هل تتبنى إيران نهجا جديدا أكثر اعتدالا في سوريا؟

الخميس 23 يونيو 2016 01:06 ص

مع توجهها للبحث عن حل سياسي للصراع الدموي لدائر في سوريا، فإن إيران تفكر الآن بجدية في نهج جديد أكثر واقعية، بدلا من التشبث بوجهة النظر التقليدية التي يمكن تلخيصها في جملة واحدة: لا يوجد بديل لبشار الأسد.

ولكن يبدو أنه بعد أن تكبدت إيران خسائر كبيرة في الأرواح في صراع كارثي امتد لمدة أكثر من 5 سنوات، بما في ذلك عشرات الإيرانيين واللبنانيين الشيعة، فإن طهران يبدو أنها تستعد أخيرا لسيناريو ما بعد «الأسد» شريطة ألا يؤثر هذا السيناريو على تحالفها القديم مع دمشق أو أن يتسبب لها في أي خسائر استراتيجية.

وغني عن القول أن هذه القضية تمثل مسألة غاية في الحساسية للأمن القومي الإيراني ولنظام تحالفاتها الإقليمي، في الوقت الذي يبدو فيه التحالف السعودي في وضعية تحفز وهو يسعى للحد من للحد من أو تحييد السلطة الإقليمية الإيرانية. هذا هو السبب في أن أي تغيير، ولو طفيف، يتعلق بالسياسة الإيرانية في سوريا سوف يستدعي تدقيقا جديا من قبل دوائر السياسة في البلاد.

هذه المرونة الإيرانية الجديدة، التي تمت الإشارة إليها مؤخرا من قبل وزير الخارجية الإيراني «جواد ظريف»، تأتي تزامنا مع مشروع الدستور الجديد الذي تقترحه روسيا لسوريا، والذي يركز على التعددية السياسية ويقترح نظاما فيدراليا لذلك البلد الذي مزقته الحرب. روسيا أيضا يبدو أنها تتجه لإبداء مرونة أكبر. وقد ظهر ذلك في مقابلة للرئيس «بوتين» مع شبكة سي إن إن والذي أشار فيه إلى الولايات المتحدة كقوة عظمى وحيدة، وأعرب عن أمله في أن التعاون بين روسيا والولايات المتحدة، الذي أسفر عن اتفاق وقف إطلاق النار الهش، قد يتسبب في حدوث انفراجة كبيرة في الصراع السوري.

بطبيعة الحال، فإن الكثير يعتمد على الولايات المتحدة، التي أعطت الأولوية لقتال «الدولة الإسلامية» في كل من سوريا والعراق. وهي السياسة التي دفعت 51 دبلوماسيا أمريكيا سابقا إلى توقيع خطاب معارضة للبيت الأبيض دعوا فيه إلى توجيه ضربات جوية أمريكية ضد النظام السوري بهدف انتزاع مزيد من التنازلات من دمشق. ولكن اتباع الولايات المتحدة لهذا النهج من شأنه أن يجعل الأمور أكثر تقلبا عبر زيادة التوتر القائم بين روسيا والولايات المتحدة. 

المشكلة في إصرار الولايات المتحدة على أن «الأسد» لابد له أن يرحل أنه يتجاهل ما سوف يحدث في اليوم التالي، وإذا ما كان سيناريو على غرار ما يحدث في ليبيا هو الذي ينتظرنا بمجرد الإطاحة بالرأس السلطوي للحكومة. يمكن لجميع الاتفاقات الورقية أن تسقط جانبا مع اصطدامها بالهوة الكبيرة مع الواقع إذا لم تتشابك فيها الضمانات الضرورية للتوصل إلى حل سياسي دائم بطريقة أو بأخرى في سيناريو ما بعد «الأسد». في وجود «الأسد» أو بدونه، لا تزال هناك قائمة من المشاكل المتوطنة في سوريا وهو ما يجعل من الأهمية تجنب الاختزال السياسي بالتركيز على الفرد بدلا من التركيز على العمليات السياسية والاجتماعية المعقدة.

عامل آخر يعقد الأمر هو الانتخابات المقبلة في الولايات المتحدة وعدم اليقين بشأن الإدارة المقبلة، التي يمكن أن تلتزم أو لا تلتزم بشروط أي بشأن سوريا ما يعقد من محاولات ظريف ترقية جهود السياسة الإيرانية بشأن سوريا. لذلك قد يكون من الأفضل، من وجهة النظر الإيرانية،  مواصلة المسيرة حتى الانتخابات الأمريكية للنظر إلى المسار الذي سوف تتخذه سياسات الولايات المتحدة.

داخل إيران، فإن حليف «ظريف» الأبرز في الوقت الراهن هو «علي شمخاني» رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني الذي يتحمل الآن مسؤولية تنسيق سياسة إيران في سوريا مع روسيا. يعتبر «شمخاني» براغماتيا وسطيا من الذين دعموا الاتفاق النووي مؤخرا. ويمكنه أن يرسل إشارات مطمئنة من إيران لاستكمال جهود ظريف. على جانب آخر، فإن هناك قدر كامن من المقامرة السياسية في هذا النهج الإيراني المنتظر والأكثر مرونة، يتعلق برد فعل المحلي، وهذا يدعو إلى الحذر واتباع نهج دقيق تجاه سوريا، من شأنه ألا يزيد الشقوق بين إيران وحلفائها في المنطقة.

المصدر | أوراسيا ريفيو

  كلمات مفتاحية

إيران روسيا سوريا السعودية بشار الأسد

«ديفينس وان»: الحرس الثوري الإيراني يشكل مستقبل الشرق الأوسط

مقتل قائد عسكري إيراني بـ«الحرس الثوري» في سوريا

دراسة: تناقض الأهداف بين روسيا وإيران في سوريا يمنح (إسرائيل) نفوذا سياسيا

العراق يبدأ قصف «الدولة الإسلامية» بمساعدة مركز مخابرات يضم روسيا وإيران وسوريا

«الأسد» ورقة مساومة لإيران في سوريا

من الاستعصاء السوري الداخلي إلى الاستعصاء الخارجي

التنظيم الدولي ورؤية 2025

إيران الكبرى!