استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

«جمعة الأرض» والإفراط في التفاؤل

السبت 23 أبريل 2016 03:04 ص

صحيح أن مظاهرات جمعة الأرض في مصر اختراق سياسي لأنصار ثورة يناير، قد يكون الأهم منذ انقلاب 3 يوليو 2013، فلأول مرة تخرج مظاهرات جماهيرية شبة تلقائية عابرة للأيديولوجيات ضد نظام الثورة المضادة الحاكم، كما تأتي المظاهرات في سياق صعود متواصل للسخط الشعبي ضد النظام، إلا أنه، ولأسباب كثيرة، يجب الحذر من إفراط المعارضة الثورية في التفاؤل حالياً. 

في البداية، يجب الإشادة بالنقلة النوعية التي مثلتها مظاهرات جمعة الأرض، فهي أول المظاهرات الجماهيرية العابرة للأيديولوجيات والتيارات السياسية التي شهدتها مصر منذ انقلاب 3 يوليو العسكري، كما شهدت مشاركة مهمة للشباب وتيارات سياسية مختلفة، بما في ذلك بعض الإخوان المسلمين وسط قوى أخرى، والتزمت برفع شعارات وطنية، ولم تصطبغ بصبغة جماعة، أو قيادة سياسية معينة، ولعل ذلك ينذر ببداية ولادة قيادة جديدة للحراك الثوري في مصر، تتخطّى الفوارق السياسية والإيديولوجية، وهي القيادة التي طال انتظارها.

يضاف إلى أسباب التفاؤل حقيقة أن المظاهرات هي الثالثة هذا العام، فبعد مظاهرات الألتراس والأطباء في أوائل عام 2016 تأتي مظاهرات "جمعة الأرض" بطبيعتها الجماهيرية غير الفئوية لتبث روحاً جديدة في أوساط المعارضين والقوى الثورية.

كما تأتي المظاهرات في ظل تصاعد متزايد في تململ المصريين وقطاعات واسعة من مؤيدي 30 يونيو و3 يوليو من النظام الحاكم، بسبب كثرة أخطائه وخصومته مع السياسة والتيارات السياسية وإفراطه الأمني، وكذلك الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها مصر، في ظل تزايد الديون وتراجع قيمة الجنيه، وغياب أي تطور اقتصادي يُذكر. 

لكن، وعلى الرغم مما سبق، لا يجب أبداً الإفراط في التفاؤل، أو منح المعارضين والجماهير انطباعاتٍ خاطئةً، أو ورديةً عن مسار المطالبين بالحرية والديمقراطية في مصر، للأسباب التالية:

أولاً، بمرور الوقت، تتضح الطبيعة الأمنية للنظام الحاكم، وافتقاره كثيراً من أدوات الحكم وتعويله المفرط على القمع، وهذا يعني أن تكلفة المعارضة عالية للغاية. وفي النهاية، من يخرجون للتظاهر بشر ولهم أسر وأطفال وعائلات وحياة خاصة، ومستقبل شخصي ينتظرهم، ومعارضة نظام عسكري قمعي أمر باهظ التكاليف. وللأمانة، يجب تحذير الناس من عواقب الأمور.

صحيح أن النظام، ولسببٍ ما، لم يقمع مظاهرات "جمعة الأرض" بالحديد والنار، لكن هذا لا يعني أنه سيستمر على المنوال نفسه، أو أنه سيفعل ذلك في حالة تعرّضه لتهديد حقيقي من الجماهير والمتظاهرين، فهناك فرق كبير بين تنظيم تظاهرة ناجحة وقيادة مظاهراتٍ لإسقاط نظام أو فرض تغييرات جادة عليه.

ثانياً: نظم الثورة المضادة التي ينتمي لها النظام الحاكم في مصر تقوم على درجةٍ لا يستهان بها من التماسك الداخلي، بسبب المصالح والمخاوف المشتركة للقائمين على النظام، فخلال ثورة يناير، استطاع قادة الجيش المصري، في ذلك الحين، التخلي عن حسني مبارك، لأن قطاعات واسعة من الناس كانت تفصل في وعيها بينهم وبين رأس النظام، لكن الانتهاكات العديدة التي ارتكبت بعد الانقلاب العسكري لابد وأن تقوّي التماسك بين النخب الحاكمة حالياً، لأنها تعلم أن سقوط رأس النظام سيؤدي، هذه المرة، إلى محاسباتٍ واسعةٍ، ولأنها باتت شريكة – داخل وعي الناس والقوى السياسية - في جرائم وانتهاكاتٍ كثيرة وقعت، ونحن هناك لا نتحدث عن قادة المؤسسات الأمنية فقط، ولكن، عن أعضاء في المؤسسات القضائية والنخب الاقتصادية والبيروقراطية والثقافية كذلك.

ثالثاً: ما زال السياق الدولي غير داعم لتحول سياسي كبير في مصر، فولاية الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في نهايتها، ولا يعلم أحد على وجه اليقين توجهات أميركا بعده، وأوربا مشغولة بمصالحها الاقتصادية، وتتسارع أكبر دولها في عقد صفقات مع مختلف نظم الثورة المضادة في المنطقة من إيران إلى مصر، وروسيا تتدخل في المنطقة أكثر من أي وقت مضى، داعمة الديكتاتوريات، والنظام العربي القائم، أو ما تبقى منه، تقوده ديكتاتوريات بالأساس، وقد أصبح لديها حساسية خاصة من الربيع العربي، وأي محاولات للتحويل الديمقراطي.

ورغم تململ بعض الدوائر الدولية من انتهاكات النظام المصري الحقوقية، ورغم تراجع الهِبات العربية للنظام، إلا أن المساعدات العربية مستمرة في صورة قروض ضخمة، ولا توجد ضغوط دولية حقيقية عليه، وهذا يعني أن لدى النظام مساحة كبيرة من المقاومة.

رابعاً: لا يبدو حتى الآن أن القوى الداعمة للثورة والديمقراطية في مصر استطاعت تنظيم صفوفها، أو حتى تخطي خلافاتها، فحتى الآن تغيب أي منصة مشتركة لتلك القوى، فيما عدا التعاون المتزايد بين حزب مصر القوية وحركة 6 إبريل والاشتراكيين الثوريين في الداخل، وثلاثتهم من أكثر القوى السياسية انفتاحاً في مصر، لكن طريق تقارب القوى الثورية في مصر طويل للغاية.

فالجماعة السياسية الأكبر، وهي الإخوان المسلمون، تشغلها صراعاتها الداخلية من ناحية، وصراعاتها مع نخب ما يسمى التيار المدني المشاركة في الانقلاب العسكري من ناحية أخرى، أما التيار المدني، فعلى الرغم من تراجع بعض قياداته عن دعم الانقلاب العسكري، إلا أنها تضع قضية العداء مع "الإخوان" والتيارات الدينية على قمة أولوياتها.

وحتى الآن، ترى الكثير من رموزها يطالبون النظام الحاكم بإجراء إصلاحات "ديمقراطية"، "حتى لا يعود الإخوان مرة أخرى إلى الحكم". 

وتبدو في هذه اللحظة فرص التوافق بين القوى الثورية في ظل قياداتها الحالية صعبة للغاية، فالقيادات التي شاركت في صناعة استقطاب وصراعات ما قبل الانقلاب العسكري لن تغير مواقفها بسهولة، ويبدو حالياً أن أحلالها هو الحل الوحيد، وهو أمر يتطلب وقتاً كثيراً.

أضف إلى ذلك أن الهجمة التي يقودها النظام الحاكم ضد مؤسسات المجتمع المدني، ومختلف قوى المعارضة، أضعفت مختلف تلك القوى، ودمرت كثيراً من البنية التحتية للعمل الحقوقي والسياسي والإعلامي المعارض في مصر.

هذا يعني أن مظاهرات جمعة الأرض سبب حقيقي للتفاؤل، لكنها لا تعطي أبداً مؤشراً على بداية نهاية نظام الثورة المضادة الحاكم، فالطريق مازال طويلاً للغاية، ويتطلب عوامل مهمة وأساسية، غير متوفرة حالياً، مثل حد أدنى من القيادة المشتركة للقوى الثورية والبنية التحتية الداعمة لها، وسياق دولي ضاغط على النظام لإجراء إصلاحات حقيقية، وانقسامات واضحة داخل النظام والمؤسسات الداعمة له، أو سياق يفتح الباب لتخليها عنه.

ولهذا، وجب التحذير من الإفراط في التفاؤل، والأولى مطالبة القوى الثورية بمضاعفة الجهد الساعي إلى تقريب قواها، وبعد ذلك يأتي تفعيل دورها وعلاقاتها في الداخل والخارج. وأخيراً، تبدو مصر في ظل كل تلك الظروف مقدمةً على مرحلة من سيولة الاضطرابات السياسية، حيث تزداد وتيرة الحراك المعارض، من دون أن يصب سريعاً في تغييرات جادة، فالنظام المصري يبدو كثير الأخطاء، عاجزاً عن الإصلاح، ومعارضوه يبدون أضعف من فرض شروطهم في الوقت الحالي.

 

* علاء بيومي كاتب ومدون مصري مقيم بواشنطن. 

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر الثورة المضادة المجتمع المدني الانقلاب العسكري التيار المدني حركة 6 إبريل مصر القوية الاشتراكيون الثوريون الإخوان انتهاكات حقوق الإنسان

«السيسي» غاضب من تظاهرات «جمعة الأرض» ويؤكد: لن أقبل بتكرار المشهد

دروس «جمعة الأرض» في مصر

صحف القاهرة ووكالات أنباء: «جمعة الأرض» استعادة لروح «ثورة يناير»

«جمعة الأرض»: تظاهرات هي الأكبر منذ تولي «السيسي» و«ارحل» أبرز المطالب

ذعر لا مبرر له

براءة 52 مصريا تظاهروا بـ«جمعة الأرض» ضد اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية