«لوس أنجلوس تايمز»: السعودية فقدت السيطرة على السلفية العالمية منذ فترة طويلة

الخميس 21 يوليو 2016 04:07 ص

هل يمكن أن تكون دولة ما هدفا لـ«المتطرفين الإسلاميين» ومسؤولة عن هجماتهم في ذات الوقت؟ لقد أثبتت هجمات يوم 4 يوليو/تموز التي نفذت من قبل أتباع الدولة الإسلامية في ثلاث مدن سعودية، أن ذلك ممكن جدا، كما يشير محللون .

إن مربط الفرس يكمن في التفسير الرسمي للإسلام في المملكة العربية السعودية، الذي يسمى في الخارج بـ«الوهابية» ويسميه السعوديون بـ«السلفية»، والذي يشترك في العديد من العناصر مع الفكر المتطرف. ثم إن الجهود السعودية للتنظير للسلفية لعبت دورا في تطور الحركة الجهادية العالمية. وبالتالي فإن السعودية تتحمل مسؤولية خاصة في كبح جماح دعم المؤسسات الإسلامية خارج حدودها،و أن تعمل على تطبيق ممارسة معتدلة للإسلام في الداخل. وهذا يعني ربما أنه إذا غير السعوديون سلوكهم، فإن التهديد الذي يمثله المتطرفون سوف يتقلص إلى حد كبير.

هذا الفهم للعلاقة بين الإسلام الرسمي للمملكة العربية السعودية والحركة الجهادية السلفية المعاصرة، ممثلة بالدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة، يفتقد للعديد من الحقائق المهمة.

مما لا شك فيه أن المملكة العربية السعودية، منذ الستينيات، قد بنت مجموعة من المؤسسات والشبكات لنشر الفكر المتزمت، المتعلق بوجهات نظرها الضيقة في ممارسة الشعائر الدينية، فضلا عن عدم التسامح مع الديانات الأخرى أو غيرها من التفسيرات الأخرى للإسلام. ومع ثورة النفط في السبعينيات، كان لدى السعوديين موارد هائلة لدعم هذا الجهد. وفي الثمانينيات ، قام السعوديون (جنبا إلى جنب مع الولايات المتحدة) بدعم حملة في أفغانستان ضد الاتحاد السوفيتي وكان كلاهما سعيدا للدعوة إلى الجهاد.

عند هذه النقطة، فقد السعوديون السيطرة على السلفية العالمية، هذا في حال أنهم كانت لديهم حقا سيطرة عليها في أي وقت مضى حقا.

إن الوهابية السعودية هي الأهدأ سياسيا. حيث تدعو المسلمين إلى طاعة الحكام، طالما يلتزمون بتنفيذ أحكام الإسلام، ولو بشكل ناقص، في مجتمعهم. إن نجاح الجهاد في أفغانستان، أضاف مضمونا سياسيا ثوريا إلى السلفية العالمية لبعض معتنقيه، مثل« أسامة بن لادن»، والذي سرعان ما أصبح يمثل تهديدا مباشرا للسعودية ولجميع الحكومات الإسلامية الأخرى في جميع أنحاء العالم.

 ما أصبح ظاهرة إلى حد كبير لدى كثير من المسلمين هو أن الاقتداء بالوهابية السعودية في حياتهم الشخصية أصبح جزءا من الحركة السلفية العالمية، وعنصرا من عناصر هويتهم السياسية. وقد تمادى البعض على طريق العنف أو الانضمام إليه أو التعاطف مع تنظيم القاعدة وثم الدولة الإسلامية. فيما قام آخرون، بينهم نشطاء في المملكة العربية السعودية، بتحاشي العنف ولكن انتقدوا حكوماتهم لابتعادها عن الإسلام «الحقيقي». ولا يزال السلفيون يقتحمون المجال السياسي الديمقراطي، ويحظون بمقاعد برلمانية في الكويت والبحرين ومصر وغيرها.

تحولت السلفية إلى حركة دينية مع عدد من المظاهر السياسية، واحدة منها فقط كانت مزيجا من المحافظة الاجتماعية والتصوف السياسي الذي يمثله البديل السعودي الرسمي.

إن المهمة الأكثر إلحاحا هي إقناع أولئك الذين ينجذبون إلى السلفية أن طريق العنف يمثل انحرافا كما يقول رجال الدين السعوديين. وهذا يعني أن الضغط على السعودية لتصبح «أقل وهابية» من غير المرجح أن يكون له تأثير كبير على الحركات الجهادية مثل القاعدة والدولة الإسلامية. فهم وأتباعهم ينظرون إلى مصادر أخرى للإلهام السياسي والعقائدي، وليس إلى رجال الدين السعوديين الرسميين. وتعتمد الجماعات الجهادية في الحصول على بعض أتباعها على السعودية، ولكن الغالبية العظمى من المسلمين السعوديين، بما في ذلك الغالبية العظمى من الوهابيين السعوديين، ترفض هذه الجماعات. إن الوهابية السعودية يمكن أن تكون طريقا نحو الجهادية، لكنه ليس الأوحد. تونس مثلا، ربما هي أكثر الدولة علمانية في العالم العربي ولها قصة نجاح نسبية في الربيع العربي، أرسلت من الجهاديين إلى سوريا أكثر من المملكة العربية السعودية. كما أن الأوروبيين والأميركيين تجذبهم دعاية الدولة الإسلامية أكثر مما تؤثر عليهم الوهابية السعودية الرسمية.

السلفية العالمية لا تنطلق الآن من أصولها السعودية

لايزال للسعودية دور تلعبه في الحملة ضد الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة. مثلما فعلت ضد تنظيم القاعدة بعد عام 2003 لا تزال السعودية تحتاج إلى إلى سحق «الدولة الإسلامية» داخل حدودها وتحتاج لمراقبة شبكات التمويل والتوظيف و جمع الأموال وتجنيد القوى العاملة في البلاد. إن التعاون الاستخباراتي السعودي الأمريكي بشأن هذه المسألة واسع ومثمر، ولكن يجب على واشنطن عدم التردد في الاتصال بالرياض إذا كشفت أي انزلاق.

 يمكن للسعوديين أيضا المساهمة في المعركة الأيديولوجية ضد السلفية الجهادية، ولكن ليس بالطريقة التي يفكر بها معظم الليبراليين الغربيين. الإصلاحات الليبرالية في المملكة العربية السعودية لن تقنع السلفيين أن تفسيرهم للإسلام غير صحيح. بل على السعوديين مضاعفة جهودهم لاستخدام المؤسسات المحلية والدولية التي أنشئوها ومولوها لإقناع المسلمين بأن الإسلام السلفي نفسه يحظر أعمال العنف التي ترتكب باسمه.

  كلمات مفتاحية

السعودية الوهابية الدولة الإسلامية السلفية العالمية

السعودية ودعم السلفية عالميا

الوهابية: مراجعة أخرى

الانتهاء من مركز أبحاث حول الوهابية بالرياض نهاية عام 2016

رئيس الوزراء الفرنسي يدعو إلى ”مكافحة خطاب الاخوان المسلمين والجماعات السلفية“ في فرنسا

السعودية: النفط والوهابية.. وسلاح النفوذ

العائلة الحاكمة السعودية تعيد النظر في علاقتها مع ”الوهابية“