أحدث تعميم الدكتور «محمد مختار جمعة»، وزير الاوقاف المصري، على المساجد المختلفة التابعة للوزارة بخصوص قراءة خطبة الجمعة المكتوبة، المُوزعة من قبل الوزارة، شريطة ألا تزيد على 20 دقيقة ، حالة من الجدل الديني في الأوساط المصرية المختلفة، أدت إلى دخول مؤسسة «الأزهر الشريف» في مواجهة مع وزارة «الأوقاف».

وبدورهم أبلغ علماء أزهريون وزارة «الأوقاف» مؤخراً رفضهم الخطبة المكتوبة، بل هدد بعضهم باعتزال المنابر إذا ما تم فرضها، وذلك عبر لقاء ضم هيئة «كبار العلماء» ومجمع «البحوث الإسلامية» بوزير الأوقاف.

وسبق لوزير الأوقاف أن أعلن في بيان له: «أن خطبة الجمعة المكتوبة تهدف إلى صياغة مشروع فكري متكامل يؤدي إلى تحقيق الفهم المستنير للدين».

 وأضاف الوزير: «فلو تناولنا فى كل جمعة قضية فكرية مجتمعية، بحيث يتم تغطيتها فكريًا وإعلاميًا عرضًا وحوارًا ومناقشة على مدار الأسبوع ..عقب خطبة كل جمعة لأخرجنا للمجتمع كل عام  52 موضوعًا تعالج اثنين وخمسين قضية إيمانية أو أخلاقية أو إنسانية أو مجتمعية».

وخلص «جمعة إلى أن: «هذا يعني تحليل ومعالجة (260) قضية في 5 سنوات معالجة علمية وفكرية وحضارية راقية، تطبع وتنشر وتترجم على نطاق واسع، بما يعد بحق مشروعا فكريًا مستنيرًا للأمة يسهم في تحقيق ريادة مصر في نشر الفهم المستنير للدين في العالم كله».

ولكن على الجانب الآخر يرى أزهريون أن الخطبة المكتوبة، التي ترى وزارة الأوقاف محاربة التطرف بها، تؤدي إلى تجميد الخطاب الديني لا تجديده، وإهانة للأزهر وقتلاً للارتجال في الخطبة وبالتالي الإبداع.

ومن ناحيته قال الدكتور «عبد العزيز النجار»، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية ومدير إدارة الدعوة في الأزهر الشريف، في تصريحات صحافية، «أن الخطبة المكتوبة رجوع إلى الوراء وتدمير للعقول وضياع لهوية علماء الأزهر الشريف، الذين يتصفون بسعة العلم ووفرة الآراء وإثراء الموضوعات التي تطرح على الساحة، ولذلك نجد تهافتًا من علماء الدين الإسلامي في العالم على علماء الأزهر، لتعلم الخطابة والارتجال».

مؤكداً أن الخطبة المكتوبة تكاد تقضي على دور صلاة الجمعة أساساً، فأي مسلم يستطيع القراءة والكتابة بإمكانه فهمها ولا داعي لصلاة الجمعة إذاً إذا ما استطاع، أيضاً، تلاوة القرآن الكريم والتالي الصلاة .

وشدد على أن علماء الأزهر نقلوا للوزير وجهة نظرهم، ورفضهم الصريح والمباشر للأمر، بل اعتزال الخطابة والصعود على المنبر إن أصر على قراره.

وأوضح «النجار» أن جانب الارتجال في الخطبة يسمح للخطيب بالتفاعل مع المستمعين إليه، وبالتالي التأثر بموضوع الخطبة، ومعالجته بنبرة الصوت المناسبة، فيعلو صوته في الأجزاء التي تحتاج إلى هذا منها، ويخفته في المناطق التي تحتاج إلى الهدوء.

وبيّن «الخطيب» أن عدم انشغال الإمام بالورقة التي يقرأ منها، وبالتالي نظره إلى جميع المستمعين يجعله متفاعلاً مع ملامح وجوههم، مركزاً على طريقة الاداء التي تجذبهم أكثر.

ومن ناحيته قال اللواء «شكري الجندي»، عضو اللجنة الدينية بمجلس النواب، إنه لا يفضل وقوف الخطيب على المنبر قارئاً الخطبة من ورقة مضيفاً عبر اجتماع جمعه بوزير الأوقاف أمس الجمعة: «في الدول العربية يحدث ذلك لكن لا يوجد وجه مقارنة بينا وبين الدول العربية في الأمور الدينية لأن عندنا الإمام حر، وممكن ترسل الخطبة مكتوبة للإمام يقرأها ويهتدي بها أثناء الخطبة من خلال الأحاديث والأدلة وغيرها».

فيما اكد: «البلاد والأمة الإسلامية كلها تمر بلحظات عصيبة تحتاج وقفة وتتكاتف الجهود من الجميع ..وآن الأوان أن مصر يظهر دورها الحقيقي، ولا بد من تبيان الإسلام الحقيقي وصحيح الدين والدين الوسطي أمام العالم، ونصدر الصورة الصحيحة للدين الذي يتعايش مع الآخر بأنه لا يوجد قتال ولا تطرف، فالفترة الحالية أصعب الفترات والقامات الموجودة مسؤولة عن إظهار الصورة الحقيقية».

ورغم هذا الجدل فقد شهدت بعض المساجد بمصر أمس الجمعة تطبيقاً لتجربة الخطبة المكتوبة، حيث حضر وزير الأوقاف «مختار جمعة» خطبة الجمعة بمسجد السيدة زينب بوسط القاهرة.

كما ان 50 مسجداً بمنطقة البحر الاحمر، وبعض مساجد سيناء والصعيد بجنوب مصر قاموا بتجربة الخطبة.

وتناولت خطبة الامس المكتوبة التي قرأها الأئمة بنصها على المنابر موضوع العفة والترفع عن الدنايا.

ومن جهته أفاد «القطاع الديني بوزارة الأوقاف» أن الوزارة في سبيلها لتكليف اللجنة العلمية بإعداد وصياغة الخطبة، وإنها تقوم بعمل نموذج استرشادياً حتى تقوم اللجنة بعملها.

وأكد القطاع الديني على جميع قيادات الوزارة بالديوان العام والمديريات المختلفة الالتزام بالخطبة المكتوبة بداية من  الجمعة الماضية، مع التأكيد على ضرورة الالتزام بنص الخطبة أو بجوهرها،  وعدم الخروج على ذلك،  جوهر أو على وقت الخطبة  المحدد ما بين 15-20 دقيقة.