ف. تايمز: لماذا استخدمت إيران جيشها بشكل مباشر بدلا من وكلائها في المنطقة؟

السبت 20 يناير 2024 12:42 م

ماذا تريد إيران؟.. ساق أندرو إنجلاند ونجمة بزرجمهر هذا السؤال، في تحليل نشرته صحيفة "فايننشال تايمز"، في محاولة لفهم سلوك طهران الميداني خلال الأيام الماضية، والذي اعتبره البعض يعبر عن تغيير في الاستراتيجية في التصعيد ضد إسرائيل والولايات المتحدة منذ بداية الحرب في غزة في أكتوبر/تشرين الثاني الماضي.

لكن تحليل "فايننشال تايمز" يرى أن إيران لم تغير الاستراتيجية، لكنها غيرت التكتيكات، بعد أن اقتنعت أنها بحاجة إلى إظهار عضلاتها بشكل أوضح وأكثر مباشرة باستخدام جيشها بدلا من وكلائها.

أول علامة على ذلك كانت عندما نزلت قواتها البحرية، قبل نحو أسبوع، من طائرة هليكوبتر للاستيلاء على ناقلة نفط قبالة سواحل عمان.

وبعد أيام، جاء دور نخبة الحرس الثوري لإلقاء نظرة على قدراتهم العسكرية. وأضاء الحراس سماء أربيل في شمال العراق بعد إطلاق وابل من الصواريخ الباليستية على ما وصفته إيران بأنه "مركز تجسس" إسرائيلي.

ثم جاءت غارات للحرس الثوري في سوريا وباكستان، والتي ردت عليها الأخيرة.

لماذا رفعت إيران مستوى المواجهة؟

يقول التحليل إن طهران كانت راضية عن "محور المقاومة" الذي يضم جماعات مسلحة في لبنان وسوريا والعراق واليمن، لقيادة الرد العسكري، وشن هجمات ضد إسرائيل والقوات الأمريكية في المنطقة وتعطيل خطوط الشحن الدولي.

ومع ذلك، يبدو أن سلسلة من الأعمال العدائية على مدى الأسابيع الـ3 الماضية، والتي استهدفت الإيرانيين وكذلك كبار قادة وكلاء الجمهورية، قد أجبرت إيران على رفع مستوى التحدي، حسبما يذكر التقرير.

وأسفرت غارة جوية إسرائيلية في سوريا عن مقتل قائد كبير في الحرس الثوري في نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وفي الأسبوع التالي، أدت غارة إسرائيلية أخرى إلى استشهاد صالح العاروري، نائب الزعيم السياسي لحركة "حماس"، في جنوب بيروت، معقل جماعة "حزب الله" اللبنانية والتي تعد أقوى وكيل لإيران بالمنطقة.

وفي 3 يناير/كانون الثاني الجاري، وهو اليوم التالي، قتل انتحاريان ما يقرب من 100 إيراني كانوا قد تجمعوا في مدينة كرمان الجنوبية لإحياء ذكرى اغتيال الولايات المتحدة لقاسم سليماني، أقوى قائد في الجمهورية.

وأعلن تنظيم "الدولة الإسلامية" مسؤوليته عن الهجوم، ولكن فقط بعد أن أشار قادة الحرس الثوري إلى أن إسرائيل هي المسؤولة.

وبعد ذلك، أدت ضربة أمريكية في بغداد إلى مقتل قائد كبير في ميليشيا عراقية مدعومة من إيران، مما وجه ضربة أخرى لمحور الممانعة.

وعندها بدأت إيران في توجيه الضربات بشكل مباشر، إذ وصف الحرس الثوري هجومه على أربيل بأنه رد على "الفظائع الأخيرة للنظام الصهيوني" فضلا عن مقتل قادة الحرس و"المقاومة".

تغيير في التكتيكات

وقال مسؤول إيراني إن الضربات الإيرانية لا تمثل تغييراً في الاستراتيجية، بل تغييراً في التكتيكات لتوعية الولايات المتحدة وإسرائيل بالتهديد الذي يمكن أن تشكله طالما استمرت الحرب في غزة.

ويضيف المسؤول: "إن إشراك باكستان وأربيل يبعث برسالة مباشرة إلى الإسرائيليين والأميركيين، وهي: لا تعبثوا مع إيران، وأنهوا الحرب في غزة"، مشيرا إلى أن بلاده لا تريد حربا مباشرة مع إسرائيل والولايات المتحدة، "لكننا نريد أن يراها الأميركيون ويشعروا بها، وأن نظهر مدى قدرتنا".

ويؤكد المسؤول الإيراني بحسب "فايننشال تايمز" أن هذه الاستراتيجية لا تخلو من المخاطر، لكن المتشددين داخل إيران يعتقدون أنه يمكن السيطرة على الضرر، "ومن وجهة نظرهم، فإن المشاركة المحدودة والمحسوبة يمكن أن تعطي رسالة إلى وكلاء إيران مفادها أننا ندعمهم في الأوقات الصعبة".

ومنذ الحرب المدمرة مع العراق في ثمانينيات القرن العشرين، جعل النظام الإيراني وكلاءه والحرب غير المتكافئة جزءا لا يتجزأ من استراتيجيته الأمنية الوطنية، مدركا أنه يفتقر إلى الأسلحة التقليدية التي تضاهي الولايات المتحدة أو إسرائيل.

وجهة نظر أخرى

ويسوق التحليل وجهة نظر أخرى مفادها أن تحركات إيران الأخيرة متناقضة وتبدو كردة فعل قصيرة النظر.

ويقول علي فايز، خبير الشؤون الإيرانية في مجموعة الأزمات: "لم تكن إيران العقل المدبر اللامع الذي يرى البعض أنه يعمل باستراتيجية واضحة وأهداف ملموسة ومناورة ذكية". "الكثير من أفعالها تبدو رد فعل، ومتدافعة، وقصيرة النظر، ومتهورة".

ويضيف أنه على النقيض مما يقوله القادة الإيرانيون، فإن الضربات التي استهدفت قادة الحرس الثوري وحزب الله والميليشيا العراقية قللت من جهود إيران الرامية إلى إبراز الردع الإقليمي من خلال المحور، ووضعتها "في موقف دفاعي".

ويكمن قلقه في أن تتجه طهران إلى طريق آخر لزيادة المخاطر مع الولايات المتحدة، ألا وهو برنامجها النووي.

الحفاظ على إيران

وتعتقد سنام فاكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط في "تشاتام هاوس"، أن النظام سيستمر في تقييده بسبب هدفه النهائي: الحفاظ على الذات.

وأضافت: "الأولوية الأولى لإيران هي إيران، ويجب ألا ننسى ذلك أبدًا. إيران لن تحشد قواتها إلا إذا تعرضت لضربة مباشرة".

وبدلاً من ذلك، ستستمر في الاعتماد على شبكتها الوكيلة لاستعراض قوتها.

تقول فاكيل: "لديها استراتيجية دفاعية متقدمة وضعتها موضع التنفيذ وحاولت دفع تهديداتها المتصورة بعيدًا عن حدودها".

لكن من المهم عدم المبالغة في الترويج لمكانة إيران في المنطقة أو استثماراتها في محور المقاومة، كما يقول التحليل.

ومع ذلك، فإن السؤال الحاسم هو ما إذا كانت الحسابات في طهران ستتغير إذا اندلعت حرب شاملة بين إسرائيل و"حزب الله" - الوكيل الذي استثمرت فيه طهران بشكل كبير، والذي يرى البعض أنه لا غنى عنه لراعيها.

وينقل التحليل عن مسؤول إيراني قوله: "حزب الله ليس حماس - حزب الله هو جمهورية إيران الإسلامية".

المصدر | أندرو إنجلاند و نجمة بزرجمهر / فايننشال تايمز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إيران الحرس الثوري الإيراني باكستان محور المقاومة

الضربات تزداد خطورة.. هل تقترب أمريكا وإيران من حافة الحرب؟

فورين أفيرز: لماذا تجعل حرب غزة "إيران نووية" أكثر احتمالا؟