طور جديد من العلاقات السعودية الأمريكية: خلافات البلدين أعمق من العلاقة بين القادة

الجمعة 15 أبريل 2016 02:04 ص

تعتبر قمة الأسبوع المقبل في الرياض بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي هي الفرصة الأخيرة لإدارة «أوباما» لإعادة ضبط العلاقات الأمريكية السعودية. وفي حين أن القمة رسميا هي قمة متعددة الأطراف بين الولايات المتحدة ودول الخليج الست، لكن كل العيون سوف تكون مركزة على الرئيس «أوباما» والملك «سلمان».

سيسعى كلا الزعيمين إلى تقديم صورة المجاملة للآخر. عند التقاط الصور، وعند إلقاء البيانات حول هذا اللقاء، ومع ذلك، فإن العلاقة متوترة على نحو متزايد. ولكن العلاقات بين البلدين من غير المرجح أن تنهار في أي وقت قريب. ولكن ما لم تعمل الرياض وواشنطن نحو فهم جديد حول ماذا يمكن أن تتوقعه كل جهة من الجهة الأخرى، فإن ركائز دعم العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية سوف تستمر في التراجع.

خلفية

تعتمد المملكة العربية السعودية منذ عقود على الولايات المتحدة في الأمن الخارجي. ومن الطبيعي، نظرا لهذا الاعتماد، ونظرا عدم تكافؤ القوة بين البلدين، سوف تكون الالتزمات التي تطلبها المملكة من الولايات المتحدة أكثر من أجل الحصول على الاطمئنان المستمر على تضامن الولايات المتحدة وسوف تكون حساسة لأي مؤشر على أن الولايات المتحدة تقدم لها ما هو أقل من الدعم غير المشروط.

 أظهر الرئيس «أوباما» غضبا تجاه نفعية المملكة العربية السعودية في مقابلة له مع «جيفري غولدبرغ» في مجلة ذا أتلانتيك، وهو الأمر الذي حظي ببعض الاهتمام. وبالمثل فإن السعوديين يشكون، سواء سرا أو علانية، بأن الولايات المتحدة لم تعد حليفا موثوقا به، وأنها قد تخلت عن المملكة العربية السعودية لصالح السعي الخطير والوهمي لتحسين العلاقات مع إيران، أما مصالح المملكة فهي غير ذات أهمية في واشنطن. وبناء على هذا، لا ينبغي النظر إلى الاجتماع الرابع بين الرئيس «أوباما» والملك السعودي، على أنه دليل على قوة العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية ، ولكن كدليل على أن الغراء الذي عقد هذه العلاقة فقد الكثير من قدرته على اللصق.

 ومن المؤكد أن الخلافات بين أمريكا والسعودية حول قضايا معينة ليست شيئا جديدا، فهي تعود إلى الأربعينيات منذ الخلاف حول قيام دولة إسرائيل، وكذلك الفترات المتوترة خلال الحظر النفطي عام 1973 وبعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول. ولكن أولئك الذين يأملون في الانتظار حتى مغادرة «أوباما» كي تعود سياسة الولايات المتحدة تجاه المملكة العربية السعودية لتصبح نموذجية من جديد من المحتمل أن يصابوا بخيبة أمل.

العلاقات ستسوء لكنها لن تنقطع

تكمن النقطة المحورية لهذا الاختلاف في إيران. وقد كان الرد الثاني لإدارة «بوش» على أحداث 11 سبتمبر/أيلول، والمتمثل في غزو العراق عام 2003 قد مهد الطريق لعودة ظهور إيران كقوة إقليمية ، وقد كان عامل منع تزايد التوترات بين الولايات المتحدة والسعودية على المدى الطويل وهو بقاء عشرات الآلاف من القوات الأميركية في العراق. ومع سحب إدارة «أوباما» لهذه القوات وتوقيع اتفاق نووي مع إيران تولدت دينامية جديدة في الشراكة التي استمرت سبعة عشر عاما.

 على المستوى الاستراتيجي، تجمع الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية مصلحة مشتركة في منع الهيمنة الإيرانية على المنطقة. السعوديون، ومع ذلك، أكثر تشددا تجاه التهديد الإيراني وهم يفضلون دحر النفوذ الإيراني من خلال سياسات المواجهة التي تؤجج المعارضة السنية ضد إيران وأتباعها الشيعة في لبنان وسوريا والعراق واليمن.

وفي المقابل، فإن إدارة «أوباما» تظهر قلقا أقل بشأن التدخل الإقليمي الإيراني، وتفضل العمل عبر الدبلوماسية والحوار لكبح جماح الطموحات الإيرانية حيث تضر بالمصالح الأمريكية.

 يجمع الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية على حد سواء أيضا السعي لهزيمة «الدولة الإسلامية»، ولكن اهتمام المملكة ينبع أساسا من ضرورة احتواء التوسع الإيراني. وفي الوقت نفسه، تواصل السعودية تصدير التفسير المتشدد للإسلام، وهو نسخة من التفسير الذي يدعم أيديولوجية «الدولة الإسلامية» أيضا.

قال الرئيس «أوباما» إلى «غولدبرغ» أن السعوديين والإيرانيين بحاجة إلى تعلم «حسن الجوار» وتخفيف التوترات والعمل على حل الصراعات الإقليمية. ولكن إجراءات الرياض، مثل قرار إعدام رجل الدين الشيعي المعارض «نمر النمر»، هو تصميم على زيادة التوترات الإقليمية ويهدف إلى منع التقارب الأمريكي الإيراني.

تستفيد أمريكا و السعودية بالتأكيد من مكافحة الإرهاب والتعاون الاستخباراتي، لذلك من غير المرجح أن تقطعا التعاون نتيجة لخلافات سياسية. لقد اتفق كلا البلدين على حماية التدفق الحر للنفط من الخليج. ومع ذلك، فإن ثورة النفط الصخري في أمريكا الشمالية والتحسينات في كفاءة وقود السيارات أدت إلى انخفاض كبير في اعتماد الولايات المتحدة على واردات النفط من الخليج. وتهدف السياسة النفطية السعودية إلى الحفاظ على حصتها في السوق، مع الهدف المعلن من إغراق الأسواق المتخمة بالفعل لإجبار صناع النفط الصخري وغيرهم من منتجي التكلفة العالية على الخروج من السوق. والنتيجة النهائية هي أن البلدين أصبحا فجأة متنافسين اقتصاديين شرسين.

 يعتمد السعوديون على الدعم العسكري الأمريكي ولا يزالون يقدرون علاقتهم مع الولايات المتحدة وسوف يحاولون تجنب استعداء الرئيس «أوباما» وسيجعلون القمة تبدو ناجحة. ويتطلع «أوباما» لاستخدام مشاعر رحلته الرئاسية الأخيرة إلى شبه الجزيرة العربية لتعزيز إرثه. ومن المتوقع أن يضغط على دول الخليج للامتناع عن اتخاذ خطوات من شأنها أن تقوض الاتفاق النووي الإيراني، في حين سيعمل على طمأنتهم حول الاستمرار في الاعتماد على الولايات المتحدة في الأمن الخارجي وضمان منع مزيد من المغامرات الإيرانية.

المعيار الجديد

ومع ما سبق، فإن الشراكة بين الولايات المتحدة والسعودية هي حجر الزاوية في الوضع الأمني ​​للولايات المتحدة في الخليج، ولكنها تشهد تغيرات هيكلية عميقة. بسبب تحول أولويات الولايات المتحدة وتغييرات جوهرية إقليمية وعالمية في سوق الطاقة العالمي، واستجابة أميركا إلى التشنجات التي تجتاح الشرق الأوسط منذ عام 2011 قد ولدت حالة من عدم الثقة المتبادلة وخلقت خطوط صدع عميقة.

 يقلل الاعتماد السعودي المفرط على الحماية الأمريكية من استقلالها مع مرور الوقت. ومع زيادة الشكوك حول استعداد أمريكا للعب دور الشرطي الإقليمي إلى أجل غير مسمى، فإن المملكة العربية السعودية تنتهج سياسة خارجية أكثر جرأة وتصميما على مواجهة التهديد الإيراني منذ تولي الملك «سلمان» العرش في يناير/ كانون الثاني عام 2015. وقد أدى ذلك إلى رؤية إدارة «أوباما» لذلك بأنه نوع من التسرع ، مثل الحملة العسكرية في اليمن، على الرغم من تأكيد واشنطن على دعم السعوديين.

في حين أن النتائج الأولية كانت مقلقة تماما، فإن السعوديين قد يكونوا أكثر عرضة للتعلم من أخطائهم إذا امتنعت الولايات المتحدة عن إنقاذ القادة السعوديين. والواقع أن السعوديين قد تراجعوا وعملوا على إعادة ضبط سياساتهم الحازمة في اليمن ومصر.

الوضع الطبيعي الجديد سيكون أكثر خجلا في العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية. وكلا الجانبين سيتبنى توقعات منخفضة من الآخر، وسوف تستمر الخلافات حول قضايا الأمن الإقليمي، ولكن البلدان سوف يبحثان عن صيغة ما عندما تتداخل مصالحهم.

 سيكون خطاب كل من الولايات المتحدة والمسؤولين السعوديين خاليا من كلمات التحالف أو حتى «الشراكة الاستراتيجية» وبدلا من ذلك، سيكون لديهم علاقة أكثر واقعية بعيدة عن الأوهام والمفاهيم الخاطئة،التي يمكن أن تنتج خيبات الأمل. يجب على الرئيس «أوباما» والملك «سلمان» استخدام مناقشاتهم الخاصة في القمة لبدء حوار صريح مبني على أولوياتهم وتوقعاتهم.وكيف يمكن تطوير العلاقة إلى أشكال أفضل.

 

  كلمات مفتاحية

السعودية الولايات المتحدة أوباما الملك سلمان العلاقات السعودية الأمريكية

«دعمناك وخذلتنا»: رد فعل سعودي عنيف على عقيدة «أوباما»

«تركي الفيصل» يفتح النار على «أوباما»: لا خطوط حمراء وانحرفت بالهوى لإيران

كيف يدير «أوباما» ظهره إلى السعودية وحلفائها السنة؟

خيانة «أوباما» الكارثية: البيت الأبيض يهدي الانتصارات لـ«الأسد» وروسيا وإيران

مخاوف الخليج التي لا يفهمها «أوباما» .. لماذا قررت السعودية الاعتماد على نفسها؟