استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

المتحذلقون من قارئي النوايا

الأربعاء 1 يونيو 2016 09:06 ص

منذ بضعة أيام قامت جمعية النهضة في تونس بمحاولة تطوير للفكر السياسي الإسلامي، عندما قررت فصل أنشطتها الدعوية الدينية عن نشاطها السياسي، من أجل أن تصبح حزباً سياسياً مدنياً ينطلق من القيم الإسلامية، كأحد مرجعياته، ولكنه يفصل ممارسة السياسة عن ممارسة الدين.

الذي فعلته جمعية النهضة هو جزء مكمل لقبول الإسلام السياسي بالديمقراطية منذ بضع سنوات، بعد عقود من رفض تبنيه لها على أساس أنها نظام مخالف للإسلام في بعض ممارساته والمبادئ التي ينطلق منها.

كان أقصى ما كان يقبله الإسلام السياسي هو مبدأ الشورى الإسلامي، بتفاسير معانيه المختلفة وقراءاته الفقهية المتعارضة أحياناً. لكن أجزاء مهمة من الإسلام السياسي قبل في النهاية فكرة تساوي الشورى مع الديمقراطية. والأمر نفسه حدث بالنسبة لقبول التعايش مع الفكر القومي، وبالأخص العروبة كهوية لا تتعارض مع الهوية الدينية الإسلامية، والوحدة العربية كهدف لا يتعارض مع شعار الوحدة الإسلامية، بل حتى المبادئ الاشتراكية قبل بها البعض لانسجامها مع انحياز الرسالة الإسلامية الإلهية للفقراء والمستضعفين.

إذن، وبموضوعية تامة، جرت محاولات على مستوى الفكر والشعارات السياسية لتطوير ما سماه أصحابه بالفكر والتنظيم الإسلامي في الساحة السياسية.

على ضوء تلك الخلفية، المتممة لمحاولات سابقة من قبل بعض الإصلاحيين الإسلاميين من أمثال الكواكبي وعلي عبد الرازق وعلال الفاسي وغيرهم كثيرون، لإيجاد تفاهم وتناغم بين الإسلام وأفكار وشعارات الحداثة..

على ضوء ذلك يحار الإنسان في كتابات وأحاديث البعض وهم يقيّمون خطوة جمعية النهضة. البعض يصفها بالكاذبة والبعض الآخر يصفها بالانتهازية، وأنها ليست إلا تقية مؤقتة إلى حين تهدأ العواصف الحالية في ارض العرب. ويذهب البعض إلى حدود التشكيك في نوايا قادة الجمعية والتنبوء برفض قريب وثورات من قبل قواعد هذه الجمعية.

والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو:

لماذا يكثر المتحذلقون في أرض العرب للتشكيك في كل محاولة للخروج من صعوبات الوضع العربي؟

فاذا حاول البعض تكوين تيار وحدوي يضادد التجزئة العربية ويدعو إلى قيام أمة واحدة ووطن واحد قيل لهم بأنهم حالمون وأطفال يتسلُون.

وإذا حاول البعض تقريب المذاهب للخروج من الانقسام الطائفي الحقير، اعتبر عميلاً لهذه البلاد أو ذلك النظام.

وما أن أخفقت بعض حراكات الربيع العربي المنادية بالحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، حتى انبرى أولئك المتحذلقون في الشماتة، وفي لعن شباب الأمة الذين يتهمونهم بأهل الفوضى، بل حتى أعلنوا بأن هذه الأمة لا تصلح الديمقراطية لحكمها وإنهاضها.

لكن، هل أن المراجعة هي فهلوة وانتهازية؟ بالطبع هذا اتهام ظالم. فالواقع أنه لا توجد إيديولوجية أو أفكار أو أنظمة في عصرنا إلا وتخضع للمراجعة. هناك مراجعة نقدية للأفكار والحركات والأحزاب القومية العربية بسبب أخطائها وإخفاقاتها السابقة.

هناك مراجعة للأفكار الاشتراكية والأحزاب الماركسية بسبب خطاياها التاريخية، وما أحدثه بعضها من كوارث. وهناك الآن مراجعة جادة للرأسمالية والحداثة، وخصوصاً النيوليبرالية العولمية المتوحشة.

كل شيء يخضع الآن للمراجعة، فلا ينبري المتحذلقون للغمز واللمز واتهام المراجعين. فلماذا لا يعطى الإسلام السياسي فرصته للنقد الذاتي وإجراء المراجعة ومحاولة التفاهم مع العصر؟

لسنا هنا بالطبع معنيين بالدفاع عن الإسلام السياسي، فقد ارتكبت تنظيماته وأحزابه الأخطاء والخطايا البائسة، وفقدت الكثير من شعبيتها، بل إن بعضها أصبح مكروهاً، وسيحتاج لعقود الإصلاح ما فعلته بلادات بعض قياداته.

لكننا هنا معنيون بإعطاء الفرصة الحقوقية الديمقراطية لكل من يريد إجراء المراجعة والنقد الذاتي، من أجل تجاوز سلبيات الماضي للانتقال إلى دفء العمل السياسي السلمي المدني، المطلوب بشدة لإخراج أمة العرب من ورطتها التاريخية التي تعيشها.

لنذكَر أنفسنا بأن الإسلام في قلب الثقافة العربية، والثقافة في قلب السياسة، والمصالحة مع العصر ستكون مسيرة طويلة.

٭ د. علي محمد فخرو كاتب بحريني.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حركة النهضة تونس الغنوشي الإسلام السياسي الديمقراطية الشورى الأمة العربية النهضة التونسية

«الغنوشي»: «النهضة» بديل لـ«داعش» و«القاعدة»

المرزوقي و«النهضة»: القطيعة

عن قرار حزب النهضة التونسي فصل الدين عن السياسة

الربيع والإسلام السياسي وانقلاب النهضة

نهضة تونس.. ما بعد القرار الصحيح