استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

إصلاح دولة الأمن العربية

السبت 2 أبريل 2016 08:04 ص

تؤكّد تجربة الدول العربية أن المقاربات التكنوقراطية في مايتعلَّق بإصلاح قطاع الأمن عاجزة عن تحقيق الغرض. والأمر ببساطة أن التركيز على ترقية ورفع مستوى المهارات الغنية والقدرات العملياتية، في غياب تحسين حوكمة الأجهزة الأمنية، يُمكِن تقويضه بسهولة من قِبَل تحالفات مناهضة للإصلاح، وهو مايعزّز نهايةً أنماطاً رجعية من السلوك.

يصدق هذا بشكلٍ خاص في البيئات السياسية والاجتماعية شديدة الاستقطاب، وبأكبر قدرٍ من الوضوح في مصر والعراق وليبيا واليمن، ناهيك عن البحرين وسوريا. فقد يحقق النهج التدرجي نجاحا جزئيا حيثما تتوفّر بعض التعددية - كما هو الحال في لبنان وتونس، وربما السلطة الفلسطينية والجزائر - وفي غياب الصراعات الأهلية أو النزاعات المسلحة الداخلية. ولكن حتى في هذه البلدان، فإن التعديلات الجزئية التكنوقراطية لاتكفي لإنتاج قطاع أمني حديث وخاضع إلى المساءلة.

وبعيدا عن الأطر القانونية الرسمية، تعمل الحواجز التي تحول دون تنفيذ عمليات التدقيق الفعّالة، على منع رصد التدفقات المالية إلى وداخل أجهزة الشرطة والأمن الداخلي

علاوة على ذلك، غالبا ماتكون مثل هذه المؤسسات قادرة على تحييد التدريب على مكافحة الفساد لتواصل الأنشطة غير المشروعة كالمعتاد.

ولهذا، لابد من إزالة حجاب السريّة الذي يحيط بالقطاعات الأمنية، لكي يتاح إصلاح قطاع الأمن والشرطة في الدول العربية بصورة فعّالة

غير أن اليمن هو الوحيد بين الدول العربية الذي أعدّ قانوناً لحرية المعلومات بعد العام 2011.

وفي المقابل، عملت مؤسسات عِدّة في الدولة في مصر على إعاقة اقتراح تَقَدّم به الجهاز المركزي للمحاسبات في مصر لاستنان تشريع ينص على حق المواطنين في  الحصول على المعلومات بشأن الفساد.

والمشكلة كما ترى الباحثة المصرية دينا الخواجة هي أنه قد يكون من المستحيل فرض الإصلاح على أساس فاسد بنيويا. والمطلوب هو الإشراف الفعّال والشامل على المقتنيات العامّة، والشفافية الأكثر اكتمالاً بشأن الميزانيات والإجراءات الروتينية، وتحسين مراقبة الحدود من قِبَل أجهزة متعدّدة بهدف تفكيك الشبكات غير المشروعة التي يتورّط فيها أفراد من قطاع الأمن.

وقد أثبتت دول عربية مثل الأردن أن المستويات المنخفضة من الفساد في قطاع الأمن تساعد في تمكين التوصّل إلى نتائج مهمّة، حتى في بيئة عصيبة تشمل حدوداً طويلة، وسوق سوداء واسعة تتغذّى من الحروب في الدول المجاورة، وأعداداً كبيرة من اللاجئين.

علاوةً على ذلك، تتطلب الإدارة الفعّالة لقطاع الأمن توفُّر الإرادة السياسية الثابتة من أعلى المستويات الحكومية، وبشكل خاص الاستعداد لدفع الإصلاحات الموازية التي يتفاعل معها قطاع الأمن. والواقع أن تغييراً بهذا الحجم من شأنه أن يثير قدراً كبيراً من النزاع والجدال، ومن غير السهل التنبّؤ بمساره ونتائجه أو توجيهه، حتى لو توفَّرت إرادة حكومية عازمة.

يكشف ذلك عن مفارقة كأداء: إذ شهدت الدول العربية التي حاولت أن تنتقل إلى التعدّدية السياسية انقسامات مجتمعية حادّة وعميقة حول طبيعة عمل الشرطة والغرض منه. فأدّت الانقسامات بلا استثناء إلى تعقيد عملية الإصلاح. ولا تشكّل مطالبة البعض بقيام الشرطة بإنفاذ القيم الدينية سوى مثلٍ من بين أمثلة عدّة على ذلك.

تتفاوت ديناميكيات إصلاح قطاع الأمن بحسب أنماط العمل الشرطي السابقة والظروف التي تخضع فيها السلطات إلى التحديات التي تضطرّها إلى سلوك مسارات جديدة. والواقع أن غالبية الناس إما يتطلّعون حتى الآن إلى الدولة وأجهزتها المفوَّضة رسميّاً بحل المشاكل وتوفير احتياجات إنفاذ القانون الأساسية، أو يفضّلون التطلّع إليها لو أُتيح ذلك، بدلاً من اللجوء إلى الأطراف البديلة غير الدولتية لتوفير الأمن (أو كما هي الحال غالباً الخضوع إليها)، مايمنح الدولة شرعية قوية للضلوع بعملية الإصلاح.

لكن وعلى الرغم من أن هذا الشعور من شأنه أن يسهّل عملية الإصلاح، كانت الانقسامات في العديد من المجتمعات العربية على مدى العقدين الماضيين سبباً في إعاقة التوصّل إلى الإجماع بشأن كيفية إعادة هيكلة وإصلاح الشرطة. وقد أدّى تهميش ماقد يصل إلى 40% من السكان، الذين يعيشون عند خط الفقر أو مادونه، إلى صعود تحديات لنُظُم الحكم برمّتها، في حين أدّى أيضاً إلى إخضاع قطاعات اجتماعية كاملة إلى الاستهداف من قِبَل الأجهزة الأمنية الرسمية.

كما يؤثر الإصرار على سحق المعارضة على الطبقات المتوسطة الحضرية، التي يُفترض بها لولا ذلك أن تكون أشدّ المناصرين للإصلاح في هذا السياق، كما تُظهِر حالتا مصر وسورية. وتوحي الطبيعة الطائفية لقطاع الأمن في العراق والاستقطاب الحزبي في السلطة الفلسطينية بمخاطر مماثلة.

يُضاف إلى كل ذلك أن الانهيار السياسي والدستوري الشديد والتفتت الاجتماعي والمؤسَّسي واسع النطاق، يعيقان الإصلاح إن لم يمنعاه تماماً، في بلدان مثل ليبيا واليمن.

وحتى في مصر، ذات الدولة شديدة المركزية والبيروقراطية، يتم تفويض بعض المهامّ الشرطية والأمنية في المناطق الريفية أو المهمّشة من البلاد، ليس للبلطجية وحسب، بل أيضاً لأتباع الحزب الحاكم السابق والعُمَد وشيوخ العشائر.

من الواضح أن إضفاء الطابع الرسمي على عمل الشرطة وحل المنازعات على أساس العشيرة أو الطائفة أو الهويّة الإثنية - كما هو الحال لدى الميليشيات الثورية في ليببيا، أو ميليشيات الحشد الشعبي الشيعية أو الحشد العشائري السنيّة في العراق، أو الميليشيات الحزبية الطائفية في لبنان - من شأنه أن يكون ضارّاً لتماسك الدولة ووحدتها. لكن التركيز في الماضي على القطاعات الأمنية التي تُدار مركزياً جعلها أصولاً بالغة الأهمية في المنافسات السياسية، مامكَّنها من الإفلات من الرقابة والاستفادة من الحصانة القانونية بحكم الأمر الواقع. فالأمر يتطلب إذاً إيجاد توازن أفضل لتخفيف مخاوف القوى الاجتماعية والسياسية المتنوّعة، التي تشكّل مشاركتها ضرورة لتجديد الأطر الدستورية، وتعزيز سيادة القانون، وإحياء الهوية الوطنية ومؤسسات الدولة في سياق التحوّل الديمقراطي.

خلاصة الأمر أن إصلاح قطاع الأمن لايمكن عزله عن العملية الأوسع المتمثلة في التحوّل الديمقراطي والمصالحة الوطنية. وتكتشف الدول العربية التي تمرّ في مراحل انتقالية الآن مدى صعوبة إحلال الديمقراطية المستدامة محل الممارسات والعلاقات الاستبدادية الراسخة، وهي العملية التي تعتمد بشكل حاسم على تحويل قطاعاتها الأمنية. كما أن التركيز المتزايد على مكافحة الإرهاب يُعيق أيضاً سبيل الإصلاح، على الرغم من ثبات عدم كفاءة القطاعات الأمنية التي لم تخضع إلى الإصلاح في إنجاز تلك المهمّة كذلك، كما تدلّ تجربتا مصر وتونس بوضوح شديد.

يتعين على المنادين بالديمقراطية وبإصلاح قطاع الأمن أن يُظهِروا وحدة الهدف بثبات، وأن يبنوا الإجماع المجتمعي والائتلافات السياسية حول برامجهم، وأن يصوغوا السياسات المتماسكة والمستدامة. وآنئذ فقط يصبح من الممكن حل المعوّقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تقف في طريق بناء أجهزة الشرطة والأمن الحديثة والخاضعة إلى المساءلة.

 

  كلمات مفتاحية

الأمن الدول العربية الفساد

«النقد العربي»: قطر الأولى عربيا في مكافحة الفساد والإمارات الثانية والسعودية الثالثة

عنف أجهزة الأمن ودروس 2011

«الغارديان»: تعاظم «الفساد العسكري» يهدد استقرار المنطقة

المجتمع المدني العربي في فخ اللعبة الدولية

خواطر حول الأمن القومي العربي

الشركات العربية بحاجة لتطوير المسؤولية الاجتماعية