استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

تحدي التهديدات الأمنية

الجمعة 24 أكتوبر 2014 06:10 ص

الصراع المركب الذي يشهده اليمن الآن بين ما هو مذهبي وما هو قبلي وما هو انفصالي وما هو سياسي وإقليمي لا يقل خطورة على دول مجلس التعاون الخليجي عن الصراع الذي يدور في الشمال سواء في العراق أو في سوريا بين الدولة والإرهاب وبين الدولة ونوازع الانفصال وإعادة التقسيم . وعلى الرغم من وجود تشابهات كثيرة بين صراع الشمال وصراع الجنوب إلا أن كليهما يمثل تحدياً وجودياً للدولة ليس في الدول الثلاث التي تشهد هذه الصراعات ولكن أيضاً في دول الجوار، لذلك لم يعد من قبيل الترف أن تعطى هذه الدولة الأهمية الواجبة لمواجهة كل هذه الصراعات التي تزامنت بشكل يصعب اعتباره "مصادفة"، هناك تداخلات مهمة بين صراعات الشام والعراق وصراعات اليمن، فرضت هذا التزامن بين استيلاء وسيطرة تنظيم "داعش" على مساحات واسعة من أرض العراق وسوريا وتأسيس ما أسمته ب"دولة الخلافة الإسلامية" وامتلاك هذا التنظيم قدرة فائقة على التوسع والانتشار، وبين نجاح "أنصار الله" الحوثيين السيطرة على العاصمة اليمنية والتمدد السريع والناجح باتجاه الحديدة أملاً في السيطرة الكاملة على الشريط الساحلي وحتى باب المندب على مدخل البحر الأحمر وخليج عدن، والتمدد جنوباً بالسيطرة على محافظة ذمار والتوجه نحو تعز ثم الاتجاه نحو الجنوب الشرقي إلى محافظة مأرب حيث تتركز معظم الثروة النفطية .

ما يحدث الآن في العراق وسوريا، أن الدولة إن لم تكن تواجه السقوط والتفكك فهي تواجه الانقسام وإعادة توزيع النفوذ بين القوى المتصارعة، وما يحدث في اليمن لا يختلف كثيراً عن ذلك، فجماعة "أنصار الله" الحوثية التي يتزعمها عبدالملك الحوثي التي تحرص على أن تطرح نفسها كقوة شعبية وثورية هي في الاصل حركة مذهبية طائفية ترفع دعوة استنهاض وعودة قوة وحكم الهاشميين، ولذلك كانت حريصة على أمرين: التوسع السريع والمباغت في السيطرة على مراكز القوة والسلطة: مراكز الجيش والأمن والبنوك وغيرها، والمواجهة العنيفة والاستئصالية من الأطراف المنافسة مذهبياً بدءاً بالسلفيين في دماج - صعدة، ومديرية أرحب التابعة لمحافظة صنعاء، ومحافظة الجوف، وامتداداً إلى "الإخوان" وبالتحديد "حزب الاصلاح" بالتمدد نحو عمق ورأس قبيلة حاشد في عمران .

وفي المقابل هناك تحركان مناهضان للحوثيين وللدولة في اليمن معاً، الأول تحرك جماعة "أنصار الشرعية" التابعة ل"تنظيم القاعدة" التي تريد هي الأخرى إقامة دولتها في جنوب الجزيرة في مقابل دولة "داعش" في الشمال (العراق وسوريا) .

ضمن التنافس المتصاعد على الولاية والخلافة الإسلامية بين "تنظيم القاعدة وتنظيم "داعش" قد تحدث المفاجأة ويتحول "أنصار الشريعة" في اليمن من ولائهم للقاعدة إلى الولاء ل"داعش" على نحو ما يحدث الآن في مناطق عدة حيث تحولت "داعش" إلى قوة جاذبة لكثير من التنظيمات التكفيرية والإرهابية التي أخذت ترى فيها زعامة راجحة أكفأ من "القاعدة" .

أما التحرك الثاني فهو "الحراك الجنوبي" الانفصالي الذي أخذ يجدد مسعاه الانفصالي بالجنوب اليمني مستفيداً من ظروف العجز والهزيمة التي تواجهها الدولة المركزية في الشمال والتي تحولت إلى أداة تمكين شديدة الغرابة للحوثيين، حدث ذلك في تسليمهم العاصمة صنعاء وتكرر الأمر في الحديدة التي دخلوها دون أدنى مقاومة .

وفي الجنوب صعد "الحراك" من نشاطه ودعواته للانفصال وذلك من خلال تظاهرات ومسيرات جابت مختلف المدن الجنوبية، وهو ما عبّر عنه حسن باعوم رئيس ما يسمى بالمجلس الأعلى للحراك الجنوبي، وكشف نواياه ومضامينه علي سالم البيض الرئيس السابق لليمن الجنوبي زعيم دعوة الانفصال . فقد شدد باعوم على ضرورة "فرض المطالب الجنوبية في هذا الوقت" داعياً الجنوبيين في المنافي إلى العودة السريعة لليمن . وقال: إن "هذه الحشود المرابطة في ساحة الحرية في عدن عقدت العزم على الحسم للنضال السلمي المتواصل منذ سنوات لتفرضه اليوم بالفعل الثوري الثابت على الأرض، ولتأكيد حق شعب الجنوب الشرعي الجدير اليوم باهتمام المجتمع الدولي بموجب الأعراف والمواثيق الدولية" . تركيز باعوم على عبارة "في هذا الوقت" بالنسبة لتجديد الدعوة الانفصالية وما تعنيه من حرص على استغلال ظروف تداعي تماسك الدولة اليمنية الآن، كان جوهر دعوة البيض الذي كان يوماً نائباً لرئيس دولة اليمن الموحدة حيث اعتبر أن "كل الشواهد والمتغيرات الجارية تدل دلالة قاطعة على أنها ستصب في مصلحة قضية شعب الجنوب التحررية العادلة، فلا بد لنا من المسارعة بالاستفادة من تلك المتغيرات، وأن نكون جميعاً على مستوى المسؤولية" .

هل هذا يعني أن اليمن معرض للانقسام إلى ثلاث دويلات واحدة (حوثية) وأخرى يسيطر عليها أنصار الشريعة (التكفيريون) وأخرى انفصالية جنوبية؟ الإجابة ب"نعم" صعبة لأسباب كثيرة أبرزها ذلك التداخل في مناطق النفوذ . فجماعة "أنصار الله" الحوثية امتد نفوذها شمالاً وغرباً وجنوباً (جنوب اليمن الشمالي) ويتسع هذا النفوذ شرقاً، وهنا ستحدث المواجهة مع المحافظات التي يتواجد فيها تنظيم "أنصار الشريعة" (القاعديون)، كما أن محافظة حضرموت هي أكبر محافظات الجنوب اليمني وتكاد تتحول إلى "إمارة إسلامية" خاضعة لتنظيم "أنصار الشريعة" ما يعني أن الدولة الانفصالية الجنوبية لن تكون كلها للانفصاليين .

المرجح هو الفوضى المؤلمة وتداعي الدولة في اليمن وهذا هو مصدر الخطر على دول المنطقة، حيث ربما تجد نفسها بين كماشتين واحدة في الشمال وأخرى في الجنوب وربما تجد نفسها مضطرة لخوض "حربين وقائيتين" في وقت واحد، وهي مهمة ستكون حتماً شديدة الصعوبة لأسباب كثيرة أبرزها بالطبع أن الاعتماد على "الحليف الخارجي" لن يفيد كثيراً، لأنها تحمل "وباء التهديد الداخلي"، وهو وباء يصعب مقاومته من الخارج بل هو في حاجة أولاً إلى "مناعة داخلية" وهذه المناعة لن تكون أمنية فقط بل هي في حاجة إلى حزمة متكاملة من السياسات والآليات التي في حاجة إلى إبداع حقيقي، وهي في حاجة ثانياً إلى توافقات سياسية مع أطراف خارجية إقليمية ودولية .

فما يحدث من صراع في العراق وسوريا واليمن الآن هو توليفة شديدة الغرابة من الدوافع والأسباب الداخلية المذهبية والعرقية والقبلية والاقتصادية، إضافة إلى منافسات إقليمية وصراعات دولية من أجل مناطق النفوذ والمصالح، وبدون تفكيك كل هذه الترابطات سيكون من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، تحقيق الاختراق الأمني المطلوب ومواجهة التحديات المتعددة.

المصدر | الخليج - الشارقة

  كلمات مفتاحية

اليمن الحراك الجنوبي الحوثي سوريا العراق السعودية

اليمن: «أحمد على صالح» يحضر لـ«انقلاب عسكري» وشيك

مخطط «علي صالح» والحوثيين لتضليل السعودية: الحوثي ضعيف ولا يواجهه إلا القاعدة

«الحراك الجنوبي» يستعد لـ«جمعة الغضب» للمطالبة بالانفصال عن اليمن

النكسة في اليمن: تقدم الحوثيين كابوسٌ للسعودية