استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

العرب في نظام دولي بلا خطوط حمراء

الأحد 8 مايو 2016 06:05 ص

منذ أسبوع، أنتج البيت الأبيض تسجيلًا هزليًا يسخر فيه الرئيس الأمريكي باراك أوباما من نفسه، حيث يمثل هو شخصيًا بشكلٍ كوميدي باحثًا في مشاهد متتابعة عن إجابةٍ لسؤال يُحيرهُ، يتعلق بما سيفعله بعد انتهاء فترته الرئاسية مع نهاية هذا العام.

هذا نموذجٌ عما يشغلُ وقت الرجل الذي يملك أقوى منصبٍ سياسي في العالم في فترةٍ من تاريخ الإنسانية قد تكون الأكثر خطورةً وفوضى وحساسية، على الأقل في التاريخ المعاصر. وإضافةً إلى ما تحدثنا عنه سابقًا عن انهماكه في التحضير لمكتبته الرئاسية الخاصة، سيكون مُعبِّرًا أن نعرف بعضًا من نشاطاته خلال الأسبوعين الماضيين، من خلال موقع البيت الأبيض على الإنترنت، والذي يحتوي بابًا لنشاطات الرئيس اليومية، بمعنى أنه لا يمكن أن يُغفل ما يمكن أن يكون نشاطات مهمة.

بشيءٍ من البحث سنرى أن السيد أوباما كان على مدى الأيام الماضية يقوم بما يلي: استقبال المعلمة الفائزة بلقب أفضل معلمة وطنية للعام 2016، العشاء الرئاسي الأخير لإدارة أوباما احتفالًا بعيد الفصح، المعروف في أمريكا بأنه "يوم العبور" اليهودي، تقديم "كأس الرئيس" لفريق كرة القدم الخاص بالبحرية الأمريكية، تقديم الخطاب الرئاسي الإذاعي الأسبوعي كل يوم سبت للشعب الأمريكي بما لا يتجاوز 4 دقائق لكل خطاب، إرسال رد مكتوب على رسالة فتاة أمريكية عمرها 8 سنوات من مدينة فلينت بولاية ميتشيغان، التي تعاني مشكلة تتعلق بالمياه، تطلب فيها لقاءه، مع وعدٍ لها بأنه سيزورها قريبًا، كتابة قائمة تتضمن رأيه حول ما هي أفضل 8 اختراعات أمريكية، جمع مراسلين وصحفيين من مختلف أنحاء البلاد وإبداء الشكوى لهم من إعاقة الجمهوريين لعقد جلسة اجتماع رسمية بخصوص مرشحه للمقعد الشاغر في المحكمة الدستورية العليا، وأخيرًا، زيارة مدينة فلينت للبحث في موضوع مشكلة المياه، المذكورة أعلاه، مع المسؤولين فيها شخصيًا.

ثمة مواضيع عن نشاطات أخرى سيجدها زائر موقع البيت الأبيض في الخانة ذات العلاقة، لكن غالبيتها العظمى تتعلق بفعاليات ومناسبات داخلية يقوم بها مسؤولون وموظفون في الإدارة والبيت الأبيض. ونعرف أن أوباما عاد قبلها من زيارةٍ خارجيةٍ وداعية لأوروبا والشرق الأوسط، ومن المؤكد أنه قام بنشاطات سياسية إضافية بشكلٍ أو بآخر خلال هذه الفترة، لكن هذه اللقطة من جدول نشاطاته المُعلن تعطي صورةً معبرةً عن وضع كل رئيس أمريكي في العام الأخير من فترته الرئاسية، حيث يُصبح رئيسًا شرفيًا لا تسمح له الأعراف والتقاليد السياسية الأمريكية باتخاذ أي قرارات حاسمة، سوى حالاتٍ طارئة قصوى تتعلق بالأمن القومي الأمريكي، وبمفهومٍ ضيقٍ ومباشر.

ليس مهمًا في هذا الإطار أن تسود في عالم اليوم درجةٌ من الهيولي لم تعد تُعرفُ معها حدودٌ وأعراف سياسية، وعسكرية وأمنية، يُصبح معها الوضع الدولي حقل تجارب لكل من اقتنص المعرفة بهذه الحقيقة، فشرب شيئًا من (حليب السباع) وامتلك الجرأة على الاقتحام والاختراق هنا وهناك.

ثمة نقدٌ جاهزٌ دومًا لكل من يصف الواقع العالمي الغريب الراهن على حقيقته. فهذه الحقيقة مخيفةٌ ومُفزعة ومدعاةٌ للقلق والتوجس والشعور بعدم الاستقرار، خاصةً لمن اعتاد على ضرورة أن يكون هناك (نظامٌ دولي) ، بجزئيه المكتوب والعُرفي. وأي إيحاءٍ باختفاء هذا النظام، ولو لمدةٍ محددة، ولظروف تاريخية استثنائية، كما هو حالُ عالمنا اليوم، قد يكون مدعاةً لخروجه من (نطاق الأمان) الذي اعتاد على الدوران داخل فلكه الآسر. وكما يصف علماء النفس والاجتماع هذه الحالة على أنها من أكثر ما يمكن أن يصيب الفرد بالارتباك والعجز، فإن هذا التشخيص ينطبق على الدول، وبشكلٍ أكبر أحيانًا.

يصلحُ جدًا كمثالٍ، له علاقةٌ أيضًا بوضع أوباما، مقطعٌ من جلسة استماع في الكونجرس الأمريكي منذ عشرة أيام واجه فيه السيناتور ليندسي جراهام كلًا من وزير الدفاع آشتون كارتر والجنرال جوزيف دنفور، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، بخصوص سياسة أمريكا العسكرية في سوريا. في المقطع، الذي يستحق أن يسمعه كل مسؤولٍ عربي، أمطرَ الرجلُ المسؤولَين الحكوميين بأسئلةٍ صريحةٍ وواضحةٍ ومباشرة تتعلق بتخبط سياسة أوباما في سوريا والمنطقة، وما فيها من تناقضات وكذبٍ ونفاق وتهافت.

يتساءل السيناتور مثلًا موجهًا الحديث لوزير الدفاع: "لقد أعلن الوزير كيري أن لدينا خطة (ب) في حال انهيار وقف إطلاق النار، فهل لدينا خطة (ب) ؟". "سأترك الجواب لوزير الخارجية حضرة السيناتور" يجيب آشتون. فلا يكون من جراهام إلا أن يعلق قائلًا: "هل لدينا خطة (ب) أم أنها (محضُ هراء) BS؟" مُستخدمًا اختصارًا للفظٍ أمريكي لا تليق ترجمته الدقيقة.

هكذا، بإجابات مترددة، ولغة جسدٍ مرتبكة، وألوان من التهرب والتبرير، وشعورٍ واضحٍ جدًا بالتناقض بين رأيهم الحقيقي وما يجب أن يقولوه علنًا، حاول المسؤولان الإجابة على الأسئلة. ببساطة، لأنهما موظفان لدى أوباما، في حين أن السيناتور مُنتخبٌ من الشعب. فرغم شيوع المعرفة بأن موظفي الرئيس الأمريكي المسؤولين عن السياسة الخارجية، ساسةً وعسكر وأمنيين، لا يوافقونه الرأي كليًا، إلا أنهم لايستطيعون التصريح برأيهم. أما عضو الكونغرس المُنتخب، فيملك كل الحرية ليفعل ذلك.

هو عالمٌ يعيش فيه العرب، أكثرَ من غيرهم، وفي منطقتهم، من دون قواعد ولا قوانين ولا خطوط حمراء حقيقية، مهما حاول موظفو الإدارة الأمريكية الإيحاء بغير ذلك. وليس أسعدَ من الأسد، مع الإيرانيين والروس، بهذا الوضع، وباستعداد العرب لتصديقه والقبول به.

هل يكون هذا قدرًا لا يمكن الفكاك منه ومن نتائجه؟ الجواب لدى التاريخ بالتأكيد. وربما عند بعض العرب.

* د. وائل مرزا كاتب وناشط وأكاديمي سوري. 

  كلمات مفتاحية

العرب نظام دولي الخطوط الحمراء أوباما البيت الأبيض الشرق الأوسط كيري سوريا

مصر والعرب: ازدياد القمع وهشاشة السلطة

هل يحتمل الواقع العربي استسلام السوريين للأسد؟

ربيع الدكتاتوريات العربية

حصاد الانكفاء الأميركي والعجز العربي

مهمة عظيمة تنتظر العرب للخروج من الظلام

عن انتهازية المعارضة العربية

العرب والنظام الدولي: الفكر السياسي الاستراتيجي بين الوهم والحقيقة