التقدير الرسمي في واشنطن: «بوتين» متردد بشأن المزيد من التورط في الحرب السورية

الاثنين 13 يونيو 2016 09:06 ص

يراقب مسؤولون بوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) ومجلس الأمن الوطني باهتمام مؤشرات ما يخطط له الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» لخطوته القادمة في سوريا. دعا وزير الدفاع الروسي «سيرغي شويغو» الولايات المتحدة في منتصف مايو/أيار الماضي لتشارك في هجوم مشترك ضد «الدولة الإسلامية»، (داعش)، وجبهة النصرة، التي تمثل القاعدة في سوريا. وأعلن «شويغو» فيما بعد أنه ما لم تنضم الولايات المتحدة لهذا المسعى في وقت أقصاه 25 مايو/أيار، فإنّ روسيا سوف تستأنف إجراءات عسكرية من جانب واحد ضد التنظيم وجبهة النصرة. وتوجد الآن مؤشرات حول وجود بعض التعاون المشترك.

وعلى الرغم من ذلك، فإنّ التقدير الرسمي في واشنطن يرى أن «بوتين» في حالة تردد بشأن الضلوع بشكل أعمق  في الحرب السورية. وتسبب بذهول للرئيس الروسي «بشار الأسد» وآخرين باكراً هذا العام حين أعلن انسحاب القوات الروسية من سوريا. وقد أساء «بوتين» التقدير بشدة، حيث استند في الانسحاب الجزئي لروسيا على فرضية قدرة القوات الإيرانية الموالية والداعمة للجيش السوري على الحفاظ على التفوق الهجومي ضد قوات المعارضة وإن كان بوتيرة أبطأ. إلا أنّ القرار أثبت أنه كارثة، حيث فشلت القوات الإيرانية في الوصول لمستوى التوقعات الروسية.

ولقد وضعت واشنطن تقديرات أخرى حول القدرات القتالية للحرس الثوري الإيراني والتي أثبتت هي الأخرى أن هذه التقديرات مبالغ فيها. فلقد عانت القوات الإيرانية في كلاً من سوريا والعراق من خسائر فادحة، ولم تظهر أياً من المهارات العسكرية التي أظهرها «المتطوعون» الروس.

وتعيد روسيا تعزيز وجودها في سوريا بعد الهجوم المفاجئ على القاعدة الجوية الروسية في أواخر مايو/أيار الماضي والذي تسبب في تدمير مروحيات قتالية روسية وأضرار أخرى. وتؤكد مصادر البنتاجون أن روسيا عانت في هذا الحادث من خسائر أعلى مما تم الإعلان عنه في البداية. ولكن يظل الإجراء المتخذ بإعادة انتشار القوات العسكرية المنسحبة مع تعزيزات إضافية من القوات الخاصة الروسية لا يمثل هذا النوع من الالتزام الكامل المتطلب لإحداث أفضلية حاسمة، حتى فقط ضد مقاتلي «الدولة الإسلامية» وجبهة النصرة.

ويواجه «بوتين» تحديات أبعد من الجبهة السورية، حيث تم الإعلان في الأسبوع الماضي عن تحديد تاريخ 7 إلى 8 يوليو/تموز  كموعد لاجتماع رؤساء دول حلف الناتو في العاصمة البولندية وارسو للتصديق على نشر أربعة كتائب قتالية على الأقل في دول البلطيق، بالإضافة إلى بولندا، على الحدود مع الأراضي الروسية. وقد تم تحديد موعد أيضاً للحكومات الأوروبية للتصويت بالموافقة أو الرفض على تمديد العقوبات الاقتصادية ضد روسيا والتي تنتهي في 31 يوليو/تموز القادم. وتستند هذه العقوبات على دعم روسيا للانفصاليين في منطقة دونباس في أوكرانيا الشرقية. وضرب «بوتين» تحالفا اقتصاديا هشا مع اليابان، بالرغم من المعارضة القوية للرئيس «أوباما» لمثل هذا الدعم من رئيس الوزراء الياباني «شينزو آبي» للتطلعات الروسية بشأن «الارتكاز على آسيا».

إذا بدأت روسيا تصعيدها الكامل لتواجدها العسكري في سوريا، فإن ذلك سوف يفاقم الموقف العالمي لروسيا بشكل مفاجئ. «بوتين» يواجه أيضاً معارضة داخلية متزايدة للسياسات الاقتصادية الخاصة بمجلس وزرائه والبنك المركزي، ويمكن أن يؤثر ذلك على انتخابات مجلس الدوما القادمة في شهر سبتمبر/أيلول. ويقلق «بوتين» حول احتمالية انتكاس حزبه «روسيا الموحدة» في الانتخابات وما يمكن أن يسببه ذلك من إضعاف مكانته السياسية العامة واحترامه عالمياً. لذلك، وبحسابات واشنطن، فإنّ «بوتين» سيقوم بتحركات محدودة في سوريا ليتغلب على ضعف الدور الإيراني، لكنه لن يزيد أكثر من ذلك، خوفاً من انعكاسات ذلك على ما يحدث خارج سوريا.

يعلم «بوتين» أن إدارة «أوباما» تتطلع لزيادة تأمين إرث الرئيس بإحراز نصر عسكري قابل للإثبات ضد «الدولة الإسلامية» في قادم الأسابيع والشهور. وبالنظر إلى نقاط ضعف قوات الجيش العراقي والوضع السياسي المثير للجدل على أرض العراق، فإنّ أفضل خيار للبيت الأبيض هو استيلاء القوات الديمقراطية السورية المدعومة من الولايات المتحدة على الرقة. ومن وجهة نظر «بوتين»، فإنّ أي هزيمة للدولة الإسلامية في سوريا ولاسيما إخراج التنظيم من عاصمته الرقة، فإنه سيعزز فعلياً من قدرة حكومة «الأسد» على البقاء على المدى القصير.

وبسبب تكثيف العمليات العسكرية ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» والنصرة في شمال سوريا، يتعين على القوات العسكرية للولايات المتحدة ولروسيا زيادة التعاون فيما يخص «الحد من التصادم». ويظل تدفق المعلومات الاستخباراتية قائما، وعلى الرغم من ذلك، فإنه يبقى منحصرا على المستوى التكتيكي فقط، حيث تظل العلاقات بين واشنطن وموسكو متجمدة. ولن يتغير ذلك، وخصوصاً خلال ما تبقى من رئاسة «أوباما». فانطباع عدم الثقة الذي نشأ بين القيادتين العسكريتين الروسية والأمريكية إبان الصراع الأوكراني من المرجح أن يأخذ وقتاً طويلاً للمعالجة.

إنّ «زواج المصلحة» بين قوات جيش الولايات المتحدة وروسيا بشأن عدم التصادم يعني ببساطة أن الولايات المتحدة سيكون لها تحذير واضح إذا قامت روسيا بتغييرات في موقفها وبدأت في مسلسل استعراض القوة. ومن غير المرجح أن يسبب هذا أيضاً صداعاً آخراً لـ«بوتين».

المصدر | سمير التقي وعصام عزيز - ميدل إيست بريفينغ

  كلمات مفتاحية

روسيا سوريا بوتين إيران أوباما بشار الأسد الولايات المتحدة الأمريكية

«بوتين» يتسلل إلى الشرق الأوسط عبر طهران .. ومصالحه في سوريا غير مهددة

حلب ونهاية وقف إطلاق النار: من يخدع من في سوريا؟

الصراع المعلق في سوريا يفسر انسحاب روسيا الجزئي

«ستراتفور»: كيف يمكن أن يؤثر الانسحاب الروسي على القوات الموالية للنظام السوري؟

الانسحاب الروسي من سوريا .. أهداف محققة وتداعيات مرتقبة

خدعة «بوتين»: كيف تم استخدام جنيف كغطاء سياسي للحل العسكري الروسي في سوريا؟