و.بوست: العلاقات المصرية الإسرائيلية في خطر بسبب محور صلاح الدين

الأربعاء 31 يناير 2024 09:57 م

سلطت صحيفة "واشنطن بوست" الضوء على ما وصفته بـ "الخطر" الذي يهدد العلاقات المصرية الإسرائيلية بسبب النزاع بشأن تقدم القوات الإسرائيلية جنوبا في غزة وسيطرتها على المنطقة الحدودية، المعروفة باسم محور فيلادلفيا (صلاح الدين).

وذكرت الصحيفة الأمريكية، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أكد منذ ديسمبر/كانون الأول مراراً وتكراراً أن إسرائيل لا تستطيع القضاء على حماس دون بسط سلطتها على المنطقة الحدودية الجنوبية لغزة، بما في ذلك معبر رفح المصري، الذي كان بمثابة نقطة عبور حيوية للأشخاص والمساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر.

وقال نتنياهو: "بشكل أكثر دقة، نقطة التوقف الجنوبية في غزة – يجب أن تكون في أيدينا"، وأشار إلى الطريق العازل على طول الحدود، بالقول: "يجب إغلاقه، ومن الواضح أن أي ترتيبات أخرى لن يضمن نزع السلاح الذي نسعى إليه".

وقبل 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كانت سلطات الحدود المصرية وحركة حماس تدير جانبيها من معبر رفح، الذي يقع على طول محور صلاح الدين، وهي أرض محظورة يبلغ طولها حوالي 9 أميال وعرضها عدة مئات من الياردات وتمتد من أقصى الطرف الجنوبي من غزة إلى البحر الأبيض المتوسط، ولم يكن لإسرائيل أي قوات على الأرض على طول الحدود منذ عام 2005، عندما سحبت الدولة العبرية قواتها من قطاع غزة.

وستكون إعادة السيطرة الإسرائيلية على المنطقة أمرًا حاسمًا لخلق "وضع استراتيجي جديد في غزة" حيث تكون حماس غير قادرة على مهاجمة إسرائيل مرة أخرى، وفقًا لمايكل ميلشتاين، الزميل البارز في جامعة "رايخمان" الإسرائيلية والرئيس السابق للشؤون الفلسطينية في الجيش الإسرائيلي.

وهنا تشير الصحيفة الأمريكية إلى أن العدوان الإسرائيلي ألحق الضرر بحماس، لكن الحركة لا تزال تقود آلاف المقاتلين، ويقول مسؤولون إسرائيليون إن كبار قادتها ما زالوا مطلقي السراح، كما أن الكثير من شبكة أنفاقها لايزال سليما، خاصة في الجنوب، ومع انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة ستظل الاستراتيجية طويلة المدى، الخاصة بنزع السلاح، بعيدة المنال.

وإزاء ذلك، قال ميلشتين، موجها حديثه لنتنياهو: "يجب أن تسيطروا على هذا المحور، بما في ذلك معبر رفح الحدودي، وإلا فإن ذلك يعني أنه إذا كان هناك وقف لإطلاق النار أو حتى تسوية أوسع في غزة فإن الحدود ستظل بأكملها مفتوحة، وستحصل حماس بسرعة كبيرة على كل ما تحتاجه وتعيد تشكيل قوتها".

لكن فكرة عودة القوات الإسرائيلية إلى الحدود أطلقت أجراس الإنذار في القاهرة، التي قالت في الأسابيع الأخيرة إن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تخاطر بتقويض معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية لعام 1979، وهي اتفاقية تاريخية أدت إلى نصف قرن من التعايش المشترك والتعاون بين العدوين اللدودين.

وأوضحت مصر أنها تعتبر الحدود خطا أحمر، ما عبر عنه رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، ضياء رشوان، في بيان له الأسبوع الماضي، جاء فيه: "يجب التأكيد بشكل صارم على أن أي تحرك إسرائيلي في هذا الاتجاه سيؤدي إلى تهديد خطير للعلاقات المصرية الإسرائيلية".

وتبادل المسؤولون والمعلقون، المصريون والإسرائيليون، الاتهامات هذا الشهر حول الجهة المسؤولة عن تهريب الأسلحة إلى حماس في غزة، "ما يكشف عن تزايد الصدوع في العلاقة التي كانت بمثابة حجر الأساس للاستقرار في منطقة مضطربة"، بحسب الصحيفة الأمريكية.

نقص ثقة

وفي السياق، قال العضو السابق في مجلس النواب المصري، محمد أنور السادات، ابن شقيق أنور السادات، الرئيس المصري الذي وقع على معاهدة السلام مع إسرائيل عام 1979: "هناك نقص في الثقة أو التفاهم من الجانبين، وهو أمر لم نعتد عليه. بصراحة: نعتقد أننا عدنا إلى المربع الأول عندما يتعلق الأمر بعلاقتنا مع إسرائيل.. إلى السبعينيات".

ونوهت الصحيفة الأمريكية، في هذا الصدد، إلى أن مصر "لطالما دعت إلى حق تقرير المصير للفلسطينيين، وكانت وسيطا رئيسيا بين إسرائيل والسلطات الفلسطينية، ولم تكن العلاقات بينها وبين إسرائيل دافئة على الإطلاق، لكن البلدين طورا شراكة أمنية وثيقة في السنوات الأخيرة وكانا يسعيان إلى علاقات أعمق في مجالي الاقتصاد والطاقة".

ومنذ تولي الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، السلطة بعد انقلاب عسكري عام 2013، دمرت مصر مئات الأنفاق المستخدمة لتهريب الأسلحة والبضائع من وإلى غزة، كما قامت الحكومة بتهجير عشرات الآلاف من سكان شمال سيناء وهدمت المباني القريبة من الحدود لإنشاء منطقة عازلة عسكرية بعمق حوالي 3 أميال.

وفي الوقت نفسه، سمحت إسرائيل لمصر بإرسال قوات عسكرية إلى سيناء لمحاربة التمرد الإسلامي، بما يتجاوز ما سمحت به معاهدة 1979.

وفي هذا الإطار، قال سمير فرج، وهو المحلل الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، إن التعاون الأمني بين مصر وإسرائيل كان ممتازا حتى السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وبحسب الصحيفة الأمريكية فإن الإشارة من جانب إسرائيل إلى أن مصر فشلت في اتخاذ إجراءات صارمة ضد التهريب على نحو كاف، أثارت وتراً حساساً بين المسؤولين المصريين، الذين يعتبر الأمن أمراً بالغ الأهمية بالنسبة لهم.

ومن وجهة نظر القاهرة، فقد أقدم السيسي بالفعل على مخاطر سياسية كبيرة من خلال تعزيز الحصار الإسرائيلي على غزة، حتى في الوقت الذي يبحث فيه أكثر من مليون فلسطيني نازح عن الأمان في رفح.

وقدم رشوان، في بيانه، دفاعاً مطولاً عن الجهود التي تبذلها مصر للقضاء على التهريب، مشيرا إلى تدابير بينها إنشاء جدار خرساني بعمق 20 قدماً، شيدته مصر على طول الحدود في السنوات الأخيرة.

 ووصف رشوان الادعاء بأن عمليات التهريب تتم عبر شاحنات تحمل مساعدات وبضائع إلى غزة من الجانب المصري لمعبر رفح بأنه "كلام فارغ وسخيف".

وكانت التوترات بين مصر وإسرائيل مرتفعة بالفعل بعد دعوات المشرعين الإسرائيليين اليمينيين إلى تهجير سكان غزة إلى سيناء، وهو سيناريو "كابوسي" بالنسبة لمصر، بحسب وصف الصحيفة الأمريكية، التي أشارت إلى أن الحرب في غزة وجهت ضربة أخرى للاقتصاد المصري المتعثر، إذ انخفضت عائدات السياحة والدخل من الشحن عبر قناة السويس بعد أن بدأ المسلحون الحوثيون في اليمن بمهاجمة السفن التجارية في البحر الأحمر.

زعزعة الاستقرار

وفي السياق، قالت ميريت مبروك، مديرة برنامج الدراسات المصرية في معهد الشرق الأوسط بواشنطن: "إن الضغط المفروض على مصر في الوقت الحالي أمر غير عادي، ولا يقل أمن مصر أهمية عن أمن إسرائيل، لذلك عندما تستمر في محاولة زعزعة استقرار مصر، أو إذا كنت تتقدم بطريقة من المحتمل جدًا أن تزعزع استقرار مصر، فهذا ليس في مصلحتك".

وقال فرج إن مصر تدرس مجموعة من الخيارات للرد إذا سيطرت القوات الإسرائيلية على المنطقة الحدودية، لكنه امتنع عن الخوض في التفاصيل.

وقال نتنياهو، في مؤتمر صحفي السبت الماضي، إن العلاقات مع مصر "مستمرة وطبيعية" بعد تقارير أفادت بأن القاهرة تدرس استدعاء سفيرها من تل أبيب.

وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية هذا الأسبوع أن الجيش الإسرائيلي لن يقوم بعملية برية على طول محور صلاح الدين إلا بموافقة المسؤولين المصريين، ما أكد عليه ميلشتاين قائلا "إن الحفاظ على العلاقات مع القاهرة اعتبار مهم للغاية من وجهة النظر الإسرائيلية".

ورجح دبلوماسي عربي سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، أن تصبح القوات الإسرائيلية على طول الحدود أهدافًا لحماس أو المسلحين المتحالفين معها، "ما سيوصل العنف إلى عتبة مصر مباشرة ويقف في طريق السلام الدائم"، حسب قوله.

وأضاف أن استيلاء إسرائيل على محور صلاح الدين سيقطع الرابط الجغرافي لمصر مع غزة، ما قد يقوض نفوذ مصر على حماس ويضعف دورها كوسيط بين السلطات الإسرائيلية والفلسطينية، خاصة وهي تواصل إلى جانب قطر والولايات المتحدة، لعب دور رئيسي في المفاوضات بشأن وقف محتمل لإطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الأسرى.

المصدر | واشنطن بوست/ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر إسرائيل غزة حماس محور صلاح الدين فيلادلفيا نتنياهو

إذاعة الجيش الإسرائيلي: اقتراب التوصل لاتفاق مع مصر حول محور صلاح الدين ومعبر رفح