«ذا ديلي بيست»: رسالة متخيلة من المستشارين السعوديين إلى الملك ونجله

الخميس 23 يونيو 2016 02:06 ص

الأمير البالغ من العمر 30 عاماً خائب الأمل من الولايات المتحدة يدير المشهد في السعودية، ويقاتل إيران مباشرة وبالوكالة في أرجاء الخريطة. ولكن .. هل توجد استراتيجية؟

اختتم الأمير «محمد بن سلمان» صاحب الـ 30 عاما، ابن الملك والذي يظهر أكثر من أي وقت مضى كولي للعهد، جولته للولايات المتحدة. وقد قابل الرئيس «أوباما» الأسبوع الماضي في واشنطن، والتقى «بان كي مون» أمين عام الأمم المتحدة في نيويورك هذا الأسبوع، وزار بينهما وادي السيليكون وتحدث عن برنامجه «رؤية 2030» لإصلاح وتحديث الاقتصاد السعودي.

ولفت «محمد بن سلمان» أنظار العالم منذ أن ظهر كولي لولي العهد وكوزير للدفاع في بدايات العام الماضي بسبب جهوده الكثيفة، والتي تتضمن حربا في اليمن، لاحتواء ودحر نفوذ إيران في المنطقة. وبحسب البيان الرسمي فقد تناقش «محمد بن سلمان» و«أوباما» في لقائهما حول «أنشطة إيران لزعزعة الإستقرار وتوافقا حول استكشاف السبل التي يمكنها أن تؤدي إلى تخفيف حدة التوترات».

ربما يشير تعبير «تخفيف حدة التوترات» بسهولة إلى الصدع المتزايد بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية مثلما يشير إلى المواجهة القائمة بين الرياض وطهران.

منذ أن بدأت الولايات المتحدة الاعتماد على الوقود الصخري وقل اعتمادها على النفط السعودي ومع الاتفاق النووي الذي تم بين الولايات المتحدة وإيران ومعه تم تخفيض درجة اعتبار الولايات المتحدة لطهران كمصدر تهديد، بدأت السعودية تدرك أنها لا يمكنها بعد الآن الإعتماد على العم سام لتأمين ظهرها.

ومؤخرا منعت الإدارة الأمريكية تسليم قنابل عنقودية للسعودية بداعي استخدامها في ضرب مدنيين في اليمن. كما أقرت مشروع قانون يتيح لضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول بمقاضاة السعودية كطرف داعم للهجمات. في الوقت الذي تصر فيه السعودية على الحفاظ على معدلات كبيرة من صادرات النفط في مواجهة انخفاض أسعاره ما أدى إلى تعرض عدد من منتجي النفط في الولايات المتحدة للإفلاس.

ولكن ماذا على السعوديين أن يفعلوا بعد أن فقدوا الضمان في مظلتهم الأمنية المتمثلة في الولايات المتحدة؟

وهذه محاولة لتخيل ما بداخل تفكير هؤلاء الذين ينصحون الملك وإبنه بشأن حرب السعوديين ضد إيران.

إلى: خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود

من: العقيد فارس بن سيف الحربي

الموضوع: الإعداد للأمر الحتمي

أيها الملك، بتوجيهات من سمو الأمير ابنكم الغالي، ولي ولي العهد ووزير الدفاع «محمد بن سلمان»، فقد أعددت خطة للصراع الحتمي ضد الفرس والرافضة. يتعين علينا لكي نفوز أن نقوي من أنفسنا مع إدراك عيوبنا. الفرس مهرة وأعدادهم كبيرة. ولأجل هزيمة خططهم للسيطرة، يجب علينا أن نكون ماهرين وأقوياء أيضاً، ولكن يجب أن نضمن أننا لسنا وحدنا في الحرب. كنا نعتمد على الأمريكين، ولكن لم يعد هذا ممكنا. يتحتم علينا أن نكون قدوة للمؤمنين والبعض سيحتاج بعض الإقناع.

التهديد الأكبر يقع على مرافقنا النفطية، فالحرس الثوري الإيراني ببحريته وصواريخه وقوته غير النظامية يهدد مصافي النفط بطول ساحل الخليج. يمكننا التغلب على ذلك بتطبيق نظام دفاعي يشبه للناتو بحريا وجويا، وبدأنا بالفعل العمل على الحصول على غواصات بحرية تعمل بالكهرباء والديزل من ألمانيا، ويجب أن نستعوض عن السفن الأمريكية الكبيرة باهظة الثمن بأخرى صغيرة يمكنها التعامل السريع مع أسراب القوارب الهجومية الإيرانية في الخليج العربي. ويتم إعادة تموضع أسطول الأباتشي ليكون بالقرب من ظهران حيث علمت من الأمريكان أنها تتعامل جيداً مع الزوارق البحرية الصغيرة.

كما أن الدفاع ليس كافيا. يجب علينا مهاجمة البنية التحتية للنفط والغاز الخاص بالفرس. ويجب علينا أن نتعلم من الإيرانيين ويكون لدينا صواريخ بحرية مضادة للسفن وصواريخ باليستية إضافية لتهديد بنيتهم التحتية.

وبالنظر إلى أنظمة تمييز العدو من الصديق الأخرى فالناتو لا يمثل أفضلية، فهناك الصين والروس والباكستان والإماراتيين، كل منهم لديه ميزات تفضيلية يمكننا الاستفادة منها مثل الأنظمة المضادة للسفن والصواريخ الباليستية والقوات الجوية. لكن يتبقى أن السعودية لا تملك العد الكافي من الكوادر المدربة على هذه الأنظمة الحديثة، فيجب علينا تعيين مرتزقة مؤهلة وليس فقط الحشد الباكستاني الذي يشكل الجزء الأكبر من القوة البرية لدينا الآن.

وبينما قمنا بالاستثمار بقوة في قواتنا الخاصة التي انصب جل اهتمامها على التهديد الداخلي، وهذا مهم جدا للحفاظ على الاستقرار الداخلي، ولكن يجب علينا إدخال وتدريب قوات أجنبية تحارب عنا بالوكالة في مقابل فيلق القدس الخاص بقوات الحرس الثوري الإيراني. ويمكننا الاعتماد على جهاز المخابرات الأمريكي طالما لازلنا نزودهم بالمعلومات عن أبناء البلد المشاكسين في الخارج.

حتى التكفيريين من «الدولة الإسلامية» والقاعدة بين مواطنينا لهم دور في الحرب القادمة. فـ«الدولة الإسلامية» وجبهة النصرة في طليعة المحاربين ضد الرافضة. وبينما لا تكن أي مجموعة حباً للملكة أو الأسرة الحاكمة، يمكننا الاعتماد عليهم في تشتيت انتباه الفرس وأتباعهم.

وبالرغم من أنهم يصرفون انتباه الأمريكان والأوروبيين أيضا، يمكنهم ببعض التشجيع والموارد، محاربة فيلق القدس في عقر داره، والحوثيين في اليمن، و«بشار الأسد» وحزب الله في الشام. ويجب علينا التعامل بحذر مع التكفيريين وتحديد عضويات الجماعات التكفيرية حتى نستطيع التعامل معهم بعد الوصول للنصر كما تعامل أبوكم مع الإخوان بعد توحيد المملكة.

قام سموك بالفعل بوضع الظروف المالية اللازمة للحرب في الاعتبار بالتعامل الحكيم مع أزمة النفط بالحفاظ على حصة المملكة من السوق رغم انخفاض الأسعار. وبفعل ذلك نمنع إيران والعراق من بيع حصة أكبر في السوق والاستحواذ على عملائنا. ولدينا أيضاً حلفاء فقراء، مثل نظام «السيسي» في مصر، فمصر لديها جيش قوي وبعدد كبير يمكنه أن يكون حليف محتمل ولا يقدر بثمن في حرب برية ضد الفرس، يمكننا الإستفادة منه في الحرب إذا اكتسبناه كحليف عن طريق المساعدات التي تحتاجها بلاده. وبينما لا يحبذ أن تجري هذه المواجهة على أرض المملكة، يمكن أن تتم المواجهة على جسد العراق المتهالك.

ولابد أن نضمن أن تكون تركيا في جانبنا أيضاً خلال تلك الحرب، فكراهية «أردوغان» لـ«بشار الأسد» والرافضة معروفة، مثلها مثل حبه المعروف للإخوان المسلمين، وبينما يمكننا الاستفادة من الأولى، تسبب الثانية معضلة، لكن يمكننا التعامل مع ذلك وضمان جانب تركيا إذا استطعنا المساعدة في مشكلة تركيا مع الأكراد كما نفعل في العراق.

ويتعين علينا ألا نهمل نقطتين حساستين:

بينما تمثل الصهيونية على المدى الطويل مشكلة مزمنة، ألا أنها على المدى القصير والمتوسط تلعب دوراً مقيداً ضد الفرس. فعداء الليكوديين لفارس كبير مثلنا تماما. ويمكننا التعاون في الأهداف المشتركة. أما عن علاقتنا مع باكستان فتحتاج لرعاية عن قرب. فحدودها الواسعة المشتركة مع إيران تجعلها الشريك المثالي للحد من طموحات الفرس. وبالرغم من ذلك تبقى الأولوية القصوى لباكستان مواجهتها مع الهند.

وبالطبع فإنّ باكستان هي القوة النووية المسلمة الأولى والوحيدة. ومع تشككنا من «الاتفاق النووي» يبقى هناك سبب لاعتقادنا بأن إيران تنتج أسلحة نووية. وفي هذه الحالة تظل خطتنا للتأمين النووي مع باكستان بما يشمل جلب قنابل من إسلام آباد في وضع الإنتظار.

سيكون الأمريكيون في تحدٍ دبولماسي كبير، فإذا كانوا في جانبنا ستكون الحرب قصيرة وحاسمة. أما إذا لم يكونوا بجانبنا فمن الممكن أن نكرر خطأ «صدّام» في حرب الثمانية أعوام في القادسية.

في الانتخابات الأمريكية القادمة فإن زوجة «كلينتون» هي المرشح المفضل لدينا بخبرتها الطويلة في مجال الدبلوماسية الخارجية. فنحن نشك في إمكانية إجراء صفقة مع «ترامب». ولذلك يجب علينا العمل على مساعدة أصدقاءنا في صناعة الطاقة الأمريكية لدعم حملة «كلينتون».

ومن فضلك، ضع في حساباتك أن الحرب القادمة، في أحسن الأحوال، ستكون صعبة. ليست صعبة لأننا نفتقر للإيمان أو الرؤية أو الموارد للنصر، لكن لأننا يجب أن نتعامل جيداً مع تداعيات ما بعد الحرب مباشرة. ليس كافياً أن نهزم الفرس والرافضة، بل يجب أن نضمن أن نكون في نهاية الحرب، بلا جدال، في رعاية الله وحفظه وأمانه، وبالنسبة للعالم نكون المثل والقدوة للمؤمنين.

خادمك المتواضع:
العقيد فارس بن سيف الحربي

 

  كلمات مفتاحية

السعودية أوباما محمد بن سلمان الولايات المتحدة إيران العلاقات السعودية الإيرانية

«سترانفور»: حملة البحرين على المعارضة قد تعزز التدخل الإيراني في الخليج

«ديفينس وان»: الحرس الثوري الإيراني يشكل مستقبل الشرق الأوسط

«بروكنغز»: التداعيات السياسية للتحول الاقتصادي في السعودية وإيران

تمرد الأقليات في إيران: هل تتجرع طهران «كأس السم» الذي تسقيه لدول المنطقة؟

«ستراتفور»: نضوج ميزان القوى في الشرق الأوسط

زيارة بن سلمان لأميركا: تحييد الخلافات ومحاولات شراكة اقتصادية