استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

تركيا.. تجاوزت كارثة اقتصادية

الاثنين 25 يوليو 2016 07:07 ص

كاد الانقلاب أن يحرق صيف تركيا ويلحق بها بخسائر فادحة، ويتسبب في إلغاء الآلاف من حجوزات الطيران والفنادق والشقق والمنتجعات السياحية ومراكز التسوق، وكاد أن يتسبب في ترك العديد من الأتراك وظائفهم ويرفع البطالة إلى أكثر من 11 في المئة، وتراجع مكانة تركياً عالمياً التي تحتل المركز السادس، وفقاً لعدد السياح الأجانب الذين يبلغ عددهم نحو 40 مليون سائح، ويدخل خزانتها أكثر من 30 بليون دولار سنوياً، ويشكّل هؤلاء 77 في المئة من عائدات السياحة في البلاد، ويحتل الروس المرتبة الأولى، إذ يبلغ عددهم 4 ملايين سائح.

اختيار توقيت الانقلاب في تركيا لم يكن هدفه إسقاط حكومة أردوغان، بل إلحاق ضرر كبير باقتصاديات البلد وأهم مفاصله، وما حدث في تركيا هي محاولة انقلاب وليس انتقال سلطة أو تسلم سلطة جديدة أو حتى رئيس جديد حتى يطمئن الناس، فمعروف أن الانقلابات عادة ما تترك آثاراً سلبية في اقتصاد البلد، من إلغاء للدستور وفرض للأحكام العرفية، فضلاً على إعادة الأمور إلى طبيعتها يحتاج من عامين إلى أكثر، وهذا يعني تعرّض البلاد للمزيد من الأحوال الاقتصادية والمعيشية الصعبة.

الشعب التركي وأحزابه السياسية ومؤسساته الحكومية كافة تعاملوا مع الانقلاب وفق رؤيته للشعوب في دول أوروبا التي تحمي مؤسساتها الدستورية والحكومية منصب الرئيس المنتخب، وتركيا التي تبدو أنها قطعت شوطاً كبيراً تجاه أوروبا ليس فقط الانضمام، بل إنها تمثل رقماً مهماً في الاتحاد الأوروبي، من خلال إنجازاتها السياسية والاقتصادية وإصلاحاتها التي تمت من منذ 2001، فالاقتصاد التركي حل في المرتبة الـ17 عالمياً، وبالنسبة لأوروبا فهو يقع في المرتبة السادسة، فالشعب التركي مستوعب للصراع السياسي، وفي الوقت نفسه هو أيضاً متشبع بالأنظمة الدستورية ومؤسسات الدولة، فكان خروجه للدفاع عن حكومته المنتخبة جزءاً من ممارسته لحقوقه، ولهذا لم يتمكن الانقلابيون من تحقيق مكاسب أو نجاحات على الميدان، وسرعان ما ذاب الانقلاب مع خروج المواطنين ومناصرة الجيش.

من حسن الصدف أن الشعب التركي المسلم لم ينجر وراء نماذج الانقلابات التي حدثت في بعض البلدان العربية والإسلامية مثل باكستان وبنغلاديش، وكانت نتيجتها أن الانقلابيين نجحوا وفشلت مؤسسات الدولة وضاعت شعوبها ما بين الصراعات السياسية وأفرادها، وانقسمت البلاد إلى قسمين أو أكثر، كل فئة مع حزب سياسي أو ديني، وهو بداية الصراع الطائفي والمذهبي وضياع الوطن وشعبه.

حاول الإخوة العرب في بث روح الإحباط للشعب التركي وضرورة استسلامه للوضع والقبول بالانقلاب، وحاول الكثيرون عمل انشقاق في أوساط المجتمع، إنما لحسن الحظ أن الشعب التركي لم يلتفت إلى تلك الوصفات، ولا إلى النصائح الخاطئة، فبالله عليكم، كيف كان له أن يتنازل عن مكتسبات حقيقية حققها على الصعيد السياسي والاقتصادي، حتى على الصعيد الوطني؟

فقبل 16 عاماً أعلن النظام المصرفي إفلاسه، وبلغت أعباؤه 58 بليون ليرة تركية، فيما وصلت الديون المترتبة على الفوائد المصرفية إلى 750 بليون ليرة تركية، و86 من 100 ليرة كانت تذهب لإيفاء الديون الخاصة بالفوائد، رواتب الموظفين والمتقاعدين كانت تدفع من قروض صندوق النقد الدولي، فما الذي تغير خلال الأعوام الماضية؟ انعكس إيجاباً تحسن اقتصاد البلاد على الشعب والمستثمرين، وأسهم في زيادة الإنتاج والتوظيف والاستهلاك والصادرات والواردات بشكل كبير. خلال الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008 تجاوزت تركيا الأزمة بأقل الخسائر، الناتج المحلي الإجمالي ارتفع من 350 بليون دولار إلى 750 بليوناً، وارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي من 2180 دولاراً إلى أكثر من 10 آلاف دولار، التضخم انخفض من 32 إلى 7.7 في المئة، كما انخفضت نسبة الفوائد من 65 إلى 10 في المئة، وارتفعت الصادرات التركية من 36 بليوناً إلى 158 بليون دولار، مُنح المزارعون هبة بقيمة 3.31 بليون دولار، فهل كان سيوافق الشعب التركي على أن يتنازل عن كل هذه الإنجازات التي حققتها حكومته المنتخبة، وينصاع لقوى الانقلاب والجيش، ويعيش مثل جيرانه في بعض البلدان العربية حياة بائسة، تحيطه الصراعات السياسية والحزبية، وتتلقفه الجماعات الإرهابية والمتشددون وأصحاب الفكر الضال؟

صحيح أن تركيا شهدت انقلابات عسكرية في السابق ونجح البعض منها، ربما يعود ذلك إلى أنها كانت حديثة عهد بالبلدان العربية ولا تزال متأثرة، بحكم وجودها في المنطقة لعقود، وقتها حتى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي باعتباره كياناً لم يكن موجوداً ولا وارداً لدى حكوماتها، لهذا كانت الانقلابات تجد استجابة من الشارع لضعفه السياسي، أما في العصر الحديث ومع ما حققته البلد من تطور هائل في الأصعدة كافة، ما كان سيمر هذا الانقلاب من دون أن يواجه بصد قوي من الشعب، وبطريقة حضارية وراقية وبأسلوب الشعوب المتحضرة التي ترفض الصراعات السياسية أن تؤثر في أمن البلد واستقراره، أو حتى المساس بحقوق الشعب، فصندوق الاقتراع والعدالة والمساواة والحقوق هي جدار أمان لأي رئيس دولة منتخب.

من المفارقات الغريبة البعض من المحللين العرب الذين أيدوا الانقلاب، هم الآن يقضون الصيف على شواطئ كوم بابا وداتشا وكابوتاش وغيرها من شواطئ تركيا!

* جمال بنون كاتب وصحافي اقتصادي.

المصدر | الحياة

  كلمات مفتاحية

تركيا كارثة اقتصادية البطالة السياحة التركية حكومة أردوغان الانقلاب التركي الفاشل

فشل الانقلاب: الطبقة الوسطى المتدينة ترسم مستقبل تركيا على حساب النخبة الكمالية

انقلاب أفشله الشعب وحكومته المنتخبة وقواه السياسية

«واشنطن بوست»: لماذا فشل الانقلاب الأخير في تركيا؟

«يلدريم»: الاقتصاد التركي نجح في دخول قائمة أكثر 5 اقتصادات نموا في العالم

«البنك الدولي» يتوقع نمو الاقتصاد التركي 3.5% خلال عامين

حفل زفاف تركي يشهد غياب العريس لالتحاقه بوحدته العسكرية في مواجهة الانقلاب

تركيا.. كيف وُلدت الديمقراطية الثالثة؟

نحو 30% من الاستثمارات الأجنبية في تركيا.. «خليجية»

رجال أعمال قطريون وأتراك يعلنون دعمهم للاقتصاد التركي