحوثيين على الرد

الجمعة 12 يناير 2024 06:24 م

بعد سلسلة هجمات على السفن في البحر الأحمر، ردت الولايات المتحدة وبريطانيا على الحوثيين في اليمن، طالت 60 هدفا بأسلحة مختلفة من الجو والبحر، قبل أن تتعود الجماعة المدعومة من إيران بالرد.

وذكرت وسائل إعلام أمريكية، أن طائرات مقاتلة وصواريخ "توماهوك" استُخدمت في العملية المشتركة. وقالت واشنطن إنها استفادت من دعم أستراليا وكندا وهولندا والبحرين.

وأطلقت صواريخ "توماهوك" من سفن في البحر الأحمر، وغواصة واحدة على الأقل، إذ لم يتم تحديد أي من الغواصات التي شاركت في الضربة، ولكن غواصة الصواريخ الموجهة من طراز "أوهايو يو أس أس فلوريدا" كانت قد دخلت البحر الأحمر في نوفمبر/تشرين الثاني، وهي قادرة على حمل 154 صاروخ توماهوك.

وشاركت 4 طائرات من طراز تايفون (FGR4) تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني في الضربات، باستهداف هدفين للحوثيين يطلق منهما المسيرات أحدهما في منطقة عبس، بقنابل موجهة بالليزر، حيث حلقت من قاعدة أكروتيري في قبرص.

كما تم استخدام مدمرات من طراز (Arleigh Burke) مزودة بصواريخ موجهة تابعة للبحرية الأمريكية، وقال البنتاغون، إنه إلى جانب غواصة فلوريدا، أطلقت هذه السفن الحربية أيضا صواريخ توماهوك.

وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن، في بيان، إن "هذه الضربات المحددة رسالة واضحة مفادها أن الولايات المتحدة وشركاءنا لن يغضوا الطرف عن الهجمات على أفرادنا أو يسمحوا لجهات معادية بتعريض حرية الملاحة للخطر".

وأضاف بايدن في بيان أصدره البيت الأبيض إن "الضربات هي رد مباشر على هجمات الحوثيين غير المسبوقة ضد السفن الدولية في البحر الأحمر، بما في ذلك استخدام الصواريخ الباليستية المضادة للسفن لأول مرة في التاريخ".

وتابع: "هذه الهجمات عرّضت الأفراد الأميركيين والبحارة المدنيين وشركاءنا للخطر، كما قوضت التجارة وهددت حرية الملاحة".

وزاد بايدن، أنه "لن يتردد" في إعطاء توجيهات لاتخاذ المزيد من الإجراءات لحماية الأفراد والتدفق الحر للتجارة.

من جانبه، أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، أن الضربات استهدفت أجهزة رادار وبنى تحتية لمسيرات وصواريخ، في مسعى لإضعاف قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن التجارية في البحر الأحمر.

وقال أوستن في بيان، إن "ضربات الخميس استهدفت مواقع مرتبطة بالطائرات بلا طيار التابعة للحوثيين والصواريخ البالستية وصواريخ كروز وقدرات الرادار الساحلي والمراقبة الجوية".

وأضاف أوستن أن "هذه العملية تستهدف تعطيل وإضعاف قدرة الحوثيين على تعريض البحارة للخطر وتهديد التجارة الدولية في أحد أهم الممرات البحرية في العالم".

وقال مسؤول رفيع المستوى في إدارة بايدن، إن الضربات كانت "كبيرة" وتشير التوقعات إلى أنها "ستضعف بشكل كبير قدرات  الحوثيين".

وأكد متحدث باسم وزارة الدفاع ،الأمريكية أن التقييم الأولي يشير إلى أن الضربات على الحوثيين كانت لها آثار جيدة وسوف نستمر في مراقبة الوضع.

وقال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، الجمعة، إنه يعتقد أن الضربات ستؤدي إلى إضعاف قدرة الجماعة المتحالفة مع إيران.

وأضاف سوناك للصحفيين خلال زيارته لأوكرانيا "لقد نفذنا سلسلة من الضربات مع الحلفاء، والتي نعتقد أنها ستؤدي إلى إضعاف وتعطيل القدرة - أنواع الأشياء التي استهدفناها - وهي مواقع إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة".

وتابع أن "المؤشرات الأولية تقول إن تلك الضربات كانت ناجحة... هدفنا واضح للغاية وهو تهدئة التوترات واستعادة الاستقرار في المنطقة".

فيما قال متحدث باسم حلف شمال الأطلسي، إن الضربات في اليمن كانت "دفاعية وتهدف إلى حماية حرية الملاحة في أحد أهم الممرات المائية في العالم".

وأضاف المتحدث أن "القوات الحوثية تتلقى الدعم والإمداد والتجهيز من إيران. لذا فإن طهران تتحمل مسؤولية خاصة لكبح وكلائها".

فيما قال الناطق العسكري باسم الحوثيين، الذين يسيطرون على أجزاء شاسعة من شمال اليمن أبرزها العاصمة صنعاء، إن الضربات استهدفت مواقع عسكرية في العاصمة صنعاء، ومحافظات الحديدة وتعز وحجة وصعدة.

وذكر المتحدث العسكري العميد يحيى سريع، إن 73 ضربة أدت إلى مقتل  من مقاتلي الجماعة وإصابة 6 آخرين.

بدورها، أفادت قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين أن الضربات استهدفت مطارات وقواعد عسكرية في مدن يمنية عدة.

وأشارت القناة إلى أن الضربات طالت قاعدة الديلمي الجوية شمال العاصمة، ومحيط مطار الحديدة، ومناطق في مديرية زبيد، ومعسكر كهلان شرقي مدينة صعدة، ومطار تعز، ومعسكر اللواء 22 بمديرية التعزية، والمطار في مديرية عبس.

فيما قالت القوات الجوية الأمريكية في بيان، الجمعة، إنها شنت ضربات ضد 60 هدفا في 16 موقعا تابعا للحوثيين، واستهدفت مراكز قيادة وسيطرة ومخازن ذخيرة وأنظمة إطلاق ومنشآت تصنيع وأنظمة رادار خاصة بالدفاع الجوي.

وأظهرت مقاطع مصورة تمّ تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، انفجارات تضيء السماء وأصوات دوي قوي وهدير طائرات.

وكُتب على أحدها أنها ضربات تستهدف قاعدة الديلمي الجوية، فيما كان مصور المقطع يقول إنه يُظهر "الضربة الصاروخية التي شُنّت قبل قليل".

وقال مسؤول أمريكي، إن الهجمات استهدفت أكثر من 10 مواقع، وإن الضربات كانت تهدف إلى إضعاف القدرات العسكرية للحوثيين ولم تكن رمزية فقط.

وأضاف: "استهدفنا قدرات محددة للغاية في مواقع بعينها باستخدام ذخائر دقيقة".

فيما ذكرت وزارة الدفاع البريطانية في بيان، أن "الدلائل الأولية تشير إلى أن قدرة الحوثيين على تهديد الشحن التجاري قد تلقت ضربة قوية".

وعقب الهجمات، أعلنت جماعة الحوثي، أن جميع المصالح الأمريكية والبريطانية أصبحت "أهدافا مشروعة" لقواتها.

وطوّر الحوثيون في اليمن، قدرات عسكرية كبيرة، خصوصا في المجال الجوّي، وسبق أن أطلقوا صواريخ ومسيّرات باتجاه إسرائيل وسفن تجارية مرتبطة بها، حسب ما يقولون، خلال الأسابيع الماضية، رداً على حربها ضد حركة حماس في قطاع غزة.

ومنذ اندلاع الحرب في اليمن عام 2014، بدأ الحوثيون بتطوير قدراتهم العسكرية الجوية، بدءاً من الصواريخ البالستية وصواريخ كروز، بالإضافة إلى الطائرات المسيّرة المصنّعة بمواد ومعدات إيرانية، وفقاً لخبراء في مجال الدفاع.

وتضم ترسانة الحوثيين صواريخ بالستية من طراز "طوفان"، وهي في الأساس صواريخ "قدر" الإيرانية لكن أعيد تسميتها، ويتراوح مداها بين 1600 و1900 كيلومتر، حسب الخبير العسكري في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية فابيان هينز.

وقال هينز، إن هذه الصواريخ "غير دقيقة إلى حدّ كبير، على الأقلّ في النسخ التي استعرضوها، لكن يُفترض أن تكون قادرة على بلوغ إسرائيل".

وأجرت إيران عام 2016 تجارب على صواريخ "قدر" التي ضربت أهدافًا تبعد نحو 1400 كيلومتر.

وقال كبير محللي الشرق الأوسط لدى مجموعة "نافانتي" الاستشارية الأميركية محمد الباشا، إن الحوثيين كشفوا عن ترسانتهم من صواريخ "طوفان" قبل أسابيع من شنّ حركة "حماس" هجومها على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول.

وكان الحوثيون استولوا على أسلحة الجيش اليمني عندما سيطروا على صنعاء ومناطق محيطة بها.

ويقول مسؤولون عسكريون في صفوفهم إنهم استطاعوا تصنيع صواريخ ومدرعات ومسيّرات.

ولطالما اتّهمت الرياض وواشنطن طهران بتزويدهم بالأسلحة، وهو ما تنفيه الجمهورية الإسلامية.

كما يملك المتمرّدون أيضًا صواريخ "كروز" إيرانية من طراز "قدس"، حسب هينز.

وتتوافر نسخ عدة من هذه الصواريخ، بعضها يبلغ مداه حوالى 1650 كيلومتر، "ما يكفي للوصول إلى إسرائيل"، وفق هينز.

ومن أجل بلوغ أقصى جنوب إسرائيل، يتعيّن على المتمردين الذين يسيطرون على مناطق شاسعة على الساحل الشمالي الغربي لليمن، إطلاق مقذوفات لا يقلّ مداها عن 1600 كيلومتر.

وعام 2022، أعلن الحوثيون استخدام صواريخ "قدس 2" لاستهداف العاصمة الإماراتية أبوظبي، وعبرت الصواريخ آنذاك مسافة 1126 كيلومترا من شمال اليمن.

كما أطلق الحوثيون صواريخ "قدس 2" عام 2020 لاستهداف منشآت في السعودية.

ويقول الحوثيون إنهم يصنّعون طائراتهم المسيّرة محلياً، وكشفوا عنها في عرض عسكري أقيم في صنعاء في مارس/آذار 2021.

وتتضمن ترسانتهم من الطائرات بدون طيار ميسّرات "شاهد-136" الإيرانية التي تستخدمها روسيا في حربها على أوكرانيا ويبلغ مداها حوالى ألفَي كلم، بحسب هينز.

ولدى الحوثيين أيضًا مسيّرات من طراز "صماد 3".

ويقول هينز: "لا نعرف مداها بشكل دقيق لكن يُفترض أن يبلغ نحو 1600 كيلومتر"، وسبق أن استخدموها في هجماتهم على الإمارات والسعودية.

ويمكن لـ"صماد 3" حمل 18 كيلوجراما من المتفجرات، وفقا لمصادر إعلامية حوثية وخبراء.

وجاء في تقرير "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" في 2020 أنّ الطائرات بدون طيار هذه "تستخدم إرشادات نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي أس) وتحلّق بشكل مستقل على طول نقاط الطريق المبرمجة مسبقا" نحو أهدافها.

وبشأن ما إن كانت الجماعة المسلحة قادرة على تنفيذ تعهدها بالانتقام بعد هذه الضربة، يقول الباحث بـ"مركز الأهرام" للدراسات السياسية والاستراتيجية بهاء محمود، إن ردها سيكون بـ"حسبان مخاطر التصعيد وخطر اتساع الصراع".

ويتوقع أن تلجأ لـ"خيار التمهل وعدم مفاقمة الخسائر التي تعرضت لها بعد الضربة الأخيرة".

ويتفق معه الباحث والمحلل السياسي السعودي حسن المصطفى، حيث يقول إن الضربات قد تحد "مرحليا" من قدرات الحوثيين، إلا أنها لن "تمنعهم من مواصلة الهجمات".

ويشير إلى أن "دائرة الاستهداف قد تتسع، ونشهد حوادث ضد سفن أمريكية وبريطانية، تؤدي إلى اندلاع هجمات متبادلة ترفع من منسوب التوتر إقليميا".

ويتوقع الباحث السعودي، ألا يخرج الحوثيون والولايات المتحدة على ما اعتبرها "خطوط اشتباك مرسومة سلفا"، غير أنه يلفت إلى "أن الأخطاء ورادة، والتجاوزات قد تقع لسبب أو آخر، ومن الممكن أن توسع دائرة الصراع الذي لا يريد له أحد أن الاتساع".

بشأن مدى نجاح الضربات الأخيرة في إلحاق الضرر بالترسانة الحربية للحوثيين وقدرتها على ردعها عسكريا، يقول المصطفى، إنه حتى بضربات أكبر أو أوسع، ستكون لدى الجماعة "القدرة على صناعة طائرات مسيرة صغيرة الحجم، خفيفة الوزن، محدودة التأثير، رخيصة التكلفة، إلا أنها مؤذية، وقد تكون لديها القدرة على المناورة، فهي تطير على ارتفاع منخفض؛ ومن هنا ستكون سلاحا فعالا، رغم محدودية قدرته الهجومية".

يشار إلى أن الضربات الامريكية البريطانية، هي الأولى من الولايات المتحدة على الأراضي اليمنية منذ عام 2016، وأول مرة تهاجم فيها الحوثيين المتحالفين مع إيران بهذا النطاق.

ويأتي هذا الهجوم بعد أسبوع على تحذير وجهته 12 دولة بقيادة الولايات المتحدة للحوثيين من أنهم سيواجهون عواقب في حال مواصلة استهداف السفن التجارية في البحر الأحمر، أحد أهم الممرات المائية للتجارة العالمية.

وينفذ الحوثيون هجمات على السفن في مدخل البحر الأحمر منذ أكتوبر وهو مسار من أكثر مسارات التجارة العالمية ازدحاما فهو الممر الرئيسي بين أوروبا وآسيا ويمثل حوالي 15% من حركة الشحن العالمية.

وتسببت الهجمات التي ينفذها الحوثيون في تعطيل حركة التجارة الدولية وأجبرت بعض السفن على قطع الطريق الأطول حول جنوب القارة الأفريقية مما زاد من تكلفة ووقت نقل السلع وأجج مخاوف من موجة جديدة من ارتفاع التضخم عالميا وتعطيل التعافي الاقتصادي العالمي بعرقلة سلاسل الإمداد.

وخلال الأسابيع الماضية، شن الحوثيون أكثر من 25 عملية استهداف لسفن تجارية يشتبهون بأنها مرتبطة بإسرائيل أو متجهة إلى موانئ إسرائيلية، قرب مضيق باب المندب الاستراتيجي عند الطرف الجنوبي للبحر الأحمر، تضامنا مع قطاع غزة الذي يشهد حربا مع إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

اليمن الحوثيون الحوثي حرب غزة أمريكا بريطانيا البحر الأحمر

الحكومة اليمنية تتهم الحوثيين بجر البلاد للحرب وتلمح لمشروعية الضربات الغربية ضدهم

ضربة عسكرية أمريكية جديدة تستهدف الحوثيين في اليمن

دفاع أمريكي بريطاني وتنديد روسي صيني في مجلس الأمن للهجمات على الحوثيين

أمريكا فشلت في حشد السعودية والإمارات وقطر ومصر ضد الحوثيين.. وجهودها تتعقد

ستراتفور: 8 نتائج مباشرة متوقعة للضربات الغربية ضد الحوثيين في اليمن

هل تستدرج الهجمات الأمريكية البريطانية على الحوثيين إيران إلى حرب؟

الجارديان: ضربات الغرب ضد الحوثيين ستعيد تشكيل الصراع بالشرق الأوسط

بريطانيا تعتزم تحديث نظام صاروخي تستخدمه ضد هجمات الحوثيين