استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

وراء العالم في الحريات والحقوق

الخميس 23 يوليو 2015 09:07 ص

في بعض الأحيان تُغني نتائج دراسة واحدة عن إلقاء ألف محاضرة وعن كتابة ألف مقال.

ففي سنة 2010 نشرت مؤسسة «بيت الحرية» الأمريكية دراسة عن الحرية في العالم كما تظهرها أوضاع الحقوق السياسية والحريات المدنية في العالم عبر أربعين سنة (من عام 1972 إلى عام 2008) ولخًّصت المؤسسة نتائج دراستها تلك في رسم بياني ملفت وبالغ الأهمية.

أظهر الرسم البياني تحسُّناً صاعداً مذهلاً لتوافر الحريات الأساسية في بلدان أمريكا الجنوبية، التي كانت قبل ذلك مبتلاة بأنظمة حكم عسكرية دكتاتورية فاسدة، وذلك منذ منتصف السبعينيات من القرن الماضي. يلي بلدان أمريكا الجنوبية في نسبة التحًّسن في الحريات المدنية والحقوق السياسية دول أوروبا الشرقية، التي تحرًّرت من الهيمنة السوفييتية القمعية السابقة، وذلك ابتداء من عام 1987 وبشكل مذهل صاعد أيضاً.

يلي تلك الكتلتين الكبيرتين مجموعة الدول الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء، إذ يظهر البيان الرسمي تحسناً معقولاً، ولكن أقل صعوداً، في الحقوق السياسية والحريات المدنية في مجمل تلك البلدان الأفريقية التي كانت تعتبر من أفقر البلدان ومن أكثرها تخلفاً.

حتى الآن نحن أمام ماحدث في مجتمعات الآخرين، ابتداء بمجتمعات أفريقية متخلفة، مروراً بمجتمعات أمريكية جنوبية لاتينية ثورية ناهضة، وانتهاء بمجتمعات أوروبية لها وجود ملفت في تاريخ الحضارة الحديثة.

لكن المأساة هي في النهاية عندما يظهر الرسم البياني خطًّاَ مستقيما، لا يصعد ولا ينزل ولا يتبدًّل أو يتحسًن قيد أنملة واحدة، إبتداء من سنة 1975 وحتى سنة 2008. إنه خطً الحقوق السياسية والحريات المدنية في مجتمعات الوطن العربي، ودون استثناء، عند ذاك يصبح ذلك الرسم البياني فضيحة عربية يندى لها الجبين وتذكيراً بالتخلُف المأساوي للحياة السياسية والمدنية في أرض العرب.

إذا أضفنا إلى ذلك نتيجــــة دراسة أخـــــرى، التي أظهرت أن عدد الدول المصنَّف الحكـــــم فيها بالدكتاتوري المستبدًّ قد تراجـــع من 90 دولة في عام 1977 إلى 23 دولة بحلول عام 2008، فـــان المأساة العربية تتضاعف ويبلغ العار العربي قمَّـــته.

إذ من المؤكًّد أن الغالبية السَاحقة من الـ 23 دولة تلك، المصنَّفة بالدكتاتورية الإستبدادية، لا يمكن إلاً أن تكون دولاً عربية. هي وحدها تقريباً بقيت عصيًة على الموجة الديمقراطية العالمية الهائلة التي اجتاحت العالم كلًّه إبًان نهايات القرن الماضي وبدايات القرن الحالي.

لقد أستبشرنا وفرحنا كثيراَ، إلى حدود مغالبة شكوك وتساؤلات النفس الأمارة بالسوء، بربيع الثورات والحراكات العربية عندما امتلأت ساحات الكثير من المدن العربية بملايين البشر وهي تنادي مطالبة بالحقوق السياسية وبالحريات المدنية وبالعدالة الاجتماعية. لكن التخلف السياسي التاريخي العربي، المتجذٍّر في التربة الاجتماعية العربية عبر قرون طويلة، منذ صعود الملك العضوض الأموي على الحياة العربية والإسلامية إلى يومنا هذا، هذا التخلُّف هو تخلُّف خاص غير طبيعي بامتياز.

وإلاً، كيف نفسًّر تراجع الحكام العساكر المستبدٍّين في أمريكا الجنوبية أمام ثورات التحرر الشعبية، ونجاح الملايين من شعوب أوروبا الشرقية في الصمود في الساحات التي أجبرت حكم الحزب الشمولي الواحد على الإنكفاء أو الإختفاء من الساحة السياسية، وتراجع الحكم الفاسد الفئوي القبلي في الدول الواقعة جنوب الصحراء الأفريقية أمام وعي الجماهير ومطالبها الديمقراطية؟

كيف نفسٍّر حدوث كل ذلك بشكل تدرًّجي تراكمي عبر فترة وجيزة لا تزيد عن ثلاثة عقود وعبر ثلاث قارات، بينما لم يتراجع العساكر، ولم تتراجع الأحزاب الشمولية والطائفية، ولم تقبل أنظمة الحكم الفئوية الفاسدة التنازل المعقول التدريجي عن امتيازاتها في الغالبية الساحقة من مجتمعات العرب، ألاً من رحم ربي، كما حدث في تونس إلى حدً ما، وببقاء الكثير من المخاطر أمامها بانتظار المواجهة والحلٍّ المعقول؟

ما يفسًّر جزئياً هذا الفشل العربي في اللًّحاق بالآخرين في حقل الحريات والحقوق، حقل الممارسة الديمقراطية، إصرار بعض الدوائر وبعض الأفراد، عبر السبعين سنة الماضية على تأجيل إنتقال المجتمعات العربية نحو النظام الديمقراطي، تأجيل ذلك الإنتقال بشتًّى الحجج الواهية. فتارة تؤجًّل الديمقراطية ويجري قبول حكم العساكر حتى حين تحرير فلسطين من الإحتلال الصهيوني، وتارة تؤجُّل الديمقراطية من أجل تسريع التنمية الإقتصادية.

والآن يتمُ إجهاض المطالب الديمقراطية التي طرحتها جماهير حراكات الربيع العربي أو تأجيلها من أجل محاربة الإرهاب.

إنها هلوسات إنتهازية خبيثة يراد من وراء نشرها وإقناع الجماهير بمبرراتها عدم المساس بامتيازات هذه الجهة أو تلك.

إن التراجع في تواجد الحكم الدكتاتوري عبر المناطق والبلدان التي ذكرنا سابقاً خلال الأربعين سنة الماضية لم تؤدً في غالبيتها الساحقة إلى فشل التنمية وتحُّسن الأحوال الإنسانية، فلماذا تعتقد تلك الدوائر العربية ويتطوع الكثيرون من الكتاب والإعلاميين العرب لنشر ذلك الاعتقاد الخاطئ القائل بان انتقال العرب إلى الديمقراطية يجب أن يؤجُل من جديد بسبب وجود قوى إرهابية في هذا المجتمع العربي أو ذاك؟

في هذه المرة تحتاج الجماهير العربية أن لا تنطلي عليها ألاعيب اللُّعبة إياها وأن لا تتراجع عن نضالها من أجل غسل عار التخلف السياسي في أرض العرب حتى تلحق بالآخرين.

٭ د. علي محمد فخرو مفكر وسياسي بحريني. 

  كلمات مفتاحية

الحريات الحقوق العرب التخلف السياسي

«الخليج الجديد» يكشف أخطر ثلاثة أسرار في تسريبات التمويل الإماراتي للانقلاب وإجهاض الربيع العربي

«الوليد بن طلال»: انتخاب «السيسي» ضربة قاصمة للإخوان ولـ«الربيع العربي»

«الربيع العربي» لاجئاً في المملكة المذهبة!

«أهل الفن» رقصوا علي جثث شهداء ثورات «الربيع العربي»

«ثورات الربيع العربي» كلمة السر في الخلافات القطرية الإماراتية