«أهل الفن» رقصوا علي جثث شهداء ثورات «الربيع العربي»

الأحد 12 أكتوبر 2014 08:10 ص

بعد يومين فقط من انطلاق ثورة يناير/كنون الثاني 2011 في مصر، اصطف غالبية أهل الفن في صف النظام الذي كان قاب قوسين أو أدني من السقوط، وعندما سقط رأس النظام في 11 فبراير/شباط 2011 , تواري أهل الفن والرقص في مصر إلا قليلا منهم، وركب بعضهم قطار الثورة, حتى إذا حان موعد الانقلاب في يوليو/تموز من العام الماضي ركب الجميع «باستثناءات قليلة» قطار الانقلاب واتخذهم العسكر مطية لقتل الثورة التي لم يشاركوا فيها.

وقصة أهل الفن مع أصحاب السلطة قديمة قدم التاريخ العربي, وتأكد مع انقلاب يوليو/تموز 1952 الذي قاده الضباط الأحرار ضد الملك، فقد غنت «أم كلثوم» للملك «فؤاد» وخلفه «فاروق» وكانت أحد أهم دعائم حكم «عبد الناصر», واستخدم «عبد الناصر» وحاشيته «عبد الحليم حافظ» الاستخدام الأمثل للفنان حيث ظل الرجل علي مدي سنوات حكم «الزعيم» مُرَوجا لمبادئ «ناصر» الاستبدادية, واستخدمت مخابرات «صلاح نصر» الفنانين والفنانات في الأعمال التجسسية والمشبوهة، بل إن الفنان «سيد مكاوي» الذي غني «الأرض بتتكلم عربي» في بداية السبعينيات، عاد وغنى «كان قلبي معاك طول ما أنت هناك» تشجيعا لـ«السادات» بعد زيارته لـ«إسرائيل» في عام 1976، ولحن الموسيقار «عمار الشريعي» أوبريت «اخترناك» في بداية الفترة الرئاسية الرابعة لـ«مبارك» والأمثلة أكثر من أن تحصى.

ما حدث في مصر تكرر في تونس وسوريا حيث ظل أهل الفن في البلدين في خندق النظام الذي أغدق عليهم بالمال, حتى بعد أن تأكد سقوطه وهاهم الآن يحاولون من جديد بناء مجد كاذب بأنهم كانوا نواة التغيير في المجتمعات العربية بعد ثورات «الربيع العربي».

بعض منتسبي الفن في الخليج ظل موقفهم غامضا, فلا هم ثوريون, ولا مجتمعاتهم تقبلهم باعتبارهم أصحاب رأي، يتصدر هؤلاء موقف الفنان «حسين الجسمي» غريبا ومفضوحا، وتأكد لكل ذي عينين أن الرجل يغني بالأمر المباشر من سيده القابع في «أبوظبي».

فقد ظهر «الجسمي» فجأة في ساحة الانقلاب وحضر احتفالات أكتوبر التي نظمها «السيسي» وكأنه كان من المحاربين القدامى، ثم غني أغنيته الرقيعة «بشرة خير» لحث المصريين علي المشاركة في مسرحية الانتخابات الرئاسية التي شهدتها مصر في مايو/أيار الماضي وانتهت بتنصيب السيسي.

ومن خلال كشوف المسموح لهم بالتصويت في انتخابات المجلس الوطني في الإمارات في عامي 2007 و2011 تأكد لنا أن السلطات الإماراتية لم تمنح «عندليب أبوظبي» حق التصويت لاختيار نصف أعضاء المجلس الوطني الذي يعين الحاكم نصفه، فـ«الجسمي» لم يدلي بصوته في انتخابات طوال حياته, ولم يعترض علي سلب هذا الحق من الحاكم الذي أمره بالغناء للمصريين بمناسبة الانقلاب الذي خلف عشرات الآلاف من القتلى والأسرى والمبعدين والمفقودين.

وشتان بين موقف «الجسمي» وأشباهه من أهل الفن في مصر وبين موقف الفنان المغربي «رشيد عمار» الذي تحدي الظروف ونعي ضحايا مجازر رابعة وأخواتها في ملحمة فنية أكدت هويته قبل أن تؤكد إنسانيته.

في مصر رقص أهل الفن علي جثث شهداء ثورة 25 يناير، وكرروا الرقص مرة أخري في يوليو/تموز من العام الماضي ولم يشذ عن القاعدة هذه المرة سوى الفنان «وجدي العربي» الذي قضي أيام وليال علي أسفلت رابعة مساند ومنافحا عن ثورته التي شارك فيها قبل أن يفر بحلمه إلي خارج البلاد. فالممثل «طلعت زكريا» اتهم ثوار يناير بممارسة الجنس الجماعي وتعاطي الحشيش في التحرير قبل أن يعود ويعتذر تحت ضغط الهجوم الشعبي عليه، و«عفاف شعيب» و«سماح أنور» و«يحيي الفخراني» وعشرات من أنصاف الموهوبين طالبوا السلطات بحرق الصامدين في الميدان قبل أن يهرب مبارك وعصابته في فبراير/شباط من نفس العام.

في أبريل/نيسان من عام 2013 استدعي «السيسي» عشرات الممثلين والصحفيين واصطنع حدثا يخص القوات المسلحة «تدريب حرب» وتحدث بعاطفة مع ضيوفه الذين طالبوه بالتغيير «من أجل مصر» وكان اللقاء بداية لمسرحية تمرد والتي تبعها الانقلاب، وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي, وبينما كانت شوارع القاهرة غارقة بدماء عشرات الثوار في ذكري حرب أكتوبر تحلق المئات من الممثلين والممثلات بالرجل في احتفال دعي إليه «حسين الجسمي» بلا مناسبة وأطلق الرجل صيحته المشهورة «مصر أم الدنيا.. وحتبقي اد الدنيا»، فقد كان الفن والفنانين في مقدمة الصفوف عندما أراد أعداء الحرية وأد حلم التغيير الذي راود الملايين، بعد ثورات كان من الممكن أن تغير وجه المنطقة.

ومنذ اليوم الأول لحكم الرئيس المنتخب «محمد مرسي» تداعى أهل الفن علي الرجل مع أنه لم يقترب من عالمهم المليء بالفضائح والصفقات المشبوهة، وزيادة في تأكيد حسن النية التقى الرئيس بوفد منهم فور دخوله قصر الاتحادية واستمع إليهم وناقشهم في مشاكل السينما والمسرح، وخرج هؤلاء السحرة من اللقاء مطالبين بمزيد من الدعم ومزيد من الحريات التي لم يقترب منها الرجل.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الربيع العربي حسين الجسمي مذبحة رابعة السيسي

الملك عبدالله يمنع عرض "البرنامج" لتهكمه على قائد الانقلاب العسكري

الأصولية السلطوية وانهيار «الدولة» العربية

عزمي بشارة: ثورات الشعوب العربية شكّلت نقيضًا للتدخل الأجنبي والإرهاب

إما الصعود المستمر أو السقوط المدوي!

الثورة العربية المضادة وأسطورة تفرد الإسلاميين

«البردوني» .. شاعر اليمن الثائر

«ديفيد هيرست»: الثورات العربية ستنجح بفضل القيادات الشبابية

الذائقة الفنية والجمالية

دروس من مسارات ثورات العالم

سعوديات يطلقن حملة «الفن حلال» لتغيير مفهوم المجتمع عن الفن

دفاعا عن «الربيع العربي»

وراء العالم في الحريات والحقوق

«الناتو» يتوقع ثورات جديدة في الدول العربية

غضب إلكتروني من «فضيحة جامع باصبرين» في جدة ومطالبة بمحاسبة المسؤول

إمام جامع «باصبرين» بجدة يتبرأ من «رقصة الشيلات».. و«الشؤون الإسلامية» تهدد بمعاقبته

رئيس زيمبابوي يتوعد المتظاهرين: لن يكون هناك ربيع عربي في البلاد