«ديفينس وان»: الحرس الثوري الإيراني يشكل مستقبل الشرق الأوسط

الأحد 19 يونيو 2016 03:06 ص

يعد الحرس الثوري، خاصة فيلق القدس، والذي يبلغ عدده الآن 15 ألفاً، في طليعة مشروع النفوذ الإيراني في المنطقة.

وبرزت عناوين الحرس الثوري الإيراني في الأخبار في السنوات القليلة الأخيرة. فقد تم تصويرهم عدة مرات في الإعلام الغربي كقوة شبه عسكرية تصول وتجول في شرق أوسط مضطرب، ورجال أعمال رواد من الممكن أن يكونوا ذوي فائدة للرئيس «حسن روحاني» في محاولته للانفتاح الاقتصادي، وقوة عسكرية متعصبة أيدولوجيا تساعد القائد الأعلى «علي خامئني» في سعيه للحفاظ على الجمهورية الإسلامية.

وبنظرة على الحرس الثوري منذ بدايته نرى أن كل هذه الأوصاف تحتمل قدراً من الحقيقة، وأن سياق السياسة الإيرانية والنظام الإقليمي قد سهلا كثيرا من مهمة الحرس الثوري.

ظهر الحرس الثوري لأول مرة في المراحل الأخيرة من ثورة عام 1979 التي خلعت الشاه. لم يثق قائد الثورة «الخميني» في الجيش الإيراني وأراد جيشه الخاص، حيث تصارعت العديد من الفصائل والميليشيات من أجل بسط النفوذ في تلك الأيام المليئة بالفوضى.

اعتمدت الوحدة في إنشائها على الشباب المتدين، وكان أغلبهم من الطبقة العاملة. حيث انجذبوا لمهمة «الخميني» للخلاص وسعيه لتطبيق حكم الله في الأرض. ومن البدايات الأولى، تغلغل المنحنى الأيدولوجي بقوة داخل التنظيم وأقرّ وجهة نظره بأن العنف نتيجة مبررة ضد الحاطين من قدر الجمهورية الإسلامية داخليا وخارجيا.

رأس حربة الجمهورية الإسلامية

ربما ظل الحرس الثوري قوة أمنية داخلية صغيرة تتعامل مع حماية النظام حتى كانت الحرب العراقية الإيرانية.

وكما يثبت التاريخ دائماً، فالحرب تصنع الرجال. وقد تسبب الغزو الطموح من قبل الرئيس العراقي الراحل «صدام حسين» لإيران في النهاية في صعود الحرس الثوري لمستوى آخر من القوة والهيبة.

أثبت الحرس الثوري جرأة وإقداما في وقت عدم التكافؤ وبخاصة في وقت مبكر من الحرب. اعتمد المفهوم العملياتي للحرس على الإيمان والالتزام والذي تغلب على التفوق التكنولوجي للعراق.

وأشرف على الهجمات الجماعية على خطوط العراق، بينما كان به شباب صغير السن يبلغ عمر بعضهم 12 عاما شاركوا في موجات بشرية عبر الألغام لتمهيد الطريق للمسلحين. تم احترام هذه المهمات الانتحارية للحرس الثوري من قبل الفئة الدينية الحاكمة والذين قدروا حماسهم وصلابتهم في الوقت الذي كانت سمة الجيش النظامي التأني والتروي. كانت هذه هي نقطة البداية للحرس الثوري للتوسع في العدد والعدة والعتاد.

كان الشخص الأكثر مسؤولية عن بزوغ الحرس الثوري في وضعه الحالي براجماتيا، وهو الرئيس الأسبق «هاشمي رفسنجاني».

وشجع الحرس على المشاركة في إعادة الإعمار بعد الحرب بعد انتهاء الصراع في 1988. ورغم نضالهم في الحرب، إلا أن الحرس الثوري طور من مهاراته الهندسية التي ظهرت كنقطة حيوية من أجل إعادة البناء. لقد تعلموا أنهم يمكنهم الاستفادة من هذا الدور الجديد مع تأسيس شركات صغيرة لا تخضع للعقوبات الخارجية. وبدأت تظهر أعمال أخرى تخضع بشكل مباشر للحرس الثوري.

بينما كان «رفسنجاني» داعماً رئيسياً لدور الحرس الثوري في إعادة البناء، فضل المرشد الأعلى توفير جهودهم لتكوين جهاز أمني قوي. تم في هذا التوقيت تم إنشاء فيلق القدس لخدمة الثورة وراء الحدود الإيرانية. وبدأ الحرس الثوري يفرض ذراع المراقبة داخلياً وأعار انتباهاً جيداً للمعارضة داخل إيران. ربما تجعل هذه المجهودات الحرس الثوري الإيراني أهم تنظيم داخل الجمهورية الإسلامية، بهويته المؤسسية واهتماماته التنظيمية. وتصل أعداد قوات الحرس الآن إلى حوالي 125 ألفاً.

عكس الإصلاحات

أصبحت استثمارات النظام الحاكم في الحرس الثوري في متناول اليد فور تولي الإصلاحي «محمد خاتمي» للرئاسة في 1997. كان الرئيس الجديد مهتماً بحق بنقل الجهورية الإسلامية إلى التحرر وجعل شرعية الحكم تستند على تفويض شعبي.

وتحدث عن إفساح المجال للمجتمع المدني ووسائل الإعلام الناقدة. أقلقت شعبيته حراس الثيوقراطية الذين اعتقدوا أن الناخبين يهتمون بالحرية أكثر من العقيدة الدينية. خيم شبح فشل تجربة «ميخائيل غورباتشوف» في إصلاح الاتحاد السوفييتي على الجمهورية الإسلامية، وتخوف الكثيرون من أن هذا الإصلاح سوف يؤدي إلى اندثار النظام.

أكدت أعمال الشغب الطلابية التي اندلعت في عام 1999 للمتشددين أن تجربة «خاتمي» قد وصلت إلى حد لا يمكن السكوت عليه. مؤسسات الجمهورية الإسلامية محتشدة في هذا الوقت ضده، مدعومة برجال الدين المتشدين، قام الحرس الثوري بقمع الحراك الطلابي، وحكمت المحاكم بإغلاق الصحف وأدانت الإصلاحيين بتهم ملفقة، وقامت وزارة الاستخبارات باغتيال المعارضين. وساعدت تحذيرات الحرس الثوري بأنه على استعداد لسفك الدماء من أجل نظام الحكم الإسلامي في تقويض جهود «خاتمي».

ردا على فترة رئاسة «خاتمي»، أعلن المتشددون خطا أحمر: لن يتساهلوا مرة أخرى مع أي ظهور إصلاحي في الحكومة. وتم إثبات ذلك مجددا في صيف 2009 عندما تسببت إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد عبر التزوير في مظاهرات عارمة. كانت الحركة الخضراء التي قادت هذه الاحتجاجات هي نتاج فكر الإصلاحيين وشاركت طموحها من أجل إنشاء جمهورية أكثر تسامحاً. كان للحرس الثوري دوراً فعالاً في قمع الحركة والمحافظة على النظام.

الفرص الإقليمية

لا يتعين أن تشوش الاهتمامات المحلية للحرس الثوري على مهمته الدولية. يقدم الشرق الأوسط اليوم فرصا فريدة لإيران لفرض قوتها من الخليج العربي إلى البحر المتوسط.

ترى الجمهورية الإسلامية التطورات منذ الثورات العربية كبعض أهم نقاط التحول في تاريخ المنطقة. فالانهيار الأساسي لنظام الدولة العربية وحدوث فراغ للسلطة في المنطقة قد فرض فرصا محيرة لدولة دائماً ما كان لديها أحلاما إمبراطورية. تسعى إيران من أجل أن تصبح اللاعب الأكثر أهمية في العراق وسوريا وأن يصبح لها صوت مؤثر في منطقة الخليج.

ويظل الحرس الثوري، ولا سيما فيلق القدس الذي يبلغ عدده 15 ألفا، في طليعة مشروع تعزيز النفوذ الإيراني. ومن بين المهام الأخرى، فهم يساعدون في تدريب وتوفير المعلومات للقوات التي تقاتل بالنيابة عن نظام «بشار الأسد» في سوريا ومساعدة الميليشيات الشيعية المحتشدة ضد قوات «الدولة الإسلامية» في العراق.

لقد كان الحرس الثوري في طليعة المصرين على أن قوة الولايات المتحدة منهكة في منطقة الشرق الأوسط. واحتفلوا بالقبض على عشرة من البحارة الأمريكيين واحتجازهم لفترة وجيزة عندما أبحروا داخل المياه الإقليمية الإيرانية.

قال الأدميرال «علي فدوي» قائد قوات الحرس الثوري في أبريل/نيسان: «الولايات المتحدة تعي جيدا أنها لا تستطيع إطلاق هجوم ضد الجمهورية الإسلامية وهي متأكدة من أن الإيرانيون يتمتعون بقوة هائلة وقدرة على رد هذا الهجوم».

الرسالة هنا كانت موجهة لكل من «روحاني» وملوك السنة في منطقة الخليج بأن الولايات المتحدة تفتقر بشكل كبير للقوة التي تمكنها من إيقاف الاستفزازات الإيرانية.

ويبدو أن الحرس الثوري سيصبح في السنوات المقبلة قوة يعمل لها حساب في سياسات إيران وكذلك في سياسيات المنطقة. وتستند علاقات الحرس الثوري مع رجال الدين في إيران على الاعتماد المتبادل. وكرجال متدينين بشدة، فإن الحرس الثوري يحتاج استحسان طبقة رجال الدين. وكسياسيين، فهم يسعون للقوة والتفوق في المنطقة، ويحتاج رجال الدين لقوة الحرس الثوري الجديرة بالثقة. ربما يتحدد المستقبل بعد ذلك بما سينتج عنه اندماج هاتين القوتين.

 

  كلمات مفتاحية

إيران خامنئي روحاني محمد خاتمي فيلق القدس الحرس الثوري

347 أكاديميا إيرانيا ينددون بتدخل «الحرس الثوري» في السياسة

«الحرس الثوري» يتهم السعودية والإمارات بـ«تدريب» إرهابيين على استهداف ايران

مقتل قائد عسكري إيراني بـ«الحرس الثوري» في سوريا

«الحرس الثوري» يتولى تدريب ميليشيات «الحوثيين» ميدانيا في سوريا

إيران تعلن إحباط سلسلة تفجيرات في طهران وعدة محافظات

هل تتبنى إيران نهجا جديدا أكثر اعتدالا في سوريا؟

«ذا ديلي بيست»: رسالة متخيلة من المستشارين السعوديين إلى الملك ونجله

‏14 ألف مسلح عدد مرتزقة لواء «فاطميون» الإيراني بسوريا

التنظيم الدولي ورؤية 2025

مسؤول سابق في «سي آي إيه»: سوريا وليبيا ستختفيان واليمن قد يفقد جنوبه بحماية السعودية

إيران تنفي إصابة قائد قوات «الباسيج» في سوريا

ارتفاع قتلى «الحرس الثوري» إلى 8 خلال المعارك الأخيرة في حلب