كاتب إيراني: شكرا غزة.. كشفتي الفلسفة الأوروبية المفلسة أخلاقيا

الجمعة 19 يناير 2024 11:00 ص

انتقد المفكر والناقد الإيراني حميد دباشي، موقف الغرب ومثقفيه من العدوان على غزة، مشيرا إلى أن تضحيات الفلسطينيين كشفت الفلسفة الأوروبية المفلسة أخلاقيا.

وفي مقال نُشر بصحيفة "ميدل إيست آي" البريطانية، انطلق دباشي من فرضية ساخرة تتساءل عن موقفهم لو أن "دولة مثل إيران أو سوريا أو لبنان أو تركيا قصفت - بدعم من روسيا والصين - إسرائيل لمدة ثلاثة أشهر، وقُتل في هذا القصف عشرات الآلاف من الإسرائيليين، وجُرح وتشوه عدد كبير من الأشخاص، واستُهدفت المستشفيات والمعابد اليهودية والمدارس والجامعات، والمكتبات، ما يعني أي مكان مأهول بالسكان، وذلك لضمان الحد الأقصى من الخسائر في صفوف المدنيين؛ في حين تعلن الدولة المهاجمة للعالم أن التهم غير حقيقية وكل ما تفعله هو أنها تبحث عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومة الحرب".

وقال دباشي وهو أستاذ بقسم الدراسات الإيرانية والأدب المقارن في جامعة كولومبيا، في مقاله: "اسأل نفسك عما ستفعله الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا وأستراليا وألمانيا، على وجه الخصوص، في غضون 24 ساعة من هجمة في هذا السيناريو الخيالي".

وتابع "عد الآن إلى الواقع، وفكّر في حقيقة أنه منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول (ولعقود قبل ذلك التاريخ)، لم يشهد حلفاء تل أبيب الغربيون ما فعلته إسرائيل بالشعب الفلسطيني فحسب، بل زوّدوها أيضًا بالمعدات العسكرية والقنابل والذخائر والتغطية الدبلوماسية، وقدمت وسائل الإعلام الأمريكية مبررات أيديولوجية لذبح الفلسطينيين والإبادة الجماعية لهم".

ويؤكد دباشي في مقاله أن النظام العالمي الحالي لن يحتمل السيناريو الخيالي الذي يرسمه، ولو ليوم واحد حتى، لا سيما مع وجود البلطجة العسكرية التي تمارسها الدول الغربية من أجل إسرائيل.

وانطلق الكاتب من ذلك إلى موضوعه المباشر حول الفلسفة الأوروبية التي لا مكان فيها لشعوب العالم.

وقال: "أولئك الذين منا هم خارج المجال الأوروبي للخيال الأخلاقي، ولا وجود لهم في عالمهم الفلسفي. العرب والإيرانيون والمسلمون؛ أو الناس في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، ليس لدينا أي حقيقة وجودية عند الفلاسفة الأوروبيين، إلا كتهديد ميتافيزيقي يجب التغلب عليه وتهدئته".

وبحسب دباشي، فإن "هذا خط مستمر من كانط وهيجل، وصولًا إلى إيمانويل ليفيناس وسلافوي جيجيك، فنحن مقسمّون عندهم بين كوننا غرائب أو أشياء معروفة، ولهذا قام المستشرقون بفك رموزها. وعلى هذا فإن مقتل عشرات الآلاف منا على يد إسرائيل، أو الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، لا يسبب أدنى توقف في أذهان الفلاسفة الأوروبيين".

ولقطع الشك باليقين، دعا دباشي لإلقاء نظرة على الفيلسوف الألماني يورجن هابرماس وعدد قليل من زملائه، الذين يصفهم بأنهم خرجوا: "بعمل فظ من الابتذال القاسي لدعم المذبحة التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين".

والسؤال المطروح الآن، بحسبه، ليس ما الذي يمكن أن نفكر به في هابرماس بوصفه إنسانًا، بل كيف يمكن أن نفكر به كعالم اجتماعي وفيلسوف ومفكر نقدي؟ وهل ما يعتقده يهم العالم بعد الآن؟

طُرحت أسئلة مماثلة حول فيلسوف ألماني آخر، هو مارتن هايدجر، في ضوء انتماءاته إلى النازية.

يقول دباشي: "يجب علينا الآن أن نطرح مثل هذه الأسئلة حول صهيونية هابرماس العنيفة والعواقب المهمة على ما يمكن أن نفكر به في مشروعه الفلسفي بأكمله؟".

ثم يسأل: "إذا لم تكن لدى هابرماس ذرة واحدة في خياله الأخلاقي لأشخاص مثل الفلسطينيين، فهل لدينا أي سبب لاعتبار مشروعه الفلسفي بأكمله مرتبطًا بأي شكل من الأشكال ببقية البشرية، خارج جمهوره الأوروبي القبلي المباشر؟". 

تجاهل مطلق

التجاهل المطلق للفلسطينيين متجذر بعمق في الخيال الفلسفي الألماني والأوروبي بحسب الكاتب الإيراني.

بالنسبة لصاحب كتاب "هل يستطيع غير الأوروبي التفكير؟"، يقول: "الفكرة السائدة هي أن الألمان، بسبب ذنب المحرقة، طوّروا التزامًا قويًا تجاه إسرائيل. أما بالنسبة لبقية العالم، وكما يتبين الآن من الوثيقة الرائعة التي قدمتها جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل الدولية، فهناك اتساق تام بين ما فعلته ألمانيا أثناء عصرها النازي وما تفعله الآن أثناء عصرها الصهيوني".

ويتماشى موقف هابرماس مع سياسة الدولة الألمانية المتمثلة في المشاركة في المذبحة الصهيونية للفلسطينيين.

ويتماشى مع ما يُنظر إليه على أنه "اليسار الألماني"، مع كراهيته العنصرية وكراهية الإسلام والأجانب للعرب والمسلمين، ودعمهم الشامل لأعمال الإبادة الجماعية التي ترتكبها المستعمرة الاستيطانية الإسرائيلية.

ومضى دباشي: "يبدو أن هابرماس يجهل أن تأييده لذبح الفلسطينيين يتوافق تمامًا مع ما فعله أسلافه في ناميبيا خلال الإبادة الجماعية لهيريرو وناما. ومثلهم كمثل النعامة، علق الفلاسفة الألمان رؤوسهم داخل أوهامهم الأوروبية، معتقدين أن العالم لا يراهم على حقيقتهم".

يختم حميد دباشي مقاله بالقول: "استيقظ العالم من السبات الزائف للفلسفة العرقية الأوروبية. واليوم، نحن مدينون بهذا التحرير للمعاناة العالمية لشعوب مثل الفلسطينيين، الذين أدت بطولاتهم وتضحياتهم التاريخية الطويلة إلى تفكيك الهمجية السافرة التي تقوم عليها الحضارة الغربية".

وأسفر العدوان الإسرائيلي على القطاع عن 25 ألف شهيد فلسطيني وإصابة الآلاف أغلبهم من الأطفال والنساء.

المصدر | ميدل إيست آي + الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إسرائيل أوروبا غزة

85 يوما على محرقة غزة.. الغارات تتواصل وأوروبا تنتقد خسائر المدنيين

بوريل يجدد انتقاده لإسرائيل.. والاتحاد الأوروبي يناقش خطة سلام