استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

ماذا بعد الاستباحـة الدائمة للأقصى

السبت 9 أبريل 2016 07:04 ص

تتصرّف حكومة الاحتلال الإسرائيلي إزاء المسجد الأقصى والحرم القدسي على أساس ما يُسمّى الوضع القائم بالسماح للمتطرفين اليهود باستباحة الحرم والمسجد، وتنظيم دخول الفلسطينيين المسلمين لأداء عباداتهم. وهو مدار تصريحات متكرّرة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. ومآل هذه السياسة الضغط باتجاه التوصل إلى اتفاقيات جديدة، بخصوص الأماكن الإسلامية المقدسة، تحت طائلة عمليات استباحةٍ جماعيةٍ وشبه جماعية وفردية (المتطرف يهودا غليك مثالاً)، بحراسة رجال الشرطة وحمايتهم، إلى جانب السيطرة على أعداد المسلمين المصلين، وتحديد أعمارهم وأماكن مجيئهم.

هناك، الآن، نِزال حول المسجد الأقصى وساحة الحرم القدسي، ما أن يهدأ حتى يتجدّد.

إذ يسعى الاحتلال الصهيوني إلى النيل من رمزية الأماكن الإسلامية المقدسة، كموئل وطني وروحي ذي إشعاع للفلسطينيين، ولأكثر من مليار مسلم في العالم. مع التطفل على هذه الأماكن والسعي إلى إضفاء طابع يهودي أو ثنائية دينية إسلامية يهودية، كما هو الحال في الحرم الإبراهيمي في الخليل. ويعمل الاحتلال على جعل المساس بالقدس الإسلامية قضية "وطنية صهيونية"، يتجنّد لها اليمين الأشد تطرفاً، والأحزاب الصهيونية الدينية، ومجموعات المستوطنين، إلى جانب أجهزة الأمن والشرطة، وجماعات طلابية وشبابية تشكلت لهذا الغرض، مثل "أمناء الهيكل" و"طلاب من أجل الهيكل".

على الجانب الفلسطيني، هناك حراس مسجد الأقصى، ويتبعون وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الأردنية، ليسوا مسلحين، وهناك مجموعات المرابطين والمرابطات الذين يتولى أعداد منهم، على مدار الساعة، حماية مداخل الأقصى وساحة الحرم من أي عمليات تخريب. ويتعرّض هؤلاء للتنكيل من قوات الاحتلال، والتضييق عليهم واعتقال بعضهم .

وقد دأب فلسطينيو 1948 على ارتياد المسجد الأقصى والصلاة فيه، وقد تم منعهم لاحقاً من الوصول إليه.

أما الحركة الإسلامية في الشمال، برئاسة رائد صلاح، فقد واظبت على الدفاع عن الأقصى والتوجه نحوه والمرابطة فيه، وبعد أن عجزت قوى الشرطة عن تلفيق اتهامات ضد الحركة بخصوص الموقف من الأقصى، عمدت السلطات إلى وضع الحركة الإسلامية في الشمال خارج القانون، لحرمان عناصرها ومؤيديها من الوصول إلى الأقصى.

وجاء في قرار المجلس الوزاري المصغر الإسرائيلي 16 نوفمبر/ تشرين ثاني 2015 أن "الحركة الإسلامية في شقها الشمالي" حرضت على تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى، من خلال الرباط فيه، الأمر الذي أدى إلى استفزازات دفعت إلى زيادة التوتر في الحرم القدسي الشريف، ما أدى إلى موجة من أعمال العنف، بسبب التحريض والدعاية التي روّجوها.

ويسترعي الانتباه ادعاء المجلس الوزاري أن الحركة الإسلامية كانت عازمةً على تغيير الوضع القائم. وهذا الوضع، في عُرف الاحتلال، هو تمكين قطعان المتطرفين والمستوطنين من استباحة المسجد الأقصى بحماية جهاز الشرطة.

بحرمان الحركة الإسلامية من الوصول إلى الأقصى، خسر الصامدون في الأقصى رافداً وظهيراً لهم. ووجد المتطرفون، في قرار حكومتهم، حافزاً لمواصلة النيْل من مكانة الأقصى، وترويع المؤمنين فيه.

خلال ذلك، وبصفته وصياً على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية، بحكم اتفاقٍ مبرم مع السلطة الفلسطينية، وباعتراف إسرائيلي بهذه الوصاية، لعب الأردن دوراً في كبح الجموح الصهيوني، ولكن إلى حين. فعلى مدار العام الماضي، تواصل الجانبان، الأردني والإسرائيلي، وأحياناً بوساطةٍ أميركية، شارك فيها الوزير جون كيري لمنع التهاب الوضع. 

وقد أدت هذه الجهود الأردنية إلى إقرار نتنياهو بالتزامه بعدم تغيير الوضع القائم في الأقصى، وذلك مع المحاذير التي راجت، خلال العام الماضي، بتقسيم الأقصى زمنياً ومكانياً، بحيث تكون لليهود المتطرفين أماكن وساعات معينة للزيارة وأداء الشعائر، وكذلك الفلسطينيين المسلمين لهم أوقات محددة للدخول إلى أماكن محددة لأداء العبادة.

سدنة الأقصى وحراسه، والمرابطون، ومعهم الأردن والسلطة الفلسطينية، رفضوا أي توجه بهذا الخصوص، وحذّروا من خطورته البالغة. ما أدى إلى تراجعٍ إسرائيلي بهذا الخصوص، وتحت عنوان الحفاظ على الوضع القائم وعدم تغييره. 

حالياً، يدور جدل حول كاميرات المراقبة التي أصر الأردن على وضعها، فالمحتلون يريدون الإشراف عليها، ودائرة الأوقاف تحظر أي تدخل إسرائيلي في شؤون الأقصى.

وقد دأب الأردن على توجيه احتجاجاتٍ شديدةٍ على السلوك الإسرائيلي. والملاحظ أن الجانب الإسرائيلي لا يكلف نفسه الرد على هذه الاحتجاجات، ولا يعمل، بالطبع، على إزالة أسبابها.

ومع أن الأردن يبدي تشككه العميق في النوايا الإسرائيلية، وينظر بحذرٍ بالغ إلى الاستفزازات الإسرائيلية. وعلى الرغم من تلويحها، على أعلى المستويات، بأنها تملك أوراقاً في مواجهتها التعديات الإسرائيلية المتكرّرة، إلا أن عمّان لم تمض خطوة إضافية إلى الأمام في المواجهة السياسية والقانونية والدبلوماسية مع الاحتلال، وربما لحساباتٍ معقدة، منها عدم ضمان الحصول على نتائج أفضل.

وعدم ضمان تأييد أميركي لأي تصعيد سياسي مع الاحتلال، والتأييد الأميركي حاسم في تأثيره على تل أبيب، إضافة إلى غياب عمل جماعي عربي وإسلامي حيال القدس والأماكن المقدسة، والاكتفاء ببياناتٍ موسمية، على أن ذلك كله لا يرفع التكليف الاستثنائي والمسؤولية الخاصة عن الأردن بحماية الأقصى، كونه وصياً على الأماكن المقدسة، وكون هذه الوصاية عزيزة جداً على القلوب.

أما السلطة الوطنية في رام الله، فقد دأبت، كغيرها من الأطراف، على اتخاذ مواقف مندّدة بالسلوك الإسرائيلي تجاه القدس والمقدسات، لكن السلطة لا تجد نفسها طرفاً في الاحتجاجات الشعبية، علماً أن الاحتلال قد دأب على تصفية أي حضور للسلطة في القدس، ومن اللافت للنظر أن أركان السلطة الذين يؤدون الصلوات لا يتوجهون، بمن فيهم الرئيس محمود عباس، إلى الأقصى لأداء الصلاة فيه. 

الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية آخر ما تبقى من رموز روحية ومعالم وطنية، وصروح تاريخية، تدلل على تجذّر الفلسطينيين في بيت المقدس. ويخوض العدو معركةً طويلةً ومنهجيةً للسيطرة على هذه الأماكن، وقد بدأت هذه المعركة بمحاولة إحراق الأقصى من داخله، وبعد شهور فقط على قيام الاحتلال. وما زالت المعركة مستمرة، وتنادي أكثر من مليار مسلم.

  كلمات مفتاحية

فلسطين المسجد الأقصى الوصاية الأردنية الاحتلال الصهيوني جون كيري بنيامين نتنياهو اليمين الإسرائيلي السلطة الفلسطينية رائد صلاح

أنشطة تهويد الأقصى تتعاظم عشية «الفصح»؟