استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

هل يحتمل الواقع العربي استسلام السوريين للأسد؟

الأربعاء 4 مايو 2016 12:05 م

من القواعد الشائعة في التفكير الاستراتيجي أن عدم المبادرة بمشروع سياسي، ابتداءً، أفضلُ بكثير من إطلاق المبادرة، ثم التردد في إنهائها.

خرج السوريون منذ خمسة أعوام إلى الشوارع محتجين على الظلم والطغيان. كان هذا شأنًا سوريًا يومذاك. لكن نظام الأسد أشعل معركة مع شعبه، ثم نقلها لتُصبح، بالتدريج، شأنًا دوليًا. من وقتها، وبالتدريج، أدرك العرب أن سوريا باتت، قبل كل شيء، شأنًا عربيًا محضًا لا يمكن الهروب منه.

وشهرًا في إثر شهر، علموا أن تجاهل حقائق الجغرافيا السياسية مستحيل؟ كما هو الحال مع التاريخ والثقافة والاجتماع واللغة والاقتصاد، و..المصير المشترك، ليس بالمعنى التقليدي الرتيب الذي كان يُطلقُ يومًا شعارًا للاستهلاك في منابر الإعلام، وإنما نتيجة الوقائع الجديدة الأمنية والعسكرية والسياسية التي فُرضت على المنطقة خلال السنوات الخمسة الماضية.

قد يحاول البعض الهروب من الحقائق والأسئلة السابقة، استسهالًا ومللًا، على المدى القريب. قد يرى آخرون أن ثمن مواجهتها كبير، على المدى القريب أيضًا. لكن حسبةً تاريخيةً سياسية جدية تُظهر أن ثمن الهروب سيكون أكبر من أي ثمنٍ آخر، وبما لا يُقاس، على المدى المتوسط قبل البعيد.

ثمة تقاطعاتٌ مهمة في قواعد الاستراتيجيات بين عالمي السياسة والاقتصاد. من هنا، تصدقُ المقولة التي يؤكد عليها دائمًا مارك زوكيربيرغ، مؤسس موقع فيسبوك الذي يغير العالم، حين يقول: "إن أكبر مخاطرة تكمنُ في محاولة تجنب المخاطرة. ففي عالمٍ يتغير بسرعة، تتمثل الإستراتيجية الوحيدة المحكومة بالفشل في عدم القيام بأي مخاطرة".

منذ أعوام، تقود السعودية جهدًا عربيًا لدعم الشعب السوري محورهُ الإصرار المتكرر على حلٍ سياسي تؤكد دومًا باستحالتهِ "في ظل بقاء الأسد". ولإدراكها العميق، المبني على الحسابات، بالتأثير السلبي الاستثنائي لبقائه في موقعه، على وجود ومصير المنطقة بأسرها، وليس فقط على سوريا، فإنها تَذكرُ بين آونةٍ وأخرى أن "ذهابهُ" يجب أن يكون حتميًا، إن لم يكن بالوسائل السياسية فبغيرها.

واستمرار هذا الموقف الحاسم، طوال الفترة السابقة وإلى الآن، ليس ردة فعل أو فرقعةً إعلامية تتلاشى بعد وقتٍ قصير. وإنما هو نتيجةٌ منطقية لحسبةٍ إستراتيجيةٍ معقدة لا تنحصر في النظر إلى الأسد كلاعبٍ في المعادلة السورية الداخلية، وإنما تتسع لتدرك دوره الأداتي والوظيفي الخطير والمركزي في ترتيبات إقليمية وعالمية لا يمكن وصفُ تَبِعاتها سوى بعبارة "التهديد الوجودي"، وتحديدًا، للدول العربية القليلة التي لا يزال بإمكانها أن تتصدى لتلك الترتيبات. والمؤهلة، بالمقاييس الاستراتيجية أيضًا، للمساهمة في فرض ترتيبات جديدة تأخذ مصالحَها بعين الاعتبار، وبلغةٍ وأدوات يفهمها تمامًا أهل الترتيبات المذكورة.

نقولها مرةً أخرى: مايجري خطيرٌ جدًا. وهو يستهدف كل المكونات، دون استثناء.. ولا تنفع معه لا التطمينات السرية، ولا الوعود الزائفة، ولا التنازلات الجانبية، ولا التفاهمات المُنفردة. فهذه كلها تدخل في تكتيكات (الاستفراد)، وهي جزءٌ من اللعبة الجديدة التي انطلق مسارُها، ولن يوقفها إلا تفكيرٌ استراتيجي حقيقيٌ لا يزال موجودًا دون شك.

لا مفر هنا من مصراحةٍ اعتادها القارئ في هذا المقام. وفي قلب المصارحة إجماعُ السوريين على أن رحيل الأسد، وانتقال سوريا لتُصبح دولةً تضمن الكرامة والحرية لمواطنيها، لن يُشكلا تهديدًا لأحد.. وإذ يركزُ أهلها على إعادة بناء بلدهم من الخراب الكامل فسيبقونَ مستغرقين في هذه المهمة لأجيال.. وسيكون أقل واجبهم ردُّ الجميل، لمن وقف معهم فعليًا في محنتهم، على جميع المستويات، ليس فقط بالكلام والشعارات، وإنما بالتنسيق والتعاون والتحالفات على جميع المستويات. وهذا أمرٌ لن ينبع فقط من اعتبارات أخلاقية، وإنما انسجامًا مع جوهر الواقعية السياسية.

ثمة اعتقادٌ بأن التعامل مع المسألة سيكون أسهل بعد رحيل أوباما من البيت الأبيض، وهذا يُجانبُ الصواب من أكثر من وجه. فمن ناحية، إن فازت كلينتون مثلًا كما هو مُرجح، سيجري استنزافها لشهور في معارك داخلية يخطط لها الجمهوريون منذ الآن.

ومن ناحية أخرى، يعرف الجميع أن الرئيس أوباما دخل الآن فيما يُسمى مرحلة (البطة العرجاء) في السياسة الأمريكية. بمعنى أنه أضعف من أي وقتٍ مضى في إدارته حين يتعلق الأمر بصنع السياسات، داخليةً كانت أو خارجية. فالرجل، مثلًا، يحاول منذ شهرين تعيين قاضٍ في المحكمة الدستورية العليا بعد شغور مقعدٍ فيها. ورغم أنه رشّحَ قاضيًا أقل ليبراليةً مما توقع المراقبون، لمحاولة إرضاء الجمهوريين، ورغم أن من حقه دستوريًا ترشيح القاضي بحيث يمضي الكونجرس في عملية التعيين، إلا أنه لم يستطع مجرد إقناع الجمهوريين بعقد جلسات استماع رسمية لمرشحه. لهذا، يكتفي الرجل اليوم بزيارات وداعية داخلية وخارجية، وقضاء الوقت مركزًا على تحضيرات بناء وتجهيز المكتبة الرئاسية الخاصة به.

هذا يعني أن ثمة نافذة فرصة خلال الأشهر القادمة لتشكيل أمرٍ واقعٍ جديد في سوريا، من خلال جملةٍ من الإجراءات التي تندرج في إطار الدبلوماسية والسياسات، المُعلنة وغير المعلنة، كما هو الحال دائمًا في ساحة العمل السياسي الدولي الراهن. ويدعم إمكانية النجاح في هذه الممارسة الهوة المتزايدة بين الرجل ومُجمل مؤسسة صناعة السياسة الخارجية، من الساسة والدبلوماسيين والأمنيين والعسكر، داخل إدارته نفسها وخارجه.

لا دعوة لمواجهاتٍ طفولية في هذا المقام. كل المطلوب هو الاعتماد على القوة وكأنه لا يوجدُ شيءٌ اسمه دبلوماسية أو سياسة، واستخدامُ الدبلوماسية والسياسة وكأنه لا يوجد شيءٌ اسمه القوة، دون تضاربٍ موهوم بين الأمرين. ويأتي معه الفهم العميق والمستمر لمعادلات موازين القوى والمصالح العالمية، وتحقيق الأهداف، بإبداع، من خلال استيعاب وتوظيف مناطق الخلخلة والتغيير المتكررة في تلك المعادلات.

* د. وائل مرزا كاتب وأكاديمي سوري.

المصدر | الشرق القطرية

  كلمات مفتاحية

سوريا الواقع العربي نظام الأسد مشروع سياسي الثورة السورية الجغرافيا السياسية

فيديو.. سكان حلب يتحدون «الأسد» ويؤكدون: «لن نترك مدينتنا»

شروط روسية لشمول حلب بالتهدئة و«كيري» يحذر «الأسد» من عواقب

مجلس الأمن يدين الهجمات على حلب ويعقد جلسة طارئة خلال أيام

زملاء الطبيب «وسيم معاذ»: من سينقذ أطفال حلب بعده من قذائف «الأسد»؟

«حزب الله»: السعودية مسؤولة عما يجري بحلب

العرب في نظام دولي بلا خطوط حمراء

النصر الممنوع في الحرب السورية

الأزمة السورية: تعقيدات روسية - أطلسية

الحل الممكن في سوريا: واقعيةٌ أم تفريط؟

المعارضة السورية: تحديات قراءة المشهد وأداء الدور

شهور سوريا.. والمدى المنظور!