«نيويورك تايمز»: الطور الجديد في الحرب السعودية الإيرانية

الجمعة 29 يوليو 2016 06:07 ص

بقي هناك خط أحمر واحد خلال عقود من التنافس الشرس بين إيران والسعودية، ألا يهدد أي منهما بشكل مباشر الأمن الداخلي للطرف الآخر. فكل من صناع القرار في السعودية وإيران يعلمون أن تأليب ميليشيات شيعية في الداخل السعودي، أو ميليشيات سنية في الداخل الإيراني سيؤدي إلى تصعيد لن تكون أيًا من الدولتين مستعدة له.

لكن ربما يكون هناك الآن تراجع عن هذا الاتفاق الضمني.

وبينما لا يوجد دليل قوي على اتهامات إيران للسعودية بدعم الحركات الكردية الانفصالية داخل إيران، تتهم السعودية إيران بتوجيه دعم متزايد للمليشيات الشيعية.

وفي ظل إنكار الطرفين للاتهامات المتبادلة، لا يخفى على أحد أن هذا التوتر في العلاقات منذ يناير/ كانون الثاني، والصراع الإقليمي المتزايد في العنف، في طريقه للتحول إلى شيء أكثر خطورة، بتغير التكتيك إلى سياسة العين بالعين في دعم هجمات الجماعات المسلحة داخليًا في كلا البلدين.

وقد اتهمت السعودية إيران طويلًا بمحاولاتها لتصدير أيدلوجية الثورة. وهذا السبب هو ما دفع السعودية للعمل على قطع أي اتصالات أو روابط بين طهران والمجتمع الشيعي في السعودية. وظهر ذلك في خطوة إعدام السعودية لرجل الدين الشيعي السعودي البارز «نمر النمر» على خلفية اتهامه بـ«بالسعي للتدخل الخارجي وإثارة العنف»، وربما أقدمت السعودية على تلك الخطوة، مع محاكمتها 30 شيعيًا بعد ذلك بأسابيع كانوا قد تم اتهامهم في 2013 بالتجسس لصالح إيران وإثارة الانقسامات الطائفية، لتخويف المجتمع الشيعي في السعودية من السعي للارتباط بإيران.

واتهم وزير الخارجية السعودي «عادل الجبير» الأسبوع الماضي إيران بإدارة وتنفيذ تفجير أبراج الخبر عام 1996 وإيواء قادة القاعدة البارزين عام 2003، عندما أمروا بتفجير مجمعات سكنية في الرياض. كما يتهم مسؤولون سعوديون إيران وميليشيا حزب الله الحجاز بتدريب انفصاليين داخل السعودية.

أما عن إيران، فقد بدأت عداءها للسعودية منذ ثورتها عام 1979 والتي حاولت السعودية تقويضها. وتتهم إيران السعودية بدعم الجماعات الانفصالية وخصوصًا عرب الأحواز، كما تتهمها بالضلوع في هجمات قام بها انفصاليون أكراد.

وبعد عقدين من الهدنة النسبية مع السلطات الإيرانية، دخلت هذا الصيف مجموعة مسلحة من الجناح العسكري للحزب الديمقراطي الكردي في إيران في مناوشات ضد الحرس الثوري الإيراني. كما تعرضت قوات إيرانية لإطلاق النار من قبل حزب بيجاك، وهو فرع من حزب العمال الكردستاني في تركيا. كما تعرض مشرع إيراني لتفجير سيارته في المنطقة الكردية بالعراق.

ونسب جنرال إيراني رفيع المستوى تلك العمليات إلى «جماعات إرهابية» مدعومة من قبل «دول رجعية» وهو مصطلح طالما أشار به مسؤولون إيرانيون إلى السعودية. وأقدم «محسن رضائي»، القائد السابق بقوات الحرس الثوري الإيراني، وعضو قيادي حاليًا بمجمع تشخيص مصلحة النظام، على ذكر السعودية صراحة متهمًا إياها بدعم «خلايا إرهابية انفصالية» من بين الأكراد الإيرانيين.

وقد زادت التكهنات الإيرانية حول صلة السعودية بما يحدث بعد تصريحات أدلى بها رئيس المخابرات السعودية الأسبق «تركي الفيصل» هذا الشهر يطالب فيها بتغيير النظام في إيران. ويرى قادة الحرس الثوري الإيراني التصريحات الأخيرة للسيد «تركي» كإثبات على دعم السعودية لحالة عدم الاستقرار الأخيرة في إيران.

ووفرت هذه التصريحات ذخيرة أكثر لهؤلاء المطالبين بردود عسكرية وسياسية ضد تدخلات السعودية، دوليًا أو من خلال الضغط في الداخل السعودي، بينما تفضل فصائل أخرى من القيادة الإيرانية مسار التروي والصبر تجاه التصعيد.

ماذا يمكن فعله في هذا الوقت لإيقاف هذا الغليان؟

يتعين على مسؤولي السعودية، على الأقل، تجنب الأفعال التي تظهر السعودية وكأنها تتآمر لتغيير النظام في طهران. وعلى السعودية التعامل بحذر في كيفية تطوير علاقتها بالجماعات الكردية المسلحة. وعلى القيادة الإيرانية الابتعاد عن استفزاز السعودية. وعلى الدولتين من أجل مصلحتيهما الوصول بالتراضي لتحقيق الحد الأدنى من المطالب المشروعة للأقليات التي تتجه بشكل متزايد نحو التطرف. وعلى الغرب، استثمار علاقة الصداقة مع السعودية وفتح الباب لعلاقات جيدة جديدة مع إيران لاتخاذ خطوات تمنع تهديد الأمن الإقليمي.

ويسعى المواطنون في الشرق الأوسط للبحث عن قيادات تقدم أملًا لأجيال المستقبل بدلًا من التسبب في مزيد من الإضطرابات، ويمكن للسعودية وإيران اتخاذ خطوة في هذه الاتجاه، لكن على كل منهما أولًا تجنب المزيد من التدخل في الشأن الداخلي لبعضهما البعض.

المصدر | نيويورك تايمز

  كلمات مفتاحية

السعودية إيران تحركات انفصالية حرب بالوكالة العلاقات السعودية الإيرانية

ما هي الصورة التي ستكون عليها الحرب السعودية الإيرانية؟ لا تفكر الآن فهي واقعة بالفعل

«بروكنغز»: 3 حلول لإبعاد شبح الحرب بين السعودية وإيران

«بروكنغز»: التداعيات السياسية للتحول الاقتصادي في السعودية وإيران

«أوباما»: لن تنتهي فوضى الشرق الأوسط إلا بسلام بين السعودية وإيران

«الجارديان»: السعودية وإيران تدشنان مستوى جديد من الخطاب العدائي

برلماني إيراني: طهران قامت بمحاولات حثيثة من أجل فتح صفحة جديدة مع الرياض